1. المبحث الأول الرقابــة على الهيئــة البلدية

1.2. المطلب الثاني : حالات الحل

ونظرا لخطورة هذا الإجراء فأغلب القوانين تنص عليه بطريقة واضحة، ولقد نصّ عليه المشرّع الجزائري في قانون البلدية (11/10) وذلك بموجب نص المادة (46) حيث جاء فيها: «يتم الحل والتجديد الكلي للمجلس الشعبي البلدي:

-       في حالة خرق أحكام دستورية.

-       في حالة إلغاء انتخاب جميع أعضاء المجلس.

-       في حالة الإستقالة الجماعية لأعضاء المجلس.

-       عندما يكون الإبقاء على المجلس مصدر إختلالات خطيرة تم إثباتها في التسيير البلدي أو من طبيعته المساس بمصالح المواطنين وطمأنينتهم.

-       عندما يُصبح عدد المنتخبين أقل من الأغلبية المطلقة بالرغم من تطبيق أحكام المادة 41 أعلاه.

-       في حالة خلافات خطيرة بين أعضاء المجلس الشعبي البلدي تُعيق السير العادي لهيئات البلدية، وبعد إعذار يوجهه الوالي للمجلس دون الإستجابة له.

-       في حالة إندماج بلديات أو ضمّها أو تجزئتها.

-       في حالة حدوث ظروف إستثنائية تحول دون تنصيب المجلس المنتخب. »

يتبين من خلال نص المادة المذكورة أعلاه أن المشرع قد عمد إلى حصر الحالات التي يتم فيها اللجوء إلى مثل هذا الإجراء، حتى لا تُهيمن السلطة المركزية على المجالس الشعبية البلدية، خاصة وأن حل المجلس الشعبي البلدي وهو هيئة منتخبة عن طريق إنهاء وجوده وذلك قبل النهاية الطبيعية لمدته يُعد أخطر مظاهر تدخل السلطة المركزية في الهيئات المحلية اللامركزية على الإطلاق، الأمر الذي إقتضى من المشرّع أن يُحيطه بعدة ضمانات حتى لا تتعسّف السلطة في إستخدامه، مع العلم أن المشرّع قد إستحدث بعض الحالات في قانون البلدية (11/10) لم يكن منصوصا عليها في قانون البلدية السابق (90/08) ، ويعود ذلك بطبيعة الحال إلى الحقبة السياسية التي مرّت بها الجزائر، وتتمثّل الأسباب التي تؤدي إلى حل المجلس الشعبي البلدي في:

أولا/ خرق أحكام دستورية

إن مبدأ سيادة القانون يقتضي خضوع الدولة بهيئاتها وأفرادها للقانون وإحترام مبدأ المشروعية، ويُعتبر الدستور أسمى قوانين الدولة لذلك لابد على المجلس الشعبي البلدي أن يخضع في جميع أعماله وتصرفاته للقانون والدستور، وأن لا يخرق القواعد الدستورية، لأنه في حالة أي تجاوز أو خرق للدستور تلجأ السلطة إلى إعمال أحكام المادة (46) من قانون البلدية، وتعمل على حل المجلس الشعبي البلدي حفاظا على سيادة الدولة. وتعتبر حالة خرق الأحكام الدستورية من بين الحالات المستحدثة في قانون البلدية (11/10)، وحسناً فعل المشرّع بالنص على هذه الحالة حتى لا يتجاوز المجلس مبادئ الدستور، وتكون أعماله وفق ما ينص عليه القانون.

ثانيا/ حالة إلغاء إنتخاب جميع أعضاء المجلس

ففي حالة ما إذا تمّ إلغاء إنتخاب جميع أعضاء المجلس الشعبي البلدي، تقوم الجهة الوصيّة بحل المجلس الشعبي البلدي، ويتم إلغاء إنتخابات جميع أعضاء المجلس بناءً على وقوع مخالفة جسيمة لقانون الإنتخابات، أما في الإلغاءات الجزئية للإانتخابات فإنه لا يقع حل المجلس الشعبي البلدي ،أما في حالة الإلغاء الكلي فإنه يترتب عليه حل المجلس، حتى لا تفقد العملية الإنتخابية مصداقيتها، ومثل هذه الحالة مستحدثة في قانون البلدية (11/10) حيث لم ينص عليها المشرّع في قانون البلدية (90/08)، إلا أنه كان معمولا بها في قانون الولاية.

 إلا أن المشرّع لم يبيّن في نص المادة (46) من قانون البلدية (11/10) الأسباب التي قد تؤدي إلى إلغاء الإنتخابات المحلية، والتي تتعدّد أحيانا مما أبقى نوع من الغموض على هذه الفقرة من المادة، وهذا ما يستدعي بالضرورة إلى القول بأن إلغاء إنتخابات المجلس الشعبي البلدي  يعود إلى وجود مخالفة جوهرية وجد جسيمة لقانون الانتخابات، وأن الحل هنا ووفق هذه الحالة جاء لإصلاح الوضع وإعادة الأمور لنصابها.

ثالثا/ حالة الإستقالة الجماعية لأعضاء المجلس

إذا تقدّم أعضاء المجلس الشعبي البلدي بإستقالة جماعية، فإن المجلس في هذه الحالة يكون قد أُفرغ من محتواه وزال بزوال صفة العضوية عن أعضائه من جرّاء تقديم إستقالتهم والتي تجيز وتمنح الرخصة للسلطة المركزية من أن تلجأ لحل المجلس، فاعتبر المشرّع أن مثل هذه الحالة تُوجب العمل بأحكام المادة (46) من قانون البلدية (11/10).

 غير أنه ومن إستقرائنا لنص المادة (46) نجد أنها لم تُبين طريقة تقديم الإستقالة الجماعية، بمعنى هل يقدّم كل عضو إستقالته على حدى، أم تُقدّم بصفة جماعية، كما لم يُوضّح النص الجهة التي تقدم لها الإستقالة، فإن كانت الإستقالة تقدم بصفة فردية فإنها فصلت فيها نص المادة (42) من قانون البلدية (11/10) وإن حل المجلس أمام هذه الوضعية، خاصة حالة الشغور التي يصبح يتخبّط فيها، أمر وإجراء جد معقول ويتماشى مع الواقع إذ كيف للمجلس من أن يقوم بما أوكل له من مهام واختصاصات ومن يقوم بهذه المهام مستقيل غير موجود؟

وهنا كان لابدّ من تدخل السلطة لأجل إصلاح الوضع والخروج من مثل هذه الوضعية حفاظا على المصلحة العامة وعد تعطيل المصالح و الشؤون المحلية، إلا أن حالة إستقالة جميع أعضاء المجلس الشعبي البلدي، هي حالة عرضية وقلما تحدث، خاصة وأن المجلس يجمع بين العديد من التيارات السياسية ولكل تيار وجهة نظر، مع العلم أن المشرّع أبقى على نفـس الحالة والتي كان منصوصا عليها في قانـون البلـدية    (90/08) وذلك من خلال نص المادة (34) منه.

رابعا/ عندما يكون الإبقاء على المجلس مصدر إختلالات خطيرة تم إثباتها في التسيير البلدي أو من طبيعتها المساس بمصالح المواطنين وطمأنينتهم

فعندما يكون هناك إختلالات خطيرة داخل المجلس الشعبي البلدي، والتي تتجلّى وتظهر من خلال تسيير البلدية، وقد تؤدّي هذه الإختلالات إلى المساس بمصالح الأفراد والمواطنين وتمس بطمأنينتهم، فهنا تتدخّل السلطة المركزية وتحل المجلس الشعبي البلدي نظرا لأنه حاد عمّا أنشأ من أجله، فغاية وجود المجلس الشعبي البلدي هو العمل على تحقيق التنمية المحلية من خلال تلبية حاجيات ومصالح السكان ورعاية الشؤون المحلية والعمل على إرساء الطمأنينة والسكينة والأمن العام في أوساط المواطنين، فإذا خرج عن هذا المسار وأصبح هو في ذاته يُعطل حركة التنمية وعدم رعاية مصالح السكان ويتجلّى ذلك من خلال سوء التسيير والتي تؤدي بدورها إلى المساس بالمصالح الخاصة وطمأنينة المواطنين، فأمام هذه الوضعية لا يكون سبيل إلا حلّه.ويتم حل المجلس من أجل المحافظة على الهدف الذي تمّ إنشاء الهيئة اللامركزية من أجله، فالهيئة اللامركزية التي تُصبح عاجزة عن تحقيق الأهداف تستحق الحل.

وحتى تحلّ السلطة المجلس الشعبي البلدي يجب أن تتصف الإختلالات التي تعتريه بالخطيرة ، وأن تكون مؤكدة ومثبتة، وتتأكد وتُثبت من خلال التسيير البلدي أي أن يظهر هناك عجز في التسيير أو حتى سوء في التسيير، وجعلها إحتمالية من حيث المساس بمصالح المواطنين وطمأنينتهم.

وللإشارة أن هذه الحالة تمّ العمل بها بموجب الأمر(05/03) المؤرخ في 18 يوليو2005 المتمم للقانون (90/08) المتعلق بالبلدية، حيث مست إضافة نص المادة (34) منه وهذا ما نشر في الجريدة الرسمية العدد (50) لسنة 1990.

 وإقرار المشرع لهذا الأجراء، هو نتيجة للتجربة التي مرّت بها البلاد، حيث أثبت الواقع أن الكثير من البلديات أصابها خلل كبير في التسيير، ممّا أدّى بها إلى العجز المالي التي أصبحت تتخبّط فيه مما إنجرّ عنه تعطيل للمصالح العامة وتوقف لعجلة التنمية،مما استدعى حلها .

خامسا/ عندما يُصبح عدد المنتخبين أقل من الأغلبية المطلقة

لقد أجاز المشرّع للسلطة المركزية حل المجلس الشعبي البلدي، وذلك عندما يُصبح عدد أعضاء المجلس أقل من الأغلبية المطلقة، ويُصبح عدد أعضاء المجلس أقل من الأغلبية المطلقة جرّاء الاستقالات أو التوقيفات أو الإقصاءات أو الوفاة أو بحدوث أي مانع قانوني آخر، وفي هذه الحالة تلجأ السلطة إلى حل المجلس بالرغم من تطبيق أحكام نص المادة(41) من قانون البلدية (11/10) والمتعلّقة بالإستخلاف، فمن غير المعقول أن يستمر المجلس في العمل وعقد الجلسات وهو يفتقد للأغلبية المطلقة، فبثبوت هذا المانع يرفع الوالي تقريره إلى وزير الداخلية والذي بدوره يعد تقريره ويحيله إلى مجلس الوزراء لأجل إصدار مرسوم الحل، ويعتبر حل المجلس أمام هذه الوضعية أمرا طبيعيا جدا، طالما أن المجلس عندما يتداول بشأن مسألة ما فالتصويت يكون بالأغلبية حتى تمرر المداولة، وعندما يُصبح عدد الأعضاء أقل من الأغلبية المطلقة بالرغم من تطبيق أحكام نص المادة (41) والتي تتعلق بالاستخلاف، ويكون المجلس بذلك فاقداً للآلية القانونية للتداول وهي الأغلبية التي بموجبها يفصل فيما لديه من مسائل.

سادسا/ حالة خلافات خطيرة بين أعضاء المجلس الشعبي البلدي

إن الخلافات التي قد تنشأ بين أعضاء المجلس الشعبي البلدي، وهذا نظرا لتباين وجهات النظر واختلاف التوجهات السياسية أمر وارد وطبيعي، لكن أن تصل هذه الخلافات إلى مستوى يُوصف بالخطير يعيق معه السير الحسن والعادي لهيئات البلدية، فهذا أمر غير مقبول، لأن العضو بمجرد إكتسابه العضوية داخل المجلس الشعبي البلدي ينصهر مع جميع الأعضاء لأجل تحقيق المصلحة العامة، وإذا ما وصل الأمر إلى درجة الخطورة فيتدخّل الوالي بإعتباره جهة وصية، ويوجه إعذاراً للمجلس لأجل تسوية الخلافات الحاصلة فإذا لم يستجب المجلس لهذا الإعذار، يقوم الوالي برفع تقريراً إلى وزير الداخلية لإستصدار مرسوم بحل المجلس.

 

إلا أن الواقع العملي أثبت لجوء الولاة ورؤساء الدوائر في كثير من الأحيان إلى القيام بمحاولات صلح بين أعضاء المجلس في حالة الإختلافات المستعصية، وذلك حتى لا يؤدي طول أمد هذه الخلافات إلى تعطيل سير عمل المجلس، والذي ينجر عنه عرقلة حركة التنمية ومصالح المواطنين وحتى لا يُلجأ إلى حل المجلس.

والجدير بالذكر أن هذه الحالة كان منصوصا عليها في قانون البلدية (90/08) في نص المادة (34) منه.

سابعا/ حالة إندماج بلديات أو ضمّها أو تجزئتها

وتعتبر هذه الحالة من ضمن الحالات التي يتم فيها حل المجلس الشعبي البلدي، وهذا أمر طبيعي يستدعي حل المجلس، لأن عدد البلديات تتحكم فيه عدة عوامل سياسية وإدارية وجغرافية واقتصادية، فإذا ما تم تجزئة بلدية إلى عدة بلديات أو ضمّ واندماج عدة بلديات في بلدية واحدة، فإنه يتم في هذه الحالة حل المجلس الشعبي البلدي الذي تم ضمّه أو إندماجه أو تجزئته لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسيّر البلدية بعدّة مجالس أو أن تسير عدة بلديات بمجلس واحد، ومثل هذه الوضعية التي تستدعي حل المجلس قد تم التنصيص عليها في قانون البلدية (90/08) بموجب نص المادة (34).

ثامنا/ حالة حدوث ظروف إستثنائية تحول دون تنصيب المجلس المنتخب

إن الهدف من انتخاب المجلس الشعبي البلدي هو تنصيبه وتسيير هيئات البلدية وإدارة الشؤون المحلية ورعاية مصالح الأفراد، فإن تم إنتخاب المجلس وحالت ظروف إستثنائية دون التمكن من تنصيب هذا المجلس فإن السلطة المركزية تعمل بموجب نص المادة  (46/ فقرة أخيرة) وتحل المجلس الشعبي البلدي وهذا نظرا لعدم تحقق الغاية من إنتخاب المجلس وهو تنصيبه ومباشرة إختصاصاته، وتعتبر مثل هذه الوضعية مستحدثة في قانون البلدية (11/10)، إذ لم يكن منصوصا عليها في قانون البلدية (90-08).

 إلا أنه ما يؤخذ على هذه المادة أنها جاءت بمصطلحات مطلقة وفضفاضة، حيث أن عبارة ظروف إستثنائية هي عبارة صيغت على الإطلاق، حيث لم يوضّح المشرّع ما هي هذه الظروف الإستثنائية، كما أنه لم يضبطها بحالات محدّدة، وكان الأجدر به توضيحها وضبطها حتى لا تتعسّف السلطة الوصائية في إستعمال هذا الحق ضد هذه المجالس الشعبية البلدية ، وعليه فعدم التمكن من تنصيب المجلس يؤدي إلى حله لأن العبرة ليست بإنتخاب المجلس بل بمباشرة إختصاصاته المنوطة به من أجل تحقيق ما يمكن تحقيقه من برامج تنموية تُسهم في تطوير وتحسين المستوى المعيشي للمواطن.

أما عن الصيغة والآلية القانونية التي يتم بها حل المجلس الشعبي البلدي، فقد نصّت عليها المادة (47) من قانون البلدية (11/10) حيث يتم حل المجلس بإصدار مرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء ويصنف هذا المرسوم في خانة المراسيم الرئاسية، ذلك لأن الجهة التي تتولّى الإصدار هو رئيس الجمهورية.

 والجدير بالذكر أن نفس المرسوم الذي ينص على حل المجلس ينص كذلك على تجديده، وقد تم العمل بمثل هذه الحالة من خلال المرسوم الرئاسي (05/254) المؤرخ في 20 جويلية 2005 والمتضمن حل مجالس شعبية بلدية بكل من ولايتي بجاية وتيزي وزو على سبيل المثال وذلك تطبيقا لنص المادة (34) من قانون البلدية (90/08).

إلا أنه وبالرجوع إلى قانون البلدية (90/08) وفي نص مادته (35) التي تنص على أن يتم حل المجلس الشعبي البلدي بموجب مرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء، إلا أنها لم تحدّد هذه المادة طبيعة المرسوم هل هو مرسوم تنفيذي أم رئاسي، إلا أنه خلال هذه الفترة قد عمدت السلطة إلى حل بعض المجالس المحلية عن طريق مراسيم تنفيذية، وهذا نظرا للمرحلة العصيبة التي كانت تمر بها البلاد والتي تميّزت بإقرار الدولة لحالة الحصار وحالة الطوارئ، وهذا بموجب المراسيم الرئاسية التي أصدرها رئيس الجمهورية آنذاك.

ومن خلال إستقراء نص المادة (47) من قانون البلدية (11/10) يتبيّن أن قرار حل المجلس الشعبي البلدي، ينبني على تقرير يُرفع من الوزير المكلف بالداخلية بناء على تقرير من الوالي إلى رئيس الجمهورية ليتّخذ بشأنه مرسوم الحل، فوصاية وزير الداخلية لا تتم إلا بناء على مبادرة الوالي بموجب التقرير كونه مراقب للجماعات المحلية أكثر من كونه خاضع لرقابتها، فهو يمثل الدولة على مستوى الولاية ومندوب الحكومة والممثل المباشر والوحيد لكل وزير من الوزراء.

وعليه فتقرير وزير الداخلية يسبقه تقرير الوالي الذي يبين له فيه وضعية المجلس الذي يستدعي الحل في حدود ولايته.

 إلا أنه ومن خلال تفحص المراسيم التي تم بموجبها حل المجالس الشعبية، نجدها لا تذكر أسباب الحل، وبذلك تكون المجالس قد فقدت لأهم ضماناتها وهو التسبيب الذي يضمن عدم تعسف السلطة المركزية، وذلك من خلال ممارسة حق الطعن في مرسوم الحل، غير أنه وبالرجوع إلى قانون البلدية (11/10) نجد أن المشرّع لم ينص فيه على إمكانية رئيس المجلس الشعبي البلدي لممارسة حق الطعن في مراسيم الحل وفي نفس الوقت لا يوجد نص يمنع ممارسة هذا الحق، إلا أن المادة (61) من قانون البلدية (11/10) تحث على أنه

« يمكن لرئيس المجلس الشعبي البلدي وفقا للشروط والأشكال المنصوص عليها قانونًا، أن يرفع إمّا تظلما إداريا أو دعوى قضائية أمام الجهات المختصة ضد قرار الوالي الذي يثبت بطلان أو رفض المصادقة على مداولة».

ومن خلال قراءتنا لنص هذه المادة يتبين أن المشرّع أجاز لرئيس المجلس الشعبي البلدي أن يطعن في قرار الوالي فقط دون ذكر المراسيم، وبما أن نصوص قانون البلدية خلت من ذكر حق رئيس المجلس الشعبي البلدي من الطعن في مرسوم حل المجلس، كما أنها في نفس الوقت لم تنص على عدم قابليته للطعن، لذا فالأصل في المسائل الإجازة ما لم يرد نص قانوني يقيّد هذه الإجازة، مما يعني قابلية مرسوم الحل للطعن ما دام لا يوجد نص قانوني يقضي بخلاف ذلك، زيادة على ذلك أن حالات الحل محددة قانونًا مما يُعطي للمجلس من خلال رئيسه أن يطعن في مرسوم الحل، وعلى الرغم أنه من الناحية العملية ثبت عدم تسجيل أي طعن ضد مراسيم حل المجالس الشعبية البلدية، إلا إن ذلك لا يعني عدم جواز الطعن.

وتتمثل نتائج وآثار حل المجلس الشعبي البلدي في سحب وسقوط عضوية جميع أعضاء المجلس وبذلك تنتهي عهدة المجلس بمجرد حلّه، وفي هذه الحالة يقوم الوالي باعتباره جهة وصاية بتعيين متصرّف ومساعدين، وذلك عند الاقتضاء وذلك في غضون 10 أيام التي تلي مرسوم الحل، وتوكل إليهم مهمة تسيير شؤون البلدية وبمجرّد أن يتم تنصيب المجلس الجديد تنتهي مهمة المتصرف والمساعدين الذين عينهم الوالي بقوة القانون، غير أن آثار ونتائج حل المجلس تتحكم فيها العديد من العوامل، وذلك بالنظر إلى الظروف القائمة داخل إقليم البلدية، وفي غضون الستة (06) أشهر التي تلي مرسوم الحل يُعاد إجراء إنتخابات لأجل تجديد المجلس الشعبي البلدي، إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إعادة إجراء إنتخابات المجلس خلال السنة الأخيرة من العهدة الانتخابية، وبالرغم من حل المجلس الشعبي البلدي إلا أن البلدية تبقى محتفظة بالشخصية القانونية، بالرغم من أن من  الناحية العملية سوف تُصاب بنوع من العجز نظرا لعدم وجود نائب قانوني يعبّر عنها.

وخلافا لما كان عليه الوضع في قانون البلدية (90/08) فقد نص قانون البلدية (11/10) على أنه في حالة ما إذا حالت هناك ظروف استثنائية تُعيق إجراء الانتخابات البلدية لأجل تجديد المجلس، يقوم الوزير المكلف بالداخلية بإعداد تقرير حول هذه الوضعية يعرضه على مجلس الوزراء ويعمل الوالي بعد ذلك على تعيين متصرّف لتسيير شؤون البلدية ويكون خاضعا في ذلك لسلطة الوالي ومتمتعا في نفس الوقت بسلطات المجلس الشعبي البلدي ورئيسه المخوّلة له بموجب التشريع والتنظيم على أن تنتهي مهامه بقوة القانون بمجرد تنصيب المجلس الشعبي البلدي الجديد عندما تسمح الظروف بذلك.

وتعود كيفيات تطبيق هذه المادة للتنظيم، إلا أن فحوى هذه المادة تدفع إلى التساؤل عن طبيعة الرقابة التي يمارسها الوالي على المتصرّف، هل هي رقابة إدارية وصائية، أم سلطة رئاسية.

إلا أننا نرى من خلال التمعن في نص المادة أن الوالي هو من يعيّن المتصرّف، ومن قال عين قال عزل، ومن ثمة تكون علاقة الوالي بالمتصرّف هي علاقة رئيس بمرؤوس، كما يطرح التساؤل أيضا بخصوص سلطة المتصرّف، هل يعمل على تصريف شؤون البلدية العالقة أم له حتى سلطة إصدار قرارات جديدة؟

بالرجوع إلى نص المادة (51) من قانون البلدية (11/10) نجد أن المشرّع منحه سلطات المجلس والرئيس المخولة بموجب التشريع والتنظيم مما يجعل المتصرّف يصدر قرارات جديدة ولكن تحت رقابة الوالي.

ومن خلال إستقرائنا للمواد القانونية المتعلقة بحل المجلس الشعبي البلدي نستنتج بعض الملاحظات والتي يمكن إجمالها في:

- بالرغم من ذكر المشرّع وتحديده لحالات حل المجالس الشعبية البلدية وحصر هذه الحالات، حتى لا تتعسف السلطة المركزية في اللجوء إلى مثل هذا الإجراء إلا أن جميع المراسيم الصادرة بحل المجالس الشعبية البلدية، لم تذكر في متنها أسباب الحل خاصة وأن التسبيب يعد من أهم الضمانات وأنجعها ضد التعسف، وحتى إن كان القانون قد منح للإدارة حرية تسبيب قراراتها من عدمه، إلا أن الإدارة تجد نفسها مجبرة على ذكر الأسباب في حالة ما إذا تم الطعن في قرار الحل أمام جهات القضاء المختصة، خاصة وأن التسبيب يعد أحد أركان القرار الإداري، إلا إذا تم إستبعاد الطعن على أساس أن مثل هذه القرارات تمثل عمل من أعمال السيادة. 

ومن خلال ما سبق ذكره يتبين مدى خطورة إجراء الحل كأحد مظاهر الرقابة الإدارية التي تمارسها سلطة الوصاية على المجلس الشعبي البلدي، لذا يتوجب على سلطة الوصاية وهي تمارس رقابتها أن تحتكم إلى القانون وتُراعي القواعد والإجراءات المنصوص عليها قانونًا وذلك إحتراما لإستقلالية هذه المجالس