2. المبحث الثاني: الحقوق المالية

2.2. المطلب الثاني : الحقوق العينية التبعية

- تعريف الحقوق العينية التبعية.

الحق العيني التبعي هو سلطة مباشرة تمنح للدائن على شيء مادي معين مملوك لمدينة ضمانا لاستيفائه حقه. فالحقوق العينية هي الحقوق التي لا توجد مستقلة بذاتها وإنما تنشأ وتستمر وتنتهي تابعة لحق دائنية، لانها تضمن الوفاء به، فهي تدور معه وجودا وعدما،ولذلك تسمى أيضا (بالتأمينات العينية ).

2- أنواع الحقوق العينية التبعية.

نظم القانون المدني الجزائري مجموعة من الحقوق التبعية وهي على النحو التالي: الرهن الرسمي، والرهن الحيازي وحق التخصيص وحق الامتياز.

أ - حق الرهن الرسمي.

-1 تعريف حق الرهن الرسمي: وهو كما عرفته المادة 882 ق م ج (( عقد يكتسب به الدائن حقا عينيا على عقار لوفاء دينه يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التاليين له في المرتبة في استفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد كان )).

ومن هذا التعريف يمكن القول بأن الرهن الرسمي، هو عقد شكلي يتم بين دائن ومدينه يكتسب بمقتضاه الدائن على عقار مملوك لمدينه حق عيني يخوله ميزتي التقدم والتتبع على هذا العقار ضمانا للوفاء بحقه.

-2 خصائص حق الرهن الرسمي:

      - الرهن الرسمي حق عيني تبعي: فهو يقوم مستندا إلى حق دائنية يضمن الوفاء به فلا وجود للرهن الرسمي مستقلا بذاته. فهو يدور مع الحق الشخصي وجودا وعدما. فمثلا إذا أقر شخص شخصا آخر مبلغ من المال مدة معينة وطلب المقرض ضمانا عينيا لهذا الوفاء واستجاب له المقترض برهن عقار مملوك له رسميا لمصلحة المقرض كان فإن حق المقرض في الرهن الرسمي تابعا لحقه في الدائنية، فإذا وفى المقترض بالتزامه وأدى ما عليه من قرض إلى المقرض في الأجل المتفق عليه انقضى التزامه الشخصي وانقضى تبعا له الرهن الرسمي.أما إذا تقاعس المقترض عن دفع مبلغ القرض إلى المقرض في ميعاده المحدد ، حق لهذا المقرض أن ينفذ على العقار المملوك للمقترض ويستوفي من ثمنه مبلغ القرض.

- مصدر الرهن الرسمي الاتفاق: الرهن الرسمي عبارة عن عقد يتم بين الدائن المرتهن والمدين الراهن، فمصدر هذا الرهن هو الاتفاق دائما. ولا يشترط أن يكون هذا الاتفاق بين المدين بحق الدائنية والدائن بهذا الحق، لأنه لا يشترط أن يكون الراهن دائما هو المدين بحق الدائنية الذي يقوم الرهن الرسمي بضمان الوفاء به فقد يلتزم أحد الأشخاص بدين ويقدم آخر رهنا رسميا للدائن لضمان الوفاء بهذا الدين ويسمى عندئذ(( بالكفيل العيني)).

- الرهن الرسمي عقد شكلي: لا يكفي لانعقاده مجرد تراضي الراهن والمرتهن بل يجب أن يتم هذا العقد على يد موظف مختص (( الموثق))،  وبذلك يكون مكتوبا في ورقة رسمية، فالرهن الرسمي لا ينعقد شفاهتا ولا حتى في محرر عرفي لأن الشكلية في الرهن الرسمي ركن انعقاد وليس لمجرد الإثبات. ويتم قيد الرهن الرسمي من تاريخ انعقاده في مصلحة الشهر العقاري ويعين القيد مرتبة المرتهن.

- يخول الرهن الرسمي للمرتهن ميزتي التقدم والتتبع على المال محل الرهن: فله التقدم على جميع الدائنين العاديين أو التاليين له في المرتبة عند التنفيذ على المال ، كما يحق له تتبع هذا المال عند التنفيذ عليه في أي يد يكون.

لا يرد الرهن الرسمي إلا على عقار:فبنص القانون فإن محل الرهن الرسمي هو دائما عقار وليس (منقولا ) المادة 882 ق.م ج.

- لا يلزم انتقال العقار من حيازة الراهن إلى المرتهن طول فترة الرهن: فعادة ما يبقى العقار في حيازة الراهن طوال فترة الرهن وبالتالي يحق له ممارسة كافة السلطات التي تكون للمالك من استعمال واستغلال وتصرف، لكن ليس هناك ما يمنع في القانون من أن ينتقل بالاتفاق بين الراهن والمرتهن حيازة العقار المرهون إلى المرتهن طول فترة الرهن.

انقضاء الرهن الرسمي.

وفق المادة 933 ق م ج ينقضي حق الرهن الرسمي بانقضاء الدين المضمون . وكذلك تنقضي حقوق الرهن كذلك إذا بيع العقار المرهون بيعا جبريا بالمزاد العلني بإيداع الثمن الذي رسا به المزاد، أو بدفعه إلى الدائنين المقيدين الذين تسمح مرتبتهم باستيفاء حقوقهم من هذا الثمن.وهذا ما أكدته المادة (636 ق م ج )

ب - حق الرهن الحيازي:

-1 تعريفه: عرفته المادة 948 ق م ج بقولها (( الرهن الحيازي عقد يلتزم به شخص، ضمانا لدين أو على غيره، أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان، شيئا يرتب عليه للدائن حقا عينيا يخوله حبس الشيء إلى أن يستوفي الدين، وأن يتقدم الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في أن يتقاضى حقه من ثمن هذا الشيء في أي يد يكون وأضافت المادة 949 ق م ج أنه :(( لا يكون محلا للرهن الحيازي إلا ما يمكن بيعه استقلالا بالمزاد العلني من منقول وعقار)).

-2 خصائص الرهن الحيا زي:

-  الرهن الحيازي حق عيني تبعي: فهو يقوم مستندا على حق دائنية يضمن الوفاء به ويدور معه وجودا وعدما.

الرهن الحيازي يخول المرتهن ميزات التقدم والتتبع وحبس الشيء المرهون: فيخول بذلك للمرتهن التقدم على جميع الدائنين العاديين والتاليين له في المرتبة عند التنفيذ على المال المرهون رهنا حيازيا.كما يحق له تتبع هذا المال عند التنفيذ عليه في أي يد يكون. وله كذلك الحق في حبس الشيء المرهون إذا كان هو من اتفق على حيازته للمال المرهون، فيحق له عندئذ الامتناع عن تسليمه للمتصرف إليه من قبل الراهن حتى يستوفي منه حقه وهذه الميزة الأخيرة لا توجد في الرهن الحيازي.

- الرهن الحيازي عقد رضائي مصدره الاتفاق: فالرهن الحيازي ينشأ بمقتضى اتفاق بين شخصين أحدهما الراهن الذي يقدم عقاره لضمان دين عليه أو على غيره. والثاني وهو المرتهن أي الدائن الذي له حق دائنية يقوم الرهن الحيازي بضمان الوفاء به. وينعقد الرهن الحيازي باتفاق الطرفين.فلا يحتاج لانعقاده أي شكلية فقد يكون اتفاقا شفهيا، وقد يفرغ هذا الاتفاق في عقد عرفي، على عكس الرهن الرسمي الذي لايكون إلا بموجب عقد رسمي.

- يلتزم الراهن بمقتضى الرهن الحيازي أن ينقل حيازة المال المرهون إلى الدائن المرتهن  أو إلى أي شخص آخر يعينه المتعاقدان: يعتبر الرهن الحيازي من العقود العينية التي تقضي التسليم لوجودها، أي وجوب أن يسلم الراهن الشيء المرهون إلى المرتهن أو إلى شخص آخر يعينه المتعاقدان حتى نكون بصدد رهن حيازي مثله مثل عقد الوديعة وعقد العا رية وعقد القرض. ويتولى بذلك المرتهن إذا آل إليه حيازة هذا المال إدارته والمحافظة عليه، وأن يلتزم برده إلى الراهن بعد أن يستوفي كامل حقه (المادة 959 م ج) وللدائن المرتهن بعد تسلم الشيء المرهون أن ينتفع بالمال المرهون باستثماره ويخصم بذلك ما جناه من المال، من الدين المضمون بالرهن(  المادة (956 ق م ج)

-3 انقضاء الرهن الحيازي: ينقضي الرهن الحيازي في عدة حالات نص عليها القانون المدني في المادة 964 والمادة 965 .وهي:

- ينقضي بانقضاء الدين المضمون المادة 964 ق م ج.

- بتنازل الدائن المرتهن حقه في الرهن الحيازي، بالتخلي عن الرهن.

- باجتماع حق الملكية والرهن الحيازي في يد شخص واحد.

- هلاك الشيء المرهون هلاكا كليا.أو انقضاء الحق المرهون.

ج - حق الاختصاص( حق التخصيص).

-1 تعريفه: حق الاختصاص حق عيني تبعي يتقرر بموجب حكم صادر من المحكمة الكائن في دائرتها العقار الذي يريد الدائن الاختصاص به، وهذا الحكم يصدر بناءا على حكم بالدين واجب التنفيذ لمصلحة الدائن أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استفاء دينه من المقابل النقدي لذلك العقار في أي يد يكون. وهذا ما أكدته المادة (937 ق.م .ج ) بقولها : (( يجوز لكل دائن بيده حكم واجب التنفيذ صادر في أصل الدعوى يلزم المدين بشيء معين، أن يحصل على حق تخصيص بعقارات مدينه ضمانا لأصل الدين والمصاريف)).

-2 خصائص حق التخصيص:

-  مصدر حق التخصيص حكم قضائي:  وبهذا  يختلف حق التخصيص عن حق ( الرهن الرسمي والحيازي) لأن هذا الأخير مصدره الاتفاق العقد أما حق التخصيص فمصدره حكم قضائي يصدر من رئيس المحكمة الكائن في دائرتها العقار الذي يريد الدائن الاختصاص به.

محل حق التخصيص عقار: فلا يرد حق التخصيص على منقول، وهذا ما يجعله يشبه حق

الرهن الرسمي الذي بدوره لا يكون إلا على عقار، ويختلف عن الرهن الحيازي الذي يمكن أن يكون محله عقار أو منقول.

-       حق التخصيص حق عيني تبعي: فهو يخول من يصدر لمصلحته حكم قضائي بالاختصاص

على عقار مملوك لمدينه ميزة التقدم على الدائنين العاديين أو التاليين له في المرتبة عند التنفيذ على العقار،كما يخوله تتبع هذا العقار عند التنفيذ في أي يد يكون.

د - حق الامتياز:

-1 تعريف حق الامتياز: هو حق عيني تبعي يقرره القانون لدائن على مال معين يملكه مدينه  مراعاة منه لصفة الدين، وذلك ضمانا للوفاء به، وهذا ما أكدته المادة 982 من القانون المدني الجزائري بقولها :(( الامتياز أولوية يقررها القانون لدين معين مراعاة منه لصفته ولا يكون للدين امتياز إلا بمقتضى نص قانوني)). وحقوق الامتياز تنقسم إلى حقوق امتياز عامة وحقوق امتياز خاصة.وقد عرفتهما المادة ( 984 ق م ج) بقولها: (( ترد حقوق الامتياز العامة على جميع أموال المدين من منقول وعقار، أما حقوق الامتياز الخاصة فتكون مقصورة على منقول أو على عقار معين))،  وقد قسم المشرع الجزائري حقوق الامتياز إلى عامة وخاصة وذلك في المواد من (989  إلى 1001 ق م ج).

-2 أنواع حقوق الامتياز.

-  حقوق الامتياز العامة: هي التي تقرر للدائن على جميع أموال المدين المنقولة والعقارية ، وعادة ما يكون الدين على درجة كبيرة من الأهمية يستحق هذا العموم في الضمان.وتتمثل هذه الحقوق في مايلي:

-       المصاريف القضائية التي انفقت لمصلحة جميع الدائنين لحفظ مال المدين وبيعه. ·

-       المبالغ المستحقة للخزينة العمومية من ضرائب ورسوم وحقوق أخرى. ·

-       المبالغ المستحقة للخدم والكتبة والعمال وكل أجير آخر من أجرهم ورواتبهم من أي نوع كان · عن الاثني عشر شهرا الأخيرة

-       المبالغ المستحقة عما تم توريده للمدين ولمن يعوله من مأكل وملبس في الستة الأشهر الأخيرة.

-       النفقة المستحقة في ذمة المدين لأقاربه عن الأشهر الستة الأخيرة. ·

وبتأملنا في حق الامتياز المقرر للوفاء بدين النفقة،وحق الامتياز المقرر للدولة بالنسبة للمبالغ المستحقة للخزينة العمومية ،نلاحظ أن هذه الديون على درجة كبيرة من الأهمية تستحق مثل هذا الشمول في الضمان. فالنفقة دين إن لم يوف قد يعرض الدائن وأسرته لخطر جسيم قد يمس حياته وقد يؤدي إلى تقويض أسرة بأكملها.والضرائب ديون تقع على عاتق فئة معينة من المجتمع ويؤدي دفعها إلى إعادة توزيع الدخول في المجتمع، والذي يقوم بهذا التوزيع الدولة، وبالتالي فإن عدم الوفاء بها يؤدي إلى إحداث خلل في المجتمع بين طبقاته المختلفة.

- حقوق الامتياز الخاصة:  وهي التي تقرر بمقتضى القانون للدائن على مال معين(  منقول أو عقار)  مملوك لمدينه.

حقوق الامتياز الخاصة الواقعة على منقول:  وتتمثل في مايلي:

-       امتياز المصروفات الزراعية والمبالغ المستحقة للآلات الزراعية.

-       امتياز المؤجر ويقع على المنقولات المملوكة للمستأجر في حدود مبلغ الايجار.

-       امتياز صاحب الفندق في ذمة النزيل عن أجرة الاقامة و المؤونة وما صرف لحسابه.على الامتعة التي أحضرها النزيل إلى الفندق.

-       امتياز بائع المنقول ويقع على المنقول المعين بذاته. ·

حقوق الامتياز الخاصة الواقعة على عقار ومنها مايلي:

-       امتياز بائع العقار على العقار المبيع في ما يستحق من الثمن. ·

-       امتياز المهندسين والمقاولين : حيث تكون المبالغ المستحقة لهم امتياز على المنشآت المعهودة إليهم ويرد هذا الحق لا على المال كله بل على ما زاد في قيمة العقار بسبب الأعمال التي قام بها المهندس أو المقاول وبقيت قائمة إلى وقت البيع .

-3 خصائص حقوق الامتياز: حقوق الامتياز سواء كانت عامة أو خاصة تشترك في الخصائص التالية:

-  مصدرها القانون:  مصدر حق الامتياز هو القانون فلا يتقرر حق الامتياز بمقتضى اتفاق أو بمقتضى حكم قضائي ،ولهذا فهي واردة في القانون على سبيل الحصر لا يقاس عليها ولا يتوسع في تفسيرها.

هي حقوق عينية تبعية: تقوم مستندة إلى حق دائنية تضمن الوفاء به وتمنح صاحبها ميزة التقدم على غيره من الدائنين عند التنفيذ على المال محل الامتياز وتتبع هذا المال عند التنفيذ عليه في أي يد يكون.

- ترد حقوق الامتياز على العقارات والمنقولات: والذي يحدد محل حق الامتياز هو القانون.