1. المبحث الأول: اشخاص الحق

1.2. المطلب الثاني : الشخص المعنوي


يعرف الشخص الإعتباري على أنه مجموعة الأشخاص أو الأموال التي تهدف إلى تحقيق غرض معين يعترف لها بالشخصية القانونية بالقدر اللازم لتحقيق ذلك الغرض ،ومن خلال هذا التعريف الذي أوردناه نلاحظ أنه يقوم على ثلاث عناصر هي :
-  أن الشخص الإعتباري يتكون من مجموعة أشخاص أو مجموعة أموال أو مجموعة أشخاص وأموال معا .
-  أنه يتمتع بشخصية قانونية مستقلة عن المجموعات المكونة له بناء على نص القانون .
-  أن يكون قيام الشخص الإعتباري لتحقيق هدف إجتماعي يتحدد في قانون إنشائه [1].


الفرع الأول : وجود الشخص الإعتباري .


إختلف الفقهاء حول وجود الشخص الإعتباري وطبيعته القانونية وتعددت النظريات .


أولا : نظرية الإفتراض القانوني .


يرى أصحاب هذه النظرية أن الشخص الطبيعي أي الإنسان وحده هو الكائن الذي يصلح أن يكون طرفا في الحق لأنه هو الذي له إرادة يعتد بها القانون وله في نفس الوقت وجود حقيقي لأن الحق عندهم سلطة إدارية .
ويطبق أصحاب هذه النظرية " أصحاب المذهب الفردي " قولهم أن الشخص الإعتباري ليس له وجود حقيقي وليس له إرادة بطبيعته ولكن المشرع يستطيع إذا رأي فائدة إجتماعية من شأنه أن يخلقه حلفا ويفترض له الشخصية القانونية إفتراضا حتى يستطيع الدخول للحياة القانونية في المجتمع كطرف موجب أو سالب في الحقوق والإلتزامات .
الفرع الثاني : نظرية الشخصية الحقيقية .
قال بهذه النظرية بعض الفقهاء الألمان أيضا وتتبلور فكرتهم في أن الأشخاص الإعتبارية ليست أوهاما وليست مجرد إفتراضات لا وجود لها إلا حيثما يريد المشرع وعندما ينص عليها القانون ولكنها حقائق واقعية تفرض نفسها نفسها على المشرع لأنها توجد من تلقاء نفسها بمجرد تكوينها دون إنتظار إعتراف المشرع أو القانون بوجودها وكذلك إن كذلك أن الأشخاص الإعتبارية وإن كانت تختلف عن الإشخاص الطبيعية من حيث أنها ليست أجساما وليس لها كيان مادي ملموس إلا أنها تتفق معها من حيث أنها حقائق على كل حال فالشخص الإعتباري حقيقة معنوية وهو كالشخص الطبيعي الذي هو حقيقة مادية وقد تفرعت إلى مذهبين مذهب الملكية المشتركة ومذهب المصالح المشتركة .


ثانيا : نظرية الملكية المشتركة .


يرى أصحاب هذه النظرية أن الموال التي ينشأ بها الشخص الإعتباري تعتبر مملوكة ملكية مشتركة للأفراد الذين خصصت تلك الأموال لمنفعتهم ويضيفون إلى ذلك قولهم بأن الملكية المشتركة ملكية من نوع خاص فهي تختلف عن الملكية الفردية بحيث لا يجوز لأحد المالكين أن يتصرف بالبيع أو الرهن أو الوصية في ماله المشترك ،وهي في نفس الوقت تختلف عن الملكية الشائعة بحيث لا يجوز لأحد المالكين أن يتصرف في حصته من المال المشترك ولا يجوز له أن يطالب بقسمة المال المشترك ليحصل على نصيبه .
ومعنى ذلك أنه لو كانت مؤسسة أو جمعية أنشأت مستشفى لا نقول بوجود شخص إعتباري هو المؤسسة أو الجمعية ولكننا تقول بأن هناك ملكية مشتركة حقيقة لأشخاص طبعين هم المستفدون من العلاج بصفة مباشرة وليست هناك شخصية إعتبارية مستقلة عن المكونين للمشروع .


الفرع الثاني : أنواع الأشخاص الإعتبارية


تنقسم إلى قسمين أشخاص إعتبارية عامة و أشخاص إعتبارية خاصة وينقسم كل نوع منها بدوره إلى قسمين أشخاص وطنية وأشخاص أجنبية .
ويقصد بالأشخاص المعنوية العامة الوطنية تلك الأشخاص الإعتبارية التي تنشأ بإرادة الشعب على إقليمه الوطني وتاتي في مقدمتها الدولة بإعتبارها شخصا معنويا عاما ووطنيا في نفس الوقت ويليها الفروع التي تتألف منها الدولة أي الأقسام الإدارية فيها وبحسب نص المادة 49 من القانون المدني فإن الأشخاص الإعتبارية هي :
1- الدولة ،الولاية ،البلدية .
2- المؤسسات والدواوين العامة طبقا للشروط التي يقررها القانون .
3- المؤسسات الإشتراكية والتعاونيات والجمعيات وكل مجموعة ( أشخاص وأموال ) يمنحها القانون شخصية إعتبارية .
هذا وقد تضمن القانون المدني نصا مفاده أن الشخص الإعتباري يتمتع بجميع الحقوق التي تقرها القوانين وتحميها إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان ،وأضاف المشرع أن يكون للأشخاص المعنوية
- ذمة مالية .
- أهلية في حدود ما يقرره القانون إنشائها أو أي قانون أخر .
- أن يكون لها موطن وهو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها .
- الشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج ولها نشاط في الجزائر يعتبر مركزها القانوني في الجزائر[2] .
-  أن يكون لكل شخص معنوي نائب عنه يعبر عن إرادته تعبيرا قانونيا ويعتبر النائب ممثلا له ويمارس أهلية الأداء نيابة عنه .
-  كما إعترف المشرع بأن يتمتع كل شخص معنوي بحق التقاضي كالشخص الطبيعي فيكون له حق رفع الدعاوي أمام القضاء .
وكذلك نص القانون المدني على أن تأسيس مؤسسات الدولة ومنشأتها الإقتصادية والإجتماعية وإكتسابها الشخصية القانونية أو فقدها يكون دائما بقانون .
1-  الأشخاص العامة
هي الدولة وفروعها مع ملاحظة أن الدولة تنشأ بإعتراف الدول الأخرى بقيامها أما فروع الدولة تنشأ بإعتراف المشرع الوطني أي القانون الداخلي بوجودها أو تأسيسها مثل الولاية والدائرة والبلدية .
2- الأشخاص الخاصة .
يقصد بها الهيئات والمؤسسات والمجمعات والشركات المدنية والتجارية التي تعترف لها الدولة بشخصية إعتبارية لتحقيق أهداف خاصة بالمجموعات من الأشخاص والأموال المكونة لها .
- الجمعيات : يمكن تعريف الجمعية بأنها كل جماعة تتكون من عدة أشخاص من طبيعية أو إعتبارية تكون لها صفة الدوام وتهدف لغرض إجتماعي دون الحصول على ربح مادي .
وتختلف الجمعية من الإجتماع دائما يكون عارضا وليست له صفة الدوام وتختلف أيضا عن الشركة .
- المؤسسات : هي شخص إعتباري ينشأ بناءا على تخصيص مبلغ من المال لعمل إجتماعي سواء كان خيريا أو علميا أو رياضيا أو فنيا .
- الشركات : تتكون الشركة بإتفاق شخصين أو أكثر على أن يساهموا في مشروع عن طريق تقديم كل منهم حصة من المال أو العمل مع إقتسام النتائج ربحا كان أم خسارة . فالشركة مجموعة أشخاص تتظافر جهودهم لتحقيق الكسب المالي وهي بهذا تختلف عن الجمعية التي تسعى لتحقيق غرض إجتماعي غير الربح وتتنوع الشركات إلى مدنية وتجارية ... إلخ


الفرع الرابع : الخصائص المميزة للشخص الإعتباري


أولا : حياة الشخص الإعتباري .
أ) بداية الشخصية القانونية

 بالنسبة للدولة كبدأ شخصيتها الإعتبارية من يوم تكامل عناصرها الثلاثة من شعب وإقليم وحكومة ذات سيادة وإعتراف الدول بها كعضو في المجتمع الدولي .
- بالنسبة للولاية بصدور قرار إنشائها الذي يحدد إسمها ومركزها وإستقلالها المالي وشخصيتها القانونية
- بالنسبة للمؤسسات الإشتراكية والتعاونيات والشركات والدواوين والجوعيات العامة تبدأ حياتها القانونية بصدور قانون إنشائها .
- أما بالنسبة للجمعيات والشركات والمؤسسات الخاصة فإن القانون يشترط عقب صدور قانون إنشائها القيام بشهرها عن طريق تسجيلها في السجلات الخاصة بالتوثيق في الشهر العقاري وكذلك نشر قانون إنشائها وتسجيلها بالصحف اليومية حتى يمكن الإحتجاج بها في مواجهة الغير .
ب)  نهاية الشخصية

 تزول على النحو التالي :
بالنسبة للدولة تزول بزوال شخصيتها وزوال أحد عناصرها الثلاث بالنسبة للولاية والدائرة والبلدية بصدور قانون إلغائها أو إدماجها في حده إدارية أخرى وتصدر قوانين الإلغاء و الإدماج من السلطة المختصة بالإنشاء .
بالنسبة للمؤسسات العامة وما في حكمها تنقضي شخصيتها القانونية بإدماجها في مؤسسة عامة أخرى أو بإلغائها بقانون تصدره السلطة التي أنشأتها .
أما بالنسبة للشركات والجمعيات والمؤسسات الخاصة تنهي حياتها بأحد الأسباب التالية :
-  حلول أجل إنقضائها السابق تحديده في القانون إنشائها .
-  تحقيق الغرض من إنشائها .
-  إتفاق الشركاء على حلها .
-  إشهار إفلاسها .
-  صدور حكم قضائي بحل الشخص الإعتباري .
- صدور قانون بإلغائها من السلطة التي أصدرت قانون إنشائها .

ج)  الآثار المترتبة على اكتساب الشخصية المعنوية
1- الإسم : دائما يكون لكل شخص إعتباري إسم يتميز به عن غيره من الأشخاص الإعتبارية والأشخاص الإعتبارية العامة تحدد لها الدولة أسمائها أما الأشخاص الإعتبارية الخاصة فيسميها أصحابها بأسمائها التجارية أو المستعارة ويعتبر الإسم حق وواجبا للشخص الإعتباري .
2- الحالة المدنية : يختلف الشخص الإعتباري عن الشخص الطبيعي في أن الأول ليست له روابط عائلية ولا روابط دينية أما من حيث الروابط السياسية نجد أن لكل شخص إعتباري جنسيته وتحدد في قانون إنشائه لكي يمكن التمييز بين الأشخاص الوطنية والأجنبية وما يترتب على ذلك فيها يتعلق بالمعاملات الضريبية .
3- الأهلية : بمجرد ثبوت الشخصية القانونية للشخص الإعتباري تكون له أهلية وجوب وأهلية أداء كاملة ولكنه لا يمارسها بنفسه بل يكون له نائب يمثله ويعبر عن إرادته .
4- الذمة المالية : للشخص الإعتباري ذمة مالية بعنصر بها الإيجابي والسلبي بل هي أبرز مميزاته القانونية حيث تكون ذمته المالية مستقلة ومنفصلة تماما عن الذمة المالية للأفراد المكونين له .
5- الموطن : من حيث الموطن الشخص الإعتباري يأخذ حكم الشخص الطبيعي بحيث يجوز أن يكون له موطن عادي أو قانوني أو موطن مختار في حالات معينة[3] .



[1]  نبيل إبراهيم سعد : المدخل إلى القانون ،نظرية الحق ،منشأة المعارف للنشر ، 2001 ، مصر ، ص 212 .

[2]  المرجع نفسه، ص 226

[3]  فريدة محمدي زواوي ، المدخل للعلوم القانونية نظرية الحق ، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ، 1998 ، الجزائر ، ص