المحاضرة الأولى : مدخل مفاهيمي للقانون الدولي للبيئة

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: القانون الدولي للبيئة
Livre: المحاضرة الأولى : مدخل مفاهيمي للقانون الدولي للبيئة
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Thursday 2 May 2024, 23:37

Description

تتناول المحاضرة مفهوم للقانون الدولي للبيئة من حيث نشأته و تطوره، تعريفه ومصادره و خصائصه

1. مقدمة

شكلت الضرورة الملحة لحماية البيئة تحديا مشتركا للقانون الداخلي و الدولي على حد السواء، و هذا انطلاقا من الفعالية التشريعية القانونية في حل المشاكل و التصدي للمعضلات البيئية من خلال إقرار مختلف الآليات و الوسائل التنظيمية. أن لتطور القواعد القانونية الدولية عظيم الأثر في تطور مفهوم القانون الدولي البيئة و الذي يراعي عديد الأبعاد و هي علاقة البيئة بحقوق الإنسان، علاقة البيئة بالتنمية، علاقة البيئة بالأمن الدولي و الإنساني. لذا فهو ينصب بشكل خاص على الحماية الدولية المقررة للبيئة و بشكل عام يعالج جميع المسائل ذات التأثير أو التأثر بها.

2. نشأة و تطور القانون الدولي للبيئة.

تطور القانون الدولي منذ بداية النصف الأخير من القرن العشرين تطورا واسعا و مهما سواء فيما تعلق بالأشخاص المخاطبين به أو ما تعلق بموضوعاته و مجالاته، إذ أنه ساير تنظيم المشكلات التي تهم المجتمع الدولي المعاصر فلم يعد يقتصر في موضوعه على معالجة المسائل التقليدية لذلك المجتمع مثل السيادة، الإقليم، التنظيم الدولي،التمثيل الدبلوماسي و القنصلي ، الحرب و الحياد ، وإنما تفاعل مع جديد ما طرأ من المشكلات التي تهم المجتمع الدولي قاطبا في شتى المجالات الاقتصادية، التنموية، الإنسانية و الاجتماعية، فظهرت فروع عديدة للقانون الدولي تعنى بتنظيم وضع معين فأصبحنا نرى وجود قواعد القانون الدولي الإنساني و القانون الدولي الاقتصادي، و القانون الدولي للبحار و كذا القانون الدولي للبيئة[1].

     في أواخر الستينات، ومع ظهور حركة الدفاع البيئية، طلب الوفد السويدي من الأمم المتحدة عقد مؤتمر بشأن البيئة، حيث احتاج ذلك جهد تنسيقي هائل من أجل هذا المؤتمر، حيث تم ذلك بمشاركة الكندي موريس سترونج Maurice STRONG [2] و هو ما أدى بالجمعية العامة للأمم المتحدة في 3 ديسمبر1968 الى تبني قرارها رقم 2398 في دورتها 32 والتي قررت فيها عقد مؤتمر حول البيئة الإنسانية[3].أكد القرار على طبيعة علاقة حقوق الإنسان بالبيئة و منه ظهرت الحاجة إلى حماية البيئة و المحافظة عليها، كما أدرك المؤتمر العلاقة بين البيئة و التنمية[4].        

 إن علاقة البيئة بموضوع حقوق الإنسان تمتد جذوره إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة في 10 ديسمبر 1948، حيث أشارت ديباجة الإعلان إلى أن الاعتراف بالكرامة المتأصلة لكامل الأسرة البشرية و بحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية و العدل و السلام. ونص المبدأ الثالث على أنه لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه. وانسجاما مع ذلك أكد إعلان استوكهولم  أنه لكن إنسان حق أساسي في الحرية و المساواة و في ظروف عيش مناسبة تسمح نوعيتها بالحياة في ظل الكرامة و بتحقيق لرفاه[5] وما الاعتراف بالبيئة كحق مستقل إلا تعزيز للحقوق الأخرى التي يمكن منها كل فرد و تدعيم لكرامة الإنسان (العيش الكريم) .

أما عن علاقة البيئة بالتنمية فانه كان من الصعب إدراكها في بادئ الأمر، حيث أن للتنمية كحق علاقة بالدول النامية وهو فرع من الفروع الاقتصادية العامة، أما البيئة فهي (مجموعة النظم الطبيعية والاجتماعية و الثقافية التي يعيش فيها الإنسان و الكائنات الأخرى)[6]. وقد كان لمؤتمر استوكهولم فضل طرح القضية و معالجة العلاقة حين تم الإشارة إلى إمكانية تحقيق تنمية اقتصادية مع المحافظة على البيئة، إذ أن فكرة التنمية تمسكت بها جميع الدول النامية كاعتبار ذا أولوية مطلقة للخروج من الأوضاع المزرية التي ورثتها عن الاستعمار والتي ترغب في أن تصبح دولا ذات توجه اقتصادي.

 أخذت قضايا البيئة كذلك بعدا استراتجيا، و أصبحت علاقتها بالأمن الدولي مطروحة حيث بات الارتباط بين مشاكل البيئة و الأمن الدولي في تزايد، إذ تعتبر مشاكل التلوث العابرة للحدود مصدر تهديد حقيقي لأمن الدول و هو مايمكن أن يهدد العلاقات بين الدول مصدر النشاط الضار و الدول التي حدث بها الفعل الضار أو التي تضرر مصالحها، ومن جهة أخرى يمكن أن يكون سببا للنزاع والحروب شح الموارد الطبيعية و محدوديتها وهذا من أجل السيطرة على منافذ المياه أو الطاقة مثلا.



[1]   معمر رتيب محمد عبد الحافظ، القانون الدولي للبيئة و ظاهرة التلوث، دار النهضة العربية، القاهرة، ب.ط، 2007 ، ص 45.

[2]  أصبح ( موريس سترونج) أول رئيس برنامج الأمم المتحدة للبيئة سنة 1972.

[3] Elli LOUKA, International environmental law, Cambridge university press, Cambridge, New York, 2006, P 30.

[4]  القرار 2398 : الجمعية و ادراكا منها لما للبيئة من آثار على وضعية الانسان وعلى راحته البدنية و العقلية والاجتماعية، وعلى كرامته و تمتعه بالحقوق الأساسية، و اقتناعا منها بضرورة الاهتمام بمشاكل البيئة الانسانية من أجل تنمية اقتصادية واجتماعية صحية فإنها قررت تنظيم مؤتمر حول البيئة الإنسانية.

[5]  المادة   من مؤتمر استوكهولم 1972.

[6]  صلاح عبد الرحمن عبد الحديثي، النظام القانوني الدولي لحماية البيئة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، ط1، 2010، ص 24.

3. تعريف القانون الدولي للبيئة: ( International Environmental Law )

     قبل تعريف القانون الدولي للبيئة ارتأيت أن نعرج أولا على تعريف قانون البيئة، و الذي يقصد به القانون الذي يعنى أو يختص بالبيئة بهدف حمايتها و المحافظة عليها، وتعتبر البيئة مجموعة النظم الطبيعية والاجتماعية والثقافية التي يعيش فيها الإنسان و الكائنات الأخرى التي يستمدون منها زادهم و يؤدون فيها نشاطهم[1]. و بهذا فإن القانون البيئي موضوعه حماية البيئة الطبيعية بالإضافة إلى ما صنعه البشر أي البيئة الاصطناعية، و قد تم تعريف قانون البيئة كذلك أنه ذلك الفرع من فروع القانون الذي يسعى إلى إيقاف كل مسلك إنساني (أو الحد منه)، إذا كان من شأنه أن يؤثر على العوامل الطبيعية التي ورثها الإنسان على الأرض[2].   

تعرفه الدكتورة بدرية عبد الله العوضي، بأنه القانون الذي ينظم كيفية المحافظة على البيئة البشرية ومنع تلوثها والعمل على خفضه والسيطرة عليه أيا كان مصدره بواسطة القواعد الاتفاقية والعرفية المتعارف عليها بين أشخاص القانون الدولي[3]." أما الأستاذ حسني أمين يرى بأن القانون الدولي البيئي :هو " مجموعة قواعد ومبادئ للقانون الدولي التي تنظم نشاط الدول في مجال منع وتقليل الأضرار المختلفة، التي تنتج من مصادر مختلفة للمحيط البيئي أو خارج حدود السيادة الإقليمية[4].                                      

   في حين عرفه البعض بأنه " مجموعة القواعد القانونية الدولية العرفية والاتفاقية المتفق عليها بين الدول للحفاظ على البيئة من التلوث ".[5]



[1]  أنظر مؤتمر استوكهولم 1972، مؤتمر تبليسي 1978 للتعليم البيئي.

[2]  صلاح عبد الرحمن عبد الحديثي، المرجع السابق، ص 60.

[3]  بدرية عبد الله العوضي،" دور المنظمات الدولية في تطوير القانون الدولي البيئي"  مجلة الحقوق، جامعة الكويت، الكويت، العدد الثاني، 1985، ص 36.

[4]  أمين حسني ، مقدمات القانون الدولي  للبيئة ، مجلة السياسة الدولية ، القاهرة، العدد 110 ، أكتوبر ، 1992، ص 130.

[5]  هاشم صلاح، المسؤولية الدولية عن المساس بسلامة البيئة البحرية ، رسالة دكتوراة ، كلية الحقوق، جامعة القاهرة ، 1991، ص 03.

4. مصادر القانون الدولي البيئي.

     يتميز القانون الدولي البيئي على أنه يسعى لوضع الأسس والضوابط التي تحكم علاقة الإنسان ببيئته كفرد أو كعنصر ضمن مجموعة وطنية أو إقليمية أو دولية، لكل قانون مجموعة من المصادر التي يستقي منها قواعده، وهذه المصادر إما أن تكون مادية أو شكلية، أو عبارة عن أعراف متداولة بين مختلف الأشخاص. وانطلاقا من أن لكل قاعدة قانونية منبتها الأصلي أي بدايتها وظهورها الأول وهو مايسمى بالمصدر.

  القانون الدولي للبيئة و باعتباره فرعا من فروع القانون الدولي فإن مصادره هي نفس مصادر هذا الأخير. إن نص المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية حددت المصادر التقليدية للقانون الدولي و المتمثلة في مصادر رئيسية وهي الاتفاقيات الدولية، الأعراف الدولية، مبادئ القانون العامة و مصادر ثانوية تتمثل في الأحكام و القرارات القضائية، آراء الفقهاء.  ونظرا لخصوصية المواضيع التي يعالجها القانون الدولي للبيئة و المتمحورة حول الحفاظ الموارد الطبيعية و الحد من التلوث و غير ذلك فإن هناك مصادر أخرى مستجدة ارتبطت بظهور هذا الفرع القانون و ذات العلاقة المباشرة بمواضيعه، وهي القرارات الدولية و إعلانات المبادئ و التي تتدرج في مستوى الزاميتها.

الفرع الأول : المصادر التقليدية للقانون الدولي للبيئة.

وهي مصادر القانون الدولي التي نصت عليها المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية والتي تنقسم إلى رئيسية و ثانوية[1]:

أولا : المصادر الرئيسة للقانون الدولي للبيئي.

تتمثل في الاتفاقات الدولية العامة والخاصة و العرف الدولي و مبادئ القانون العامة.

1 ــــ الاتفاقيات الدولية[2]:   تعد الإتفاقيات الدولية المصدر الرئيسي الأول لا سيما و أنها مصدر مكتوب لا خلاف فيه و أنها أبرمت تحت رعاية المنظمات الدولية ذات الإمكانيات الفنية و المالية و التي تستطيع تقديم عون حقيقي في مجال إعمال قواعد البيئة إذ تعد المعاهدات الدولية أهم مصادر هذا القانون، وبصورة خاصة المعاهدات الشارعة التي تقوم بوضع قواعد عامة محددة وملزمة[3]، ويضاف إلى المعاهدات الشارعة البروتوكولات[4] التي تساهم في حماية البيئة[5]، إن الاتفاقيات الدولية البيئية تختلف بحسب نطاقها، فقد تكون عالمية أو إقليمية ، كما تختلف بحسب المجال الذي يعنى بالحماية فقد ترمي هذه الاتفاقيات إلى حماية البيئة البرية، المائية و البحرية، الهوائية و الجوية، أو أحكام موضوعها حماية البيئة.

2 ــــ العرف الدولي[6]:  إنه و نظرا لحداثة هذا الفرع القانوني فإن قواعد القانون الدولي العرفي في مجال حماية البيئة هي في مراحل تطورها الأولى، ومع ذلك فإنه لا يمكن تجاهلها[7]، ويمكننا اعتبارها بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال و لو أنه تكرر لمرات معدودة بسبب أنه لم يمر عليها إلا وقت قصير من ولادتها. ومن بين الأعراف عدم استخدام الدول أراضيها لإلحاق الضرر ببيئة دولة أخرى و هو منبثق من أساس و مبدأ المساواة بين الدول في السيادة الإقليمية، بالإضافة إلى واجب التعاون، مثل العرف القائل بتمتع الدول الساحلية بالسلطة القضائية للحفاظ على البيئة البحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة، قد تم إقرار هذه الأعراف في عديد المعاهدات الدولية و الإعلانات.

3 ــــ مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتحدة[8]: وفقا لنص المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية  تعتبر  المبادئ العامة للقانون  من المصادر الأساسية والتي تقع في التصنيف الثالث بعد العرف الدولي، تعبر عن وافق عالمي بشأنها، وهي تشمل كافة النظم المتمثلة في مبادئ الشريعة الإسلامية، والنظم القانونية اللاتينية، والأنجلوسكسونية، والنظام الإشتراكي ...الخ[9] ، رغم أن محكمة العدل الدولية لا تعتمد عند الفصل في النزاعات على المبادئ العامة كقاعدة وحيدة لإصدار القرار لكنها تكون موجودة في دعم القرار الذي تتوصل إليه، وبالإشارة إلى المصادر الأخرى، كما أشارت في قضية المناطق الحرة إلى مبدأ عدم جواز إساءة استعمال الحق، مبدأ حسن النية عموما، و في مجال البيئة يمكن تثبيت عدد من المبادئ التي أصبحت راسخة في هذا المجال منها مبدأ منع إلحاق الضرر، مبدأ تقديم التعويضات عن الضرر البيئي، مبدأ ضمان بقاء الأصناف المعرضة للإنقراض، وكذلك مبادئ الإجراء الوقائي والتنمية المستديمة و أخيرا الإستفادة المتساوية من الموارد المشتركة[10].

ثانيا : المصادر الثانوية للقانون الدولي للبيئي.

هي مصادر تأتي في الدرجة الثانية من حيث أهميتها وقيمتها القانونية، وكذا نسبة الاجماع والاتفاق في ترتيبها بين مختلف المدارس القانونية، اللاتنية، والأنجلوسكسونية، وتسمى بعدة مسميات منها المصادر التبعية، المصادر الاحتياطية، المصادر التفسيرية وتشمل هذه المصادر السوابق القضائية وأراء الفقهاء، غير أن حجية السوابق القضائية وترتيبها يختلف بين المدرستين اللاتينية والأنجلوسكسونية فتحتل عند هذه الأخيرة مكانة مهمة حيث يرجع إليها ويستشهد بها في كثير من الحالات عند إصدار الأحكام والقرارات.

1ــــ أحكام و قرارات القضاء الدولي: تلعب الأحكام القضائية دورا هاما في نطاق القانون الدولي[11]، و هو مجموعة المبادئ القانونية الدولية التي يمكن استخلاصها من أحكام المحاكم[12] و لا تعتبر مصدرا أصليا للقانون الدولي للبيئة[13]، ويعتبر القضاء من المصادر التفسيرية أو الاستثنائية، ويلعب دورا مهما في تفسير النصوص القانونية الجامدة ، واستنباط الحلول للمسائل العلمية التي لم يتعرض لها المشرع ، وهناك العديد من الاتفاقيات الدولية البيئية التي منحت محكمة العدل الدولية الاختصاص بفض المنازعات سواء المتعلقة بتفسيرها أو بتطبيقها ، كما هو الحال بالنسبة لاتفاقية هلسنكي لعام 1974 واتفاقية لندن لعام 1954. اتفاقية قانون البحار1982، واتفاقية فيينا عام 1963 و اتفاقية تحريم الأسلحة في أمريكا اللاتينية عام 1967.

2 ــ المذاهب الفقهية و أراء الفقهاء:

تعتبر نظريات وآراء فقهاء القانون الدولي في شتى المدارس الفقهية التقليدية منها والحديثة مفيدة لفهم القانون الدولي البيئي، لأنها تتضمن العديد من المواقف الأساسية حيال طبيعة القانون وتطبيقه، بانتقاداتهم واقتراحاتهم فهم يتفقون تارة في توجهاتهم، ويختلفون في مواضع أخرى[14]. ويشمل ذلك آراء كبار فقهاء القانون في الحضارات المختلفة، كالقضاة والمحكمين، والمستشارين القانونيين، وأساتذة القانون وكتاباتهم في شتى فروع القانون. والفقه الدولي لا يخلق القاعدة القانونية كما هو الحال في المصادر الأصلية السالفة الذكر، وإنما هو مجرد وسيلة للكشف عنها واستنباطها من المصادر الأصلية، وشرحها وإثبات وجودها[15].

الفرع الأول : المصادر المستحدثة للقانون الدولي للبيئة.

     بالرغم من أن المادة 38 من الأساسي لمحكمة العدل الدولية نصت على مصادر القانون الدولي، إلا أن الطور الذي طرأ على القانون وظهور فرع القانون الدولي البيئي كفرع حديث دعانا إلى القول بوجود مصادر خاصة بها هذا الفرع القانوني و المتمثلة في القرارات الدولية و إعلانات المبادئ الخاصة بحماية البيئة تبنتها المنظمات الدولية و التي ساهمت في تبلور قواعد هذا القانون .

أولا ـــــ القرارات الدولية و إعلانات المبادئ:

لقد زاد اهتمام المنظمات الدولية بحماية البيئة من خلال تبنيها للقرارات خاصة التوصيات و إعلانات المبادئ و كان أشهرها إعلانات مؤتمر استوكهولم 1972، نيروبي 1978، قمة ريو 1992،مؤتمر جوهانسبورغ 2002، قمة ريو 2012، و غيرها. صاحب هذا التنامي قي اتخاذ القرارات جدل حول وضعها القانوني، حيث يرى البعض عدم ارتقائها لتكون أداة تشريعية و هو رأي يقصر المصادر فيما نصت عليه المادة 38 السابقة الذكر فقط. في الوقت الذي يذهب آخرون إلى إعطاء هذه القرارات الصادرة عن المنظمات الدولية أهمية قانونية تستقيها من عضوية غالبية الدول في المنظمات الدولية لاسيما منظمة الأمم المتحدة. إن هذه القرارات قد تكون ملزمة و تخلق "قانون ملزم Hard Law"  للدول الأعضاء في المنظمة، أو غير ملزمة و تسمى عموما توصيات وهي مبادئ القانون غير الملزم"Soft Law" ومن ذلك إعلانات المؤتمرات الدولية. ومع ذلك، فإنها تساهم أيضا في تطوير القانون البيئي الدولي العرفي؛ ولذلك ينبغي عدم الاستهانة بأهميتها.[16] لذا فهي تنقسم الى قرارات ملزمة و قرارات غير ملزمة.

1 ــــ القرارات الدولية الملزمة: Hard Law

 تعد هذه القرارات فريدة من نوعها في القانون الدولي نظرا لعدم اتساع نطاقها، حيث أنه ليس بمقدور إلا بعض المنظمات الدولية اتخاذ هذا النوع من القرارات الملزمة و هناك ثلاث منظمات فقط تلك الناشطة في مجال حماية البيئة و هي : منظمة الأمم المتحدة (مجلس الأمن)، منظمة التعاون الإقتصادي و التنمية (OECD)، الاتحاد الأوروبي[17].

أ ـــ منظمة الأمم المتحدة: يضطلع مجلس الأمن ول بصورة محدودة فيما تعلق بالمسائل البيئية بدور هام في اصدار القرارات الملزمة، و مثال ذلك ما نصت عليه المادة 05 من اتفاقية حظر استخدام تقنيات تغيير البيئة لأغراض عسكرية أو لأي أغراض عدائية أخرى (جنيف 1976)، بأن لكل دولة طرف أن تقدم شكوى من جراء خرق أي طرف لهذه الاتفاقية إلى مجلس الأمن الذي بدوره يتحرى الأمر وله أن يتخذ قرار بشأن ذلك و لهذا الأخير صفة الإلزام لأطراف الاتفاقية[18].

ب ـــ منظمة التعاون الإقتصادي و التنمية (OECD):

تتمتع هذه المنظمة باختصاص واسع في مجال حماية البيئة و الاستدامة بصفة عامة و لها أمن تصدر قرارات ملزمة لجميع أعضائها الذين في غالبيتهم من الدول المتقدم ، بالإضافة إلى مساهمة هذه المنظمة أكثر في تطوير القانون العرفي من خلال إعداد ومن خلال اعتماد النصوص غير الإلزامية[19].

ج ـــ الاتحاد الأوروبي:

يتمتع الاتحاد الأوروبي بصلاحية اتخاذ القرارات و بطريقتين، الأولى عن طريق إصدار لوائح Régulations ملزمة و قابلة للتطبيق في جميع الدول الأعضاء. و الثانية عن طريق إصدار توجيهات Directives تلتزم الدول بتحقيقها و تترك الوسائل و السبل إلى اختيار الدولة، ومن أمثلة النصوص الملزمة التي أقرها الإتحاد التوجيهات المتعلقة بتلوث الهواء و المياه.

2 ــــ القرارات الدولية غير الملزمة: Soft Law

     إن انتماء جزء كبير من قواعد القانون الدولي إلى القانون المرن في أن هذه القواعد تجد مصدرها في المبادئ والإعلانات والتوصيات الصادرة عن المؤتمرات والمنظمات الدولية، وهي أعمال لا تتمتع في حد ذاتها بقيمة قانونية، وإن كان تواترها وانسجامها يساهم في تحولها إلى قواعد قانونية عبر العرف الدولي الذي يُعد أحد مصادر هذا القانون[20] ، و يمكن تصنيف القرارات غير الملزمة الخاصة بحماية البيئة إلى ثلاث فئات هي  توصيات إرشادية (توجيهية) وبرامج العمل و إعلانات المبادئ[21].

أ ـــ التوصيات التوجيهية : التوصية ما هي إلا اقتراح صادر عن منظمة دولية بغرض القيام بعمل، أو الامتناع عنه ، هي دعوة تبديها المنظمة في موضوع معين إلى دولة عضو، أو فرع تابع لها أو إلى تنظيم دولي آخر فهي لا تتمتع بأية قوة إلزامية لا تتمتع إلا بقيمة سياسية، أو أدبية، فهي بصفتها هذه تعني أن الدول المخاطبة بأحكامها لا تعد ملزمة من الناحية القانونية بالخضوع لها، ولاتترتب عليها مسؤولية دولية لدى عدم اعترافها بالتوصية. أما التوصيات التوجيهية فهي عبارة عن خطوط عامة توجه الدول إلى كيفية إنجاز التزاماتها، وصدرت عدة توصيات متعلقة بمواضيع بيئية:كالعلاقة بين البيئة و التنمية وإرادة الموارد الطبيعية وموضوع المخلفات، والتلوث عبر الحدود، و إدارة المناطق الساحلية[22]. إلا أنها بتواترها وانسجامها مع بعضها البعض فضلا عن صدورها بإجماع الدول المشاركة، فإنها تشكل اللبنة الأولى في بناء القانون الدولي البيئي فهي تساهم في نشأة قواعد عرفية جديدة في نطاق هذا القانون".ولقد ساهمت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإبرام العديد من الاتفاقيات الدولية بلغت أكثر من 152اتفاقية، وأعدت العديد من القرارات ساهمت في خلق اللبنات الأولى في قانون دولي للبيئة"[23].

ب ــــ برامج العمل : هي ترجمة للمبادئ المعلنة في البيانات إلى مقترحات ملموسة، تركز هذه البرامج على ضرورة الأخذ بعين  الاعتبار التخطيط طويل الأجل والآثار المترتبة على التدابير التي يتعين اعتمادها[24]. أن أول برنامج في المجال البيئي خطة العمل البيئي « Plan d’action pour l’environnement » والتي تم إقرارها سنة 1972 في مؤتمر استوكهولم و تتكون من 109 توصية تخاطب كلا من الدول و المنظمات الدولية، بالإضافة إلى برنامج عمل أخر و هو جدول القرن 21 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة ريو للبيئة و التنمية.

ج ــــ إعلانات المبادئ:

تختلف عن توصيات الإلزامية وذلك لأنها لا تنظر في تنفيذ إجراءات محددة بل تحدد خطوط عامة رئيسية ثابتة يتعين على الدول إتباعها، إن الهدف الأساسي لأي نظام قانوني هو حماية القيم الأساسية للمشركة للمجتمع.والتي يعترف بأهميتها بشكل مباشر أو غير مباشر، و قد ارتكز القانون الدولي للبيئة فعلا على هذه القيم، غير أنه عندما تطرأ على المجتمع تغييرات نتيجة العوامل الاقتصادية والثقافية والسياسية أو الاجتماعية، فإن هذه القيم الأساسية قد تضعف أو تتغير، لذا يجب صياغة قواعد و مبادئ جديدة  من أجل حفظ تلك القيم و يتم ذلك من خلال الإعلانات التي تعتمد من قبل المؤتمرات الدولية و  قرارات المؤسسات الدولية الكبرى، مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومثال ذلك إعلان ريو بشأن البيئة الإنسانية 1972، الميثاق العالمي للطبيعة 1982، إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية 1992، إعلان مبادئ الغابات 1992 و غيرها.


[1]  المادة 38-  وظيفة المحكمة أن تفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفقاً لأحكام القانون الدولي، وهي تطبق في هذا الشأن:

(أ‌)      الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفاً بها صراحة من جانب الدول المتنازعة.

(ب‌)  العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال.

(ت‌)  مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة.

(ث‌)   أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم ويعتبر هذا أو ذاك مصدراً احتياطياُ لقواعد القانون وذلك مع مراعاة أحكام المادة 59.

[2]  يمكن استخلاص تعريف المعاهدة الدولية من نص الفقرة الأولى من المادة الثانية  من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لعام 1969التي تنص على ما يلي  "  يقصد بـ "المعاهدة" الاتفاق الدولي المعقود بين الدول في صيغة مكتوبة والذي ينظمه القانون الدولي، سواء تضمنته وثيقة واحدة أو وثيقتان متصلتان أو أكثر ومهما كانت تسميته الخاصة ".

[3]  عقدت عديد المعاهدات الدولية مثل :

[4]  من أمثلة البروتوكولات : بوتوكول كيوتو للحد من ظاهرة انبعاثات الغازات السامة

[5]  شعشوع عبد القادر، دور المنظمات غير الحكومية في تطوير القانون الدولي البيئي، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق و العلوم السياسية، جامعة تلمسان، 2014، ص 143.

[6]  عرفه الدكتور صلاح الدين عامر بأنه " مجموعة القواعد العرفية الدولية المستقاة من العادات الدولية  المرعية و المعتبرة بمثابة القانون دل عليه تواتر الأستعمال" . أنظر: أ.د صلاح الدين عامر، مقدمة لدراسة القانون الدولي العام، القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة،2007، ص349 .

[7]  إذا كان العرف يتميز بنشوئه وتبلور قواعده بشيء من البطء في ظل القانون التقليدي، فإنه في ظل القانون الدولي المعاصر قد حدث تعدد وتشعب للعلاقات الدولية تجاه مسائل متعددة، وتم تسليط الضوء عليها، ليس فقط عن طريق وسائل الاعلام، بل أيضا من خلال وسائل النشر
الرسمية بصورة مكثفة ومتواترة.

[8]  يقصد بالمباديء العامة للقانون بأنها " مجموعة القواعد التي تهيمن على الأنظمة القانونية والتي تتفرع عنها قواعد أخرى تطبيقية تخرج الى حيز التنفيذ في صورة العرف و التشريع ". أنظر: مفيد شهاب،  المبادئ العامة للقانون بوصفها مصدرا للقانون الدولي , المجلة المصرية للقانون الدولي ، العدد 23، 1967 ، ص 14.

[9]  نفس المرجع، ص 23.

[10]  صلاح عبد الرحمن عبد الحديثي، المرجع السابق، ص 91.

[11]  جاء على لسان بكري كانت ( (Bakary Kanteممثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة":يعتبر رجال القضاء شركاء أساسيون في تطوير وتفسير وتطبيق وتنفيذ قانون البيئة ، فهم يلعبون دورا أساسيا في تشجيع التنمية المستديمة، بالموازنة بين الإعتبارات البيئية والإجتماعية والتنموية في
الأحكام القضائية، وقد أظهرت العديد من المحاكم في الكثير من الدول حساسية في دعم تطبيق القانون في مجال التنمية المستديمة، من خلال أحكامها وقراراتها، وبالتأكيد فإن من المسلم به أنه مع وجود مسؤولية رجال القضاء في صياغة المبادئ المستحدثة للقانون لإعطائها نوعا من التناسق والتوجيه، فإنهم سيعملون دائما في إطار دساتير بلادهم دون تعد على اختصاصات السلطتين التشريعية والتنفيذية في الدولة. أنظر : شعشوع عبد القادر، المرجع السابق، ص 151.

[12]  فيما يتعلق بأحكام القضاء و التحكيم الدولي حول قضايا البيئة و مشكلاتها فثمة أحكام عديدة تؤكد مثلا على أنه لا يحق لأي دولة طبقا لأحكام القانون الدولي أن ترتب نشاطاتها أضرارا تمس بمصالح الدول الأخرى نورد من أمثلة ذلك قضية مصهر تريل الكندي 1903، قضية مضيق كورفو سنة 1949، حكم محكمة باستيا في قضية الطين الأحمر 1976.

[13]  معمر رتيب محمد عبد الحافظ، القانون الدولي للبيئة و ظاهرة التلوث، دار النهضة العربية، القاهرة، ب.ط، 2007 ، ص 130.

[14]  لا يمكن انكار جهود الفقهاء في تكريس العديد من المفاهيم القانونية واستقرار القواعد القانونية الخاصة بها في القانون الدولي، كالقانون الدولي للبحار ونظام المنطقة الاقتصادية الخالصة ومبدأ التراث المشترك للإنسانية، وقواعد حماية البيئة البحرية. ودون شك فان دور الفقه يلقى أثرا أعظم في الارشاد نحو بلورة المفاهيم القانونية كلما كان واقعا في شكل جهود ومساعي جماعية، مثلما هو الحال في المجامع الفقهية وفي مقدمتها مجمع القانون الدولي. أنظر: محمد بوسلطان، مبادئ القانون الدولي العام، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،2008 ، ب.ط، ص 76.

[15]  شعشوع عبد القادر، نفس المرجع، ص 155.

[16] Alexandre KISS, Cours en droit international de l’environnement, Institut des Nations Unies pour la Formation et la Recherche (UNITAR), 2eme Ed, Genève, Suisse, 2006, P 54.

[17] IBID, P 54 .

[18]  المادة 05 من الاتفاقية:  لأية دولة طرف في هذه الاتفاقية لديها ما يدعوها إلى الاعتقاد بأن دولة طرفاً أخرى تتصرف على نحو تنتهك فيه الالتزامات الناشئة عن أحكام الاتفاقية أن تتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة. وينبغي تضمين هذه الشكوى كل المعلومات المتصلة بالموضوع فضلاً عن كل الأدلة الممكنة التي تدعم صحتها

[19]  La structure interne de l’OCDE se divise en douze branches . Les domaines d’étude sont séparés en six grands thèmes :   Économie - Société (Migrations, Éducation, Emploi, etc.)- Gouvernance (Lutte contre la corruption, Gestion publique, etc.)- Finances publiques (Retraites, Fiscalité, etc.)-Innovation (Biotechnologie, Technologies de l’information et de la communication, etc.)- Durabilité (Développement durable, Énergie, Environnement, etc.).

[20]  أحمد عبد الكريم سلامة، قانون حماية البيئة، دار جامعة الملك سعود، العربية السعودية، ط 1،1997 ،ص 43 .

[21] Alexandre KISS, Op.Cit, P 55 .

[22]  من التوصيات : المبادئ الارشادية المتعلقة بمجالات الاقتصاد الدولية في السياسة البيئية (1972)،  نقل المخلفات عبر الحدود : منذ عام 1982 تم التصديق على ثمانية أعمال للمجلس تمثل إطار العمل الخاص بتناول موضوع نقل المخلفات عبر الحدود والتحكم فيها وهذا يشمل نقل المخلفات القابلة لإعادة التدوير والتجديد بين دول منظمة الـ OECD وغيرها .

[23]  شعشوع عبد القادر، نفس المرجع، ص 169.

[24] [24] Alexandre KISS, Op.Cit, P 56 .

5. خصائص القانون الدولي البيئي :

   إن كان القانون الدولي للبيئة فرعا من فروع القانون الدولي العام ، حيث أنه يرعى المصلحة العامة للمجتمع الدولي و هي حماية البيئة ، و هي من أسمى أهداف القانون الدولي العام، إلا أن هذا الفرع القانوني الحديث و له خصائص تميزه عن باقي فروع القانون الدولي  وتكرس استقلاليته و قيامه بذاته وهي :

الفرع الأول : قانون حديث النشأة:

    إن هذا القانون من الناحية الواعية يرجع إلى النصف الثاني من القرن العشرين ، وبدأ ذلك بعقد بعض الاتفاقيات ذات الصلة بموضوع حماية البيئة نذكر على سبيل المثال، اتفاقية لندن 1954 الخاصة بمنع تلوث البحار بالبترول، و اتفاقية الحماية من الإشعاع الذري لسنة 1960، اتفاقية موسكو الخاصة بحظر التجارب النووية في الفضاء الخارجي[1]. وتميزت تلك الأدوات الاتفاقية بمحدودية فعاليتها ونسبية أثرها من حيث قلة الدول الأعضاء فيها ، بالإضافة إلى عدم وضوح و دقة الالتزامات التي قررتها . غير أن البداية الحقيقة لهذا القانون تزامنت مع عقد المؤتمر الدولي حول البيئة الإنسانية استوكهولم 1972، الذي انبثقت عنه عديد التوصيات شكلت الركيزة الأساسية للقانون الجديد  ليتتابع عقد مؤتمرات أخرى ساهمت في البلورة التدريجية لهذا القانون إلى أن وصل لما هو عليه الآن في شكل قانون مستقل بذاته.

الفرع الثاني : قانون ذو طابع فني :

  تتعلق قواعد القانون الدولي البيئي بمجوعة الحقائق العلمية المحضة الخاصة بالبيئة من أجل توصيف حالتها و تحديد السلوك الذي ينبغي التزامه في التعامل مع عناصر البيئة و الأنظمة الايكولوجية.  وقد أردف علماء الطبيعة قولا بأنه لكي تكون هناك قواعد قانونية لحماية البيئة البحرية فعالة و مؤثرة فإنه يتحتم أن تشمل تنظيمات و مواد قانونية متماشية مع الحقائق العلمية و الإمكانيات التكنولوجية ومع الاحتياجات والخبرات التجارية و الاقتصادية و أخيرا مع الحقائق النفسية و السياسية للحياة الوطنية و العالمية[2]، حيث أن هذا القانون يتعامل مع مشكلات غاية في الدقة و التعقيد و من الصعوبة بما كان إثباتها أو تقدير الأضرار تقديرا صحيحا لذا فمن الضروري أن تستوعب  القواعد القانونية الدولية للبيئة الحقائق العلمية دونما إهمال لجزء منها وذلك عن طريق الرصد و تحديد المستويات و كذا وضع المعايير.

الفرع الثاني : قانون تنظيمي آمر.

أصبغ المشرع الدولي على قواعد هذا القانون طابع الإلزام  من أجل تحقيق هدف الحفاظ على البيئة و الصحة الإنسانية، وذلك على اعتبار أن إلحاق الضرر بالبيئة لايكفي التعويض لجبره و إنما يقتضي الأمر إعادة تأهيل للبيئة، لذا فقد نصت أغلب الاتفاقية على إلزامية التقيد بأحكامها و مثال ذلك مانصت عليه المادة 235 من اتفاقية الأمم المتحدة للبحار لسنة 1982 بقولها أن الدول  مسؤولة عن الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بحماية البيئة البحرية و الحفاظ عليها و هي مسؤولة وفقا للقانون الدولي، كما يجسد الطابع الإلزامي لهذا القانون ترتيب الجزاء من طرف الاتفاقية الدولية تحت ما يسمى المسؤولية الدولية .

إن الطابع الإلزامي للقانون الدولي للبيئة تبرره طبيعة المصلحة التي يحميها على اعتبار البيئة مصلحة مشتركة التي ينبغي على جميع الدول أن تتكاتف جهودها من أجل حمايتها.


[1]  معمر رتيب محمد عبد الحافظ، نفس المرجع 2007 ، ص 96.

[2]  نفس  المرجع، ص 97.