1. مبدا الفصل بين السلطات
المحور الثالث: مبدأ الفصل بين السلطات
أولا : تطور مبدأ الفصل بين السلطات
ظهور مبدأ بين السلطات عند الإغريق أولا عند أفلاطون و أرسطو حيث رأى الأول أن وظائف الدولة يجب أن توزع بين هيئات مختلفة بالتوازن و التعادل حتى لا تنفرد أي هيئة بالحكم على أن تتعاون هذه الهيئات بينها و تراقب بعضها تجنبا للانحراف الاستبداد و قد وزع أفلاطون السلطة في كتابة (القوانين) بين مجلس السيادة الذي بيده زمام الحكم و يتكون من (10) أعضاء و جمعية تضم حكماء تشرف على ضمان الاحترام تطبيق دستوره في مجلس الشيوخ منتخب يتولى التشريع و هيئة لحل المنازعات بين الأفراد و هيئة للجيش و الشرطة لضمان ملائمة التراب الوطني و الأمن و هيئات تنفيذية و تعليمية لتسير مرافق الدولة .
أما أرسطو فرأى بضرورة توزيع السلطة في الدولة بين (03) وظائف هي وظيفة المداولة تقوم بها الجمعية العامة للفصل في المسائل الهامة ووظيفة الأمر و النهي يقوم بها القضاة ووظيفة القضاء تقوم بها المحاكم أما جون لوك فرأى في كتابه "الحكومة المدنية" بأن الإنسان يميل بطبعه إلى الاستبداد و عدم تركيز سلطتين في يد شخص واحد و توزيعها بين سلطات مختلفة تراقب أحداها الأخرى هذه السلطات حسب لوك تنقسم إلى (04) : سلطة تشريعية تهيمن على السلطات الأخرى و تتولى سن و التشريعات و سلطة تنفيذية تمنح للملك و تخضع للسلطة التشريعية ثم السلطة اتحادية لها صلاحيات السياسة الخارجية (كعقد المعاهدات و إعلان الحرب و السلم) و سلطة التاج و هي الحقوق و الامتيازات التي يبقى يحتفظ بها التاج البريطاني و تجتمع السلطة التشريعية على فترات فقط عكس السلطة التنفيذية التي تستمر في عملها و لضمان احترام السلطتين لاختصاصاتها يمكن حسب لوك للشعب الإطاحة لها عن طريق حق الثورة .
ومن الانتقادات التي وجهت إلى جون لوك هو تركيزه للوظائف بيد الملك أو التاج التي يحوز السلطة التنفيذية و يساهم في السلطة التشريعية كما له حقوق و امتيازات كما أنه لم يتحدث عن استقلالية القضاء رغم حديثه عنه.
أما مونتيسكيو فكان يرى في كتابه روح القوانين أن تجمع السلطات لدى شخص واحد يؤدي إلى الاستبداد و أن مبدأ الفصل بين السلطات هو الملخص من السلطة المطلقة للملوك و الضامن الاحترام الحقوق و الحريات و عليه يجب أن يتوزع السلطة بين (03) سلطات كل واحدة توقف الأخرى (السلطة توقف السلطة ) و هي :
- سلطة تشريعية من ممثلين عن الشعب
- سلطة التنفيذية بيد الملك
- سلطة القضائية تسند إلى هيئة مستقلة.
و لضمان المصلحة العامة من جهة و استحالة الفصل التام بين هذه السلطات من جهة أخرى فقد رأى مونتسكيو بضرورة تعاون هذه السلطات و تنسيقها فيما بينها.
أما جان جاك روسو : فرغم اتفاقه مع مونتسكيو بضرورة الفصل بين السلطات إلا انه لا يعترف بتساوي هذه السلطات في ممارسة السيادة و استقلالها حيث تتسع بها السلطة التشريعية فقط التي تمثل الشعب أما السلطة التنفيذية فلا تعد إلا وسيط بين السلطة التشريعية و الشعب الذي يراقبها و نفس الشيء ينطبق على السلطة القضائية التي يعتبرها جزء من السلطة التنفيذية و شبيهة بها مهمتها الخضوع للقوانين.
ثانيا : طريقة تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات في القوانين الوضعية
أخذت بعض الأنظمة بالفصل المطلق بين السلطات في حين أخذت أنظمة أخرى بالفصل المرن بينها.
الفصل المرن بين السلطات: وهو لا يمنع إمكانية تعاون هذه السلطات و الوظائف بينها حيث يمكن السلطة التنفيذية مشاركة السلطة التشريعية في عملية التشريع أو المبادرة بمشاريع قوانين و حل البرلمان الذي يمكنه هو أيضا سحب الثقة من الحكومة (هنا نجد النظام البرلماني ) .
الفصل المطلق بين السلطات : و يكون ذلك وفق (03) مبادئ هي المساواة حيث لا تنفرد بسيادة الدولة أي سلطة و إنما تتقاسمها و مبدأ الاستقلال على المستويين العضوي و الوظيفي و لا يوجد تعاون بينها حيث لا يمكن للحكومة حل البرلمان و لا لهذا الأخير سحب الثقة من الحكومة أما مبدأ التخصص فكل سلطة تمارس وظيفة محددة دون آن تتدخل في صلاحيات السلطة الأخرى (هنا نجد النظام البرلماني) .
ثالثا: الانتقادات التي وجهت لمبدأ الفصل بين السلطات
- هذا الفصل بين السلطات خيالي و ليس حقيقي لأنه لا تلبث سلطة من السلطات لتسيطر على غيرها
- إمكانية هدم وحدة الدولة
- خصائص السيادة مترابطة تشكل جسدا واحدا و تقييم هذه الخصائص و فصلها غير ممكن لأنها تجعل الدولة غير قادرة على أداء مهامها
- توزيع السلطات يعني التهرب من المسؤولية و تحميلها لسلطة الأخرى .