5. خصائص القانون الدولي البيئي :

   إن كان القانون الدولي للبيئة فرعا من فروع القانون الدولي العام ، حيث أنه يرعى المصلحة العامة للمجتمع الدولي و هي حماية البيئة ، و هي من أسمى أهداف القانون الدولي العام، إلا أن هذا الفرع القانوني الحديث و له خصائص تميزه عن باقي فروع القانون الدولي  وتكرس استقلاليته و قيامه بذاته وهي :

الفرع الأول : قانون حديث النشأة:

    إن هذا القانون من الناحية الواعية يرجع إلى النصف الثاني من القرن العشرين ، وبدأ ذلك بعقد بعض الاتفاقيات ذات الصلة بموضوع حماية البيئة نذكر على سبيل المثال، اتفاقية لندن 1954 الخاصة بمنع تلوث البحار بالبترول، و اتفاقية الحماية من الإشعاع الذري لسنة 1960، اتفاقية موسكو الخاصة بحظر التجارب النووية في الفضاء الخارجي[1]. وتميزت تلك الأدوات الاتفاقية بمحدودية فعاليتها ونسبية أثرها من حيث قلة الدول الأعضاء فيها ، بالإضافة إلى عدم وضوح و دقة الالتزامات التي قررتها . غير أن البداية الحقيقة لهذا القانون تزامنت مع عقد المؤتمر الدولي حول البيئة الإنسانية استوكهولم 1972، الذي انبثقت عنه عديد التوصيات شكلت الركيزة الأساسية للقانون الجديد  ليتتابع عقد مؤتمرات أخرى ساهمت في البلورة التدريجية لهذا القانون إلى أن وصل لما هو عليه الآن في شكل قانون مستقل بذاته.

الفرع الثاني : قانون ذو طابع فني :

  تتعلق قواعد القانون الدولي البيئي بمجوعة الحقائق العلمية المحضة الخاصة بالبيئة من أجل توصيف حالتها و تحديد السلوك الذي ينبغي التزامه في التعامل مع عناصر البيئة و الأنظمة الايكولوجية.  وقد أردف علماء الطبيعة قولا بأنه لكي تكون هناك قواعد قانونية لحماية البيئة البحرية فعالة و مؤثرة فإنه يتحتم أن تشمل تنظيمات و مواد قانونية متماشية مع الحقائق العلمية و الإمكانيات التكنولوجية ومع الاحتياجات والخبرات التجارية و الاقتصادية و أخيرا مع الحقائق النفسية و السياسية للحياة الوطنية و العالمية[2]، حيث أن هذا القانون يتعامل مع مشكلات غاية في الدقة و التعقيد و من الصعوبة بما كان إثباتها أو تقدير الأضرار تقديرا صحيحا لذا فمن الضروري أن تستوعب  القواعد القانونية الدولية للبيئة الحقائق العلمية دونما إهمال لجزء منها وذلك عن طريق الرصد و تحديد المستويات و كذا وضع المعايير.

الفرع الثاني : قانون تنظيمي آمر.

أصبغ المشرع الدولي على قواعد هذا القانون طابع الإلزام  من أجل تحقيق هدف الحفاظ على البيئة و الصحة الإنسانية، وذلك على اعتبار أن إلحاق الضرر بالبيئة لايكفي التعويض لجبره و إنما يقتضي الأمر إعادة تأهيل للبيئة، لذا فقد نصت أغلب الاتفاقية على إلزامية التقيد بأحكامها و مثال ذلك مانصت عليه المادة 235 من اتفاقية الأمم المتحدة للبحار لسنة 1982 بقولها أن الدول  مسؤولة عن الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بحماية البيئة البحرية و الحفاظ عليها و هي مسؤولة وفقا للقانون الدولي، كما يجسد الطابع الإلزامي لهذا القانون ترتيب الجزاء من طرف الاتفاقية الدولية تحت ما يسمى المسؤولية الدولية .

إن الطابع الإلزامي للقانون الدولي للبيئة تبرره طبيعة المصلحة التي يحميها على اعتبار البيئة مصلحة مشتركة التي ينبغي على جميع الدول أن تتكاتف جهودها من أجل حمايتها.


[1]  معمر رتيب محمد عبد الحافظ، نفس المرجع 2007 ، ص 96.

[2]  نفس  المرجع، ص 97.