2. أنواع الدساتير

2.2. الدساتير المرنة والدساتير الجامدة

تنقسم الدساتير من حيث إجراءات تعديلها إلى دساتير مرنة ودساتير جامدة. ويكون الدستور مرنا إذا كان يمكن تعديله وفقا لنفس الإجراءات التي يسن ويعدل بها البرلمان  القوانين العادية. ولهذا فالدساتير المرنة لها نفس مرتبة القوانين العادية، ومن ثم فإن البرلمان يستطيع، من الناحية القانونية، إدخال ما يشاء من تعديلات على الدستور بما أنه يسن ويعدل بذات إجراءات سن وتعديل القانون العادي. وبهكذا لا يمكن القول في هذه الحالة بأن الدستور المرن يسمو على القوانين العادية على الأقل من الناحية الشكلية. ومن الدول التي لها دساتير مرنة نيوزيلندا، الصين، وبريطانيا.

       هذا ويكون الدستور جامدا إذا ما كانت إجراءات تعديله مغايرة، ولو بشكل يسير، للإجراءات التي يتم بموجبها تعديل القوانين العادية. وهذا التغاير في الإجراءات يظهر عادة في شكل:

- إجراءات خاصة ومعقدة يحظى بها التعديل الدستوري دون غيره، ويتجلى ذلك غالبا في الجهة التي يخول لها حق المبادرة بالتعديل الدستوري، أو في الإجراءات التي يتعين أن يمر ويصادق بها على التعديل المزمع القيام به.   

- حظر ومنع إدخال تعديلات على الدستور. والحظر قد يتعلق بوقت إجراء التعديل (الحظر الزمني)، وذلك بمنع إجراء التعديل خلال مدة محددة دستوريا قد تكون (05) سنوات مثلما نص الدستور الكويتي لسنة 1965 و/أو خلال ظروف معينة؛ فمثلا المادة 194 من الدستور الجزائري لسنة 1976 نصت على أنه لا يمكن الشروع في إجراء أي تعديل أو مواصلته إذا ما كان هناك مساس بسلامة التراب الوطني، وقد يحظر التعديل إلى غاية تحقق شرط معين، كاشتراط مثلا الدستور الأردني لسنة 1958  بلوغ ولي العهد سن الرشد.  كما قد يتعلق الحظر بموضوع التعديل (حظر موضوعي)، وذلك بحظر كل أو بعض مواد الدستور. وعلى كل، يمكن القول وأن الحظر ينقسم إلى أنواع: فمن جهة: يقسم إلى حظر زمني وحظر موضوعي، ومن جهة أخرى: يقسم الحظر الزمني إلى حظر نهائي وحظر مؤقت، ويقسم الحظر الموضوعي إلى حظر مطلق وحظر نسبي. وللإشارة، فإن هناك إجماعا على أنه لا يمكن حظر تعديل الدستور حظرا مطلقا ونهائيا ولو جد نص على ذلك لأنه باطل ولا قيمة له. وأما الحظر الزمني فإن الغرض منه عادة هو محاولة إرساء وترسيخ نظام سياسي جديد أقامه الدستور الممنوع تعديله، أو هو السماح بتطبيق الدستور لفترة محددة من الزمن دون إمكانية المساس به خلالها.

       ويمكن في الأخير القول وأن الدساتير الجامدة تمتاز:

- بالثبات والاستقرار، وهذا لأن الجمود يجعلها في منأى عن أهواء الأغلبية البرلمانية.

- بالاحترام ونوع من القدسية لدى الأفراد.

- بكون جمودها ينصرف إلى كل المسائل المتضمنة فيها ولو لم تكن من طبيعة دستورية.

- باحتلالها قمة هرم النظام القانوني في الدولة، أي سموها على غيرها من القواعد القانونية، وهو ما يطرح ضرورة وجود آلية تسهر على فرض احترامها (الرقابة على دستورية القوانين)