3. طرق إنهاء الدستور

3.1. الطريقة العادية

وهي الطريقة التي يكون فيها إلغاء الدستور وإنهاء العمل بأحكامه قد تما في هدوء ومن غير عنف ولا إكراه نتيجة استعمال القوة أو التلويح باستعمالها. وإنما قد يكون كل ما في الأمر أن السلطات تبادر عن طواعية إما من تلقاء نفسها أو بناء على دعوات توجه إليها لإنهاء الدستور القائم واستبداله بدستور جديد يؤمل فيه يكون أقرب من الآخر إلى مسايرة طموحات الشعب وآماله في الرقي والتطور.

       وإنهاء الدستور بشكل عادي يختلف بحسب ما إذا كان الدستور عرفيا أو مكتوبا. وذلك لأن إنهاء الدستور العرفي لا يطرح من حيث المبدأ صعوبات على أرض الواقع، وهذا لأنه يكون في حكم الملغى إذا ما حل عرف جديد محل العرف القديم، أو إذا وضع دستور جديد مكتوب، أو إذا أصدر البرلمان قوانين عادية تلغي العرف الدستوري. وكما نلاحظ فالدستور العرفي عادة ما يلغى وينهى العمل به في ظروف عادية وبطريقة قانونية. وأما بالنسبة للدستور المكتوب فالأمر يختلف بالنسبة للدستور المرن عنه بالنسبة للدستور الجامد. فالدستور المرن لا يطرح إشكالات عملية في إنهائه لأنه عادة ما يكون ذلك بشكل عادي وبطريقة قانونية من طرف البرلمان الذي يتدخل لوضع حد نهائي للدستور من خلال إلغائه له بشكل صريح أو ضمني بموجب قوانين عادية. والذي طرح إشكالات فقهية وعملية في إنهائه هو الدستور الجامد، وذلك لأن المبدأ في هذا النوع من الدساتير هو أنه لا يشير إلى إمكانية إلغائه إلا في حالات نادرة كالدستور السويسري والدستور الفرنسي لسنة 1875 مثلا. وإذا كانت غالبية الفقه ترى بعدم جواز إلغاء السلطة التأسيسية الفرعية للدستور في هذه الحالة، وذلك لكون مهمتها محصورة في إلغاء بعض مواده فقط، وهذا عند مباشرتها لسلطتها في التعديل، فإن الواقع يثبت عدم تقيد السلطة التأسيسية الفرعية بذلك، وهو ما يظهر جليا مثلا بالنسبة إلى إلغاء دستور 1976 عن طريق دستور 1989 الذي كان يرى فيه البعض مجرد تعديل دستوري، لكن الفقه الدستوري الجزائري يرى فيه بالإجماع دستورا جديدا قائما بذاته وليس مجرد تعديل كما ذهبت بعض وجهات النظر السياسية. وللحفاظ على سمو الدستور وشرعية أعمال السلطات العمومية في الدولة، فإن هناك من الفقه من يرى بأنه يتعين أن يتم إنهاء الدستور الجامد عن طريق وضع دستور جديد يحل محل الدستور القديم بأحد طرق وضع الدساتير السابق ذكرها