التشريع المدرسي :

أينمـا وجـد النــاس وكيفمــا كانـوا، فئــاتا أو شعــوبـا وأمــما إلا وكــانت الحــاجـة إلـى قــوانيـن تضبط وتنظــم حيــاتهـــم وعلاقـاتهــم فيمــا بينهــم، وســواء كـانت القـوانيــن عرفيـــــة أو مدنيــة، إلا أن الهـــــدف واحـــد، وهــو تحديـــد حقـــوق وواجبـــات كـل فـرد نحــو ذاتــه، وتجـــاه الآخــريـن. والتشــريع المدرســي فــرع من هــذه القـوانيــن وضــع لضبط وتوضـيــح عــدة جــوانـــب تهــم فئـــة الموظفيــن والدارسيـن في قطــاع التربيـــة والتعليــم. وقبـــل التطــرق لهـــذه الجــوانب لابد من تقديــم تعريــف وجيــز عـن التشريــع المدرســي وأهدافــه وأقســامه ومصـــادره.  

تعريف التشريع المدرسي:

   هـــو مجمــوعــة من النصــوص القانونيــة والمراسيــم والقــرارات والتعليمــات المتعلقـــة بتسييـــر وتنظيـــم التربيــــة والتعليــــم وتخـــص التلاميـــذ والمـوظفيــن في قطــاع التربيــة وكـذا المتعامـليـن مــع هــذا القطـــاع.

التشريع لغة: بمعنى شرع أي سن، وضع، خط (شرع لكم من الدين) -الشورى-وقال (ثم جعلناك على شريعة من الأمر) – الجاثية –

التشريع اصطلاحا: يطلق على مختلف النصوص والقوانين واللوائح التي تصدر عن السلطة التشريعية بهدف ضبط وتسيير ومراقبة وتنظيم شؤون المنظومة التربوية

المنظومة التربوية: هي مجموعة عناصر مترابطة فيما بينها تتفاعل في حركة ديناميكية تتغير مع تغير الزمن مؤثرة ومتأثرة بالمحيط محافظة على الأسس والقيم والمبادئ وتهدف إلى التطور.

العناصر المكونة: العنصر البشري، العنصر المادي (الهياكل مثلا.) العنصر البيداغوجي (الكتاب، الوسائل...) المنهاج وطرق تقديمه وتبليغه، التسيير.

التربية: لغة مأخوذة من الفعل ربا يربو ومعناه الزيادة والنمو.

التربية اصطلاحا: اكتساب ونمو المعارف والسلوكيات لدى الفرد (التلميذ) في جميع الجوانب، يعني هي مجموعة معارف وسلوكيات وأهداف يحاول تحقيقها وترتيبها عند الطفل مستعملين في ذلك البيداغوجيا

البيداغوجيا: هي مجموعة الطرق والوسائل التي نستعملها لتوصيل المعلومات إلى الطفل.

الأصل أن بالبيداغوجيات نحصل على التربية لأن الهدف هو التربية، فالبيداغوجيات وسيلة والتربية غاية.

-         أهمية التشريع المدرسي بالنسبة للموظف وللأستاذ ولكل من له علاقة بالتربية:

ü   أن يتعـرف علـى النصـــوص القانونيــة التــي تتحكـــم في تسييــر وتنظيــم   التربيـــة والتعليم.

ü   أن يطلــع على شــروط تطبيــق هــذه النصــوص ومـا يعــود منهـا بالفـائـدة علــى الأستــاذ ومـا يترتـب عن مخالفتهـــا أو التهـــاون في تطبيقهـا من آثـــار ونتـــائج سلبيــة.

ü   أن يعــرف واجباتــه وحقــوقـه المهنـيـة والتربــويـة والاجتماعية.

خصائص التشريع المدرسي:

-        معرفة مصدر النص (مصدر النص والجهة المصدرة له).

-        معرفة تاريخ سريان القاعدة التشريعية ومصدرها ونهايتها.

-        يفسر ويشرح ويوضح ويرفع الالتباس فيما ورد من النصوص القانونية.

-        فيه مرونة يواكب ويساير في عملية استصدار النصوص حسب الظروف.

-        يهتم بالتنظيم والتطبيق والتنفيذ.

مصادر التشريع المدرسي: يعتمــد في ســن النصــوص الخــاصــة بالتـشـريــع المدرسـي علــى النصــوص التشريعيــة والتنظيميــة الصــادرة عن السـلطــة التشريعيـــة في البـــلاد، وعــن السلـطات المختصــة والسلطة الوصيــة.

-        الدستور يحتوي على مجموعة من المواد التي تنص على التربية.

-        أمرية  76/35  المؤرخ 16 افريل 1976.

-        القانون التوجيهي 08-04  المؤرخ في 23 جانفي 2008

-        مبادئ ثورة نوفمبر 1954

-        المنظمات الدولية والعالمية.

مجالات تطبيق التشريع المدرسي (أقسام التشريع المدرسي):

يمكـن تنظيـم التشــريع المدرســي وتقسيمـه إلـى أربعـة مجالات هـي:

أ -قســم خــاص بتنظيــم التربيـة والتعليـم من خلال القانون التوجيهي للتربية 08/04 المؤرخ في 23 جانفي 2008
ب -قســــم خــاص بتنظيــم وتسييـر المؤسسـات التربويـة المختلفـة.
ج -أمـا القســم الثالـث فيخــص الموظـفيـن فـي ميــدان التربيــة والتعلــيــم بـدءا من كيفيــة التوظيـــف إلــى التقـاعــد (المرسوم التنفيذي 08-315 المعدل والمتمم بالمرسوم 12-240).

د -والقـســم الأخيـــر خـــاص بالتــلاميـــذ من التسجـيـــل إلـــى نهـايــة الدراســــة، أولياء التلاميذ وكل من له علاقة بالمؤسسة.

 

القانون التوجيهي 08-04 المؤرخ في 23 جانفي 2008

                                       أسس المـدرسة الـجـزائـريـة

غـايـات الـتـربـيـة  (المادتان 1+2)
يهدف القانون التوجيهي رقم 08-04 المؤرخ في 23 جانفي 2008 إلى تحديد الأحكام الأساسية المطبقة على المنظومة التربوية الوطنية.

حيث تتمثل رسالة المدرسة الجزائرية في تكوين مواطن مزود بمعالم وطنية أكيدة، شديد التعلق بقيم الشعب الجزائري، قادر على فهم العـالم من حوله والتكيف معه والتأثير فيه، ومتفتح على الحضارة العالمية.
وبهذه الصفة فإن التربية تسعى إلى تحقيق الغايات التالية:
أ-تجذير الشعور بالانتماء للشعب الجزائري في نفوس أطفالنا وتنشئتهم على حب الجزائر وروح الاعتزاز بالانتمـــــــاء إليها، وكذا تعلقهم بالوحدة الوطنية ووحدة التراب الوطني ورموز الأمة.
ب - تقوية الوعي الفردي والجماعي بالهوية الوطنية، باعتباره وثاق الانسجام الاجتماعي وذلك بترقية القيم المتصلة بالإسلام والعروبة والأمازيغية .
جـ -ترسيخ قيم ثورة أول نوفمبر 1954 ومبادئها النبيلة لدى الأجيال الصاعدة والمساهمة من خلال التاريخ الوطني، في تخليد صورة الأمة الجزائرية بتقوية تعلق هذه الأجيال بالقيم التي يجسدها تراث بلادنا، التاريخي والجغرافي والديني والثقافي.
د -تكوين جيل متشبع بمبادئ الإسلام وقيمه الروحية والأخلاقية والثقافية والحضارية.
ه -ترقية قيم الجمهورية ودولة القانون.
و -إرساء ركائز مجتمع متمسك بالسلم والديمقراطية، متفتح على العالمية والرقي والمعاصرة، بمساعدة التلاميذ على امتلاك القيم التي يتقـــــــاسمها المجتمع الجزائري والتي تستند إلى العلم والعمل والتضامن واحترام الآخر والتسامح، وبضمان ترقية قيم ومواقف إيجابية لها صلة على الخصـوص، بمبادئ حقوق الإنسان والمساواة والعدالة الاجتماعية.

مـهـام الـمـدرسـة ( المواد من 03 إلى 06)
تضطلع المدرسة الجزائرية بمهام التعليم والتنشئة الاجتماعية والتأهيل في إطار غايات التربية المحددة في المادة الثانية من نفس القانون.

مجال التعليم:

 تقوم المدرسة في مجال التعليم بضمان تعليم ذي نوعية، يكفل التفتح الكـامل والمنسجم والمتوازن لشخصية التلاميذ بتمكينهم من اكتساب مستوى ثقافي عام وكذا معارف نظرية وتطبيقية كافية قصد الاندماج في مجتمع المعرفة.
ومن ثمة يتعين على المدرسة القيام على الخصوص بما يأتي :
1- ضمان اكتساب التلاميذ معارف في مختلف مجالات المواد التعليمية وتحكمهم في أدوات المعرفة الفكرية والمنهجية بما يسهل عمليات التعلم والتحضيـــر للحياة العملية .
2-  إثراء الثقافة العامة للتلاميذ بتعميق عمليات التعلم ذات الطابع العلمي والأدبي والفني وتكييفها باستمرار مع التطورات الاجتمــاعية والثقافية والتكنولوجية والمهنية .
3-  تنمية قدرات التلاميذ الذهنية والنفسية والبدنية وكذا قدرات التواصل لديهم واستعمال مختلف أشكال التعبير، اللغوية منها والفنية والرمزية والجسمانية.
4- ضمان تكوين ثقافي في مجالات الفنون والآداب والتراث الثقافي.
5-  تزويد التلاميذ بكفاءات ملائمة ومتينة ودائمة يمكن توظيفها بتبصر في وضعيات تواصل حقيقية وحل المشاكل، بما يتيح للتلاميـــذ التعلم مدى الحيـــــــاة والمساهمة فعليا في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وكذا التكيف مع المتغيرات.
6- ضمان التحكم في اللغة العربية باعتبارها اللغة الوطنية والرسمية وأداة اكتساب المعرفة في مختلف المستويـــــــات التعليمية ووسيلة التواصل الاجتماعي وأداة العمل والإنتاج الفكري.
7-  ترقية وتوسيع تعليم اللغة الأمازيغية.
8-  تمكين التلاميذ من التحكم في لغتين أجنبيتين على الأقل للتفتح على العالم باعتبار اللغات الأجنبية وسيلة للاطلاع على التوثيق والمبادلات مع الثقــافــــات والحضارات الأجنبية.
9-  إدماج تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة في محيط التلميذ و في أهداف التعليم وطرائقه والتأكد من قدرة التلاميذ على استخدامها بفعالية منذ السنوات الأولى للتمدرس.
10-  منح جميع التلاميذ إمكانية ممارسة النشاطات الرياضية والثقافية والفنية والترفيهية والمشاركة في الحياة المدرسية والجماعية.

مجال التنشئة الاجتماعية :
 
تقوم المدرسة في مجال التنشئة الاجتماعية بالاتصال الوثيق مع الأسرة التي تعتبر امتدادا لها، بتنشئة التلاميـــــــــــــذ على احترام القيم الروحية والأخلاقية والمدنية للمجتمع الجزائري والقيم الإنسانية وكذا مراعاة قواعد الحياة في المجتمع.
و من ثمة يتوجب  على المدرسة القيام على الخصوص بما يأتي:
1-  تنمية الحس المدني لدى التلاميذ وتنشئتهم على قيم المواطنة بتلقينهم مبادئ العدالة والإنصاف وتساوي المواطنين في الحقـــــــــــوق والواجبات والتسامح واحترام الغير والتضامن بين المواطنين .
2- منح تربية تنسجم مع حقوق الطفل وحقوق الإنسان وتنمية ثقافة ديمقراطية لدى التلاميذ بإكسابهم مبادئ النقــــــاش والحوار وقبول رأي الأغلبية وبحملهم على نبذ التمييز والعنف وعلى تفضيل الحوار .
3-  توعية الأجيال الصاعدة بأهمية العمل باعتباره عاملا حاسما من أجل حياة كريمة ولائقة والحصول على الاستقلالية وباعتباره على الخصـــــــوص ثروة دائمة تكفل تعويض نفاد الموارد الطبيعية وتضمن تنمية دائمة للبلاد .
4-  إعداد التلاميذ بتلقينهم آداب الحياة الجماعية وجعلهم يدركون أن الحرية والمسؤولية متلازمتان .
5-  تكوين مواطنين قادرين على المبادرة والإبداع والتكيف وتحمل المسؤولية في حياتهم الشخصية والمدنية والمهنية .

مجال التأهيل ( المادة 06 )
 تقوم المدرسة في مجال التأهيل بتلبية الحاجيات الأساسية للتلاميذ وذلك بتلقينهم المعارف والكفاءات الأساسية التي تمكنهم من:
1-  إعادة استثمار المعارف والمهارات المكتسبة وتوظيفها.
2-  الالتحاق بتكوين عال أو مهني أو بمنصب شغل يتماشى وقدراتهم وطموحاتهم.
3-  التكيف باستمرار مع تطور الحرف والمهن وكذا مع التغيّرات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية.
4-  الابتكار واتخاذ المبادرات.
5-  استئناف دراستهم أو الشروع في تكوين جديد بعد تخرجهم من النظام المدرسي وكذا الاستمرار في التعلم مدى الحياة بكل استقلالية.
المبـادئ الأسـاسـية للتربيـة الوطنية ( المواد من 07 إلى 18 )

نصت المواد من 07 إلى 18 على المبادئ الأساسية للتربية الوطنية وهي كالتالي:
1- يحتل التلميذ مركز اهتمامات السياسة التربوية.
2-  تعدّ التربية باعتبارها استثمارا إنتاجيا و استراتيجيا من الأولوية الأولى للدولة التي تسهر على تجنيد الكفاءات والوسائل الضرورية للتكفل بالطلب الاجتماعي للتربية الوطنية والاستجابة لحاجيات التنمية الوطنية .
3- تساهم الجماعات المحلية، في إطار الاختصاصات المخولة لها قانونا، في التكفل بالطلب الاجتماعي للتربية الوطنية، لا سيما في إنجاز الهياكل المدرسية وصيانتها وترقية النشاطات الثقافية والرياضية ومساهمتها في النشاط الاجتماعي المدرسي.
4- تضمن الدولة الحق في التعليم لكل جزائرية وجزائري دون تمييز قائم على الجنس أو الوضع الاجتماعي أو الجغرافي .
5- يتجسد الحق في التعليم بتعميم التعليم الأساسي وضمان تكافؤ الفرص في ما يخص ظروف التمدرس ومواصلة الدراسة بعد التعليم الأساسي .
6-  التعليم إجباري لجميع الفتيات والفتيان البالغين من العمر ست (6) سنوات إلى ست عشرة (16) سنة كاملة .
غير أنه يمكن تمديد مدة التمدرس الإلزامي بسنتين (2) للتلاميذ المعوقين كلما كانت حالتهم تبرر ذلك .
تسهر الدّولة بالتعاون مع الآباء على تطبيق هذه الأحكام.
يتعرض الآباء أو الأولياء الشرعيون المخالفون لهذه الأحكام إلى دفع غرامة مالية تتراوح من خمسة آلاف (5.000) دج إلى خمسين ألف (50.000) دج.
تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم.
7- التعليم مجاني في المؤسسات التابعة للقطاع العمومي للتربية الوطنية، في جميع المستويات.
تمنح الدولة، علاوة على ذلك، دعمها لتمدرس التلاميذ المعوزين بتمكينهم من الاستفــــــــــــادة من إعانات متعددة، لاسيما فيما يخص المنح الدراسية والكتب والأدوات المدرسية والتغذية والإيواء والنقل والصحة المدرسية.
غير أنه يمكن أن يطلب من الأولياء المســـــــــاهمة في تغطية بعض المصاريف المتعلقة بالتمدرس والتي لا تمس بمبدأ مجانية التعليم طبقا لشروط تحدّد عن طريق التنظيم.
8- تسهر الدولة على تمكين الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من التمتع بحقهم في التعليم.
يسهر قطاع التربية الوطنية بالتنسيق مع المؤسسات الاستشفائية وغيرها من الهياكل المعنية على التكفل البيداغوجي الأنسب وعلى الإدماج المدرسي للتلاميذ المعوقين وذوي الأمراض المزمنة .
 9-  يتخذ قطاع التربية الوطنية كل إجراء من شأنه تيسير تكيف وإعادة إدمــــــــــــاج التلاميذ المتمدرسين في الخارج العائدين إلى أرض الوطن في المسارات المدرسية الوطنية .
ويمكن قطاع التربية الوطنية أن يقوم بالتنسيق مع البعثات الديبلوماسية الوطنية في الخارج وبموافقة الدول المستقبلة بتعليـــم اللغة العربية واللغة الأمازيغية والثقافة الإسلامية لأبناء الجالية الوطنية في المهجر .
تحدد كيفيات تطبيق أحكام هذه المادة عن طريق التنظيم .
10-  تعتبر المدرسة الخلية الأساسية للمنظومة التربوية الوطنية وهي الفضاء المفضل لإيصال المعارف والقيم ويجب أن تكون المدرسة في منأى عن كل تأثير أو تلاعب ذي طابع إيديولوجي أو سياسي أو حزبي .
يمنع منعا باتا كل نشاط سياسي أو حزبي داخل مؤسسات التعليم العمومية والخاصة .
يتعرض المخالفون لأحكام هذه المادة لعقوبات إدارية دون الإخلال بالمتابعات القضائية .

Last modified: Saturday, 16 November 2024, 8:18 PM