1. مفهوم مصادر المعلومات وتطورها

1-مفهوم مصادر المعلومات:

جميع الأوعية أو الوسائل أو القنوات التي يمكن عن طريقها نقل المعلومات إلى المستفيدين منها، وهي: كل ما يمكن جمعه وحفظه وتنظيمه واسترجاعه بغرض تقديمه للمستفيدين من خدمات المكتبات ومراكز المعلومات.

أطلق الكتاب والمهتمون في هذا المجال العديد من التسميات على مصادر المعلومات مثل: مجموعات المكتبة أو المقتنيات المكتبية أو أوعية المعلومات، إلا أن مصطلح مصادر المعلومات هو الأكثر شمولية وحداثة وشيوعاً.

2- لمحة تاريخية عن تطور مصادر المعلومات:

عرف الإنسان الكتابة والتدوين بدافع الحاجة إلى التوثيق والتسجيل التي دعت إليها ظروف التطور الاجتماعي منذ قيام الحضارات الإنسانية القديمة في وادي الرافدين ووادي النيل.

فقد حاول الإنسان منذ البدايات الأولى البحث والتوصل إلى الوسيط الأكثر ملائمة لهذا الغرض حيث استخدم العديد من المواد المختلفة الشكل والطبيعة والتركيب. فمثلا استخدم الرقم الطينية في وادي الرافدين ولفائف البردي في مصر والرق والجلود في أواسط آسيا واليونان وبعض الأشجار في الهند والمعدن والخشب والنسيج في مراكز وأماكن أخرى من العالم. إلى أن توصل الصينيون (في مطلع القرن الأول الميلادي) إلى صناعة الورق كوسيط للكتابة التوثيق، واستخدم الصينيون الفرشاة للكتابة و التسجيل على الورق و ظلت هذه الصناعة مقتصرة على الصين قرابة خمسة قرون ثم انتشرت إلى كوريا و اليابان ووصلت بغداد في نهاية القرن الثامن الميلادي لتنتقل إلى المدن العربية الأخرى، ولتصل أسبانيا على يد العرب في حوالي (1150 م ) ، ولم تعرف أمريكا صناعة الورق إلا نهاية القرن السابع عشر الميلادي .

و نظرا لكون الورق أقل كلفة وأكثر ملائمة للكتابة ولكونه يتمتع بمزايا المواد الأخرى (لفائف البردي و الرق) بل يفوقها، فقد شاع استعماله بشكل أدى إلى انحسار استخدام تلك المواد وأخذ الورق موضع الصدارة في هذا الاستخدام .

وقد ازدهرت صناعة الكتابة في العصر العربي الإسلامي حيث تعمقت هذه الصناعة في القرن الهجري الأول وأصبحت بعض المدن العربية والإسلامية دور علم ومعرفة، وتطورت أدوات الكتابة وأوعيتها إلى أن وصلت نضوجها في صناعة الورق في بغداد. فكان ذلك سببا في نشر صناعة الكتاب وازدياد عدد النسخ للكتاب الواحد.

وقد أهتم العرب عبر تاريخهم القديم بحصر وتنسيق وفهرسة إنتاجهم الفكري في مجالات التأليف كافة. ولعل أول عمل ببليوغرافي واسع هو ما قام به ابن النديم المتوفى سنة 385هجرية (965م) في كتابه (الفهرست) الذي جمع فيه أسماء الكتب العربية المعروفة. ثم تلاه عدد من المفهرسين منهم طاش كبرى زادة المتوفى سنة 1561م وألف كتابه الفخم (مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم) ثم مصطفى بن عبد الله المتوفى سنة 1756م مؤلف كتاب (كشف الظنون عن أسماء الكتب والفنون) وغيرهم كثيرون.

يقدر المتخصصون عدد المخطوطات العربية القديمة ب(3) ثلاثة ملايين مخطوطة منتشرة في مكتبات العالم في الشرق والغرب. حيث تناولتها دراسات كثيرة أعدت لها فهارس مختلفة لعل أهمها (كتاب تاريخ الأدب العربي) لكارل بروكلمان، و (كتاب تاريخ التراث العربي) لفؤاد سركيس و (فهارس المخطوطات العربية في العالم) لكوركيس عواد.

وبعد اختراع (غوتنبرغ) للطباعة بحروف متحركة في القرن الخامس عشر الميلادي تعزز دور الورق حيث أصبح الوسيط غير المنافس للكتابة و التدوين و تصميم المخطوطات و نشر الكتب و تيسير التعليم داخل المدرسة وخارجها، كما أدى ذلك إلى تخفيض سلطان محتكري المعرفة من رجال الكنيسة و الإقطاعيين و زيادة الإقبال على المعرفة من قبل عامة الناس. وقد رافق ذلك ازدهار صناعة الطباعة و تطورها و ظهور دور النشر في العالم حيث انتشر الكتاب بشكله الحديث و أصبح في متناول الكثير من طلاب المعرفة والباحثين

وفي عصرنا الحاضر وفي ظل التقدم العلمي والتكنولوجي وتطبيقاتها على مجالات الاتصال والمعلومات ظهرت وسائط جديدة في حفظ المعرفة واسترجاعها مثل المصغرات الفيلمية والاسطوانات والأفلام والإلكترونيات.

وعلى الرغم من استخدام الإنسان للعديد من المواد المختلفة الشكل والطبيعة والتركيب، ظل الكتاب من أبرز وسائل الاتصال والاعلام والتوثيق.

 

3- مراحل تطور مصادر المعلومات:

يلخصها الدكتور سعد الهجرسي في ثلاث مراحل هي:

-      المرحلة قبل التقليدية:

وهناك من يسميها المصادر قبل الورقية ويقصده بها المصادر والأوعية التي كانت تستخدم في تسجيل نتاج الإنسان ومعلوماته والواسطة التي تحفظ بها "و التي تمثلت في الحجارة، والطين، والعظام والجلود والبردي وما إليها من المواد الطبيعية والنباتية والحيوانية التي استخدمت كما هي تقريبا دون تغيير كبير في تكوينها"

-      المرحلة التقليدية والشبه تقليدية:

و يسميها البعض المصادر المطبوعة أو المصادر الورقية "و المقصود بها كل المصادر والأوعية التي يكون الورق مادتها الأساسية مثل الكتب والرسائل الجامعية والدوريات وبحوث المؤتمرات وتقارير البحوث وبراءات الاختراع والمعايير الموحدة".

-      المرحلة غير التقليدية:

"تشكل كل أنواع الأوعية من المصادر بعد الورقية والتي لا يدخل الورق في تكوينها ويمكن حصرها في قسمين: القسم الأول يضم المصغرات القلمية والمواد السمعية البصرية والقسم الثاني يضم الأوعية المحوسبة والإلكترونية".

يمكن أن نستنتج من تطور مصادر المعلومات عبر الزمن أن هناك أربعة محطات رئيسية في هذه التطورات هي الورقيات والمصغرات، والمسموعات، والمرئيات، الالكترونيات، وأنه إلى الآن لم يحل أحدهما محل الآخر كليا، بل إنها تتواجد معا في الوقت الحاضر، كما أن لكل فئة مميزاتها وعيوبها ومع هذا فإن كل فئة جديدة تحمل في ثناياها ميزات لم تكن في الفئات السابقة.