السلام عليكم

السلام عليكم

by BOUABDALLAH CHAHD -
Number of replies: 0

يشهد العالم اليوم تداخلاً متزايداً بين المجتمعات بفضل الثورة الرقمية، وبرز مفهوم "مجتمع المعلومات العالمي" كمجتمع تتداخل فيه التكنولوجيا والمعرفة والمعلومات لتشكيل بنية متكاملة تؤثر على مختلف مناحي الحياة. لكي ينضم مجتمع ما إلى هذا الفضاء العالمي، لا يكفي توفر التكنولوجيا فحسب، بل هناك مجموعة من المعايير الأساسية التي يجب توفرها ليُعد هذا المجتمع جزءاً من مجتمع المعلومات العالمي.


أول هذه المعايير هو توفر البنية التحتية التكنولوجية، وتشمل شبكات الاتصالات السريعة، والإنترنت واسع الانتشار، وأجهزة الحوسبة الحديثة، وهي الأساس الذي يُمكّن الأفراد والمؤسسات من الوصول إلى المعلومات وتداولها بسرعة وكفاءة. من دون هذه البنية، يبقى المجتمع معزولاً عن التدفق العالمي للمعلومات.


المعيار الثاني يتمثل في القدرة على الوصول الحر والعادل إلى المعلومات. لا يكفي أن تكون المعلومة متوفرة تقنياً، بل يجب أن تكون متاحة لجميع فئات المجتمع، دون تمييز طبقي أو جهوي أو ثقافي. هذا يضمن مشاركة الجميع في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويقلل من الفجوة الرقمية بين مختلف شرائح المجتمع.


كما أن التعليم يعتبر من المعايير الحاسمة، فمجتمع المعلومات يتطلب أفراداً قادرين على التعامل مع التكنولوجيا وتحليل المعلومات واستثمارها. لا يمكن لمجتمع أن يكون جزءاً من مجتمع المعلومات إذا لم يكن نظامه التعليمي قائماً على مهارات التفكير النقدي، والبحث الذاتي، والتعلم المستمر، والتكيف مع التغيرات التقنية السريعة.


ومن بين المعايير المهمة أيضاً وجود سياسات وتشريعات تحمي حرية تداول المعلومات، وتحترم الخصوصية، وتكافح الجريمة الإلكترونية. فالمجتمع الذي يفتقد إلى الإطار القانوني المناسب يبقى هشاً وغير قادر على الانخراط الآمن والفعال في مجتمع المعلومات.


ولا يمكن إغفال أهمية الثقافة الرقمية في هذا السياق. يجب أن يتحلى الأفراد بالوعي الرقمي، أي القدرة على استخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول وأخلاقي، وهذا يتطلب برامج توعوية وتربوية تدمج الثقافة الرقمية في الحياة اليومية، سواء في المدارس أو أماكن العمل أو الفضاءات العامة.


انضمام مجتمع ما إلى مجتمع المعلومات العالمي هو عملية شاملة تتطلب تضافر عوامل متعددة، تبدأ بالبنية التحتية وتمر بالتعليم والتشريعات وتنتهي بثقافة معلوماتية منفتحة وواعية. وعليه، فإن نجاح أي مجتمع في تحقيق هذا الانضمام يرتبط بمدى قدرته على دمج التكنولوجيا في حياته اليومية بطريقة عادلة، شاملة، وآمنة تضمن مستقبلًا أفضل لأفراده ضمن سياق عالمي متسارع ومتصل.