1. مفهوم الحق وأنواعه

1.2. أنواع الحق

أولا: الحقوق الدولية

وهي الحقوق التي يقررها القانون الدولي العام لأشخاصه (الدول و المنظمات و الهيئات الدولية و الإقليمية) بهدف تمكينها من القيام بنشاطها على الصعيد الدولي، كحق الدولة في السيادة على إقليمها ورعاياها وسلامة حدودها و عدم التدخل في شؤونها الداخلية.

ثانيا: الحقوق الداخلية

        تنقسم الحقوق الداخلية إلى حقوق سياسية (الفرع الأول) وحقوق مدنية (الفرع الثاني)

الفرع الأول: الحقوق السياسية أو الدستورية

وتسمى بالحقوق الدستورية أيضا لأنها تقرر للفرد بفروع القانون العام، و خاصة القانون الدستوري والقانون الإداري بصفته عضوا رسميا في الجماعة السياسية للدولة بغية تمكينه من الإسهام في الحياة السياسية للجماعة و الاشتراك في حكم و إدارة البلاد و تتطلب فيمن يتمتع بها صفة المواطنة، كحق الانتخاب والترشح في الهيئات الانتخابية (المجالس المحلية و الولائية، و التشريعية ..الخ) فهي مقصورة (الحقوق السياسية) على من يتمتع بجنسية الدولة و محدودة على فئة معينة من الوطنيين إذ لا يتمتع بالحقوق السياسية إلا من تتوافر فيه الشروط القانونية كشرط الأهلية، و أنها ليست حقوق خالصة و إنما مختلطة بالواجبات مثلا كحق التصويت.     

الفرع الثاني: الحقوق المدنية

و هي الحقوق اللازمة لكل فرد باعتباره عضواً من أعضاء المجتمع و لا يمكن الاستغناء عنها و لا تتعلق بتسيير شؤون و إدارة الدولة. و تصنف إلى حقوق عامة و حقوق خاصة.  

01: الحقوق العامة.

و هي الحقوق اللازمة لحياة الإنسان و متعلقة بمقومات شخصيته، و لهذا سميت بـ (الحقوق والحريات الشخصية) و يقررها القانون الدستوري و يحميها القانون الجنائي. فكل فرد الحق في الحرية الشخصية لحصانة جسمه و ماله عرضه و مسكنه في حماية السلطة العامة من أي اعتداء باعتبار أن ذلك من الحقوق الطبيعية للإنسان. كالحق في الحرية و المساواة و الحياة و التنقل و التقاضي و العمل و التعليم و الفكر والرأي و العقيدة و تكوين الأسرة و الاجتماع و التعامل و المراسلات و حرمة المسكن و لهذا سميت بـ (حقوق الإنسان) ووردت في ميثاق الأمم المتحدة و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.  

02: الحقوق الخاصة

و هي الحقوق التي تنشأ عن علاقات تتعلق بالقانون الخاص، مثل القانون المدني و قانون الأسرة، و تثبت للأشخاص الذين تتوافر فيهم شروط اكتسابها بغية تمكينهم من إبداء نشاطهم في المحيط الأسري و المالي بغض النظر عن مهنهم و طوائفهم، كحق الملكية و الحقوق الزوجية، و هي تصنف بدورها إلى (حقوق الأسرية) و (حقوق مالية).

أ – الحقوق الأسرية (العائلية):

وتسمى أيضا بـ (الأحوال الشخصية) و هي تلك الحقوق التي تثبت للشخص نظرا لمركزه في الأسرة التي ينتمي إليها أو يتصل بها باعتباره عضواً فيها في مواجهة عضو آخر. و تنشأ هذه الحقوق من الروابط التي تقوم في أساسها على النسب و المصاهرة و ما يترتب عليهما من قرابة. فبين الزوجين حقوق زوجية متقابلة متبادلة. فالحقوق الأسرية لا تمنح لأصحابها لتحقيق مصالحهم الشخصية، بل تمنح لهم لتحقيق مصلحة الأسرة برمتها. و يحكم الحقوق الأسرية قانون مستقل عن القانون المدني  وهو قانون الأسرة.

ب – الحقوق المالية:

و هي الحقوق التي يقررها القانون المدني للأشخاص بغية تمكينهم من القيام بأعمال معينة لتحقيق مصالح يمكن تقويم محلها بالنقود (الذمة المالية).  و تصنف بدورها إلى ثلاثة أنواع:

1 – الحقوق العينية: الحق العيني سلطة مباشرة على شيء معين يقررها القانون لشخص معين، و يخوله فيها استعمال هذا الشيء و الانتفاع به و التصرف فيه دون وساطة أحد. و تصنف بدورها إلى (حقوق عينية أصلية) و (حقوق عينية تبعية)، كالآتي:  

 أ – الحقوق العينية الأصلية: و هي الحقوق التي تكون قائمة بذاتها و غير تابعة لحق آخر، لأنها تنشأ مستقلة دون الاستناد إلى حق آخر، وتشمل كما وردت في القانون المدني الجزائري على سبيل الحصر حق الملكية و هذا الأخير هو حق عيني أصلي يخول صاحبه سلطة التصرف (القانوني أو المادي) في ملكه تصرفا مطلقا عينا و منفعة واستغلالا. و يتجزأ عن حق الملكية حقوق أخرى و هي : حق الانتفاع و حق الاستعمال و حق السكن و حق الارتفاق[1].

ب– الحقوق العينية التبعية: و هي الحقوق الثابتة بالرهن الرسمي أو الحيازي أو بنص القانون، و لذلك فهي لا تقوم بذاتها، بل تستند في وجودها إلى حق آخر هو الدين. أي توجد تبعا لحق آخر يغلب أن يكون حق دائنية خدمة لذلك الحق و ضماناً له. إذ هي تقوم على أشياء ضماناً للوفاء بدين ما.    

و تشمل الحقوق العينية التبعية (الرهن الرسمي) و(الرهن الحيازي) و(حق التخصيص) و(حقوق الامتياز)، و تمتاز بخاصية التقدم (الأولوية أو الأفضلية) و (التتبع) و كالآتي:

الرهن الرسمي: وهو عقد يكتسب به الدائن حقا عينيا، على عقار لوفاء دينه، يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التالين له في المرتبة عند استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون. فالرهن الرسمي حق عيني تبعي لا يرد إلا على العقار الذي يظل في حيازة المدين الراهن[2].

الرهن الحيازي: وهو عقد يلتزم به شخص، ضمانا لدين عليه أو على غيره، أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان، شيئا يرتب عليه للدائن حق عينيا يخوله حبس الشيء إلى أن يستوفي الدين، و أن يتقدم الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في أن يتقاضى حقه من ثمن هذا الشيء في أي يد يكون[3].

حق التخصيص: وهو أن يلزم الدائن، الذي بيده حكم واجب التنفيذ صادر في أصل الدعوى، المدين بشيء معين، يحصل على حق تخصيص بعقارات مدينة ضمانا لأصل الدين و المصاريف[4].

حقوق الامتياز: الامتياز أولوية يقررها القانون لدين معين مراعاة منه لصفته. و لا يكون للدين امتياز إلا بمقتضى نص قانوني[5] (مثلا المصاريف القضائية، المبالغ المستحقة للخزينة العامة، و رواتب العمال).    

2 – الحقوق الشخصية ((Régime des créances et des dettes: الحق الشخصي أو (حق الدائنية) هو رابطة قانونية بين شخصين دائن و مدين يطالب بمقتضاها الدائن مدينه بنقل حق عيني إليه أو القيام بعمل معين له أو الامتناع عن القيام بعمل معين لمصلحته. و لها وجهين ايجابي (حقاَ) و السلبي (التزاماَ) و يختلف الحق الشخصي عن الحق العيني بأنه يفرض واجبا على شخص معين أو أشخاص معينين بالذات، بينما يفرض الحق العيني هذا الواجب على الناس جميعاً.

3 – الحقوق المعنوية أو (غير المادية): و تسمى الملكية الفكرية لأنها لا تنصب على أشياء مادية يمكن إدراكها بالحس أي غير مادية، بل على نتاج فكر الإنسان (منتوج ذهني) كالمؤلفات العلمية و الأدبية أو البرمجيات المعلوماتية والموسيقية و المبتكرات أو اختراعات و النماذج الصناعية و التجارية، و تمكن لصاحبها الوصول إلى منفعة مالية. و تمتد الحقوق المعنوية إلى مقومات المحل التجاري (Fond de commerce) و لكن لا تجري حماية الحقوق المعنوية التجارية بالقانون التجاري و إنما بقوانين خاصة[6]. والحقوق المعنوية بخلاف الحقوق العينية لا ترد على شيء مادي مباشرة، و بخلاف الحقوق الشخصية لا تفرض واجباً خاصاً على شخص معين بالذات، بل كالحقوق العينية تفرض الواجب على الناس جميعاً.



[1]نصت المادة 867 من القانون المدني أنه حق يجعل حدا لمنفعة عقار لفائدة عقار آخر لشخص آخر ويجوز أن يترتب الارتفاق على مال أن كان لا يتعارض مع الاستعمال الذي خصص له هذا المال.

[2] المادة 882 من القانون المدني.

[3]المادة 948 من القانون المدني.

[4] المادة 937 من القانون المدني.

[5] المادة 982 من القانون المدني.

[6]  الأمر رقم 03-05 المؤرخ في 19 جويلية 2003، يتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة/ الأمر رقم 03-06 المؤرخ في 19 جويلية 2003، يتعلق بالعلامات/ الأمر رقم 03-07 المؤرخ في 19 جويلية 2003، يتعلق ببراءات الاختراع/الأمر رقم 03-08 المؤرخ في 19 جويلية 2003، يتعلق بحماية التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة/الأمر رقم 76-65 المؤرخ في 16 جويلية 1976، يتعلق بتسميات المنشأ -الاسم الجغرافي-/الأمر رقم 66-86 المؤرخ في 28 أفريل 1966، يتعلق بالرسوم و النماذج.