1. ماهية المرفق العام

1.1. تعريف المرفق العام

فرع : التعريف اللغوي

      - المرفق ج مرافق : ما انتفعت به ، ومنه " مرافق الدار " أي منافعها كمصاب المياه والبئر ونحوها، ومرافق البلاد ، أي ما ينفع السكان عموماً

- العَام : من كلمة عَمَّ: شمل الجماعة، والعام : خلاف الخاص  فجمع الكلمتين " المَرْفِقُ" و " العَام" هو تخصيص للمعنى في " ما تنتفع به الجماعة".

الفرع الثاني : التعريف الاصطلاحي

         يعرف الأستاذ عبد الرزاق السنهوري المرفق العام في وسيطه بأنه:" مشروع تديره جهة الإدارة أو تنظمه وتشرف على إدارته ، ويقصد به أداء خدمات أو سد حاجات ذات نفع عام "

كما نجد للأستاذ سليمان محمد الطماوي قوله :" يستعمل اصطلاح مرفق عام Service Public للدلالة على معنيين : فقد يستعمل للدلالة على نشاط Activité من نوع معين تقوم به الإدارة لصالح الأفراد، وهذا هو المعنى الذي يجب أن يخصص له هذا الاصطلاح منعا للبس، وقد يقصد به المنظمة Organisme أو الهيئة التي تقوم بالنشاط السالف، واستعمال اصطلاح " المرفق العام" للدلالة على هذا المعنى الثاني يؤدي إلى اللبس.

        ورغم هذا التفصيل يعود الأستاذ الطماوي بعد تحليله لفكرة المرفق العام لتعريف المرفق العام بتعريف موحد بقوله " يمكننا بعد هذا التمهيد السريع أن نعرف المرفق العام بأنه مشروع Entreprise يعمل بإطراد وانتظام تحت إشراف رجال الحكومة بفصل أداء خدمة عامة للجهود مع خضوعه لنظام قانوني معين" .

 

         أما الأستاذ أحمد محيو فبعد أن عرف المرفق العام بالرجوع إلى المعيارين العضوي والمادي على نحو ما كان من الأستاذ الطماوي أعلاه طرح إشكالية الإرتباط والتطابق بين البعدين العضوي والمادي للمرفق العام، حيث أنه خلال القرن 19 وبداية ق 20 كانت مفاهيم المرفق العام متطابقة ومرتبطة بشكل وثيق " حيث كان كل نشاط يهدف المصلحة العامة يقع على عاتق الإدارة تمنح بنظام قانوني خاص يحكمه القانون العام، أما كل النشاطات الأخرى ذات الطبيعة الخاصة فتدخل ضمن نطاق المبادرة الخاصة ويحكمها القانون الخاص".

            وفي ظل هذا الوضع لم تكن هناك صعوبة في التعرف على المرفق العام، إذ أن الفكر الليبرالي التقليدي يقصر المرفق العام على نشاطات معينة مثل الدفاع ، العدل والشرطة، دون النشاطات الصناعية والتجارية المربحة تحت طائلة منافسة غير متكافئة مع القطاع الخاص، وبذلك كانت النظرية القانونية تعطي للمرفق العام مفهوما ضيقا جدا بغية تضييق دور الدولة، وإبقائها خارج المجال الاقتصادي ،وهو ما يصبح بالتعدي مفهوما سياسي له، وبذلك فلابد أن يطور هذا المفهوم تبعا للتحولات الاقتصادية والاجتماعية والإيديولوجية.

        وهو ما حدث فعلا جراء الأزمة الاقتصادية العالمية في سنة 1929، والحربين العالميتين الأولى والثانية، وبروز الإيديولوجية الاشتراكية، تتغير الصورة التقليدية للمرفق العام في اتجاهين:

-      الأول أن الإدارة بدأت ترتاد بكثرة المجال الذي كان محجوزا للنشاط الفردي فوجت المرافق الحديثة ذات الطابع الاقتصادي.

-      الثاني أن الإدارة وقد تعددت واجباتها وتنوعت أوجه نشاطها سمحت للأفراد بأن يعاونوها في تحقيق النفع العام

       وبذلك لم يعد هناك تلازم مطلق وحتمي بين الجانب العضوي للمرفق العام وجانبه الموضوعي  إذ هل تمارس الإدارة التي أصبحت كصناعي أو تاجر نشاط مرفق عام وهل يمارس الأشخاص الخاضعين المكلفين بإشباع مصلحة عامة نشاطا خاصا؟

         ونظرا لعدم وجود جواب دقيق وكافي على هذا السؤال المزدوج استنتج القانونيون بأن هناك " أزمة" في المرفق العام 

         وعلى ضوء ما سبق نستنتج صعوبة وضع تعريف شامل ومانع لمعاني المرفق العام، ,في هذا الصدد كتب الأستاذ أحمد محيو أن "مفهوم المرفق العام ليس، ولا يمكن أن يكون مفهوما قانونيا مجردا وحياديا، وليس له من معنى إلا في ضوء محتواه والغايات الإقتصادية والإجتماعية التي اسندت له والتي يجب تحديدها مسبقا قبل إعداد النظام القانوني للمرفق العام ويعين الجهة المؤهلة لإحداث هذا المرفق أو ذاك"