1. أنواع المعرفة

في معنى المعرفة
قبل بادئ ذي بدء يمكن القول أن المعرفة هي من أهم المواضيع الجديرة بالدراسة والبحث في جميع مناحي الحياة، لكونها تساعد الإنسان على فهم مختلف القضايا التي يواجهها في حياته اليومية، وبفضلها يستطيع الباحث أن يتغلب على مختلف العراقيل التي تحول دون بلوغه الأهداف المرجوة، ويضع في حسبانه مختلف الاستراتيجيات التي تسمح له بتدارك الأخطاء واتخاذ مختلف احتياطاته التي تمكنه من تحقيق طموحاته في الحياة.
ونظرا لأهمية المعرفة وضرورة دراستها من جميع الجوانب فقد بحثتها جل العلوم، وتم تأسيس نظرية لها تسمى بنظرية المعرفة (ابستمولوجيا) وهي إحدى فروع الفلسفة، فضلا عن ذلك فإن نظرية المعرفة تبحث في مبادئ المعرفة الإنسانية وطبيعتها ومصدرها، وقيمتها وحدودها.
فحب المعرفة، غزيرة أساسية في الإنسان، تجعله يفتش عن الوسائل والأساليب التي تعينه على اشباع هذا الدافع وتحقيقه.
وبناء على ما سبق تعرّف المعرفة في أبسط معانيها على أساس أنها: تصورا عقليا لإدراك جوهر الشيء بعد أن كان غائبا، أو بعبارة أخرى هي ذلك الرصيد الواسع من العلوم والمعارف والمعلومات التي اكتسبها الإنسان خلال مسيرته التاريخية، بحواسه وفكره وعقله، إلا أنه لايمكن القول أن جميع أنواع المعارف على مستوى واحد، وإنما تختلف باختلاف ما تتمتع به من دق، ودقة المعرفة تنبثق مما تتميز به من أساليب التفكير وقواعد المنهج التي في الوصول إليها.
علاوة على ذلك تعرّف المعرفة على أساس أنها: "مجموعة من المعاني والمعتقدات والأحكام والمفاهيم والتصورات الفكرية التي تتكون لدى الإنسان نتيجة محاولاته المتكررة لفهم الظواهر والأشياء المحيطة به.

أنواع المعرفة

تنقسم المعرفة إلى ثلاث أنواع هي:
المعرفة الحسية: وهي تلك المعلومات والمعارف التي يتم التحصل عليها عن طريق الحواس، والتي تكون بواسطة الملاحظات البسيطة والمباشرة والعفوية، كإدراكه لتعاقب الليل والنهار وتقلب الأحوال الجوية، وطلوع الشمس وغروبها.... إلا أنه ما يؤخذ على هذا النوع من المعرفة أنها لا ترقى إلى مستوى المعرفة العلمية لكونها لا تسعى إلى إدراك العلاقات القائمة في مختلف الظواهر، لكن يمكن القول من جهة أخرى أن المعرفة الحسية تستطيع أن تتحول إلى المعرفة العلمية إذ كانت هناك إرادة فعالة من طرف الإنسان للبحث في مسببات الظاهرة.
المعرفة الفلسفية: هذا النوع من المعرفة تقع في مرحلة وسط بين المعرفة الحسية والمعرفة العلمية، فهو مبني على التأمل والتفكير في مشكلات تؤرق الإنسان كأسباب الخلق والموت، وفي مشكلات غير عادية ترتبط بالعالم الميتافيزيقي. وانطلاقا مما سبق، تعرف المعرفة الفلسفية على أساس أنها: "مجموع المعارف والمعلومات التي يتحصل عليها الإنسان بواسطة استعمال الفكر لا الحواس، حيث يستخدم أساليب التفكير والتأمل الفلسفي لمعرفة الأسباب والحتميات البعيدة للظواهر.
المعرفة العلمية: وهي التي تقومعلى أساس الملاحظة المنظمة المقصودة للظواهر، وعلى أساس وضع الفروض الملائمة والتحقق منها عن طريق التجربة، وتجميع البيانات وتحليلها، واكتشاف النظريات العامة والقوانين العلمية الثابتة والقادرة على تفسير الظواهر والأمور تفسيرا علميا، والتنبؤ بما سيحدث مستقبلا والتحكم فيه.
وتنقسم هذه الأخيرة إلى نوعين هي: المعرفة العلمية الفكرية، والمعرفة العلمية التجريبية.
المعرفة العلمية الفكرية: تختلف المعرفة الفكرية عن المعرفة الفلسفية من حيث الموضوع والمنهج، فموضوع المعرفة الفلسفية هو موضوع الظواهر غير العادية، كما تم التطرق إليها أعلاه. في حين نجد موضوع المعرفة الفكرية يعالج مختلف الظواهر المادية كالدولة، الانتخابات، القانون...وتوجب الإشارة هنا إلى أن بعض دارسي علم المناهج لا يعترفون بهذا النوع من المعرفة، ويعتمدون فقط على المنهج التجريبي كطريق وحيد للعلم.
المعرفة العلمية التجريبية: ويقصد بها مجموع الحلول والتفسيرات للظواهر سواء طبيعية أو اجتماعية والتي توصل لها الإنسان عن طريق الملاحظة ثم الفرضية ثم التجريب، ويستطيع أي إنسان التأكد من صحة النتائج بإعادة التجربة. وهذا النوع الأخير من المعرفة هو وحده الذي يكون العلم والمعرفة، وبذلك تكون مشتملة على العلم وهو جزء من أجزائها.