مقدمـة: لقد صاحب القانون كل التجمعات البشرية منذ أقدم العصور وهكذا فإن اول قانون مكتوب وصلنا هو قانون حمو رابي وقانون مامو وقانون الألواح الاثني عشرة عند الرومان والمتطلع إلى تاريخ الدولة الإسلامية وحضارتها منذ بزوغ فجر الإسلام لا يسعه إلا أن يبق مندهشا أمام التراث الإسلامي وهكذا يتبين لنا أن القانون رافق العمران البشري ومسيرته عبر التاريخ وليس وليد العصور الحديثة.
لذلك فلا يوجد نظام بدون قانون يحترمه جميع أفراد المجتمع. - فما معنى القانون والقاعدة القانونية؟- وما هـي خصائصها ومصادرها، ودورها في حياتنا؟
القانون ترجع كلمة قانون في أصلها إلى كلمة (Kanun) في اللغة اليونانية والتي تعني المسطرة أو العصا المستقيمة؛ حيثُ كانت تستخدم للتعبير عن المبدأ أو الاستقامة أو النظام في القواعد والأسس القانونية، ثم انتقلت الكلمة بنفس اللفظ (كانون) من اللغة اليونانية إلى اللغة الفارسية لتعني بذلك أصل وقياس كل شيء، وبعد ذلك عُرّبت من الفارسيّة لتعني الاستقامة أو الأصل.
1-تعريف القانون: هو مجموعة القواعد التي تنظم حياة الأفراد وتضبط سلوكاتهم وتقنن نشاطاتهم داخل الجماعة ولا يحق لهم مخالفتها أو الإتيان بتصرفات تتعارض مع أهدافها أي يجب على الجميع احترام تلك القواعد ، فالقانون ضرورة اجتماعية حتى يسود النظام والاستقرار في المجتمع ما يساعد على تقدمه وازدهاره.
القانون هو مجموع القواعد التي تنظم وتوجه سلوك الأفراد داخل المجتمع، وهو ملزم بالجزاء، أي أن مخالف القانون يتعرض للعقوبة من طرف الدولة أي السلطة المكلفة بتطبيق القانون.
يُعرّف القانون: بأنّه سلسلة من الأسس والقواعد التي تقوم على تنظيم الحياة في المجتمع، ويلتزمُ أفراد المجتمعِ بتلك القواعد والأسس التي تجمعهم والسّلطة العامة، إذ إنّ من واجبات السّلطة العامة أن تُلزم الأفراد باحترام تلك القواعد والأسس عبر إنزال الجزاء على من يُخالفها عند عدم الالتزام بها طوعاً دون إجبار.
القانون هو مجموعة القواعد التي تنظم سلوك وعلاقات الأشخـــاص فـــي المجتمع على وجه ملزم وتستعمل كلمة قانون للتعبير عن عدة معاني.
- تستعمل كلمة قانون للتعبير عن مجموعة القواعد المنظمة لسلوك وعلاقات الأفراد على وجـه الخصوص وهو الاستعمال الأكثر شيوعا ويعني القانون بالمعنى العام.
- تستعمل كلمة القانون بمعنى التقنين أي مجموعة النصوص التي تنظم فرعا من فروع القانون كقانون العقوبات , قانون الإجراءات الجزائية و قانون القضاء العسكري.
- تستعمل كلمة قانون بمعنى التشريع وهو مجموعة القواعد القانونية التي تصنعها السلطة التشريعية في صورة مكتوبة.
- القانون هو الحق الذي يخول للأفراد القيام ببعض الأعمال لتحقيق مصالحهم المشروعة و هــذه السلطة تسمى حقا ، و القانون و الحق وجهان لعملة واحدة.
القانون لغة: يعود أصل مصطلح القانون إلى اللغة اليونانية، ويقال إنّ اللغة العربية استعارت هذا المصطلح بواسطة التواصل مع اللغة اليونانية، حيث تم استعمال المصطلح بمعنى مسطرة أي عصا مستقيمة، والقانون لغة يعني القاعدة، والقاعدة يُقصد بها النظام والاستقرار على نمط معين.
القانون اصطلاحاً:
القانون مجموعة قواعد عامة ملزمة ومجردة تنظم السلوك البشري الاجتماعي، ويتبعها جزاء إما على شكل مكافأة وإما عقوبة لمن ينفذها أو يخالفها، ويتم ذلك من قِبل السلطة العامة في الدولة.
القانون مجموعة قواعد قانونية في منطقة وزمن معينين، ويطلق عليه أيضاً اسم القانون الوضعي، لأنّه يوضع بإرادة السلطة المسيطرة في البلاد.
القانون مجموعة من القواعد والأحكام التي تصدر عن السلطة التشريعية في الدولة، القانون بمعنى علم القانون بفروعه المتنوعة، والذي يتم تدريسه في الجامعات بكليات القانون، ويقال عنه باللغة العربية علم الحقوق، لكن استخدام مصطلح القانون هو الأكثر شيوعاً.
القانون في السياسة وعلم التشريع هو عبارة عن مجموعة قواعد التصرف التي من خلالها يتم إجازة وتحديد حدود الحقوق والعلاقات بين الناس والمؤسسات، بالإضافة إلى العلاقة التبادلية بين الدولة والأفراد، وتحديد العقوبات للأشخاص الذين يخالفون تلك القواعد. إذن هو مجموعة من القواعد التي تنظم علاقات الأفراد على وجه ملزم.
القانون بمعناه الواسع وبمعناه الضيق
القانون بمعناه الواسع: مجموعة القواعد العامة المجردة التي تهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع، والمقترنة بجزاء توقعه السلطة العامة جبرا على من يخالفها. وهذا التعريف يشمل معه أيضا القواعد المعمول بها في المجتمع حتى لو كانت من قبيل العرف أو الدين أو الفقه أو القضاء.
القانون بمعناه الضيق: هو مجموعة القواعد الملزمة التي تصدرها السلطة التشريعية لتنظيم علاقات الأفراد ببعضهم أو علاقاتهم بالدولة في أحد مجالات الحياة الاجتماعية
2-القاعدة القانونية: هي خطاب موجه لعامة الأفراد بصفاتهم لا بذواتهم وهي حلقة من الحلقات التي يتشكل منها القانون.
القاعدة القانونية تعتبر الخلية الأساسية التي يتألف منها القانون بمعناه العام. وهي خطاب موجه إلى الأشخاص في صيغة عامة له قوة الإلزام.
خصائص القاعدة القانونية: تتميز القاعدة القانونية بكونها عامة أي موجهة للجميع وملزمة للكل مقرونة بمعاقبة المخالفين، وهادفة إلى تنظيم سلوك بني البشر، وهي العاكسة لضمير المجتمع.
1- هي قاعدة سلوك اجتماعي تنظم سلوكات مجتمع ما:
القانون ظاهرة اجتماعية فلا قانون بلا مجتمع إذ هو تلك المجموعة من القواعد السلوكية التي تنشأ لتنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع ليفض ما قد ينشأ بينهم من تضارب ويحل ما عسى أن يثور بينهم من خلافات بحيث أنه إذا لم يوجد مجتمع فلا تقوم الحاجة إلى القانون، ويستوي أن يكون مصدر هذه القواعد هو التشريع أو مصدر قانوني نعترف به. وهذا القانون الموجه إلى الأشخاص إما أن يتضمن أمرا لهم بالقيام بفعل معين، أو نهيا عن القيام به، أو مجرد إباحة هذا الفعل دون أمر به أو نهي عنه.
وفى إطار المجتمع الإنساني فإن المقصود بالمجتمع هنا ليس هو مجرد اجتماع عدد من الأشخاص لقضاء حاجة ما كالاستمتاع بمنظر طبيعي، أو مشاهدة عرض معين، ولكن المقصود بالمجتمع الذي على قدر معين من الاستقرار أي المجتمع السياسي المنظم الذي يخضع أفراده لسيادة سلطة عامة تملك عليهم حق الجبر والقهر حتى ولو لم يتخذ هذا التنظيم السياسي شكل الدولة بمعناها الحديث. كما أن القانون لا يهتم بسلوك الإنسان إلا فيما يتصل بتنظيم العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع أي السلوك المتصل بالجماعة دون غيره من أنواع السلوك الأخرى التي ليست لها ذات الصفة.
2- عامة ومجردة : أي تشمل جميع الأفراد لا تخص أي فرد معين.
وتعني أنه يجب أن تكون موجهة للعامة بصفاتهم لا بذاتهم، وإذا كان الغرض منه هو تنظيم الوقائع فإنه يجب أن ينظمها لا بعينها ولكن بشروطها وأوصافها. ومعنى ذلك أن القاعدة القانونية يجب أن لا تخص شخصا معينا بالذات أو تتعلق بحادثة معينة، بل يجب أن تكون قابلة للتطبيق على كل من يمكن أن تتوافر فيهم الصفات والشروط التي تنص عليها. ولا يخل بعمومية القاعدة القانونية أن توجد قواعد تخاطب فئات معينة من الناس كالتجار أو المحامين أو الأطباء أو المهندسين أو الصحفيين. لأن هذه القوانين قابلة لأن تنطبق على فرد في المجتمع إذا توافرت فيه الصفة التي حددتها كشرط لتوجيه الخطاب، كما أنها تخاطب أفراد هذه الفئات بصفاتهم لا بذاتهم.
3- ملزمة ومقترنة بالعقاب عند مخالفتها.
أي أن القاعدة القانونية يجب أن تتصف بالصبغة الإلزامية بحيث يجبر الأشخاص على إتباعها ويفرض عليهم احترامها ولو بالقوة عند الاقتضاء. ويتميز الجزاء القانوني بأنه مادي ملموس ويتمثل في كافة الوسائل والإجراءات التي تتخذها الدولة، ممثلة في سلطاتها المختلفة لضمان نفاذ المخالفة أصلاً، أو عن طريق معالجة الوضع الذي أدت إليه المخالفة أو عن طريق ردع من قام بمخالفة القانون وإعادة إصلاحه. وإلزام القاعدة القانونية هو الخاصية التي تميزها عن قواعد الأخلاق والدين. ولهذا نقول بأن القواعد القانونية تكون دائما ملزمة للأشخاص و تبرز خاصية الإلزام في الجزاء الذي يوقع على من يخالف تلك القاعدة القانونية
التمييز بين القواعد القانونية وغيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى
إذا كان القانون يهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع فليس هو وحده الذي يهدف إلى ذلك، إذ توجد إلى جواره قواعد أخرى تصبو لتحقيق ذات الهدف أهمها قواعد الدين وقواعد المجاملات وقواعد الأخلاق من ناحية أخرى.
ليست القواعد القانونية هي الوحيدة التي تسعى إلى ضبط سلوك الأفراد والجماعات وتنظيم حياتهم بل أن هناك قواعد اجتماعية أخرى تشترك في نفس الهدف.
القواعد القانونية وقواعد المجاملات والعادات
تعتبر قواعد المجاملات والعادات والتقاليد مبادئ سلوك يراعيها الناس في علاقاتهم اليومية كتبادل التهاني في المناسبات السعيدة مع الأهل والأصدقاء، ومبادلتهم شعور الحزن والتعزية في المناسبات المؤلمة والكوارث وتبادل التحية عند اللقاء وغير ذلك من العادات المستقرة في ذهن الجماعة. إن هذه القواعد تختلف عن القواعد القانونية من حيث الغاية والجزاء فالغاية من قواعد القانون هي تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على كيان المجتمع أما المجاملات فهي علاقات تبادلية لا ترقى إلى تحقيق الخير العام بل تقتصر على تحقيق غايات جانبية يؤدي عدم تحقيقها إلى الانتقاص من المصلحة العامة واضطراب المجتمع. أما من حيث الجزاء فإن الخروج عن قواعد المجاملات يؤدي إلى تدخل السلطة العامة لإجبار الأفراد على احترامها كما هو الشأن بالنسبة للقواعد القانونية. قواعد المجاملة والتقاليد وهي غير محددة وغير مقترنة بعقاب في الغالب.
القواعد القانونية والأخلاقية
قواعد الأخلاق هي قواعد سلوكية اجتماعية يعتبرها غالبية الناس قواعد سلوك ملزمة ينبغي على الأفراد احترامها وإلا استحقوا سخط الناس، فهذه القواعد تهدف إلى فعل الخير والوفاء بالعهود وغيرها من المثل العليا في المجتمع، إن هذه القواعد تختلف عن القواعد القانونية من حيث الغاية والجزاء، من حيث الغاية القانون يهدف إلى تحقيق غاية نفعية هي حفظ النظام داخل المجتمع، أما الأخلاق فهي تهدف إلى تحقيق غاية مثالية لأنها تهدف إلى الارتقاء بالسلوك الإنساني إلى المستوى النموذجي الذي ينبغي أن يكون عليه هذا السلوك، فالقاعدة القانونية تنظم سلوك الأفراد في المجتمع مستهدفة حفظ النظام والاستقرار ومراعية في ذلك ما هو كائن بالفعل، ومتخذة من الشخص العادي نموذجا لها، أما قواعد الأخلاق فتهدف إلى السمو بالإنسان نحو الكمال، لذلك فهي ترسم نموذجا للشخص الكامل على أساس ما يجب أن يكون لا على أساس ما هو كائن بالفعل. أما من حيث الجزاء فالجزاء القانوني جزاء مادي، محسوس توقعه السلطة العامة، أما الجزاء الأخلاقي فجزاء معنوي يتمثل إما في تأنيب الضمير فيوقعه بذلك المرء على نفسه، وإما في سخط الجماعة واحتقارها للمخالف فتوقعه بذلك الجماعة على من يخرج على الذي وضعته لنفسها.
قواعد الأخلاق تسعى لتحقيق المثل العليا وهي تختلف عن قواعد القانون في الجزاء بحيث يكون الجزاء فيها معنويا يتمثل في تأنيب الضمير واستنكار المجتمع كما يظهر الاختلاف بينها في النية إذ أنه في قواعد القانون لا يعتد بالنية ولكن بالسلوك الخارجي للأفراد.
القاعدة القانونية وقواعد الدين
يقصد بالدين مجوعة الأحكام والأوامر والنواهي التي أقرتها الشرائع السماوية والمنزلة على الأنبياء والرسل قصد تبليغها للناس للعمل بها. وتختلف القواعد القانونية في الدين من حيث الغاية والجزاء فغاية الأحكام الدينية هي أن الدين بالإضافة إلى اهتمامه بتنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع فهو ينظم أيضا علاقة المرء بربه، وعلاقة المرء بنفسه، كما أنه يحاسب الإنسان على نواياه المحضة فإن كانت خيرا كتبت لصاحبها خيراً، وإن كانت شرا أحصيت عليه شرا مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم “إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى..”، أما غاية القانون نفعية لأن قواعده تهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد لتحقيق المساواة والأمن بين أفراد المجتمع. أما من حيث الجزاء فإذا كانت كل من قواعد الدين وقواعد القانون لها جزاء يوقع عند مخالفة أي منهما، إلا أن مضمون هذا الجزاء يختلف في الأولى عن الثانية. فالجزاء القانوني جزاء دنيوي مادي حال توقعه السلطة العامة، أما الجزاء الديني فهو جزاء في الآخرة (وقد يصاحبه جزاء دنيوي) مؤجل يوقعه الله سبحانه وتعالى على المخالف