تعريف المشكلة البحثية.
مما لا شك في أن البحث العلمي هو مجموعة من الخطوات المترابطة، وتعد عملية اختيار المشكلة البحثية في أي ظاهرة الخطوة الأولى والاساسية في استراتيجية الدراسة، فصياغة المشكلة لها أثر كبير في بقية الخطوات، وتعد بمثابة الدليل والمرشد لها أيضا (الخطوات الأخرى على غرار الفروض، والمفاهيم...).
وتعرّف المشكلة البحثية على أساس أنها:
" صياغة إجرائية لمجموعة من التساؤلات حول الموضوع تبدأ هذه الصياغة بطرح سؤال عام ثم تجزئته إلى أسئلة فرعية بالإجابة عليها يتمكن الباحث من الإجابة على السؤال العام".
" موقف غامض لا نج له تفسيرا محددا".
" أو هي عبارة عن موضوع يحيطه الغموض أو ظاهرة تحتاج إلى تفسير".
وبناء على ما سبق يمكن القول أنعملية اختيار المشكلة البحثية تمر بمجموعة من الخطوات التالية:
إدراك وجود المشكلة التي تثير وعي الباحث.
جمع المعلومات التي قد تتعلق بالمشكلة.
اشتقاق المعاني من المعلومات، أي بحث العلاقات بين حقائق التفسيرات عبر الحصول على معلومات أكثر تفصيلا ودقة.
تمحيص الافتراضات الكامنة وراء مكونات أو عناصر المشكلة المحتملة.
البحث عن حقائق لتوضيح المشكلة، أي وضع قائمة العناصر التي يعتقد الباحث أنها تتعلق بالمشكلة مع محاولة اكتشاف العلاقات بينها.
تحديد المشكلة البحثية وصياغتها.
بعد أن يقوم الباحث باختيار المشكلة البحثية ينتقل إلى صياغتها، وذلك من خلال قيامه بتحديدها في صرة واضحة دقيقة، بحيث لا تكون شديدة الاتساع ولا بالغة الضيق، فمع اتساع الموضوع، تصعب دراسته بصورة وافية وعميقة، ومن جهة أخرى فإن الضيق الشديد للإشكالية يقلل من قيمتها العلمية والعملية، ويتم صياغة المشكلة البحثية عن طريق أحد الشكلين:
فرض قابل للاختبار التجريبي الامر الذي يقتضي ضمنا أن تكون لغته موضوعية واجرائية أو عملية.
سؤال بحثي أساسي تنبع منه مجموعة من التساؤلات الفرعية للمشكلة البحثية يفضل غالبا في الدراسات السياسية والنظرية خاصة، ويتم صياغة المشكلة في سؤال بحثي محدد يلخصها ويكثف جوانبها الاشكالية.
محددات جودة صياغة المشكلة البحثية وتحديدها.
هناك عدة إجراءات أخرى تتعلق بتحديد الاشكالية وصياغتها والتي هي كما يلي:
تحديد مجال التخصص أو الحقل العلمي الذي تنتمي له المشكلة البحثية: معنى ذلك أن لكل بحث له حقل علمي يرتبط به وينتسب إليه، ويجب التأكد على الارتباط العضوي للمشكلة البحثية بعناصر المشكلة الاعم فالجزئية التي تتناولها المشكلة البحثية يجب أن تكون مرتبطة بوضوح بباقي عناصر المشكلة الاعم، إذ تخاطب الحقل الاوسع من النظرية والمعرفة الذي تعد هذه المشكلة البحثية جزءا منه.
تحديد الأهمية العلمية والعملية: معنى ذلك أنه يجب على المشكلة البحثية أن تكون على قدر من درجة الأهمية العلمية النظرية والاهمية العملية التطبيقية، وقد يزاوج الباحث بين النظري والتطبيقي فتتفق له الاهميتان العلمية والعملية معا ويستحسن الجمع بينهما.
تحديد الإمكانيات المتاحة لإنجاز الدراسة: وتتمثل فيالإمكانيات المالية والتي يتوقف عليها إلى درجة كبيرة نجاح مختلف البحوث لاسيما منها الميدانية، لذا يتوجب على الباحث قبل أن يقوم باختيار أي مشكلة أن ينظر إلى حدود التمويل المتاح وتنوع مصادر التمويل له، في حين يتمثل النوع الثاني من الإمكانيات في الإمكانيات المعلوماتيةوالتي يتوجب على الباحث هنا قبل أن يباشر في معالجة أي مشكلة بحثية أن ينظر إلى مدى توافر المعلومات حول الموضوع المراد بحثه.
تحديد المدى الزماني للدراسة: توجد هناك الكثير من الدراسات التي تدرس مشكلتها في مدى زمني معين، لهذ يجب على الباحث أن يحدد موضوع بحثه بدقة إذ لا يجب أن يكون شديد الاتساع ولا بالغ الضيق.
تحديد الوقت اللازم لإنجاز الدراسة: معنى ذلك أنه لا بدا أن تكون المشكلة البحثية قابلة للمعالجة في الوقت المحدد اجراؤه ويتوقف ذلك على عدة أمور منها: حدود البيانات المتاحة والتمويل، ووجود معونات رسمية أو غير رسمية...، ويختلف الوقت المتاح لإجراء الدراسة طبقا لنوع البحث وحجمه المطلوب بحث تخرج، ماجستير، دكتوراه، دراسة أو مقالة...إلخ.
أن تحدد المشكلة بحيث تكون حديثة سواء تعلقت الحداثة بالموضوع المبحوث أو بمنهج معالجته:فقد يكون موضوعا بكرا لم تسبق دراسته، ومن ثم يوصف البحث فيه بالريادية وعموما يجب أن تكون طبيعة المشكلة البحثية معاصرة حتى لا يدخل البحث في دائرة البحث التاريخي ويخرج من دائرة البحث السياسي، أما حداثة منهج المعالجة فتتعلق باستخدام مناهج وأدوات بحثية جديدة في دراسة مشكلة بحثية سبق لباحثين آخرين أن عالجوها.
الوضوح والابتعاد عن الاحكام القيمية والذاتية.
أن تكون المشكلة البحثية قابلة للمعالجة:معنى ذلك أنه يجب أن تكون المشكلة البحثية بالطريقة التي يتم تحديدها بها قابلة للمعالجة في الوقت الذي يجري فيه البحث.
مصادراختيار المشكلة البحثية.
هناك مجموعة من المصادر التي يستطيع من خلالها الباحث العثور على لمشكلة البحثية والمتمثلة فيما يلي:
التكوين العلمي والادراك الذاتي للباحث: يلعب العامل الذاتي دورا كبيرا في إدراك المشكلة البحثية ومحاولة إيجاد حل لها، إذ لابدا أن تمثل المشكلة تحيا أمام الباحث، على المستوى النظري أو على المستوى التطبيقي.
الانخراط في البيئة البحثية والأكاديمية: يجب على الباحث أن ينخرط في مختلف الهيئات العلمية الناشطة لأجل حل مختلف المشكلات البحثيةوبلورتها.
تكوين الشخصية الباحثة الناقدة: فالباحث الجاد غالبا ما تجده يطرح تساؤلات في ذهنه، هل هذا صحيح؟ هل قام الباحث بتفسير نتائج راسته بدقة؟ هل هناك تفسير أفضل للظاهرة جدير بالبحث؟ ....
الدراسات والكتابات السابقة في ميدان التخصص العلمي: تعد المراجع والدراسات السابقة مصدر للمشكلات البحثية كما أنها في نفس الوقت تعد أداة لبلورتها وتحديدها على نحو علمي، ويرتبط ذلك بمفهوم التراكم العلمي فكل إضافة جديدة تشكل لبنة في صرح العلم والبحث العلمي.