3. طرق إنهاء الدستور

يقصد بإنهاء الدستور وضع حد لآثاره نهائيا مما لا يسمح بإمكانية العمل مجددا بجميع ما تضمنه من أحكام في المستقبل؛ أي بمعنى إلغائه وإخراجه من حيز النفاذ.

       وبذلك فإنهاء الدستور أو إلغاؤه يختلف عن ما يسمى وقف أو تعليق العمل بالدستور الذي يلجأ إليه بشكل مؤقت في ظروف يكون فيها من العسير جدا الإبقاء على الدستور ساري النفاذ نظرا لأن الدولة تكون مهددة في كيانها ووجودها مما يضطر الدستور نفسه إلى تجميع كل السلطات بيد رئيس الدولة لتمكينه من مجابهة ما قد يواجه البلاد من مخاطر وتجاوزها، وإلى تعليق العمل به، ولكن عند انتهاء الأزمة يتعين استئناف العمل بأحكام الدستور. ونظرا لخطورة هذا الإجراء على الدولة من جميع النواحي، فإن الدساتير الجزائرية لم تبح اللجوء إليه إلا في أخطر حالة يمكن أن تعرفها الدولة وهي حالة الحرب؛ بحيث أكدت المواد 123 من دستور 1976، 90 من دستور 1989، و110 من دستور 1996 على أنه يوقف العمل بالدستور مدة حالة الحرب، ويتولى رئيس الجمهورية جميع السلطات في الدولة. 

       وهناك أيضا ما يسمى بتعطيل الدستور، والذي يعني عدم العمل بأحكام ونصوص الدستور نظرا لأنها لم تعد صالحة للتطبيق إذا تجاوزها الزمن ولم يتدخل المؤسس الدستوري لتعديلها، أو نظرا لأن الدولة تعرف أزمة خطيرة يعجز خلالها الدستور عن تقديم ما يعالجها أو يسمح بتجازوها فيتم تعطيل العمل بأحكامه كمرحلة انتقالية لتحديد الموقف منه بالنسبة للمستقبل؛ بمعنى تحديد: هل يكتفى بإدخال تعديلات عليه أم أن ذلك لا يكفي لوجوب إلغائه واستبداله بدستور جديد. وعليه، فهذا التعطيل الفعلي للدستور عادة ما يكون في ذاته ضرورة ملحة أكثر منه انتهاكا للدستور أو مخالفة له. وفي الواقع لقد عرفت الجزائر هذا التعطيل الفعلي لأحكام الدستور (دستور1989) فيما أصبح يعرف بأزمة التسعينات؛ أين دخلت البلاد بعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد في 11 يناير 1991 في فراغ مؤسساتي خطير نتيجة لحل الرئيس للمجلس الشعبي الوطني من قبل استقالته. ونظرا لأن دستور 1989 لم يكن يتضمن حلولا لهكذا أزمة فقد تم تعطيل العمل به فعليا، أين استحدثت مؤسسات حكم أخرى بعيدا عن أحكامه ونصوصه تولت هي تسيير البلاد خلال مرحلة انتقالية استمرت إلى غاية تبني دستور 1996 الذي وضع حدا لها، لتعود بذلك الدولة إلى العمل بالأحكام الدستورية من جديد. 

       وعلى كل، فإن الطرق التي يتم بواسطتها إنهاء الدستور تنقسم من حيث طبيعة الظروف التي يتم فيها إلى نوعين، هما: الطريقة العادية والطريقة غير العادية