الأصل أن يتمّ تنفيذ طوعا و اختيارا، فإذا لم يقم بالتنفيذ جاز للدائن اللجوء إلى الطرق التي قرّرها القانون لتنفيذ الالتزام العيني جبرا ما دام ذلك ممكنا،وتتمثل أهم الوسائل القانونية التي يمكن بمقتضاها الضغط على المدين وحثه على التنفيذ العيني لالتزامه في:
أولا- الغرامة التهديدية:
نصت المادة 174 ق م «إذا كان تنفيذ الالتزام عينيا غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه جاز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام المدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية إن إمتنع عن ذلك ، وإذا رأى القاضي أن مقدار الغرامة ليس كافيا لإكراه المدين الممتنع عن التنفيذ جاز له أن يزيد في الغرامة كل رأى داعيا للزيادة.»
أ* مفهومها: وتسمّى أيضا بالتهديد المالي، وهي عبارة عن مبلغ مالي يحكم به القاضي على المدين إذا امتنع عن تنفيذ التزامه يقدر على أساس وحدة زمنية معينة(يوم، أسبوع أو شهر...) يتأخر فيها المدين عن تنفيذ التزامه يخضع تقديرها لسلطة القاضي، وتعتبر وسيلة ضغط على المدين لحثّه على التنفيذ العيني للالتزام.
ب* شروط الحكم بالغرامة التهديدية: تتمثل في أربعة شروط هي:
- امتناع المدين عن تنفيذ التزامه عينا سواء كان الالتزام بعمل أو الامتناع عن عمل.
- أن يكون بالإمكان تنفيذ الالتزام عينا: فلا يكون للغرامة أية جدوى إذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلا، وإنما ينتقل الدائن إلى المطالبة بالتنفيذ بطريق التعويض.
- أن يكون التزام المدين شخصيا: أي يتطلب تدخل المدين الشخصي لتنفيذ الالتزام، كالتعاقد مع لاعب كرة القدم للعب في ناد معيّن.
- مطالبة الدائن من القضاء الحكم على المدين بالغرامة التهديدية: حيث لا يحكم بها القاضي من تلقاء نفسه.
ج* خصائص الغرامة التهديدية
- الحكم بالغرامة التهديدية أمرا جوازيا للقاضي وتقديرها تحكميا للقاضي: فهي لا تتعلق بالضرر الذي أصاب الدائن، وإنما بتعنّت المدين في التنفيذ.
- الحكم بالغرامة التهديدية يكون مؤقتا على أساس المدة المحددة له، ومصيره التصفية النهائية من طرف القاضي على أساس موقف المدين.
د* مآل الغرامة التهديدية: يتحدد مصير الغرامة التهديدية بحسب موقف المدين النهائي، فيتم التصفية النهائية للغرامة التهديدية بتقديرها النهائي متى استنفذت الغرض منها، وتتحوّل الغرامة إلى تعويض عن التأخير في التنفيذ في حالة استجابة المدين وبادر بالتنفيذ العيني، وإلى تعويض عن عدم التنفيذ في حالة إصرار المدين على عدم الاستجابة.
ثانيا- الحق في الحبس :
أ* مفهومه وشروطه: الحق في الحبس هو وسيلة قانونية يلجأ إليها الدائن لاقتضاء حقه من مدينه، بحبس شيء مملوك لمدينه، وهذا حتى يوفي المدين بالدين الذي عليه اتجاه الحابس. فهو وسيلة ضغط على إرادة المدين تدفعه إلى التنفيذ العيني لالتزامه.
وتتمثل شروط الحق في الحبس فيما يلي:
- تقابل الالتزامين: يفترض وجود التزام على الدائن الحابس، ويشترط كذلك أن يقابله التزام المدين، فيكون كل طرف دائن ومدين، فالبائع دائن بالثمن ومدين بنقل الملكية والتسليم، ويجب أن يكون التزام المدين مدنيا وليس طبيعيا ومستحق الأداء وخاليا من أي نزاع، لأن الالتزام الطبيعي متروك تنفيذه لمحض إرادة المدين، والالتزام المؤجل أو المعلق على شرط واقف لا يجيز للدائن حبس ما لديه، وكذا إذا كان التزام المدين متنازع عليه لأنه يكون في هذه الحالة غير مؤكد، فلا يجوز للمستأجر حبس العين المؤجرة بحجة أنه يستحق تعويضا قبل المؤجر إذا كان هذا التعويض متنازعا عليه أمام القضاء.
- الارتباط بين الالتزامين: يجب أن يكون ارتباط بين التزام الدائن الحابس، والتزام المدين، أي أن يكون التزام الدائن بمناسبة التزام المدين، وقد يكون الارتباط قانونيا كأن يكون الالتزامين ناجمين عن عقد كالبيع أو الوكالة، حيث يمكن للوكيل حبس ما في ذمته للموكل، حتى يقتضي ما أنفقه في سبيل تنفيذ الوكالة، وقد ينشأ الارتباط القانوني عن عمل ضار أو نافع.
أما الارتباط المادي فيستند إلى واقعة مادية، فينشأ بمناسبة شيء وجد في يد الحابس كأن يشتري شخص شيء ضائع أو مسروق بحسن نية، ويكون عليه رده فيقوم بحبسه إلى غاية استرداد ما أداه من نفقات ومصروفات للمحافظة على الشيء.
ب* آثار الدفع بالحبس: تشمل ما يلي:
- اتجاه المدين وخلفه العام: إذا توفرت شروط الحبس يكون للدائن حبس الأداء ويمتنع عن أدائه للمدين سواء كان التزامه أداء شيء أو القيام بعمل، دون حاجة إلى إعذار أو ترخيص قضائي إلى أن يستوفي حقه الذي في ذمة المدين كاملا.
- اتجاه الغير والخلف الخاص للمدين: يقصد بالغير دائني المالك حيث يسري الحبس على الدائنين العاديين سواء ثبتت حقوقهم قبل أو بعد ثبوت الحق في الحبس، فيكون للدائن الحابس الامتناع عن تسليم الشيء لدائنيه العاديين الذين قاموا بالتنفيذ عليه.
- أما بالنسبة للخلف الخاص كالذي تلقّى حقا عينيا من المدين كرهن، فيجب التمييز إذا كان المحل عقارا، فيتمسك الدائن بالحبس في مواجهته، إذا كان حق الرهن تم شهره بعد ثبوت الحق في الحبس، أما إذا تم شهر الحق قبل الحبس فلا يتم التمسك بالحبس، وإذا كان المحل منقولا فالحبس يفترض حيازته من الحابس فيسري على الخلف الخاص.