المبحث الأول: المجلس الشعبي البلدي كهيئة مداولة

المطلب الأول/ استقلالية المجلس الشعبي البلدي

أولا/ مفهوم الاستقلالية

ويقصد بهذا الاستقلال بأن يكون الادارة المحلية إختصاصات إدارية تباشرها بنفسها وتتولى إصدار القرارات المناسبة في شأنها، كما يعني هذا الإستقلال أيضا أن يكون لتلك الهيئة حرية إختيار أعضائها دون أن تخضع في ذلك لأوامر السلطة المركزية.

ويعني هذا أن يمارس المجلس الشعبي البلدي جميع إختصاصاته المخولة له بموجب القانون دون الرجوع في ذلك أو الخضوع للسلطة المركزية.

كما يعرف الدكتور "محمد علي الخلايلية" الاستقلالية بأنها تمتع المجلس المحلي بالحرية في ممارسة إختصاصاته وفي إنشاء وإدارة والإشراف على المرافق المحلية داخل حدود الوحدة المحلية التي يمثلها... وأن يكون لديه القدرة الذاتية ماليا وإداريا للقيام بالواجبات الموكلة إليه.

وقد ذهب الدكتور "صالح فؤاد" إلى تعريف هذه الاستقلالية على أنها تكمن في كيفية إختيار الهيئات التي تعبر عن إرادة الشخص اللامركزي، وعدم خضوع هذا الشخص اللامركزي إلى السلطة المركزية وخضوعه إلى وصاية إدارية.

أما الدكتور/ "عمار بوضياف" يرى أن إستقلالية المجالس الشعبية البلدية تتمثل في إستقلالها عن السلطة المركزية، حيث يخولها هذا الإستقلال اتخاذ القرارات وتسيير شؤونها بيدها دون التدخل من الجهاز المركزي، مما يتوجب مع هذا الإستقلال لهذه الوحدة الإدارية المحلية الاعتراف لها بالشخصية المعنوية، ليتم الإعلان الرسمي لفصلها عن الدولة إداريا.

 كما عرف آخرون الاستقلال البلدي بأنه حق القيام بنوع من الاختيار أو المبادرة وفي الحالة العكسية ترجيح حقوقها أي البلدية، وإنتزاعها ولو ضد سلطات الدولة، إلا أن هذه الاستقلالية التي تتمتع بها المجالس المحلية المنتخبة ليست مطلقة، بل تضل نسبية وتخضع عند ممارستها لاختصاصاتها إلى وصاية السلطة المركزية، وذلك حتى لا يؤدي إستقلال هذه الهيئات إلى المساس بوحدة الدولة وسياستها العامة، أو الإضرار بالمصالح المحلية.

ومن خلال هذه التعريفات للاستقلالية، يتبين أن مجملها يتفق في نقطتين أساسيتين هو أن قوام هذا الاستقلال للمجالس المحلية وعلى رأسها المجلس الشعبي البلدي، هما عنصران، الأول، عنصر الانتخاب وهو أن تكون الفئة التي تدير شؤون هذه الهيئة منتخبة، أما العنصر الثاني، هو أن تكتسب هذه الهيئة الشخصية المعنوية أو ما يسمى الشخصية الاعتبارية وما يترتب عنها من أثار ونتائج.

ثانيا/ مقومات الإستقلاليـة

1- مبدأ الإنتخاب بين مؤيد ومعارض

 لقد اختلف الفقهاء بشأن توافر عنصر الإنتخاب في المجالس المحلية كون هذا العنصر هو أساس الاستقلالية التي تتمتع بها هذه المجالس، فذهب إتجاه إلى القول بأن أساس الإستقلال هو أن تكون الهيئة المحلية منتخبة بكل ما يعنيه مفهوم الإنتخاب، فإستبعاد هذا المبدأ من المجالس المحلية يؤدي إلى عدم إستقلاليتها ويفتح الباب أمام السلطة المركزية للتدخل في الشؤون المحلية، مما يجعلها تابعة وخاضعة لسلطتها، لذا فإعتماد مبدأ الإنتخاب لهذه المجالس ركيزة الأمان في الحفاظ على إستقلاليتها، كما أن مبدأ الإنتخاب يحقق الديمقراطية ويجسد حق الشعب في الممارسة الديمقراطية، وتسيير شؤونه بيده، كما يمكن الفئة المنتخبة من التدريب على العمل الإداري.

كما يرى الدكتور "محمد علي الخلايلية" أنه لا يكفي أن تمنح المجالس المحلية الشخصية الإعتبارية حتى تحقق إستقلاليتها، بل لا بد أن تأخذ بمبدأ الإنتخاب.

كما أن مبدأ الإنتخاب ليست له أهداف إدارية فقط، كتقديم الخدمات للمواطنين بصورة جيدة ففي نفس الوقت له دور سياسيا يتمثل في ترسيخ النهج الديمقراطي، و منح الخيار للمواطنين بإختيار ممثليهم على المستوى المحلي، و من ثم يعتبر أسلوب الإنتخاب من أفضل الأساليب التي تؤدي و تحمي إستقلالية المجالس المحلية، و يجعل من إستقلاليتها أمرا واقعا و ملموسا لأنه لو تم تشكيل المجالس المحلية عن طريق التعيين لكانت هذه الأخيرة تحت سلطة من عينتها، و تمارس عليها السلطة الرئاسية، و بهذا التعيين الذي يؤدي إلى التبعية و الخضوع تنتفي عليها استقلاليتها. كما أن تسيير المجالس  المحلية عن طريق الفئة المنتخبة يؤدي إلى توثيق الرابطة بينها وبين ممثليها.

إلا أنه يوجد من الفقهاء من يفرق بين الإستقلالية و الإنتخاب، إذا الأولى أي إستقلالية المجالس المحلية هو الركن المتفق عليه حيث لا يمكن القول بوجود لا مركزية من دون التمتع بالإستقلالية لهذه الهيئات، بحيث تكون مستقلة عن السلطة المركزية أما مبدأ الإنتخاب لا يعدو إلا أن يكون الوسيلة و الطريقة و الأسلوب الأمثل والأفضل وضع لممارسة تلك الإستقلالية، وفي هذا الشأن يقول الفقيه "فالين" »إن الإنتخاب ليس عنصرا من عناصر المركزية، وليس أي قيمة مطلقة، إن الإستقلال أي إستقلال الهيئة المحلية في مواجهة الحكومة هو العنصر الذي يجب الإعتداد به، ومع ذلك فهو ينحط فيقول إن الانتخاب هو الوسيلة الأكثر ملائمة لتحقيق هذا الاستقلال».

كما أن الانتخاب من شأنه أن يحصن العضو المنتخب، ضد تدخلات السلطة المركزية، أو أي تأثيرات خارجية، في حين أن التعيين من قبل السلطة المركزية قد يؤدي إلى تسلطها على شخص وأعمال من عينته وربما إلى إنحرافهم عن الطريق الذي يجب أن يسلكه لأجل تحقيق أماني مجتمعهم، فعنصر الإنتخاب يُتيح للأفراد فرصة للمشاركة في الحياة السياسية والإدارية وقد تكون هذه  المشاركة إيجابية، وهو أسمى ما يهدف إليه النظام الديمقراطي حتى قيل " إن أهمية نظام الحكم المحلي بأنه يشعر المواطن بالمشاركة الفعلية في شؤون الحكم، في نطاقه المحلي وأنه يستطيع أن يؤثر تأثيرا مباشرا في المجتمع الذي نعيش فيه"،إذا فتوافر عنصر الإنتخاب في الهيئات والمجالس المحلية له عدة أهداف سياسية إدارية واجتماعية، ولقد تعرض مبدأ الإنتخاب للعديد من الإنتقادات من طرف العديد من الفقهاء، حيث يرون أن عنصر الإنتخاب لا يعد ركنا من أركان إستقلالية هذه الهيئات أو المجالس المحلية، إذ يمكن لهذه الهيئات أن تمارس اختصاصاتها وصلاحياتها في كنف الإستقلالية من دون أن تكون منتخبة.

حيث يرى جانب من الفقهاء أن عنصر الإنتخاب قد يهدد وحدة الدولة السياسية، إذ يخشى من تشكيل وتسيير الهيئات المحلية بواسطة أعضاء تم وضعهم عن طريق الإنتخاب مع إختلاف إنتماءاتهم السياسية قد يؤدي إلى تحول اللامركزية الإدارية إلى لا مركزية سياسية، وقد أرجعوا تخوفهم هذا إلى أن تلك الهيئات التي تم تشكيلها عن طريق الإنتخاب، قد تشارك الدولة في امتيازات السلطة العامة، الأمر الذي قد يدفع بأعضاء تلك الهيئة إلى نوع من المخاطر، كما قد ذهب جانب من الفقه إلى القول بالأخذ بالتعيين في الهيئات و المجالس المحلية إلى جانب الإنتخاب، ويتم تعيين هؤلاء الأعضاء من طرف الحكومة المركزية  بعد أن يتم تزكيتهم وإختيارهم من الإدارة المحلية بالنظر إلى خبرتهم وكفاءتهم وتخصصهم، لأن الأخذ بمبدأ الانتخاب لوحده كقاعدة عامة في تشكيل هذه المجالس المحلية قد يؤدي إلى منح بعض الأشخاص لعضوية المجلس وهم ناقصي الكفاءة والخبرة والدراية بالمسائل التي يناقشها المجلس، خاصة التي تتعلق بمسائل الصحة والتنمية والتعليم، وبذلك يقتصر دور هؤلاء الأعضاء على الموافقة على الأمور التي تفوق مداركهم، ومن ثمة تكون المجالس المحلية المنتخبة قد حرمت من بعض الأعضاء الأكفاء نتيجة فشلهم في المعارك الإنتخابية، أو بإحجامهم على الخوض في الدخول إلى معركة يعلمون سلفا أنهم سوف يخسرونها، ولذلك تعمل بعض الدول على تطعيم هذه المجالس المنتخبة ببعض القدرات والكفاءات عن طريق التعيين، على أساس أن تطعيم هذه المجالس بأشخاص معينين لا يهدم فكرة الديمقراطية في الإدارة ما دامت تبقى الأغلبية للعنصر المنتخب كما هو الحال مثلا في أنجلترا ، كما أن العمل بمبدأ التعيين في المجالس المنتخبة قد يأتي بنتائج أحسن من النتائج المحصلة عنها بالأخذ بمبدأ الإنتخاب، وإن القول بتعيينهم لا يتنافى مع إستقلالية الهيئة ولا أدل على ذلك أن الدولة تمنح الإستقلالية لبعض الهيئات على الرغم من أن كل الأعضاء معينين من طرف السلطة المركزية.      

ونضرب مثالا على ذلك السلطة القضائية فان القضاة مستقلين في أداء وظيفتهم بالرغم من أنهم معينين من طرف السلطة التنفيذية، وفي هذا يقول الدكتور "فؤاد العطار":«وإذا كانت وسيلة الانتخاب قد سادت حتى غدت ركنا أساسيا للامركزية من جانب رجال الفقه، فإن مرد ذلك إلى ما وقع فيه رجال الفقه من مزج بين الهدف الذي يرمي النظام اللامركزي إلى تحقيقه وهو إستقلال الهيئات اللامركزية في مباشرة أعمالها والوسيلة التي تتلاءم وتحقيق هذا الهدف أي تلك التي تضمن إستقلالها، وما تفرع عن هذا المزج من إدماج اصطلاحين وإستعمال احدهما مكان الأخر في حين كان ينبغي التفرقة بين الهدف والوسيلة فلا يعتبر الإنتخاب ركنا من أركانها، ما دام تحقيق إستقلال الأعضاء في مباشرة إختصاصهم ميسور لوسائل أخرى».

و من خلال ما سبق ذكره، يتبن لنا أن مبدأ الإنتخاب في تشكيل المجالس المحلية، لا يعد ركنا من أركان اللامركزية الإدارية على قدر ما يعتبر وسيلة وأسلوب من أساليب تسيير هذه المجالس المنتخبة، من خلال فنح المجال أمام المشاركة الشعبية في صنع القرار وتسيير الشؤون المحلية.

  • ·       موقف المشرع الجزائري

مما لا شك فيه أن المشرع الجزائري قد تبنى إختيار مبدأ الإنتخاب كأساس وكقاعدة عامة في تشكيل المجالس سواء المحلية أو الوطنية، ولعل إختيار المشرع الجزائري لمبدأ الإنتخاب يعود لعدة أسباب من بينها فتح المجال للمشاركة الشعبية في تسيير الشؤون المحلية على أساس أن سكان المنطقة يكونون أدرى بشؤونها وإحتياجاتها، وحتى تكون المجالس المحلية أكثر ديمقراطية وإستقلالية، وحتى لا تكون خاضعة وتابعة للسلطة المركزية، حتى وإن كانت هذه الإستقلالية غير مطلقة ونسبية، فمنذ استقلال الجزائر والمشرع الجزائري يكرس مبدأ الانتخاب في تشكيل وتسيير المجالس المحلية المنتخبة، ذلك أن النظام السياسي في الجزائر مستمد من الإرادة الشعبية التي تفرض مشاركة الشعب في تسيير جميع المجالس المنتخبة سواء المحلية أو الوطنية، ويجد مبدأ الإنتخاب في التشريع الجزائري أساسا دستوريا وذلك أن جميع الدساتير المتعاقبة سواء دستور1963 ودستور 1976 و1989 وحتى تعديل دستور 1996 قد كرست مبدأ الإنتخاب في تشكيل هذه المجالس، وهذا ما أقرته العديد من المواد في تعديل دستور1996 كالمادة (06) و(07) و(10) و(11) و(14) و(15) و(16).

حيث نصت المادة (14) منه «المجلس المنتخب الإطار، الذي يعبّر فيه الشعب عن إرادته ويراقب عمل السلطات العمومية»، كما جعلت منه المادة (16) «قاعدة اللامركزية ومكان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية».

كما جاءت القوانين الأخرى لتجسد هذا المبدأ فنجد قانون البلدية (90/08) في نص مادته الثانية، والتي جاء فيها « يدير البلدية مجلس منتخب و هو المجلس الشعبي البلدي و هيئة تنفيذية» و هذا ما كرسه كذلك قانون البلدية (11/10) في العديد من مواده.

كما نصت المادة (11) منه « تشكل البلدية الإطار المؤسساتي لممارسة الديمقراطية على المستوى المحلي و التسيير الجواري» و كذلك نصت المادة (02) منه « البلدية هي القاعدة الإقليمية اللامركزية ومكان لممارسة المواطنة، وتشكل إطار مشاركة المواطن في تسيير الشؤون العمومية» ومن خلال هذه المواد سواء في الدستور أو في القوانين تبين مدى احترام المشرع لمبدأ الإنتخاب والعمل على تجسيده و تكريسه.

كما جاء القانون العضوي (12/01) المؤرخ في 12 جانفي 2012 والمتعلق بنظام الإنتخابات، لينظم ويحكم العملية الإنتخابية ويؤكد على احترام مبدأ الإنتخاب، حيث جاء في نص المادة (65) منه « ينتخب المجلس الشعبي البلدي والمجلس الشعبي الولائي لمدة (05) خمس سنوات بطريقة الإقتراع النسبي على القائمة»، وتعتبر المجالس الشعبية البلدية هي الأكثر عددا، حيث بلغ عددها في الجزائر1541 مجلس بلدي، كون أن البلدية في التنظيم الإداري أهم إدارة جوارية، كون المواطن كثير الإحتكاك بها لتلبية حاجياته، بالإضافة إلى تعدد إختصاصات المجلس الشعبي البلدي سواء في المجال التنموي أوالإقتصادي أو الإجتماعي أو الثقافي وغيرها من المجالات الأخرى.

وفي إعتقادنا أن أسلوب الإنتخاب الذي إتخذه المشرع الجزائري كقاعدة عامة في تشكيل المجلس الشعبي البلدي، إن كان قد حقق بعض النتائج الإيجابية، إلا أنه قد فشل في تحقيق بعضها الآخر، حيث نشهد إلى يومنا هذا أن العديد من البلديات مازالت تعاني من الكثير من المشاكل ولم تحقق التنمية المحلية التي كان يصبو إليها المشرع، بالإضافة إلى الديون التي تتخبط فيها، ويعود السبب في ذلك إلى أن العديد ممن تم إكتسابهم لعضوية المجلس الشعبي البلدي يفتقدون للكفاءة وعدم اكتمال الوعي السياسي لديهم، بالإضافة إلى تدني المستوى التعليمي وعدم التخصص أضف إلى ذلك ما قد ينجم عن عنصر الانتخاب من ممارسات سلبية كتوظيف العشائرية والقبلية والتي تؤدي إلى تغليب المصلحة الشخصية  أو مصلحة العشيرة على حساب المصلحة المحلية، وعلى حساب المصلحة العامة والقومية وهذا ما يكثر في الدول النامية.

لذا نأمل أن تدعم المجالس الشعبية البلدية بأشخاص يتم تعيينهم سواء من السلطة المركزية أو المحلية يكونون ذوي كفاءة وتخصص في شتى المجالات الإقتصادية والإجتماعية والقانونية والسياسية حتى يستفيد منهم المجلس، نظرا لكفاءتهم ومستواهم العلمي ومداركهم العلمية، وإن أسلوب التعيين هذا لا يتنافى وديمقراطية الإدارة خاصة وأن الأغلبية ستكون للمنتخبين، ولعل أبرز مثال على ذلك هو مجلس الأمة، ولقد اتبعت مثل هذا الأسلوب العديد من الدول كبريطانيا والعراق.

2- الشخصية المعنوية

يقصد بالشخصية المعنوية مجموعة من الأشخاص والأموال تتحد من أجل تحقيق غرض معين ومعترف لها بالشخصية القانونية.

كما تعرف الشخصية المعنوية أو كما يطلق عليها بعض الفقهاء بالشخصية الاعتبارية، وهي الصلاحية لإكتساب الحقوق وللإلتزام الواجبات.

وكأصل عام إن الشخصية القانونية لا تنسب إلا إلى شخص طبيعي لأنه هو الذي بإستطاعته الإفصاح عن إرادته والقيام بالتصرفات القانونية بالإضافة إلى أن نشاطه لا يستهدف غرض معين.

إلا أن ضرورات الحياة الإجتماعية فرضت الإعتراف لمجموعة من الأفراد أو تجمع من الأموال المرصودة لغرض معين بكيان مستقل عن الأفراد المكونين لها والمنتفعين المقررة، حيث ينظر إليها القانون ويعاملها كما لو كان شخص طبيعي وبذلك يصبح عليها إلتزامات وبالمقارنة تكتسب حقوقا ومن أمثال ذلك الدولة، الولاية، والبلدية، بالإضافة إلى أن الأشخاص المعنوية توجد في كل من القانون العام والقانون الخاص، فممارسة البلدية مثلا لنشاطاتها وإختصاصاتها التي خولها إياها القانون يفرض الإعتراف لها بالشخصية القانونية لممارسة نشاطاتها، وذلك ما يجعلها تكتسب مجموعة من الحقوق كما يفرض عليها في نفس الوقت مجموعة من الإلتزامات، وعليه لم يكن أمام المشرع سوى الإعتراف لها بهذه الشخصية المعنوية أو القانونية، كما تتميز الأشخاص المعنوية العامة بميزات تجعلها تختلف عن المميزات التي تتمتع بها الأشخاص المعنوية الخاصة، كما عرفت كذلك الشخصية المعنوية على أنها مجموعة من الأشخاص تستهدف تحقيق غرض معين حيث يعترف القانون لهذه المجموعة بالشخصية القانونية المقررة للأفراد فتصبح أهلا لاكتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات.

ومن خلال هذا التعريف للشخصية المعنوية نستنتج أن من أهم مقومات الشخصية القانونية هما مقومتان أساسيتان يجب أن تتوفر في هذا التجمع حتى يعترف لها بالشخصية المعنوية

- لا تثبت الشخصية المعنوية إلا بنص القانون.

- أن هذه الشخصية المعنوية لا تنشأ إلا لتحقيق الهدف الذي أنشأت من أجله.  

وقد عرفت كذلك الشخصية المعنوية بأنها كيان له أجهزة خاصة وأن لها حقوقا وعليها إلتزامات.

كما ذهب بعض الفقهاء بإعتبار الشخصية المعنوية على أنها مجموعة أشخاص أو أموال تتكاتف أو ترصد لغرض تحقيق هدف مشروع بموجب إكتساب الشخصية القانونية، إذ هي القدرة أو المكنة على إكتساب الحقوق، وبالمقابل تحمل الإلتزامات.

وعليه فالشخصية المعنوية تعتبر السند القانوني لتوزيع الوظيفة الإدارية.

وعرفت كذلك بأنها إضفاء الشخصية القانونية على الأشخاص غير الطبيعيين بذات مقوماتها ونتائجها التي تستتبعها بالنسبة للآخرين في مجال العلاقات القانونية، لإعتبارات معينة مستدعية لذلك ولكن في النهاية بقدر دواعيها وفي حدودها بما لا يتخلف فيه الشخص المعنوي عن الشخص الطبيعي.

ومن خلال هذه التعريفات للشخصية المعنوية، يتبين أن الشخص المعنوي ما هو إلا تجمع لمجموعة من الأشخاص أو الأموال، والتجمع وحده لا يكفي للقول بأنه شخص معنوي بل يجب أن يهدف هذا التجمع إلى هدف أو إلى تحقيق عرض معين، سواء كان هذا الهدف تحقيق ربح أو كان هدف إجتماعي أو صناعي.

وعليه فإنشاء هذا الشخص المعنوي يجب أن يلازمه تحقيق غرض من إنشائه، ولا يمكن له أن يتحرك إلا في سبيل تحقيق هذا الغرض دون سواه، كما يجب أن يكون لهذا التجمع إدارة داخلية يتولاها أشخاص طبيعيون ونشاطات يمثلها هؤلاء الأشخاص.

وبالإضافة إلى وجود هذا التجمع والأشخاص الذين يمثلونه، لابد له من وجود أدوات ووسائل تجعله قادرا على القيام بمهامه، أضف إلى ذلك أن الشخص المعنوي لا يمكن أن يكتسب الشخصية القانونية إلا إذا تم النص عليه قانونا.

وبتوافر هذه المقومات يصبح هناك شخص معنوي يتمتع بمجموعة من الحقوق التي تولدت من خلال اكتسابه لهذه الشخصية القانونية، وفي نفس الوقت عليه إلتزامات مقابل الحقوق، والتي تنتج عن ما يقوم به من نشاطات.

ونخلص إلى أن الشخص المعنوي يشبه في الأخير الشخص الطبيعي من حيث خضوعه للقوانين والتحصن بها.

كما أسندت فكرة وجود الشخصية المعنوية إلى مبدأ هام وهو دائمية الدولة، كما أن فكرة الشخصية المعنوية توجد في القانون العام والقانون الخاص، وعلى هذا الأساس كانت هناك أشخاص القانون العام كالدولة والولاية والبلدية والمؤسسات العامة، وفي المقابل أشخاص القانون الخاص كالشركات والجمعيات وغيرها.

كما أن لفكرة الشخصية المعنوية أهمية خاصة في مجال القانون الإداري، ذلك أن روابط القانون الإداري يكون أحد أطرافها شخص معنوي عام بينما لا يلزم ذلك حتما في علاقات القانون الخاص.

وإذا كان القانون قد إعترف لبعض الهيئات المحلية أو الوحدات الإدارية بالشخصية المعنوية، أي قيام هيئة محلية معترف لها بالشخصية القانونية بجوار الدولة ومنحها في نفس الوقت إستقلاليتها إلا أن هذا الإستقلال يبقى نسبيا.

لقد أثارت مسألة الشخصية المعنوية جدلا وخلافا في أوساط الفقهاء، فمنهم من عارض فكرة وجود الشخصية المعنوية ومنهم من أيّد وجودها.

حيث ذهب فريق إلى القول بأن الشخصية المعنوية ما هي إلا إفتراض إبتدعه المشرع، في حين رأى جانب آخر أن الشخصية المعنوية فكرة منعدمة وغير موجودة، وأنكروا تماما وجودها.

وقد تباينت وجهات النظر بين مؤيد ومعارض، وسنحاول أن نبين وجهات النظر هذه وتبيان موقف المشرع الجزائري منها:

أ- النظريات المؤيدة لوجود الشخصية المعنوية

1/- الشخصية المعنوية مجاز أو إفتراض

يرى أصحاب هذه النظرية أن الشخصية المعنوية ما هي إلا مجرد إفتراض أو مجاز، لا وجود لها في الواقع، وأسّس أصحاب هذا الإتجاه فكرتهم على مجموعة من الأسانيد والأسباب، ويتزعم هذا الاتجاه الفقيه "سافيني" وسانده في ذلك كل من الفقيه "ليون دوجي" و"جيز بورنارد"، حيث يؤسس وجهة نظره في أن الشخص الطبيعي هو صاحب الإرادة الحقيقية، حيث يستطيع تحمل الالتزامات كما له القدرة على إكتساب الحقوق.

ومن ثمة فهذا التجمع المنظم الذي من أجله تم منح الشخصية المعنوية ما هو إلا مجاز أو إفتراض وذلك من أجل إكتساب الشخصية القانونية.

وإن القول بهذا يترتب عليه مجموعة من النتائج أهمها:

- أنه لا يمكن أن تمنح هذه التجمع الشخصية القانونية إلا بموجب نص القانون، وبما أن هذا المنح مجرد إفتراض أو مجاز أضفاه المشرع على هذا التجمع، فإنه يترتب على ذلك أن للمشرع سلطة إلغائه أو إزالته.

- كذلك من النتائج المترتبة على إضفاء صفة الشخصية القانونية على هذه التجمعات هو أنه لا يجوز التوسع في تفسيرها، بل تتحدد بما يقرره القانون، حتى أن الفقيه "جيز" سخر من فكرة الشخص المعنوي أو الاعتباري فقال:"لم أتناول على الإطلاق طعام أو غداء مع شخص معنوي".

إذا فإن الشخصية المعنوية التي منحت لهذه الهيئات إنما تم منحها على أساس أن تكون هذه الهيئات قادرة على تحمل الإلتزامات وتستطيع أن تكتسب الحقوق.

حيث ذهب الفقيه "دوجي" إلى القول بأن فكرة الشخصية المعنوية هي فكرة خاطئة وهي فكرة ميتافيزيقية وكتب عنها قائلا:"إن الإعتقاد باللاهيات والكائنات الماورائية الميتافيزيقية هو من شؤون الضمير الفردي، إني أحترم بعمق هذا الإعتقاد ويمكنني القول بأنني أرغب به ولكني أؤكد بأنه لا يجب أن يدخل المجال العلمي".

  • ·       النقــد

لقد وجهت لهذه النظرية العديد من الإنتقادات، مفادها أنه إذا كانت الشخصية القانونية لا تكون إلا للشخص الطبيعي أو الآدمي، في حين أن الواقع العملي يؤكد ويثبت أن الشخصية القانونية في نظر القانون تعني الصلاحية لإكتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات، وعليه فإنه يمكن الإعتراف لكيانات معينة بهذه الصلاحية أي الشخصية القانونية دون الحاجة لتشبهها مجازا بالشخص الآدمي.

كما أن أصحاب هذه النظرية قد أسسوا نظريتهم على مبدأ خاطئ، يتمثل في أنه من لا إرادة له لا حق لديه، غير أنه وفي الكثير من الأحيان، نكون أمام حق من دون إرادة.

هذا بالإضافة إلى أنها بنت فكرتها على الإفتراض أو المجاز، في حين أن الإفتراض عدم والعدم لا يولد شخصا ولا ينشئ حقا.

وأيضا من بين الإنتقادات التي وجهت لهذه النظرية، أنها انطلقت من أن الشخصية المعنوية هي مجرد إفتراض، وهذا الإفتراض منحته الدولة لهذه الهيئات، ومن هنا نطرح السؤال، من الذي منح الدولة الشخصية القانونية؟

إلا أن أصحاب هذه النظرية ردوا على هذا بإستثنائهم الدولة وغيرها من أشخاص القانون العام، وأطلقوا عليها وصف الشخصية الحقيقية، لأن هؤلاء الأشخاص العامة يعتبرون ضرورة اجتماعية.

2/- الشخصية المعنوية فكرة حقيقية

أمام هذه الإنتقادات التي وجهت لهذه النظرية، ظهر اتجاه يقرّ بوجود الشخصية المعنوية ويستند في ذلك إلى:

- أن الشخصية المعنوية هي فكرة حقيقية وأمر واقع لا يمكن تجاهله، ولعل من أنصار هذا الاتجاه كل من "جيراك"، و"كاري ديملبرج" و"جيريليك"، حيث ذهبوا إلى القول بأن الشخصية المعنوية ليست شخصا من صنع المشرع، بل هي حقيقة قانونية تفرض نفسها على المشرع الذي لا يملك إلا أن يعترف بها، فتجمع الأشخاص أو الأموال يؤدي إلى وجود إرادة مشتركة بين هؤلاء، ومن ثمة يأتي المشرع ليس لينشأ هذه الشخصية المعنوية، وإنما لا يتعدى دوره سوى أن يعترف بها، أي يعترف بوجودها قانونيا.

وقد تعددت وجهات النظر حول هذه الفكرة نبينها فيما يلي:

  • الإتجاه الأول

يرى أن الشخص المعنوي لا يختلف عن الشخص الطبيعي، بمعنى أن الشخص المعنوي له إرادة قانونية، وهذه الإرادة تنشأ بتجمع مجموعة من الإرادات المكونة لهذا الشخص المعنوي، فمتى تجمعت هذه الإرادات وإرتبطت برابطة المصلحة المشتركة تظهر هذا الشخص المعنوي للوجود.

  • ·       الإتجاه الثاني

يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الشخص القانوني، هو كل من جاز أن يكون صاحب حق، أو مكلف بإلتزام، أي أن الشخص القانوني هو من له القدرة والمكنة على تحمل الالتزامات وإكتساب الحقوق، وقد استندوا في ذلك على أنه في العصور القديمة، عرفت ما يسمى بالعبيد وكانت تعتبرهم القوانين آنذاك من قبيل الأشياء على الرغم من آدميتهم، إذ لا يحق لهم أن يكتسبوا حقوق أو يتحملوا إلتزامات، أي بمعنى أنه ليس لهم شخصية قانونية على الرغم من آدميتهم.

كما ذهبو إلى القول بأن في فرنسا عرفوا نظام يعرف بنظام الموت المدني، وهو يقضي بحرمان كل من حكم عليه به من الشخصية القانونية، أضف إلى ذلك أن هناك من التشريعات الحديثة من يعترف بنوع من الشخصية القانونية المحدودة للجنين، والصبي غير المميز، والمجنون.

ب- النظريات التي تنكر الشخصية المعنوية

أمام وجود النظريات المؤيدة لفكرة وجود الشخصية المعنوية ظهرت اتجاهات تنكر وجود فكرة الشخصية مستندين في ذلك إلى أن الشخصية القانونية لا تنسب إلا إلى الشخص الطبيعي، ومن ثمة فلا وجود للشخص المعنوي، ولا ضرورة للقول بفكرة الشخصية المعنوية، لما تحدثه هذه الفكرة من تعقيدات لا طائل منها وأنه يمكن إستبدالها بعدة أفكار.

ولعل من بين هذه الأفكار فكرة التخصيص وفكرة الملكية المشتركة.

1/- فكرة ذمة التخصيص

لقد ذهب أصحاب هذه الفكرة إلى القول بأنه طالما أن فكرة الشخصية المعنوية لا تنسب إلا إلى الشخص الطبيعي فإنه لا وجود للشخصية المعنوية، ويعني هذا أن الذمة المالية ومجموع الحقوق والإلتزامات قد خصصت لغرض معين، وبذلك يتحقق الهدف من تجمع مجموعة من الأفراد أو مجموعة من الأموال ويعني ذلك أن الهدف الذي تجمع من أجله الأفراد أو الأموال هو الذي يؤدي بالقول إلى وجود الشخصية القانونية.

إن ما أخذ على هذه النظرية أنها إذا كانت صدقت أحيانا فإنها لا تصدق أحيانا أخرى، أي أن فكرة ذمة التخصيص قد لا تصدق على الدولة و بعض الأشخاص المعنوية الأخرى.

2/- فكرة الملكية المشتركة

 يرى أصحاب هذه النظرية أن الشخصية المعنوية ليست وهما ولا خيالا، و أن ما ينسب إليها من أموال هي في الحقيقة مملوكة ملكية مشتركة أو أنها تحتية بما يستتر وراءها من أشخاص طبيعيون أي أن الأصحاب الحقيقيون كما نسب إليها من حقوق هم أفراد مكونين لها أو المنتفعين بنشاطها، فهؤلاء  وحدهم هم الأشخاص الحقيقيين.

قد وجهت لهذه الفكرة إنتقادات على أساس أنها لا ترى في الهيئة من الهيئات الاجتماعية ذات الكيان المستقل إلا أن المال الذي تملكه بالرغم أن المال ليس إلا مجرد وسيلة لتحقيق الأهداف المشتركة وقد لا يكون هو الوسيلة الوحيدة بل قد يكون وسيلة لازمة كما ليس من المقبول إعتبار الدولة بصفة خاصة مجموعة من الأموال يمتلكونها المواطنون.                       من كل ما تقدم نخلص إلى أن الشخصية المعنوية أصبحت في ظل القانون الحديث أمرا واقعا ومسلما به لا يمكن إنكاره، على الرغم من جميع النظريات التي حاولت أن تستبعد فكرة الشخصية المعنوية، وعدم الإقرار بها حيث أصبح مثل هذا الجدل لا طائل منه وذلك على أساس أن فكره الشخصية المعنوية أخذت بها جميع التشريعات.

ج- النتائج المترتبة على إكتساب الشخصية المعنوية

يترتب على إكتساب الهيئات الإدارية للشخصية المعنوية العديد من النتائج يمكن إجمالها فيما يلي:

1/- إستقلال الذمة المالية

إن الإعتراف لهيئة معينة بالشخصية المعنوية يترتب عليه أن يكون لهذه الهيئة ذمتها المالية المستقلة ويعني ذلك أن يكون لها أموالها الخاصة سواء كانت هذه الأموال عقارات أو منقولات كما أن هذه الأموال لا تعد ملكا لأعضائها بل ملكا لها وحدها و الحقوق التي تكتسبها لا تنصب إلا في ذمتها المالية ولا تختلط بحقوق أعضائها.

وكذلك يعني بإستقلال الذمة المالية لهذه الهيئة هو أن تسحب من ميزانية الدولة كل أو جزء من إيرادات أو نفقات الهيئة وأن يترك تحت تصرفها ما قد يزيد عن إيرادات محققة، كما أن الأموال التي تحققها المؤسسة ستشكل فيما بعد ذمتها المالية، فمثلا إذا وضعت أحد الأبنية تحت تصرفها فإنها تصبح ملكا لها مع كل ما يترتب عنها من حقوق. 

2/- ثبوت أهلية التقاضي

ويعني ثبوت أهلية التقاضي للهيئة هو أنه يجوز لها أن تلجأ للقضاء، بمعنى يثبت لها حق التقاضي، كما يجوز مقاضاتها أي أن ترفع دعوى قضائية ضد هذه الهيئات دون الرجوع على الدولة، فمثلا للشخص أن يرفع دعوى ضد البلدية ممثلة في شخص رئيس المجلس الشعبي البلدي بإعتباره الممثل القانوني، ومن ثمة يترتب على الإعتراف بالشخصية المعنوية لهذه الهيئة حق اللجوء إلى القضاء بصفتها مدعية أو مدعى عليها، فيجوز لممثل الهيئة اللامركزية طلب إلغاء القرارات المخالفة للقانون والصادرة عن ممثل السلطة المركزية.

ويترتب على هذه النتيجة عدم قبول الدعاوي التي ترفع من أو على غير الممثل القانوني للشخص المعنوي.

3/- نائب قانوني يعبر عن الهيئة

على اعتبار أن الهيئة التي إعتُرف لها بالشخصية القانونية، هي في الحقيقة ليس لها وجود مادي ملموس، ومن ثمة كان لزاما من أن يمثلها شخص طبيعي يتحدث بإسمها ولحسابها، ويعتبر هذا الشخص الطبيعي نائب قانوني لهذا الشخص المعنوي يعبر عن إرادته ويمثله في جميع التصرفات القانونية، فيتقاضى بإسمه ولحسابه، فنجد مثلا أن الوالي هو النائب القانوني الذي يمثل الولاية، ورئيس المجلس الشعبي البلدي هو النائب القانوني للبلدية، وهكذا لكل شخص معنوي شخص طبيعي ينوب عنه ويمثله قانونا وعليه وجب أن يعين لكل شخص معنوي نائب يمثله ويعبر عن إرادته، ويكون هذا النائب شخصا طبيعيا.

4/- تمتع الشخص المعنوي بموطن خاص ومستقل

إن الإقرار لهيئة معينة بالشخصية المعنوية أو القانونية يترتب عليه أن يكون لهذا الشخص المعنوي موطن خاص ومستقل، والموطن يكون عادة المكان الذي يوجد به مركز إدارة تلك الهيئة، وللموطن أهمية خاصة وذلك فيما يتعلق بتحديد الإختصاص الإداري   أو القضائي، سواء من حيث الحدود الإقليمية ورسم المجال الجغرافي، وممارسة حق التقاضي أمام الجهات القضائية، وممارسة إختصاصاتها الإدارية.

5/- أهلية التعاقد وإصدار القرارات

يصبح للشخص المعنوي بموجب منحه الشخصية القانونية أهلية التعاقد، فيجوز له إبرام الصفقات باسمه ولحسابه الخاص، كما يؤول إليه سلطة إصدار القرارات الإدارية، كما تكون له آليات إستخدام وسائل القانون العام بما فيها السلطة العامة.

6/- إمكانية قبول الهبات والوصايا

بموجب إكتساب الهيئة للشخصية المعنوية يمكن لها تلقي الهبات والتبرعات مباشرة، وذلك وفق إجراءات بسيطة، وبالعكس فالهيئات التي لا تتمتع بالشخصية الإعتبارية لا يمكن لها تلقي الهبات إلا بواسطة تجمع إقليمي ترتبط به، وعليه فإن الشخصية المعنوية تجعل من الهيئة قادرة على قبول الوصايا والهبات، وهذه ميزة تميز الشخص المعنوي عن بقية التجمعات التي لا تكتسب الشخصية القانونية.