1. انتقال الحق وانقضاءه

1.1. انتقال الحق

إن بقاء الحق في يد صاحبه قد لا يكون مؤبدا، لأن الحق بطبيعته شيء قابل للانتقال من يد لأخرى أو من شخص إلى آخر، وهذا الانتقال للحق معناه جوازية حلول شخص جديد محل صاحب حق سابق في نفس الحق دون أي تغيير فيه[1].

        وضمن هذا المبحث نتناول في المطلب الأول انتقال الحقوق العينية، وضمن المطلب الثاني انتقال الحقوق الشخصية، وننهي المبحث بانتقال الحقوق الفكرية ضمن المطلب الثالث.

 

المطلب الأول: انتقال الحقوق العينية

 

        تنتقل الحقوق العينية بين الأشخاص بإحدى الطريقتين: إما بالوفاة، وإما أثناء الحياة

 

الفرع الأول: انتقال الحقوق العينية بعد الوفاة

        تنتقل الحقوق العينية بعد الموت من شخص صاحب الحق إلى شخص جديد يخلفه في حقه في حالتين هما: حالة الميراث وحالة الوصية.

أولا: حالة الميراث

         يقصد بالميراث انتقال الحقوق المالية للمورث إلى ورثته حسب المناب الشرعي لكل وارث، ولقد نظم المشرع الجزائري قواعد الميراث في المواد من 126 إلى 183 من قانون الأسرة، والملاحظ أن الحقوق العينية للورثة لا تنتقل إليهم إلا بعد حصر التركة وتصفية ديونها.

ثانيا: الوصية

        نصت المادة 184 من قانون الأسرة على أن الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع، وتقضي المادة 185 من نفس القانون أنه تكون الوصية في حدود ثلث التركة وما زاد على الثلث يتوقف على إجازة الورثة.

الفرع الثاني: انتقال الحقوق العينية بين الأشخاص الأحياء

        تنتقل الحقوق العينية بين الأحياء إما عن طريق تصرف قانوني وإما نتيجة واقعة مادية.

أولا: انتقال الحقوق العينية عن طريق التصرف القانوني

        تنتقل الحقوق العينية في إطار التصرفات القانونية إما عن طريق البيع (م351 ق م) وإما عن طريق الهبة (م 206 ق الأسرة) أو عن طريق الشفعة (م 794 وما يليها من القانون المدني.

ثانيا: انتقال الحقوق العينية عن طريق واقعة مادية

        تنتقل الحقوق العينية عن طريق واقعة مادية في حالة من الحالات التالية، عن طريق واقعة الاستيلاء ( م 773 ق م)، واقعة الالتصاق بالعقار، أو عن طريق واقعة الحيازة (806 ق م ) أو التقادم المكسب.

 

المطلب الثاني: انتقال الحقوق الشخصية

 

        تنتقل الحقوق الشخصية بوجه عام بنفس الكيفيات التي تنتقل بها الحقوق العينية كالميراث أو الوصية أو لواقعة المادية، كما تنتقل بطريقة خاصة تتمثل في حوالة الحق وحوالة الدين.

الفرع الأول: انتقال الحقوق الشخصية عن طريق حوالة الحق

        يقصد بحوالة الحق قيام صاحب الحق بتحويله إلى شخص آخر، وقد نظمها المشرع الجزائري بموجب المواد من 239 إلى 250 من القانون المدني.

        وانطلاقا من نص المادة 239 تعتبر حوالة الحق عقد بين دائن سابق يسمى المحيل، والدائن الجديد ويسمى المحال له، ينقل بموجبه حقه الشخصي قبل المدين ويسمى المحال عليه، أي يحل محله في اقتضاء حقه من المحال عليه، وقد تكون الحوالة بعوض، وقد تكون تبرعا، وحينئذ تطبق عليها أحكام عقد الهبة، سواء من حيث الشكل أو الموضوع.

الفرع الثاني: انتقال الحقوق الشخصية عن طريق حوالة الدين

        يتنقل الحق الشخصي للدائن من مدينه إلى مدين جديد يحل محله، ويتم ذلك عبر حوالة الدين التي نظمها المشرع الجزائري بموجب المواد من 251 إلى 257 من القانون المدني، حيث عرفها بموجب المادة 251: " تتم حوالة الدين باتفاق بين المدين وشخص آخر يتحمل عنه الدين"، ورغم أن الدائن صاحب الحق ليس طرفا مباشرا في عقد الحوالة، إلا أن نفاذ هذا العقد يتطلب اقرار الدائن به، وهذا ما يجعله طرفا أساسيا لنفاذ حوالة الدين.

 

المطلب الثالث: انتقال الحقوق الفكرية

       

        الحق الفكري مثله مثل الحقوق العينية والشخصية قابل للانتقال سواء تعلق الأمر بحقوق الملكية الصناعية أو بحقوق الملكية الأدبية والفنية.

الفرع الأول: انتقال حقوق الملكية الصناعية

تتمثل صور انتقال حقوق الملكية الصناعية في التنازل ويتم ذلك في حالة بيع محل تجاري باعتباره عنصرا معنويا من عناصره، أو عن طريق تقديم الحق الصناعي كحصة في رأس مال الشركة حيث ينتقل الحق الصناعي من ذمة مالكه سواء كان في صورة اختراع أو علامة صناعية إلى ذمة الشركة، أو عن طريق الترخيص باستغلال حقوق الملكية الصناعية.

الفرع الثاني: انتقال حقوق الملكية الأدبية والفنية

        لا ينتقل الحق المعنوي للمؤلف إلى الغير بل يقتصر الأمر فقط على الحق المالي أو العنصر المادي لحق المؤلف، بيد أنه في بعض الحالات فقد ينتقل الحق المعنوي إلى الورثة كالحق في كشف المصنف بعد وفاة صاحبه  وحق احترام اسم المؤلف وصفته أي الحق في الأبوة.    



[1]  عجة الجيلالي، مرجع سابق، ص633.