المبحث الثاني رئيس المجلس الشعبي البلدي كهيئة تنفيذية للمجلس

المطلب الأول/ كيفية إختياره

 خلافا للوضع الذي كان سائدا في نظام الأحادية السابق، وتماشيا مع النظام التأسيسي التعدّدي ينتخب المجلس الشعبي البلدي من بين أعضائه رئيسا ونائبين أو أكثر من نوابه.

وطبقا لنص المادة (65) من قانون البلدية (11/10) «يُعلن رئيس المجلس الشعبي البلدي متصدّر القائمة التي تحصّلت على أغلبية أصوات الناخبين، وفي حالة تساوي الأصوات، يعلن رئيسا المرشحة أو المرشح الأصغر سنّا».

وبالمقارنة مع قانون البلدية (90/08) نجد أن قانون البلدية (11/10) قد جاء أكثر دقة وذلك بذكر عبارة متصدر القائمة، وبالرجوع إلى نص المادة (80) من القانون العضوي (12/01) نجدها تحدّد كيفية إختيار رئيس المجلس الشعبي البلدي وذلك خلال 15 يوما الموالية لإعلان النتائج تُجرى عملية إنتخابية وذلك لإنتخاب رئيس المجلس الشعبي البلدي من بين أعضائه، وذلك بتقديم مرشح من القائمة الفائزة بالأغلبية المطلقة للمقاعد، وفي حالة عدم حصول أي قائمة من القوائم على الأغلبية المطلقة من المقاعد، فإن المشرّع ومن خلال نص المادة (80) من القانون العضوي (12/01) أجاز للقوائم التي تحصّلت على (35)% على الأقل من المقاعد من أن تقدّم مرشحا لرئاسة المجلس الشعبي البلدي.

 إلا أنه عند تطبيق هذه المادة، وفي حالة عدم حصول أي قائمة على نسبة (35)%، ففي هذه الحالة أتاح المشرّع لجميع القوائم الإنتخابية الفائزة بمقاعد بالمجلس الشعبي البلدي، من أن تقدّم مرشحا لرئاسة المجلس، وتكون طريقة الإنتخاب هنا سرية، ويُعلن رئيسا للمجلس الشعبي البلدي المترشح  المتحصّل على الأغلبية المطلقة للأصوات، وفي حالة ما إذا لم يتحصّل أي مرشح على الأغلبية المطلقة فإنه يُعاد إجراء انتخابات أخرى خلال (48) ساعة بين المرشحين الأول والثاني، أي بين المترشح المتحصل على المرتبة الأولى والثانية، ويُعلن رئيسا للمجلس الشعبي البلدي في هذه الحالة المترشح المتحصل على أغلبية الأصوات وفي حالة تساوي هذه الأصوات بين المترشحين، فإنه يُعلن رئيسا للمجلس الشعبي البلدي المترشح الأصغر سنًّا.

 ونلاحظ أن المشرّع الجزائري، من خلال قانون البلدية (11/10) أنه في حالة تساوي الأصوات يُعلن المترشح الأصغر سنا رئيسا للمجلس الشعبي البلدي أي بمعنى أن المشرّع الجزائري أخذ بقاعدة الأصغر سنا خلافا لما كان عليه في قانون البلدية (90/08) الذي كان يأخذ بقاعدة الأكبر سنا، ولعلّ العبرة في ذلك هو أن يمنح الفرصة للشباب، وبذلك يسعى المشرّع إلى تشبيب المجلس الشعبي البلدي.

 وبالرجوع إلى قانون البلدية (11/10) مقارنة بالقانون العضوي للإنتخابات (12/01)، نجد أن القانون العضوي للإنتخابات جاء أكثر تفصيلا وتحديدا لكيفية انتخاب رئيس المجلس الشعبي البلدي، وإن كان هناك إختلاف بين أحكام القانون العضوي وقانون البلدية من حيث تحديد طريقة إنتخاب رئيس المجلس الشعبي البلدي، خاصة لما جاء في نص المادة (65) من قانون البلدية، والملاحظ من خلال نص المادة أنها لم تحسم بدقة مجال الصدارة، هل العبرة تكون بمتصدر القائمة والقائمة الأخرى المتساوية في حصصها مع القائمة الأولى أم أن مجال المنافسة يمتد إلى كل الفائزين بمقاعد في القائمتين حيث أن هذه الفقرة من المادة جاءت مطلقة ولم تحسم الأمر، بالإضافة إلى أن نص المادة (80) من القانون العضوي للإنتخابات (12/01)، والتي فتحت المجال لجميع المرشحين في القوائم لتقديم مرشح لرئاسة المجلس وذلك في حالة عدم حصول أي قائمة على الأغلبية المطلقة، والتي تحصّلت على (35)% من المقاعد على أن تقدّم مرشح، وبذلك تكون قد فتحت الباب أمام جميع القوائم ونظرا لهذا الاختلاف بين أحكام القانون العضوي (12/01) من خلال نص مادته (80) وقانون البلدية (11/10) من خلال نص المادة (65)، ومن هنا يُطرح السؤال: أيُّ النصين واجب التطبيق؟

إلا أننا نرى أن النص الواجب التطبيق هو نص القانون العضوي وذلك يعود إلى:

- إن القانون العضوي أعلى درجة من قانون البلدية أي أن المادة (80) تحجب وتنسخ المادة (65) المذكورة.

- إن قانون البلدية صدر في شهر جوان 2011 بينما صدر القانون العضوي للانتخابات (12/01) في شهر جانفي 2012 وجاء بذلك تاليا للأول ناسخا له وبالتالي فهو الأولى بالتطبيق.

- إن القانون العضوي هو القانون الخاص وبذلك تُطبق القاعدة المعروفة الخاص يقيّد العام، ونحن نذهب إلى ما ذهب إليه الدكتور/ "عمار بوضياف" في هذا المنحى من خلال الإعتبارات المذكورة آنفا.

ويُنصّب رئيس المجلس الشعبي البلدي خلال 15 يوما الموالية لإعلان النتائج بمقرّ البلدية، وبحضور أعضاء المجلس الشعبي البلدي، في جلسة علنية يترأسها الوالي.

 إلا أنّه وفي حالة الظروف الإستثنائية، أو ظهور مانع يجعل من تنصيب رئيس المجلس الشعبي البلدي غير ممكن فإنه يُنصب خارج مقر البلدية في مكان يحدّده الوالي، وبعد تنصيبه يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي بتشكيل هيئة تنفيذية، وذلك بتعيينه لعدد من النواب وذلك حسب عدد أعضاء المجلس الشعبي البلدي وتتراوح ما بين (2) و(6) أعضاء، وبعد ذلك يعمل رئيس المجلس الشعبي البلدي المنتهية عهدته على إعداد محضر رسمي بينه وبين الرئيس الجديد، وذلك في غضون 08 أيام التي تلي تنصيبه، وتُرسل نسخة من هذا المحضر إلى الوالي، أما في حالة ما إذا تمّ تجديد العهدة الإنتخابية لرئيس المجلس الشعبي البلدي، فقد ألزمه المشرّع بأن يقدّم عرض حال عن وضعية البلدية أمام أعضاء المجلس الشعبي البلدي من خلال هيئته التداولية أو التقريرية، والهيئة التنفيذية شبيهة إلى حد التطابق بين البرلمان والحكومة، بالرغم ما يوجد بينهما من إختلاف، فالبرلمان هو سلطة تشريعية وظيفته التشريع، والحكومة هي سلطة تنفيذية وظيفتها التنفيذ، والأصل إستقلال كل من السلطتين، وأن تمارس كلا منهما إختصاصاتها بكل إستقلالية في حين أن المجلس الشعبي البلدي والمجلس التنفيذي يمارسان وظيفة واحدة وهي وظيفة إدارية على المستوى المحلّي.