محتوى المحاضرة

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: النظرية العامة للحق
Livre: محتوى المحاضرة
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Friday 3 May 2024, 09:56

1. المبحث الاول : الحقوق الغير مالية

الحقوق غير المالية هي الحقوق التي لا يمكن تقويمها بالنقود لأنها تنطوي على قيمة معنوية وليس على قيمة مادية.وهي الحقوق التي يمنحها القانون لشخص معين لإشباع حاجة معنوية ويندرج ضمن هذه الحقوق ، الحقوق السياسية وحقوق الأسرة والحقوق اللصيقة بالشخصية.

1.1. المطلب الأول: الحقوق السياسية

سنتطرق في هذا المطلب إلى تعريف الحقوق السياسية وأنواعها وخصائصها.

أولا: تعريف الحقوق السياسية.

الحقوق السياسية هي التي تمنح للشخص باعتباره عضوا في جماعة سياسية بهدف إدارة شؤون بلده، والمشاركة في حكمه والدفاع عنه.

ثانيا: أنواع الحقوق السياسية.

للحقوق السياسية أنواع كثيرة من أهمها حق الانتخاب وحق الترشح وحق تولي الوظائف العامة.

-1 حق الانتخاب:  وهو حق الشخص في اختيار من يمثله لمباشرة سلطات عامة كانتخاب رئيس الجمهورية ، وانتخاب أعضاء البرلمان ، وأعضاء المجالس المحلية و الولائية والبلدية وأعضاء النقابات المهنية.

-2 حق الترشح:  وهو حق الشخص في التقدم لجمهور الناخبين لاختياره نائبا عنهم في تولى سلطات عامة، كالترشح للمجالس النيابية الوطنية والمحلية ...الخ.

-3 حق تولي الوظائف العامة:  وهو حق الشخص في القيام بأعباء أحد الوظائف العامة والقيام بعمل من الأعمال التي تناط بالدولة لإدارة شؤون المجتمع سواء كان هذا العمل مدنيا أم عسكريا.

ثالثا: خصائص الحقوق السياسية.

-1 لا تثبت الحقوق السياسية إلا للمواطنين الذين يتمتعون بجنسية الدولة التي تمارس على أرضها هذه الحقوق فهي لا تثبت للأجانب لأنها تمس بالمصالح العليا للدولة ويترتب على مباشرتها تحديد الاتجاه العام لسياسة الدولة.

-2 الهدف الأساسي من منح هذه الحقوق هو تحقيق مصلحة الوطن بالارتقاء بشأنه والتقدم به، فليس الهدف من منحها مجرد إشباع مصلحة شخصية للمواطن تتحقق عند الاشتراك في حكم بلده. وبالتالي يجب أن تقدم مصلحة الوطن دائما. فمثلا النائب الذي رشح نفسه لتمثيل ولاية معينة في البرلمان يجب عليه عند ممارسة هذا الحق أن يراعي في ذلك مصلحة الوطن بأسره. ولا يستعمل منصبه لتحقيق مصالحه الشخصية معتمدا على حصانته البرلمانية. فإن هو فعل ذلك وكان عمله فيه إضرار بمصلحة الوطن يجب أن يحرم من مباشرة حقه في تمثيل دائرته الانتخابية وأن ترفع عنه الحصانة البرلمانية لينال جزاء ما اقترفت يداه.

-3 مباشرة الحقوق السياسية حق وواجب في نفس الوقت: فمن حق كل مواطن أن يشترك في حكم بلده طالما توافرت فيه الشروط اللازمة لذلك.ولكن إذا أتيحت له الفرصة يجب عليه أن يراعي مصلحة الوطن، وأن لا يتقاعس عن أداء واجبه وأن يحترم القواعد التي يفرضها القانون عند مباشرة هذه الحقوق.

-4 الحق السياسي حق غير مالي : فهو حق غير قابل للتصرف فيه ولا يسقط بالتقادم ولا ينتقل إلى الورثة، ومع ذلك فالاعتداء على هذا الحق يؤدي إلى نشوء حق مالي هو الحق في التعويض عن الضرر الناشئ عن هذا الاعتداء. فالشخص الذي يمنع شخصا آخر من الإدلاء بصوته في الانتخاب مع عدم وجود مبرر قانوني لذلك المنع يلتزم بجبر الضرر الناشئ عن هذا المنع عن طريق تعويض نقدي مناسب يحكم به القاضي يدفع للمعتدى عليه.

1.2. المطلب الثاني : حقوق الأسرة

سنتعرض في هذا المطلب لتعريف حقوق الأسرة وخصائصها.

أولا : تعريف حقوق الأسرة.

حقوق الأسرة هي تلك الحقوق التي تثبت للإنسان باعتباره عضوا في أسرة معينة سواء كان ذلك بسبب الزواج أم بسبب النسب ومن أمثلتها، حق الزوج في طاعة زوجته له ، وحق الزوجة في إنفاق زوجها عليها، وحق الأب في تأديب أولاده، وحق الأولاد في إنفاق والدهم عليهم.ونظرا للطبيعة الخاصة لحقوق الأسرة فقد أبعدها المشرع من التقنين المدني وترك تنظيمها للشريعة الإسلامية.ويطلق على القانون المنظم لها اسم " قانون الأحوال الشخصية".

ثانيا:  خصائص حقوق الأسرة.

-1 الكثير من حقوق الأسرة حقوق ذات طابع أدبي: أي أنها حقوق غير مالية تقوم على أساس رابطة القرابة التي تجمع بين أفراد الأسرة، وعلى الرغم من أن بعض هذه الحقوق يتميز بطابع مالي مثل الحق في النفقة والحق في الإرث إلا أنها تستند إلى أساس أدبي يقوم على هذه الرابطة.

2- يقترن هذا الحق عادة بواجب يقع على عاتق من تقرر له هذا الحق .فالأب له حق في تربية أولاده ولكن في مقابل ذلك يقع على عاتقه واجب الإنفاق عليهم، وأن يكون قدوة طيبة لهم بأن يسلك في حياته  سلوكا رشيدا، بحيث لو تخلى عن أداء واجبه نحوهم سلب منه هذا الحق، والزوج إذا كان له حق في طاعة زوجته له، وفي مصاحبته حيث يقيم فإن عليه مقابل ذلك واجب الإنفاق عليها، وإعداد المسكن اللائق لإقامتها حتى ولو كان فقيرا وكانت هي ميسورة الحال.

-3 الهدف الأساسي من تقرير حقوق الأسرة تحقيق مصلحة الأسرة:  فلا شك أن تقرير هذه الحقوق لشخص معين يحقق مصلحته الذاتية ومصلحة الأسرة التي ينتمي إليها.ولكن إذا تعارضت المصلحتان قدمت دائما مصلحة الأسرة. فمثلا من حق الأب أن يربي أولاده وأن يوجههم نحو الطريق الذي يحقق نفعهم ونفعه، ولكنه إذا حاد في تربيتهم عن جادة الصواب وعن طريق الإصلاح والإرشاد بأن انطوت تربيته على سلوك منحرف يحقق  مصلحة ذاتية له ويضر بمصلحتهم فهو بهذه التربية يهدد مصلحة الأسرة، وهي مقدمة على مصلحته، وبالتالي يجب حرمانه من مباشرة هذا الحق.

1.3. المطلب الثالث : الحقوق العامة

سنتطرق في هذا المطلب إلى تعريف الحقوق اللصيقة بالشخصية وأنواعها وخصائصها.

أولا :  تعريف الحقوق اللصيقة بالشخصية ( أو بما تعرف كذلك بالحقوق الملازمة للشخصية أو حقوق الشخصية).

إن للحقوق اللصيقة بالشخصية عدة تعريفات . فقد عرفها الدكتور "حسن كيرة "بأنها: ( تلك الحقوق التي تنصب على مقومات الشخصية وعناصرها في مظاهرها المختلفة حيث تبين للشخص سلطاته المختلفة على هذه العناصر والمقومات، وذلك بهدف تنمية شخصية الإنسان وحمايتها في مواجهة اعتداء الآخرين". وكما عرفها الأستاذ "حسام الدين كامل الأهواني" :بأنها " الحقوق التي تثبت للشخص باعتباره إنسانا وتثبت بالتالي لكل إنسان فهي لصيقة به لا تنفصل عنه". وكما عرفها الفقيه الفرنسي DABIN" بأنها " الحقوق التي يكون محلها العناصر المكونة  لشخصية الإنسان والتي تشمل عدة وجوه جسدية ومعنوية فردية واجتماعية".

ومن خلال هذا التعريف الأخير يتبين لنا بأن الحقوق اللصيقة بالشخصية يدخل في نطاقها عدة حقوق مادية ومعنوية وفردية واجتماعية، بحيث يدخل تحت نطاقها الملكات الطبيعية كحق إبرام عقد أم لا. وتشتمل كذلك على حقوق جسدية كالحق في الحياة وحق التكامل الجسدي. وكذلك الحقوق المعنوية للشخصية كالحق في الاسم والحق في السعادة والحشمة، والحياء والحق في العاطفة والمشاعر، وحق الشخص في المحافظة على مظهره الخارجي ، كذلك حقوق المؤلف المعنوية على إنتاجه الأدبي والفني ،وأخيرا الحق في الشخصية الاقتصادية كالحق في العمل وحرية الانتساب للنقابات.

ثانيا: أنواع الحقوق اللصيقة بالشخصية.

ليس من اليسير حصر الحقوق اللصيقة بالشخصية فهي كما تقدم " مجموعة القيم التي تكون شخصية الإنسان ". فهذه القيم تزداد كلما تقدم المجتمع، ومع ذلك يمكن رد هذه الحقوق إلى طوائف ثلاثة تمثل كل منها مظهر من مظاهر الشخصية، فمن هذه الحقوق ما يهدف إلى حماية الكيان المادي للإنسان ومنها ما يهدف إلى حماية كيانه الأدبي.ومنها ما يتعلق بحماية حرياته الشخصية.

-1 الحقوق التي تهدف إلى حماية الكيان المادي للإنسان ( الحق في التكامل الجسدي).

يقف في مقدمة هذه الحقوق حق الإنسان في الحياة والحق في سلامته البدنية أو الجسمية، فلكل إنسان الحق في المحافظة على حياته وأعضاء جسده ضد أي اعتداء من أي شخص آخر وهذا كأصل عام.

فالأصل أنه لا يجوز لأي شخص أيا كانت وظيفته الاعتداء على جسد شخص آخر ،وعلى أي عضو من أعضائه إلا بموافقته. فالجراح لا يستطيع إجراء أي عملية جراحية على جسد المريض إلا بعد موافقته باستثناء الحالات التي يتعذر فيها الحصول على هذه الموافقة من المريض أو من أحد ذويه، فيخشى على حياته الهلاك، إذا لم تجرى له هذه الجراحة.ففي هذه الحالة يمكن للجراح التدخل لحماية حياة المريض بإجراء هذه الجراحة دون الحصول على موافقة. كما قد يتدخل القانون لإجبار الناس على التطعيم من مرض معين أو إجراء فحوصات معينة، وهذا لا يعتبر استثناء من حق الإنسان في الحفاظ على حياته، بل هو إجراء يتفق معه،لأنه إذا رفض أحد من الناس هذا التطعيم أو تلك الفحوصات تحمل وحده مخاطر هذا الرفض. وقد يتطلب القضاء في حالات معينة من أحد الخصوم تقديم فحوصات طبية معينة لكشف حقيقة ما في الدعوى. عندئذ يجب على هذا الشخص الرضوخ لمطلب القضاء وإلا قد يستخلص القاضي من رفضه هذا قرينة قضائية تعزز دعوى خصمه. كما أنه لا يجوز للشخص أن يعتدي هو نفسه على حياته كالانتحار، أو أن يتصرف في أي جزء من أجزاء جسمه إذا كان هذا التصرف يعرض حياته للخطر، كالتبرع بالقلب أثناء الحياة فهذا غير ممكن لأن نتيجته الموت الحتمي. لأن الحق في الحياة لا يعني فقط حفظ حياة الإنسان ضد اعتداء الآخرين بل يعني أيضا حفظ حياته ضد اعتدائه هو. أما إذا كان هذا التصرف لا يعرض حياته للخطر فيصبح هذا التصرف صحيحا، فالقانون يجيز للإنسان التصرف في أعضائه بالتبرع قصد تحقيق فائدة علاجية لإنسان في حاجة ماسة لهذه

الأعضاء حال الحياة، إذا كانت هذه الأعضاء المتبرع بها لا تؤدي إلى هلاك المتبرع، مثل التبرع بالأعضاء المتجددة في جسم الإنسان كالدم مثلا، أو الأعضاء المزدوجة في جسم الإنسان التي تقوم بعضها مقام بعض في لعب الدور المنوط بها في جسم الإنسان كالكلى مثلا. وكذالك يمكن التعامل في الأعضاء البشرية حال الممات عن طريق الوصية كأن يوصي شخص بعينه لأحد بنوك العيون ، أو بنقل أي عضو من جسمه مباشرة بعد وفاته إلى جسم شخص حي في حاجة ماسة علاجيا لهذه الأعضاء من أجل تحقيق شفاء هذا الأخير، أو أن يوصي شخص بأعضائه بعد مماته لأغراض علمية قصد إجراء التجارب الطبية التي تعود بالنفع على المجتمع. فقد نظم المشرع الجزائري نقل الأعضاء حال الحياة وحال الممات ضمن قانون حماية الصحة 17 الموؤرخ في 31 جويلية - 05 المعدل والمتمم بموجب القانون رقم 90 - وترقيتها، قانون رقم 85 -1990  المنشور بالجريدة الرسمية رقم 35 لسنة 1990 .فالمادة 158 منه متعلقة بعمليات نقل الدم. والمواد من 161 إلى 168 منه متعلقة بنقل وزراعة الأعضاء عامة وقت الحياة وحال الممات.وقد أحاطها المشرع الجزائري بقدر من الضمانات اللازمة الكفيلة لإنجاح هذه العمليات حتى لا تصبح

حياة الأشخاص وسلامة أبدانهم عرضة للتلاعب خاصة في وقتنا الحاضر حيث طغت الماديات على القيم الإنسانية والأخلاق.

-2 الحقوق التي تهدف إلى حماية الكيان الأدبي ( المعنوي للإنسان).

فإذا كان للإنسان حق في حماية جسده، فإن له أيضا الحق في حماية مشاعره وكيانه الأدبي.ومن مظاهر هذه الحماية حقه في حماية شرفه وأسرته واسمه. وذلك مع التفصيل الآتي:

أ- للفرد الحق في الشرف: فالفرد له الحق في حماية كرامته وعرضه وسمعته من أن يمسه فيها إدعاء، وإذا وقع اعتداء كان له الحق في الذود عن كرامته وعرضه. بل إن هذا الاعتداء لا يعتبر اعتداء على الشخص فقط بل هو اعتداء على الجماعة بأسرها. ولذا يعاقب القانون الجنائي على مثل هذا الاعتداء. فيعاقب بذلك على جرائم القذف والبلاغ الكاذب والسب. وفي نفس الوقت يحفظ للمدعى حقه في مطالبة المعتدي بتعويض الأضرار الناجمة عن اعتدائه .

ب - للفرد الحق في السرية: لكل شخص الحق في الخصوصية على أسرار حياته، في أن تظل أسراره بعيدة عن العلانية، مصونة من النشر واستطلاع الغير، ومن ثم يمنع عن الغير إفشاء أسرار شخص دون إذنه، لاسيما لو أطلع شخص على هذه الأسرار بحكم وظيفته كالطبيب أو المحامي، أو بحكم صلة القرابة كالزوج. إلا في الأحوال التي يرخص فيها القانون بذلك. كما أن القانون يعتبر إفشاء أصحاب المهن ( الطبيب، المحامي) الأسرار التي يؤتمنون عليها جريمة معاقب عليها جنائيا( المادة 301 من قانون العقوبات الجزائري).

ت - للفرد الحق في الاسم:  فلكل فرد الحق في اسم يميزه عن غيره من الأشخاص. ويمنع غيره من انتحال شخصيته. فسوف نتعرض بالتفصيل لهذه النقطة عند تطرقنا لدراسة(  أركان الحق صاحب الحق).

ث - للفرد الحق في الصورة: فالصورة ما هي إلا انعكاس للإنسان وبالتالي فإن حق نشرها علانية على الناس حق من الحقوق اللصيقة بالشخصية، يلزم حمايته، فلكل إنسان الحق في الخصوصية على صورته. فلا يجوز نشر صورة شخص دون إذنه إلا إذا كان شخصية عامة، كرئيس الجمهورية مثلا.أو حتى غير عامة وأخذت له صورة بصدد مناسبة عامة أو بمناسبة حوادث وقعت علنا وهذا استثناء من الاستثناءات الواردة على مبدأ الحق في الخصوصية،وإلا كان هذا الحق قيدا كبيرا على الناس في معرفة حقيقة ما يحدث حولهم من قضايا عامة.

ج - الحق المعنوي للمؤلف. من الحقوق اللصيقة بالشخصية ما للمؤلف من حق على نتاج ذهنه وحصيلة فكره التي تتجلى في صورة مصنفات ((مؤلفات)) سواء كانت كتابا أو رواية أو غير ذلك. فله وحده حق تعديله بما يتماشى مع ما أصاب فكره من تعديل وتغير. فالمصنف انعكاس لشخصية مؤلفه وبالتالي له الحق في حمايته كما يحمي كافة الحقوق الأخرى اللصيقة بشخصيته.

ح - الحريات الشخصية.تعتبر الحريات الشخصية من الحقوق اللصيقة بالشخصية لانها ترمي إلى تمكين الشخص من مزاولة نشاطه الذي يتماشى مع رغباته. ومن أمثلة هذه الحريات حرية الانتقال. حرية العمل، حرية التعاقد، حرية الزواج...الخ.

ثالثا: خصائص الحقوق اللصيقة بالشخصية.

الحقوق اللصيقة بالشخصية هي حقوق غير مالية فهي مرتبطة بشخص صاحبها لا تنفصل عنه فهي تخرج بذلك عن دائرة التعامل.فلا يجوز التصرف فيها ولا يرد عليها التقادم ، ولا تنتقل إلى الورثة. ويترتب على الاعتداء عليها الحق في تعويض الضرر الناتج عن هذا الاعتداء.

-1 الحقوق اللصيقة بالشخصية لا يجوز التصرف فيها. الحقوق اللصيقة بالشخصية تخرج عن دائرة التعامل، وبالتالي لا يجوز تصرف صاحبها فيها إلى الغير بأي شكل من أشكال التصرف ( البيع مثلا ، الهبة ، الوصية)، وقد عني المشرع الجزائري بالنص على هذه الخاصية فيما يتعلق بالتصرف في الحريات الشخصية كمثال بارز لهذه الحقوق بحيث تنص المادة 46 من القانون المدني الجزائري على أنه (  ليس لأحد التنازل عن حريته الشخصية ). كما نصت المادة 45 من نفس القانون على أنه( ليس لأحد التنازل عن أهليته ولا لتغيير أحكامها) . فمثلا كذلك لا يجوز لشخص أن يلتزم بالعمل مدى الحياة عند شخص آخر، لأن في ذلك سلبا لحريته الشخصية بحيث يتضمن هذا التصرف تصرف الشخص في حريته في العمل لرب العمل فيكون العامل بهذا الالتزام الأبدي بمثابة عبد عند رب العمل وهو ما لا يجوز بنص القانون.

وإذا كان الأصل هو عدم جواز التصرف في الحقوق اللصيقة بالشخصية فإن هناك بعض الاستثناءات ترد على هذا الأصل، فهناك بعض الاتفاقات التي تنصب على التصرف في حق من الحقوق اللصيقة بالشخصية، ومع ذلك تعد صحيحة لكونهاا تحقق أغراضا اجتماعية جديرة بالرعاية. فمثلا كما رأينا سابقا بأنه يجوز التبرع بالدم أو التبرع بالأعضاء البشرية فهذه الاتفاقات محلها جسم الإنسان، إذا كانت لا تؤدي إلى هلاكه أو إلى نقص دائم في كيانه الجسدي إنقاذا لحياة شخص آخر. وبالتالي تجوز مثل هذه التصرفات تحقيقا لمصلحة المستفيد منها، شريطة أن يكون هذا التصرف مجاني بدون عوض مادي ،عن طريق التبرع ، وهذا ما نصت عليه المادة 161  من قانون حماية الصحة وترقيتها على أنه: (  لا يجوز انتزاع أعضاء الإنسان ولا زرع الأنسجة إلا لأغراض علاجية أو تشخيصية حسب الشروط المنصوص عليها في هذا القانون. ولا يجوز أن يكون انتزاع الأعضاء أو الأنسجة البشرية ولا زرعها موضوع معاملة مالية).

-2 الحقوق اللصيقة بالشخصية لا يرد عليها التقادم: كل الحقوق اللصيقة بالشخصية لا تكتسب ولا تسقط بالتقادم لأنهاا جزء من شخصية الإنسان. بحيث لا تسقط هذه الحقوق بعدم الاستعمال مهما طالت مدة عدم استعمالها، مثل من يعرف بين الناس باسم معين غير أسمه الحقيقي (اسم الشهرة) لا يسقط حقه في اسمه الحقيقي مهما طالت مدة عدم استعماله لاسمه الحقيقي. ومن جهة أخرى لا يستطيع أحد اكتساب حق من هذه الحقوق بمضي الزمن، فمثلا من يؤلف كتابا ولا يضع عليه اسمه لا يستطيع أحد أن يكتسب حق نسبة هذا الكتاب له بوضع اسمه عليه، مهما طالت مدة استعماله لهذا الحق. وبالتالي يستطيع المؤلف الحقيقي أن يضع اسمه على مؤلفه وله الحق في أن ينسب له مهما طالت مدة اعتداء أحد الأشخاص على هذا الحق.

-3 الحقوق اللصيقة بالشخصية لا تنتقل معظمها للورثة. ما دامت أن هذه الحقوق لصيقة بالشخصية فهي لا تنتقل إلى الورثة، فمثلا لا يجوز لورثة شخص أن يتصرفوا في أجزاء جسده بمجرد وفاته دون إذن مسبق منه. وأيضا لا يجوز لورثة مؤلف لمصنف معين أن ينسبوا هذا المصنف إلى أنفسهم بمجرد وفاة هذا المؤلف، ولا أن يعدلوا فيه دون إذن مسبق من مورثهم. فكل ما لورثة المؤلف من سلطات تخولهم فقط المحافظة على مصنف مورثهم من أي اعتداء يمس نسبة هذا الصنف لصاحبه أو أي تغير في حالته التي أرادها له قبل وفاته.

الإعتداء على الحقوق اللصيقة بالشخصية ينشئ حقا ماليا في التعويض. إذا اعتدى شخص على أي حق من الحقوق اللصيقة بالشخصية لشخص آخر يحق للمعتدى عليه مطالبة المعتدي بتعويض الضرر الذي أصابه نتيجة هذا الاعتداء سواء كان هذا الضرر ماديا أم معنويا( أدبيا). فمثلا من يدعي على شخص فعل يسئ إلى سمعته ويشيع هذا بين الناس دونما أساس من الصحة يعتبر معتديا على حق هذا الشخص في المحافظة على سمعته وشرفه.وبالتالي يحق للمعتدى عليه مطالبة المعتدي بجبر الضرر الذي أصابه جراء هذا الاعتداء ،عن طريق حصوله على تعويض مناسب يحكم به القاضي.وذلك وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية، لان مصدر هذا العمل هو الفعل غير المشروع الموجب للتعويض. فالحق المالي في التعويض حق يتولد من الاعتداء على الحقوق اللصيقة بالشخصية ولكنه حق منفصل عنها. وهذا ما نصت عليه المادة 47 من القانون المدني الجزائري بقولها : (  لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة للشخصية ، أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر). وما أكدت عليه المادة 48 من نفس القانون بقولها: (  لكل من نازعه الغير في استعمال اسمه دون مبرر. ومن انتحل الغير اسمه أن يطلب وقف هذا الاعتداء والتعويض عما يكون قد لحقه من ضرر).

2. المبحث الثاني: الحقوق المالية

الحقوق المالية هي الحقوق التي يمكن تقويم محلها بالنقود، أو هي الحقوق التي تعطي لصاحبها ميزة يمكن تقويمها بالنقود، وتحقق له بذلك مصلحة مادية فمثلا حق الملكية حق مالي لأن محله لو كان عقارا أو منقولا أمكن تقويمه بالنقود ، وهو حق يرمي إلى تحقيق مصلحة مادية لصاحبه.

فالحقوق المالية تتكون منها الثروات المادية التي يمكن للإنسان أن يقتنيها ومثلها ملكية العقارات والمنقولات. والدين بمبلغ من النقود، وحقوق الانتفاع ...الخ.وهذه الحقوق تمثل الجانب الايجابي في ذمة الإنسان ولذلك تسمى بحقوق الذمة.

ويمكن تقسيم الحقوق المالية إلى قسمين:

القسم الأول: يضم حقوق تعطي لصاحبها سلطة مباشرة على شيء مادي معين، ويطلق عليها اصطلاح ( الحقوق العينية).

القسم الثاني: يضم حقوق تخول شخصا سلطة مطالبة شخص آخر بأداء مالي معين، ويطلق عليها اصطلاح ( حقوق الدائنية أو الحقوق الشخصية).

2.1. المطلب الاول : الحقوق العينية الاصلية

الحقوق العينية الأصلية هي الحقوق التي تخول صاحبها سلطات استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه أو تخوله فقط جزء من هذه السلطات. ويقف على رأس هذه الحقوق (( حق الملكية)) لأنه الحق الذي يعطي صاحبه كافة السلطات التي يمكن ممارستها على الشيء، ويتفرع عن حق الملكية الحقوق العينية الأخرى. ولهذا سوف نتطرق أولا لحق الملكية ثم بعد ذلك نتعرض للحقوق المتفرعة عن حق الملكية.

حق الملكية.

أ- تعريف حق الملكية وعناصره: حق الملكية هو الذي يخول صاحبه الاستئثار بكل منافع شيء مادي معين(( عين)) فيحق له استعماله واستغلاله والتصرف فيه.  وهذا هو التعريف الذي ورد في القانون المدني المصري لحق الملكية في المادة ( 802 م م) كما عرفه القانون المدني الجزائري في نص المادة 674 بأنه: (( الملكية هي حق التمتع والتصرف في الأشياء، بشرط أن لا يستعمل استعمالا تحرمه القوانين والأنظمة)). ووفقا لهذا التعريف يمكن تقسيم حق الملكية إلى ثلاثة عناصر هي الاستعمال والاستغلال والتصرف.

  • عنصر الاستعمال: فاستعمال الشيء هو استخدامه بما يتفق مع طبيعته بغية الحصول على منافعه بطريقة مباشرة ،كزراعة الأرض وركوب السيارة،وسكن المنزل. ففي هذه الأمثلة ينتفع المالك بهذه الأموال بنفسه مباشرة عن طريق استخدامها بطريقة تتفق مع طبيعتها دون أدنى تغير فيها،مع مراعاة كذلك أن لا يستعمل الشيء استعمالا تحرمه القوانين والأنظمة.
  • عنصر الاستغلال: واستغلال الشيء يعني استثماره بغية الحصول على منافعه بطريقة غير مباشرة. فاستغلال الأرض يكون عن طريق تأجيرها والحصول على أجرتها أو زراعتها بقصد بيع ثمارها. واستغلال المنزل يكون عن طريق تأجيره للسكن أو تأجيره كشركة أو كمكتب بقصد ممارسة نشاط معين يدر دخلا معينا.واستغلال السيارة يكون عن طريق استغلالها كسيارة أجرة مثلا. ففي هذه الأمثلة السابقة يحصل المالك على منافع الشيء عن طريق جني ثماره أي بعد استعماله بنفسه أو عن طريق غيره.ولذلك فهو يحصل على منافع الشيء بطريقة غير مباشرة.
  • عنصر التصرف: أما التصرف فهو يشمل (( التصرف المادي)) وهو عبارة عن الأعمال التي تؤدي إلى التغيير في الشيء أو استهلاكه أو إعدامه ( كهدم منزل).  و(( التصرف القانوني)) الذي يعني نقل حق الملكية بأكمله إلى شخص آخر أو ترتيب حق عيني سواء كان هذا الحق أصليا أم تبعيا. ومثاله بيع المنزل أو رهنه.وسلطة التصرف هي التي تميز حق الملكية عن غيره من الحقوق العينية الأخرى سواء الأصلية أو التبعية، فالمالك وحده الذي يستطيع التصرف في الشيء محل حقه.

ب- خصائص حق الملكية:  لعل أهم الخصائص التي يتميز بها حق الملكية أنه حق دائم وحق مطلق.

حق الملكية حق دائم: يعني أن حق الملكية لا ينقضي لعدم استعماله مهما طالت مدة عدم · استعماله، فلا يرد عليه ما يعرف (( بالتقادم المسقط))  فالدوام صفة لصيقة بحق الملكية تسير معه أينما وجد. فحق الملكية حق دائم في ذمة صاحبه، وإذا انتقل إلى شخص آخر انتقل معه وصف الدوام. فالدوام صفة لصيقة بحق الملكية وليست لصيقة بصاحبه. وخاصية الدوام هي التي تميز حق الملكية عن غيره من الحقوق الأخرى العينية( الأصلية والتبعية) فكل هذه الحقوق مؤقتة تنقضي بعد مرور مدة معينة دون حاجة إلى انتقالها إلى شخص آخر.

حق الملكية حق مانع: ويقصد بهذه الخاصية معنيان: ·

الأول:أن حق الملكية يحتج به على الكافة:  فيجب على الجميع احترام حق الملكية لصاحبه بعدم الاعتداء عليه أو حتى مشاركته في ممارسة سلطاته على محل هذا الحق. وهذا المعنى ليس قاصرا على حق الملكية فحسب فجميع الحقوق تعتبر حقوقا مانعة_ وفق هذا المعنى _ يجب على الجميع احترامها وعدم الاعتداء عليها أو مشاركة صاحبها في التمتع بما تخوله من مزايا.

الثاني:أن حق الملكية حق يخول صاحبه جميع السلطات التي يمكن تصورها على شيء مادي. فسلطات المالك على الشيء الذي يملكه لا حدود لها. فله وحده حق استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه. و( المنع) وفق هذا المعنى قاصر على حق الملكية، لا يشترك معه حق آخر في هذه الخاصية.

ج. طرق اكتساب الملكية:يكتسب الشخص المالك حق الملكية بعدة طرق سوف نذكر ها حسب الترتيب الذي جاء به القانون المدني وما جاء في أحكام قانون الأسرة الجزائري وهي كالاتي:

1-   الاستلاء: عرفته المادة 773 ق.م.ج بقولها(  تعتبر من أملاك الدولة جميع الأموال الشاغرة التي ليس لها مالك وكذلك أموال الأشخاص الذين يموتون عن غير وارث أو الذين تهمل تركتهم).

2-  الميراث: وفيه يحل الوارث محل المورث بشأن حق الملكية ويتطلب انتقال ذلك شهادة توثيقية( الفريضة) تنقل المال إلى الوارث وذلك حسب أحكام الميراث المنظمة في قانون الأسرة( الكتاب الثالث المواد من 126-183 ق.أ.ج)

3-   الوصية:  والوصية هي تصرف في التركة مضاف إلى ما بعد الموت( المواد 755-757  ق.م.ج)  وبموجبها يوصي شخص بمال معين بالذات لفائدة شخص آخر موصى له ولا وصية لوارث وتكون الوصية دائما في حدود الثلث وذلك حسب ما جاء في قانون الأسرة المنظم

للوصية في الكتاب الرابع المعنون باسم التبرعات( المواد من184- 201 ق.أ.ج ).

4-  الالتصاق بالعقار: ويقصد به تملك الملاكين المجاورين لقطعة أرض تشكلت نتيجة طمي جلبه النهر بطريقة تدريجية( المادة 778 ق.م.ج)  باستثناء الأراضي التي ينكشف عنها البحر فإنها تعد ملك للدولة.

5-  عقد البيع:  بحيث يكتسب المشتري ملكية شئ معين بالذات عن طريق عقد البيع.وتنتقل هذه الملكية في الأصل بطريق رضائي واستثناءا عن طريق التوثيق إذا تعلق الأمر بالعقارات.

6-  الشفعة:  وهي طريق لحصول الشفيع على المال المشفوع فيه وبالتالي طريقة لكسب ملكيته تجيز له الحلول محل البائع في حق الملكية محل عقد البيع.

7-  الحيازة:  فهي واقعة مادية تخول صاحبها سلطة فعلية على الشئ ويترتب عليها آثار قانونية قد تؤدي إلى كسب الملكية ذاتها عن طريق التقادم المكسب حسب المواد( 827 و 878 ق.م.ج)

8-  الهبة:  وهي أن يهب شخص لآخر حقا عينيا معينا بالذات والهبة تعد عقدا عينيا أي يشترط فيه التسليم بالاضافة إلى توفر الشكلية إذا تعلق الأمر بالعقارات.

د. نطاق حق الملكية.

نطاق حق الملكية هو أوسع الحقوق العينية نطاقا، فهو يشمل كافة العناصر المكونة للشيء محله.مما يمكن المالك من ممارسة سلطاته على جميع العناصر. فإذا كان محل ملكيته أرضا جاز له استعمالها بزراعتها كلها أو بعضها. واستغلالها بتأجيرها كلها أو بعضها لمدة طويلة أو قصيرة،

والتصرف فيها بتغير شكلها أو بيعها بمقابل أو بدون مقابل. ولا تمتد سلطاته على العناصر الظاهرة فقط لهذه الأرض بل تمتد أيضا لما يعلوها من فضاء، وما يدنوها من طبقات.فيجوز للمالك بناء ناطحات سحاب على أرضه كما يجوز له عمل أنفاق أو مرآب أو أن يحفر بئر في هذه الأرض. ولكن السؤال المطروح : هل يمتد نطاق الملكية إلى مالا نهاية ؟ وهل يستطيع المالك أن يمارس سلطاته على محل حقه دون حدود؟. الحقيقة أنه بالرغم من أن حق الملكية يعد من أوسع الحقوق العينية نطاقا إلا أنه له وظيفة اجتماعية يدور في فلكها، بمعنى أن صاحب الملكية يجب عليه عند ممارسة سلطاته ألا يضر بمصلحة المجتمع، والقانون هو الذي يحدد متى يضر المالك بمصلحة المجتمع ، عن طريق رسم حدود يمارس من خلالها المالك سلطاته . فإذا لم يتعداها فمصلحته جديرة بالرعاية، وبالتالي تفضل على مصالح الآخرين وبالتالي يستحق حماية القانون. أما إذا تجاوز هذه الحدود أصبحت مصلحة الآخرين هي الجديرة بالرعاية وتستحق بذلك حماية القانون،وبالتالي يجب على المالك ألا يضر بها. مثال: إذا كان محل ملكية المالك أرضا فهو لا يستطيع أن يستأثر بكل ما يعلوا هذه الأرض من فضاء إلى مالا نهاية، وإلا أدى ذلك إلى منع الآخرين من الانتفاع بالفضاء الخارجي لهذه الأرض ، فلا يحق له مثلا أن يمنع مرور الطائرات فوق أرضه، أو أن يمنع مرور أسلاك الكهرباء والهاتف فوقها. ومن جهة أخرى لا يستطيع المالك أن يستأثر بكل ما تحت هذه الأرض من طبقات إلى ما لا نهاية. فهو لايستطيع أن يمنع مثلا مرور أنابيب الماء تحت أرضه. ولكن متى تنتهي حدود حق الملكية ؟ يمكن القول أن حدود حق الملكية تنتهي عند الحد الذي تنتهي فيه مصلحة المالك وتبدأ فيه مصلحة الآخرين. ومصلحته تنتهي عند الحد المفيد بالنسبة له في التمتع بالأرض علوا وعمقا وهذا ما نصت عليه المادة 675 فقرة ثانية من القانون المدني الجزائري بقولها: (( وتشمل ملكية الأرض ما فوقها وتحتها إلى الحد المفيد من التمتع بها علوا وعمقا)).

ه - قيود حق الملكية:

القيود التي ترد على حق الملكية نوعان:  قيود قانونية وأخرى اتفاقية.

1القيود القانونية:  يقرر القانون قيودا معينة على المالك عند ممارسته لسلطاته تحقيقا .لمصلحة عامة أو خاصة. ومثال ذلك سلطة الدولة في نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة.وسلطاتها في فرض اللوائح الخاصة بتنظيم البناء داخل سياج داخل المدينة، أو حظرها البناء داخل الأراضي الزراعية، والقيود التي تفرضها لإنشاء المحلات المقلقة للراحة والمضرة بالصحة...الخ. وهذه الأمثلة تعبر عن سلطات الدولة في فرض قيود قانونية على المالك تحقيقا لمصلحة عامة. أما سلطات الدولة في فرض قيود قانونية لتحقيق مصلحة خاصة فهي مثل القيود التي تفرضها عند البناء في المجمعات العمرانية الجديدة من ترك مساحات خالية لاستغلالها كمساحات خضراء، والقيود التي تفرضها في بناء المطلات والمناور.

2-  القيود الاتفاقية: هي القيود التي تحد من سلطات المالك على محل ملكيته بالاتفاق .معه ومع ذوي الشأن تحقيقا لمصلحة خاصة، مثلا قد يتفق المالك لعقار على منح حق ارتفاق يثقل محل ملكيته لصالح عقار مملوك لشخص آخر، وقد يتفق المالك مع من يتنازل له عن حق ملكيته لشيء معين أن يمتنع هذا الأخير عن التصرف في هذا الحق لمدة معينة.

ج / الحقوق المتفرعة عن حق الملكية:

هي الحقوق التي تخول صاحبها جزءا من السلطات التي تكون لمالك الشيء وهي تختلف باختلاف القوانين.وهي تنقسم إلى حق الانتفاع، وحق الاستعمال وحق السكنى ، وحق الحكر وحق الارتفاق.ويأتي تفصيلها في الآتي:

أ - حق الانتفاع : ( المواد من 844- 854 ق.م.ج)

*تعريف حق الانتفاع: هو حق عيني أصلي يخول صاحبه سلطتين مباشرتين على شيء مادي معين، وهي سلطة الاستعمال والاستغلال. وهذا يعني أن المال المحمل بحق انتفاع تتجزأ السلطات عليه بين شخصين يكون لأحدهما وهو المالك الأصلي سلطة التصرف في المال بكافة أنواع التصرف ويطلق عليه اصطلاح (( مالك الرقبة)) فمثلا إذا كان المال أرضا زراعية وتصرف المالك في منفعتها لشخص آخر فيكون للمالك بعد هذا التصرف سلطة التصرف في هذه الأرض بكافة أنواع التصرف. ويكون للآخر وهو صاحب حق المنفعة (المنتفع) سلطتا الاستغلال والاستعمال.فاذا كان حق الانتفاع منصب على أرض زراعية، فللمنتفع أن يزرعها كما له أن يؤجرها.

*خصائص حق الانتفاع:

-1 حق الانتفاع حق عيني أصلي: لأنه يخول صاحبه سلطتين مباشرتين على شيء مادي معين

وهما سلطتا الاستعمال والاستغلال، وهو بذلك مختلف عن حق المستأجر على العين المؤجرة ،لأن حق المستأجر أقرب إلى حق الدائنية منه إلى الحق العيني، لأن المستأجر لا يستطيع أن ينتفع بالعين المؤجرة إلا عن طريق شخص آخر وهو المؤجر الذي يلتزم بتمكين المستأجر من هذا الانتفاع وأن

ييسره له.

-2 حق الانتفاع حق مؤقت: فحق الانتفاع يجب أن يقترن بمدة معينة إما أن تكون مدة محددة ينتهي بعدها، وإما ينتهي بوفاة المنتفع إذا لم تحدد له مدة وينتهي حق الانتفاع دائما بأقرب الأجلين.وهناك حق الانتفاع المؤبد المقرر بموجب نص خاص تضمنته المادة 23 من القانون رقم 87-19 المتعلق بالمستثمرات الفلاحية وهذا الحق منحه المشرع الجزائري للمنتجين الفلاحيين للانتفاع بالأراضي الفلاحية المملوكة للدولة كما أنه يورث لورثة المستثمر الفلاحي . وكذلك ينتهي حق الانتفاع بترك المنتفع لحقه، وذلك بعدم استعماله مدة 15 سنة، وأيضا بهلاك الشيء الوارد عليه الحق ( محل الانتفاع ) وهذا ما أكده المشرع المصري في المواد 933-994-995 من القانون المدني المصري و الجزائري في المواد 852-853-854 من القانون المدني الجزائري. وهذه الخاصية تميز حق الانتفاع عن حق الملكية الذي يتصف كما رأينا سابقا بالدوام.

-3 حق الانتفاع مرتبط بشخص المنتفع:  فهو يعطى لشخص تقديرا لشخصيته بغض النظر عن مقابله المادي، لذلك فهو لا ينتقل إلى ورثة المنتفع، وإنما ينتهي بوفاته.

* مصادر حق الانتفاع: ينشأ حق الانتفاع بمقتضى العقد كما يمكن أن يكون مصدره الشفعة أو الوصية أو التقادم.

*موازنة بين حق المنتفع و حق المستأجر :

يلتقي حق المنتفع و حق المستأجر من حيث أن كلاً منهما ينتفع بشيء لا يملكه و لمدة معينة.ولكنهما يفترقان في عدة أمور نلخصها فيما يلي :

أولاً : إن حق المنتفع هو حق عيني ، في حين أن حق المستأجر هو حق شخصي.و يترتب على هذا الفارق الأساسي في الطبيعة القانونية نتائج مهمة ، نورد فيما يلي أهمها :

-1  يستطيع المنتفع أن يباشر سلطة مباشرة على الشيء المنتفع به ، دون وساطة مالك الرقبة ، فكل ما يطلب من مالك الرقبة هو أن يترك المنتفع يباشر حقه دون أن يلتزم في مواجهته بأي التزام إيجابي في حين أن المستأجر  بسبب أن حقه يتعلق بذمة المؤجر  لا يستطيع أن يباشر حقه على العين المؤجرة إلا عن طريق المؤجر.فالمؤجر ملزم بمقتضى عقد الإيجار بالتزام إيجابي هو أن يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة .و تبعاً لذلك يلتزم المؤجر بتسليم العين المؤجرة إلى المستأجر في حالة صالحة للانتفاع ، و أن يقوم بواجب صيانتها طوال مدة الإيجار .

-2  إن حق الانتفاع العقاري يعد مالاً عقارياً .أما حق المستأجر فهو مال منقول ، ولو كان وارداً على عقار .

-3  إن حق الانتفاع العقاري لا يكون نافذا فيما بين المتعاقدين وفي مواجهة الغير، إلا بتسجيله وشهره في حين أن حق المستأجر لا يلزم تسجيله وشهره إلا استثناء .

ثانياً : ينقضي حق المنتفع بموت المنتفع ، في حين أن حق المستأجر لا ينقضي بموت المستأجر إلا استثناء .

ثالثاً : يكتسب حق المنتفع بأي سبب كان من أسباب كسب الحقوق العينية فيما عدا الميراث، في حين أن حق المستأجر لا يكتسب إلا بالعقد .

رابعاً : قد يكون حق المنتفع بعوض و قد يكون بغير عوض ، في حين أن حق المستأجر هو دائماً بعوض .

ب- حق الاستعمال وحق السكن: ( المواد  855-856-857 ق.م .ج )

-1 حق الاستعمال: هو حق عيني أصلي يخول صاحبه سلطة استخدام شيء مملوك لشخص آخر وفقا لما اعد له وبما يتفق مع طبيعته فإذا كان هذا الشيء أرضا زراعية مثلا وتنازل مالكها عن حق استعمالها لشخص آخر كان لهذا الأخير استخدامها فيما أعدت له، فله في سبيل ذلك زراعتها إذا كانت معدة للزراعة والاستفادة من ثمارها هو وأسرته لكن ليس له تأجيرها لأنه لا يملك بمقتض حق الاستعمال سلطة استثمارها، فهذه السلطة تدخل ضمن حق الانتفاع، فحق الاستعمال على هذا النحو أضيق من حق الانتفاع.

-2 حق السكنى: فهو حق عيني أصلي يخول صاحبه سلطة استعمال شيء معين يتمثل في عقار مملوكا لشخص آخر، ولكن بصورة محدودة هي سكناه،فإذا كان المال حق السكنى مسكنا مملوكا للغير كان لصاحب حق السكنى سكن هذا المنزل ولا يستطيع استخدامه في أي نشاط آخر كمكتب أو شركة ، وحق السكنى تبعا لذلك أضيق نطاقا من حق الاستعمال لأنه يقصر صور استخدام المال على السكن وهذا الأخير لاي يكون الا عقار معد للسكن دون المنقول، في حين أن حق الاستعمال يخول صاحبه حق استخدام الشيء فيما أعدله، وبما يتفق مع طبيعته مع ترك تحديد صورة هذا الاستخدام لصاحب حق الاستعمال وقد يكون الشئ المستعمل عقارا وقد يكون منقول. فحق الاستعمال وحق السكن حقان مرتبطان بشخص من يملكهما فنطاقهما يتحدد بمقدارما يحتاج إليه صاحب الحق هو وأسرته لخاصة أنفسهم وهذا ما أكدته المادة (996  ق م م) والمادة ( 855 ق.م.ج ) وكل من حق الاستعمال والسكنى حقان محددان بمدة معينة وينتهيان حتما بوفاة صاحبهما حتى ولو جاءت هذه الوفاة قبل انقضاء الأجل المعين لانقضاء هذين الحقين. كما ينقضيان أيضا مثل حق الانتفاع بترك صاحبيهما لهما مدة 15 سنة، أو بهلاك محليهما، وبانقضائهما يرتد الحق إلى المالك الأصلي. كما لا يمكن التنازل عنهما للغير إلا بناء على شرط صريح أو مبرر قوي وهذا ما أكدته المادة 856 ( 856 ق م ج). 

 ج- حق الحكر:عرفه المشرع الجزائري في المادة 26 مكرر من قانون رقم 01-07 المعدل والمتمم لقانون الاوقاف رقم 91 -10 المؤرخ في 27/04/1991 التي تنص على انه : "يمكن أن تستثمر،عند الاقتضاء الأرض الموقوفة العاطلة بعقد الحكر الذي يخصص بموجبه جزء من الأرض العاطلة للبناء و/أو للغرس لمدة معينة مقابل دفع مبلغ يقارب قيمة الأرض الموقوفة وقت ابرام العقد ،مع التزام المستثمر بدفع ايجار سنوي يحدد في العقد مقابل حقه في الانتفاع بالبناء و/أوالغرس وتوريثه خلال مدة العقد

،مع مراعاة أحكام المادة 25 من القانون رقم 91- 10 المؤرخ 12 شوال عام 1411 الموافق لــ 27/ 04 /1991 والمذكور أعلاه.". وهذا الحق لم يرد ضمن القانون المدني الجزائري عكس المشرع المصري الذي تطرق له في القانون المدني في المادة  1002، وهو بذلك حق عيني أصلي استمده المشرع المصري والجزائري من الشريعة الإسلامية، وهو يخول صاحبه الانتفاع بأرض موقوفة وذلك بالبناء أو الغرس عليها أو غيره ،في مقابل أجرة سنوية تحدد في العقد وذلك بعد أن يدفع في الأول مبلغ يقارب قيمة الأرض الموقوفة. ويكون المحتكر بذلك مالكا لما يحدثه من بناء أو غراس أو غيره. وبمقتضى حق الحكر يحق للمحتكر إقامة منشآت على الأرض محل الحكر وأن يزرعها بنفسه أو بواسطة غيره ويمتلك وفقا لنص القانون هذه المنشآت وهذه الزروع ويجوز له التصرف فيها، ولكنه لا يستطيع التصرف في الأرض محل الحكر.كما يمكنه أن يتنازل عن هذا الحق بالبيع أو الهبة أو غيرذلك. وينتقل حق الحكر على خلاف حقوق الانتفاع والاستعمال والسكن إلى الورثة ولا ينقضي بوفاة المحتكر وإنما يحل محله فيه ورثته خلال مدة العقد. وحق الحكر وفق قانون الأوقاف لا يكون إلا على أرض موقوفة ،ويجب أن توجد ضرورة أو مصلحة تبرره مثل خراب هذه الأرض أومواتها فيكون في تحكيرها إصلاح لها. وينتهي حق الحكر بانقضاء مدته المحددة في عقد الحكر.

د-حق الارتفاق: تناولت أحكامه المواد من 867- 881 ق.م.ج فحق الارتفاق حق عيني أصلي بمقتضاه يتم استقطاع جزء من منفعة عقار مملوك لشخص ما لمصلحة عقار مملوك لشخص آخر، أو بمعنى آخر هو حق يجعل عقارا مملوكا لشخص ما في خدمة عقار مملوك لشخص آخر ويسمى العقار الخادم ( أي العقار المرتفق به) والعقار المخدوم ( وهو العقار المرتفق ). ولصاحب العقار المخدوم حق الارتفاق. ومن أمثلته حق المرور حيث يكون لصاحب العقار المرتفق أن يمر بالعقار المرتفق به. وكذلك حق المطل حيث يتمكن صاحب العقار المرتفق من فتح نافذة على ملك جاره.

ويكتسب حق الارتفاق عن طريق العقد أو الوصية أو بمقتضى نص في القانون وينتقل عن طريق الميراث. ويرتبط حق الارتفاق بالعقار وليس بصاحب العقار وبالتالي فهو لا ينتهي بوفاة صاحب العقار المرتفق ولا صاحب العقار المرتفق به، فهو يبقى ما بقي العقار المرتفق والعقار المرتفق به، إلا إذا كان هناك اتفاق بتوقيته لأجل معين فينتهي بانتهاء هذا الأجل مادة( 1026م مصري). وتقابلها المادة ( 878 ق م ج).وينقضي أيضا بهلاك العقار المرتفق به هلاكا كليا. وباجتماع العقارين في يد مالك واحد، وبعدم استعمال العقار المرتفق لمدة عشر سنوات وهذا ما أكدته المادة (  879 ق م ج.) كما ينتهي بعدم استعماله لمدة ثلاثة وثلاثين ( 33 ) سنة إذا كان الارتفاق مقرر لمصلحة مال موروث تابع لعائلة .

2.2. المطلب الثاني : الحقوق العينية التبعية

- تعريف الحقوق العينية التبعية.

الحق العيني التبعي هو سلطة مباشرة تمنح للدائن على شيء مادي معين مملوك لمدينة ضمانا لاستيفائه حقه. فالحقوق العينية هي الحقوق التي لا توجد مستقلة بذاتها وإنما تنشأ وتستمر وتنتهي تابعة لحق دائنية، لانها تضمن الوفاء به، فهي تدور معه وجودا وعدما،ولذلك تسمى أيضا (بالتأمينات العينية ).

2- أنواع الحقوق العينية التبعية.

نظم القانون المدني الجزائري مجموعة من الحقوق التبعية وهي على النحو التالي: الرهن الرسمي، والرهن الحيازي وحق التخصيص وحق الامتياز.

أ - حق الرهن الرسمي.

-1 تعريف حق الرهن الرسمي: وهو كما عرفته المادة 882 ق م ج (( عقد يكتسب به الدائن حقا عينيا على عقار لوفاء دينه يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التاليين له في المرتبة في استفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد كان )).

ومن هذا التعريف يمكن القول بأن الرهن الرسمي، هو عقد شكلي يتم بين دائن ومدينه يكتسب بمقتضاه الدائن على عقار مملوك لمدينه حق عيني يخوله ميزتي التقدم والتتبع على هذا العقار ضمانا للوفاء بحقه.

-2 خصائص حق الرهن الرسمي:

      - الرهن الرسمي حق عيني تبعي: فهو يقوم مستندا إلى حق دائنية يضمن الوفاء به فلا وجود للرهن الرسمي مستقلا بذاته. فهو يدور مع الحق الشخصي وجودا وعدما. فمثلا إذا أقر شخص شخصا آخر مبلغ من المال مدة معينة وطلب المقرض ضمانا عينيا لهذا الوفاء واستجاب له المقترض برهن عقار مملوك له رسميا لمصلحة المقرض كان فإن حق المقرض في الرهن الرسمي تابعا لحقه في الدائنية، فإذا وفى المقترض بالتزامه وأدى ما عليه من قرض إلى المقرض في الأجل المتفق عليه انقضى التزامه الشخصي وانقضى تبعا له الرهن الرسمي.أما إذا تقاعس المقترض عن دفع مبلغ القرض إلى المقرض في ميعاده المحدد ، حق لهذا المقرض أن ينفذ على العقار المملوك للمقترض ويستوفي من ثمنه مبلغ القرض.

- مصدر الرهن الرسمي الاتفاق: الرهن الرسمي عبارة عن عقد يتم بين الدائن المرتهن والمدين الراهن، فمصدر هذا الرهن هو الاتفاق دائما. ولا يشترط أن يكون هذا الاتفاق بين المدين بحق الدائنية والدائن بهذا الحق، لأنه لا يشترط أن يكون الراهن دائما هو المدين بحق الدائنية الذي يقوم الرهن الرسمي بضمان الوفاء به فقد يلتزم أحد الأشخاص بدين ويقدم آخر رهنا رسميا للدائن لضمان الوفاء بهذا الدين ويسمى عندئذ(( بالكفيل العيني)).

- الرهن الرسمي عقد شكلي: لا يكفي لانعقاده مجرد تراضي الراهن والمرتهن بل يجب أن يتم هذا العقد على يد موظف مختص (( الموثق))،  وبذلك يكون مكتوبا في ورقة رسمية، فالرهن الرسمي لا ينعقد شفاهتا ولا حتى في محرر عرفي لأن الشكلية في الرهن الرسمي ركن انعقاد وليس لمجرد الإثبات. ويتم قيد الرهن الرسمي من تاريخ انعقاده في مصلحة الشهر العقاري ويعين القيد مرتبة المرتهن.

- يخول الرهن الرسمي للمرتهن ميزتي التقدم والتتبع على المال محل الرهن: فله التقدم على جميع الدائنين العاديين أو التاليين له في المرتبة عند التنفيذ على المال ، كما يحق له تتبع هذا المال عند التنفيذ عليه في أي يد يكون.

لا يرد الرهن الرسمي إلا على عقار:فبنص القانون فإن محل الرهن الرسمي هو دائما عقار وليس (منقولا ) المادة 882 ق.م ج.

- لا يلزم انتقال العقار من حيازة الراهن إلى المرتهن طول فترة الرهن: فعادة ما يبقى العقار في حيازة الراهن طوال فترة الرهن وبالتالي يحق له ممارسة كافة السلطات التي تكون للمالك من استعمال واستغلال وتصرف، لكن ليس هناك ما يمنع في القانون من أن ينتقل بالاتفاق بين الراهن والمرتهن حيازة العقار المرهون إلى المرتهن طول فترة الرهن.

انقضاء الرهن الرسمي.

وفق المادة 933 ق م ج ينقضي حق الرهن الرسمي بانقضاء الدين المضمون . وكذلك تنقضي حقوق الرهن كذلك إذا بيع العقار المرهون بيعا جبريا بالمزاد العلني بإيداع الثمن الذي رسا به المزاد، أو بدفعه إلى الدائنين المقيدين الذين تسمح مرتبتهم باستيفاء حقوقهم من هذا الثمن.وهذا ما أكدته المادة (636 ق م ج )

ب - حق الرهن الحيازي:

-1 تعريفه: عرفته المادة 948 ق م ج بقولها (( الرهن الحيازي عقد يلتزم به شخص، ضمانا لدين أو على غيره، أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان، شيئا يرتب عليه للدائن حقا عينيا يخوله حبس الشيء إلى أن يستوفي الدين، وأن يتقدم الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في أن يتقاضى حقه من ثمن هذا الشيء في أي يد يكون وأضافت المادة 949 ق م ج أنه :(( لا يكون محلا للرهن الحيازي إلا ما يمكن بيعه استقلالا بالمزاد العلني من منقول وعقار)).

-2 خصائص الرهن الحيا زي:

-  الرهن الحيازي حق عيني تبعي: فهو يقوم مستندا على حق دائنية يضمن الوفاء به ويدور معه وجودا وعدما.

الرهن الحيازي يخول المرتهن ميزات التقدم والتتبع وحبس الشيء المرهون: فيخول بذلك للمرتهن التقدم على جميع الدائنين العاديين والتاليين له في المرتبة عند التنفيذ على المال المرهون رهنا حيازيا.كما يحق له تتبع هذا المال عند التنفيذ عليه في أي يد يكون. وله كذلك الحق في حبس الشيء المرهون إذا كان هو من اتفق على حيازته للمال المرهون، فيحق له عندئذ الامتناع عن تسليمه للمتصرف إليه من قبل الراهن حتى يستوفي منه حقه وهذه الميزة الأخيرة لا توجد في الرهن الحيازي.

- الرهن الحيازي عقد رضائي مصدره الاتفاق: فالرهن الحيازي ينشأ بمقتضى اتفاق بين شخصين أحدهما الراهن الذي يقدم عقاره لضمان دين عليه أو على غيره. والثاني وهو المرتهن أي الدائن الذي له حق دائنية يقوم الرهن الحيازي بضمان الوفاء به. وينعقد الرهن الحيازي باتفاق الطرفين.فلا يحتاج لانعقاده أي شكلية فقد يكون اتفاقا شفهيا، وقد يفرغ هذا الاتفاق في عقد عرفي، على عكس الرهن الرسمي الذي لايكون إلا بموجب عقد رسمي.

- يلتزم الراهن بمقتضى الرهن الحيازي أن ينقل حيازة المال المرهون إلى الدائن المرتهن  أو إلى أي شخص آخر يعينه المتعاقدان: يعتبر الرهن الحيازي من العقود العينية التي تقضي التسليم لوجودها، أي وجوب أن يسلم الراهن الشيء المرهون إلى المرتهن أو إلى شخص آخر يعينه المتعاقدان حتى نكون بصدد رهن حيازي مثله مثل عقد الوديعة وعقد العا رية وعقد القرض. ويتولى بذلك المرتهن إذا آل إليه حيازة هذا المال إدارته والمحافظة عليه، وأن يلتزم برده إلى الراهن بعد أن يستوفي كامل حقه (المادة 959 م ج) وللدائن المرتهن بعد تسلم الشيء المرهون أن ينتفع بالمال المرهون باستثماره ويخصم بذلك ما جناه من المال، من الدين المضمون بالرهن(  المادة (956 ق م ج)

-3 انقضاء الرهن الحيازي: ينقضي الرهن الحيازي في عدة حالات نص عليها القانون المدني في المادة 964 والمادة 965 .وهي:

- ينقضي بانقضاء الدين المضمون المادة 964 ق م ج.

- بتنازل الدائن المرتهن حقه في الرهن الحيازي، بالتخلي عن الرهن.

- باجتماع حق الملكية والرهن الحيازي في يد شخص واحد.

- هلاك الشيء المرهون هلاكا كليا.أو انقضاء الحق المرهون.

ج - حق الاختصاص( حق التخصيص).

-1 تعريفه: حق الاختصاص حق عيني تبعي يتقرر بموجب حكم صادر من المحكمة الكائن في دائرتها العقار الذي يريد الدائن الاختصاص به، وهذا الحكم يصدر بناءا على حكم بالدين واجب التنفيذ لمصلحة الدائن أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استفاء دينه من المقابل النقدي لذلك العقار في أي يد يكون. وهذا ما أكدته المادة (937 ق.م .ج ) بقولها : (( يجوز لكل دائن بيده حكم واجب التنفيذ صادر في أصل الدعوى يلزم المدين بشيء معين، أن يحصل على حق تخصيص بعقارات مدينه ضمانا لأصل الدين والمصاريف)).

-2 خصائص حق التخصيص:

-  مصدر حق التخصيص حكم قضائي:  وبهذا  يختلف حق التخصيص عن حق ( الرهن الرسمي والحيازي) لأن هذا الأخير مصدره الاتفاق العقد أما حق التخصيص فمصدره حكم قضائي يصدر من رئيس المحكمة الكائن في دائرتها العقار الذي يريد الدائن الاختصاص به.

محل حق التخصيص عقار: فلا يرد حق التخصيص على منقول، وهذا ما يجعله يشبه حق

الرهن الرسمي الذي بدوره لا يكون إلا على عقار، ويختلف عن الرهن الحيازي الذي يمكن أن يكون محله عقار أو منقول.

-       حق التخصيص حق عيني تبعي: فهو يخول من يصدر لمصلحته حكم قضائي بالاختصاص

على عقار مملوك لمدينه ميزة التقدم على الدائنين العاديين أو التاليين له في المرتبة عند التنفيذ على العقار،كما يخوله تتبع هذا العقار عند التنفيذ في أي يد يكون.

د - حق الامتياز:

-1 تعريف حق الامتياز: هو حق عيني تبعي يقرره القانون لدائن على مال معين يملكه مدينه  مراعاة منه لصفة الدين، وذلك ضمانا للوفاء به، وهذا ما أكدته المادة 982 من القانون المدني الجزائري بقولها :(( الامتياز أولوية يقررها القانون لدين معين مراعاة منه لصفته ولا يكون للدين امتياز إلا بمقتضى نص قانوني)). وحقوق الامتياز تنقسم إلى حقوق امتياز عامة وحقوق امتياز خاصة.وقد عرفتهما المادة ( 984 ق م ج) بقولها: (( ترد حقوق الامتياز العامة على جميع أموال المدين من منقول وعقار، أما حقوق الامتياز الخاصة فتكون مقصورة على منقول أو على عقار معين))،  وقد قسم المشرع الجزائري حقوق الامتياز إلى عامة وخاصة وذلك في المواد من (989  إلى 1001 ق م ج).

-2 أنواع حقوق الامتياز.

-  حقوق الامتياز العامة: هي التي تقرر للدائن على جميع أموال المدين المنقولة والعقارية ، وعادة ما يكون الدين على درجة كبيرة من الأهمية يستحق هذا العموم في الضمان.وتتمثل هذه الحقوق في مايلي:

-       المصاريف القضائية التي انفقت لمصلحة جميع الدائنين لحفظ مال المدين وبيعه. ·

-       المبالغ المستحقة للخزينة العمومية من ضرائب ورسوم وحقوق أخرى. ·

-       المبالغ المستحقة للخدم والكتبة والعمال وكل أجير آخر من أجرهم ورواتبهم من أي نوع كان · عن الاثني عشر شهرا الأخيرة

-       المبالغ المستحقة عما تم توريده للمدين ولمن يعوله من مأكل وملبس في الستة الأشهر الأخيرة.

-       النفقة المستحقة في ذمة المدين لأقاربه عن الأشهر الستة الأخيرة. ·

وبتأملنا في حق الامتياز المقرر للوفاء بدين النفقة،وحق الامتياز المقرر للدولة بالنسبة للمبالغ المستحقة للخزينة العمومية ،نلاحظ أن هذه الديون على درجة كبيرة من الأهمية تستحق مثل هذا الشمول في الضمان. فالنفقة دين إن لم يوف قد يعرض الدائن وأسرته لخطر جسيم قد يمس حياته وقد يؤدي إلى تقويض أسرة بأكملها.والضرائب ديون تقع على عاتق فئة معينة من المجتمع ويؤدي دفعها إلى إعادة توزيع الدخول في المجتمع، والذي يقوم بهذا التوزيع الدولة، وبالتالي فإن عدم الوفاء بها يؤدي إلى إحداث خلل في المجتمع بين طبقاته المختلفة.

- حقوق الامتياز الخاصة:  وهي التي تقرر بمقتضى القانون للدائن على مال معين(  منقول أو عقار)  مملوك لمدينه.

حقوق الامتياز الخاصة الواقعة على منقول:  وتتمثل في مايلي:

-       امتياز المصروفات الزراعية والمبالغ المستحقة للآلات الزراعية.

-       امتياز المؤجر ويقع على المنقولات المملوكة للمستأجر في حدود مبلغ الايجار.

-       امتياز صاحب الفندق في ذمة النزيل عن أجرة الاقامة و المؤونة وما صرف لحسابه.على الامتعة التي أحضرها النزيل إلى الفندق.

-       امتياز بائع المنقول ويقع على المنقول المعين بذاته. ·

حقوق الامتياز الخاصة الواقعة على عقار ومنها مايلي:

-       امتياز بائع العقار على العقار المبيع في ما يستحق من الثمن. ·

-       امتياز المهندسين والمقاولين : حيث تكون المبالغ المستحقة لهم امتياز على المنشآت المعهودة إليهم ويرد هذا الحق لا على المال كله بل على ما زاد في قيمة العقار بسبب الأعمال التي قام بها المهندس أو المقاول وبقيت قائمة إلى وقت البيع .

-3 خصائص حقوق الامتياز: حقوق الامتياز سواء كانت عامة أو خاصة تشترك في الخصائص التالية:

-  مصدرها القانون:  مصدر حق الامتياز هو القانون فلا يتقرر حق الامتياز بمقتضى اتفاق أو بمقتضى حكم قضائي ،ولهذا فهي واردة في القانون على سبيل الحصر لا يقاس عليها ولا يتوسع في تفسيرها.

هي حقوق عينية تبعية: تقوم مستندة إلى حق دائنية تضمن الوفاء به وتمنح صاحبها ميزة التقدم على غيره من الدائنين عند التنفيذ على المال محل الامتياز وتتبع هذا المال عند التنفيذ عليه في أي يد يكون.

- ترد حقوق الامتياز على العقارات والمنقولات: والذي يحدد محل حق الامتياز هو القانون.

2.3. المطلب الثالث : الحقوق الشخصية ( حقوق الدائنية)

حق الدائنية هو قدرة شخص معين على اقتضاء أداء معين من شخص يلتزم به.ومن يتقرر له هذه القدرة يسمى( الدائن) ومن يلتزم بتقديم الأداء يسمى (المدين) والدائن لا يستطيع ان يصل إلى حقه إلا بواسطة المدين. فمثلا المقرض له حق دائنية على الشيء المبيع لا يستطيع الوصول غليه إلا بواسطة البائع، والبائع له حق دائنية على الثمن لا يستطيع الوصول إليه إلا بواسطة المشتري.

ويختلف حق الدائنية عن الحق العيني في أن الحق العيني سلطة مباشرة لشخص على شئ معين وبالتالي يستطيع صاحبه الوصول إليه دون وساطة أحد، لكنهما يتفقان انهما حقان ماليان أي يمكن تقويم محليهما بالنقود.

أولا : أنواع حق الدائنية.

حقوق الدائنية لا تقع تحت حصر .وإذا كان هناك خلاف في الفقه حول حصر الحقوق العينية، فإن معظم الفقهاء أجمعوا على عدم حصر حقوق الدائنية، فالأفراد لهم مطلق الحرية في إنشاء حقوق الدائنية التي تحقق مصلحتهم، وذلك تطبيقا لمبدأ سلطان الإرادة والقيد الوحيد الوارد على حريتهم في إنشاء هذه الحقوق هو عدم جواز اتفاقهم على انشاء حق دائنية مخالف للنظام العام أو الآداب فمثلا الاتفاق على تأجير مسكن لاستخدامه محلا للدعارة اتفاق ينشئ حق دائنية مخالف للآداب العامة وبالتالي فهو اتفاق باطل.وعلى الرغم من عدم تحديد حقوق الدائنية إلا أنه يمكن القول إن محل حق الدائنية هو عمل ما يقوم به المدين لصالح الدائن، وهذا العمل قد يكون إجابيا وهو ما يطلق عليه الفقه اصطلاح( الالتزام بالقيام بعمل) وقد يكون عملا سلبيا وهو ما يطلق عليه القفه اصطلاح ( الالتزام بالامتناع عن عمل).

ويدخل أيضا ضمن العمل الايجابي التزام شخص معين بنقل أو إنشاء حق عيني لشخص آخر وهو ما يسميه الفقه ( الالتزام باعطاء) فمحل حق الدائنية ينقسم إلى :التزام اجابي (التزام بعمل والقيام باعطاء و( التزام سلبي(التزام بامتناع عن عمل) ، وذلك على النحو التالي:

1-  الالتزام الاجابي. وهذا الالتزام له صورتان.

أ‌-الالتزام بالقيام بعمل: ويتضمن قيام المدين بعمل ايجابي معين لمصلحة الدائن كالتزام المحامي برفع الاستئناف في ميعاده.والتزام المقاول ببناء مسكن، والتزام الطبيب بعلاج المريض .

ب‌-الالتزام باعطاء: وهو التزام شخص بنقل أو إنشاء حق عيني على شئ معين( عقار أو منقول) لمصلحة شخص آخر. والالتزام بإعطاء يتضمن إما التزام بنقل حق عيني مثل التزام البائع بنقل ملكية الشئ المبيع إلى المشتري أو بإنشاء حق عيني أصلي كحق الارتفاق على عقار معين أو الالتزام بإنشاء حق عيني تبعي على شئ معين كحق الرهن الرسمي وحق الرهن الحيازي. وما يجب ملاحظته أن الملكية حق عيني لكن الالتزام بنقلها حق دائنية ( شخصي)  فالالتزام بنقل حق ملكية هو التزام البائع بإتمام إجراءات التسجيل مع المشتري إذا كان محل البيع عقارا أو القيام بعملية الفرز في حالة بيع المنقول ،لكن بعد تنفيذ هذا الالتزام يكون للمشتري حق ملكية على الشيء المبيع وهو حق عيني وليس حق دائنية.

2- الالتزام السلبي ( الالتزام بالامتناع عن عمل) .

يعني هذا الالتزام امتناع شخص معين عن القيام بعمل معين لتحقيق مصلحة شخص آخر ماكان ليمتنع عن القيام به لولا وجود هذا الالتزام .وهو التزام سلبي لأنه لا يتضمن نشاطا معينا من المدين يقوم به لتحقيق مصلحة الدائن بل على العكس فإن قيامه بهذا النشاط يعتبر إخلالا بالتزام لأن مصلحة الدائن تتحقق في هذا الحق عند عدم قيام المدين بعمل معين. ومن أمثلته التزام بائع المحل التجاري بعدم فتح محل تجاري يمارس نفس نشاط المحل المبيع في المنطقة التي يوجد فيها هذا المحل والتزام العامل بعدم العمل لدى رب عمل منافس لرب العمل الذي يعمل عنده والتزام المستأجر بعدم تأجير العين المؤجرة من الباطن طالما أن عقد الإيجار لا يسمح بذلك.

ثانيا: مصادر حق الدائنية.

تستمد حقوق الدانية مصادرها من نفس مصادر الالتزام وتقرر مديونة الشخص بمقتضى مصدر من مصادر الالتزام كما وردت في القانون المدني الجزائري والمتمثلة في: القانون ، العقد، الارادة المنفردة ، الفعل الضار( المسؤولية التقصيرية )، شبه العقود ( الإثراء بلا سبب،الدفع غير المستحق، الفضالة).

وتترتب هذه المصادر إما على وقائع طبيعية لا دخل للإنسان فيها وإما على وقائع إنسانية أي بتدخل من الإنسان وكمثال عن الوقائع الطبيعية الالتزام بالنفقة، وعدم الإضرار بالجار ومصدر هذه الالتزامات القانون وحده.

أما الوقائع الإنسانية فهي تلك الوقائع التي يتدخل فيها الإنسان وهي نوعان:

-1  تصرفات قانونية ترتب التزامات مصدرها إرادة الشخص إذا اقترنت بإرادة أخرى سميت عقدا وإذا لم تقترن بإرادة أخرى سميت إرادة منفردة.

 -2  وقائع قانونية وهي أعمال مادية قد تكون ضارة ترتب المسؤولية التقصيرية لكونها أعمالا غير مشروعة تستوجب التعويض لفائدة المتضرر وقد تكون نافعة في صورة إثراء بلا سبب أو دفع غير مستحق أو فضالة.

ويعتبر العقد المصدر الرئيسي لحقوق الدائنية وهذا ما يستخلص من التعريف التشريعي للعقد حيث قضت المادة 54 من القانون المدني( أن العقد اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح أو فعل أو عدم فعل شيء ما) وهي نفسها الصور الأساسية التي يتخذها حق الدائنية.

3. المبحث الثالث : الحقوق المختلطة

الحقوق المختلطة هي الحقوق التي يمتزج فيه جانبان : جانب مالي يمكن تقويمه بالنقود وجانب غير مالي لا يمكن تقويمه بالنقود وأبرز أمثلة الحقوق المختلطة هي الحقوق الذهنية. والحقوق الذهنية هي سلطات خولها القانون لشخص على نتاج فكره وثمرة جهده الذهني سواء كانت هذه الثمرة أو هذا النتاج فكرة ابتكرها أو اختراع اكتشفه أو أي إضافة جديدة أضافها ذهنه بحيث برزت فيها شخصيته ومن أمثلة الحقوق الذهنية حق المؤلف ، وحقوق العلامات التجارية، وحقوق الملكية الصناعية.

والحقوق الذهنية تحتوي على جانبين الأول: جانب أدبي يخول صاحبه سلطات على نتاج فكره وثمار جهده والثاني جانب مادي يخول صاحبه سلطات الاستغلال المالي لثمار فكره ونتاج ذهنه وبالتالي يمكن تقويم هذه السلطات بالنقود، ويجوز أن يرد عليها التقادم كما تخضع للتعامل.

وقد اعترف المشرع الجزائري بحقوق الملكية الفكرية وهذا ما أقره الدستور الجزائري بمقتضى نص المادة 38 منه بقولها: ( حرية الابتكار الفكري والفني والعلمي مضمونة للمواطن .حقوق المؤلف يحميها القانون ولا يجوز حجز أي مطبوع أو تسجيل أو أية وسيلة أخرى من وسائل التبليغ والإعلام إلا بمقتضى أمر قضائي، كما نصت المادة 687 من التقنين المدني الجزائري على أنه: ( تنظم قوانين خاصة الحقوق التي ترد على أشياء غير مادية) وتطبيقا لهذا النص أصدر المشرع الجزائري النصوص القانونية الخاصة المتعلق بحقوق الملكية الفكرية تتمثل أساسا في الأمر رقم 03-05 المؤرخ في 19/ 07 / 2003 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، والامر 03/06 المؤرخ في 19/ 07 / 2003 المتعلق بالعلامات الصناعية. والامر رقم 03- 07 المؤرخ في 19/ 07 2003 المتعلق بالعلامات بحماية التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة. وبالنسبة للمرسوم والنماذج الصناعية احتفظ المشرع الجزائري بالأمر رقم 66-86 المؤرخ في 28/ 04/ 1966 وكذلك الشأن بالنسبة للأمر 76-65 المؤرخ في 16/07/1976 المتعلق بتسميات المنشأة .

3.1. المطلب الأول : حقوق الملكية الادبية والفنية

يقصد بالملكية الأدبية والفنية عموما حقوق المؤلف والحقوق المجاورة وقد نظمت هذه الحقوق الأمر 03-05 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

1- تعريف حق المؤلف.

حق المؤلف هو جميع المزايا الأدبية والمالية التي يخولها القانون للعالم والكاتب أو الفنان على مصنفه. والمشرع الجزائري لم يعرف حق المؤلف بصفة مباشرة بل أشار إلى هذا التعريف بشكل غير مباشر وذلك في نص المادة الثالثة  من الامر 03-05 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوقالمجاورة  بقولها:  ( كل صاحب إبداع أصلي لمصنف أدبي أو فني ) . وحسب هذه المادة يعتبر مؤلفا كل شخص ابتكر مصنفا في الآداب والفنون والعلوم أيا كان نوعه أو طريقة التعبير عنه بالكتابة أو بالرسم أو التصوير أو الحركة وعلى ذلك يعد مؤلفا الكاتب والأديب والعالم والممثل والمؤلف الموسيقي و المسرحي والملحن والمغني والممثل السينمائي.

2-  خصائص حق المؤلف.

يتميز الحق الأدبي للمؤلف بالخصائص التالية:

أ‌- حرمة الحق الأدبي للمؤلف. من حيث عدم جواز التصرف فيه أو الحجز عليه أو اكتسابه بالتقادم. إن ارتباط الحق الأدبي للمؤلف بشخصية صاحبه باعتباره من الحقوق اللصيقة بالشخصية يعتبر غير قابل للتصرف فيه أو الحجز عليه و لا يرد عليه التقادم . وبشأن عدم جواز الحجز على الحق الأدبي للمؤلف فإن هذه الخاصية اقتضتها طبيعة هذا الحق من حيث مايلي:

-  كونه مرتبط بشخصية المؤلف فهو حق لصيق به لا ينفصل عنه.

-   كونه ليس له قيمة مالية حتى يستطيع الدائن الحجز عليه.

ب - ديمومة الحق الأدبي للمؤلف. إن الحق الأدبي حق مؤبد يبقى للمؤلف طوال حياته وحتى بعد مماته فهو حق دائم غير مؤقت أو مرتبط بمدة معينة خلاف العنصر المادي للحق الذي يتميز بكونه مؤقت تحظى الحقوق - يتميز بكونه مؤقت وفي هذا الصدد تنص المادة 54 من الأمر 03-05 (تحظى الحقوق المادية لفائدة المؤلف طوال حياته ولفائدة ذوي حقوقه مدة خمسين سنة ابتداء من مطلع السنة المدنية التي تلي وفاته).

ت - الحق الأدبي للمؤلف لا ينتقل معظمه للورثة: ميز المشرع الجزائري بين فئتين من الحقوق الأدبية وهي كالتالي:

-1 حقوق أدبية غير قابلة للانتقال وتتمثل في مايلي:

- حق المؤلف في إيداع مصنفه وإجراء تعديلات أو تحسينات أو إضافات عليه.

- حق المؤلف في إعدام مصنفه وإزالته من الوجود.

- حق المؤلف في الامتناع عن نشر المصنف.

- حق المؤلف في نشر مؤلفه باسمه أو باسم مستعار و بدون اسم.

- حق المؤلف من سحب مصنفه من التداول.

2- حقوق أدبية قابلة للانتقال إلى الورثة وهي كالتالي:

- حق تقرير نشر المصنف إذا توفي المؤلف قبل أن يقرر نشر المصنف.

- حق الورثة في منع إسقاط اسم المؤلف أو اسمه المستعار.

- حق الورثة في احترام مصنف مورثهم وعدم المساس بسلامته.

- حق حماية المصنف من أي اعتداء.

- حق منع نشر المؤلف أو نسخه أو ترجمته أو عرضه أو تأديته دون موافقة الورثة.

3- سلطات المؤلف على مصنفه.

أ- سلطة المؤلف في تقرير نشر المصنف: يقصد بهذا الحق صلاحية المؤلف في أن يقرر نشر المصنف أو عدم نشره وهذا الحق يختلف عن حق المؤلف في نشر مصنفه من حيث أن الحق الأول حق أدبي بينما الحق الثاني حق مالي يمكن التنازل عنه للغير عن طريق عقد النشر ويعتبر قرار نشر المصنف بمثابة شهادة ميلاد له يكتسب بموجبها مبتكر الإنتاج الذهني صفة المؤلف ويكتسب المنتوج صفة المصنف ولهذا القرار أهمية في إثبات ملكية المؤلف لمصنفه والاستفادة من الحماية المقررة له.

ب - سلطة المؤلف في إلحاق المصنف إليه :إعترف المشرع الجزائري بحق الم ؤلف في نسبة مصنفه إليه وذلك راجع إلى أن هذا الحق من الحقوق اللصيقة بشخصية المؤلف لصلتها بذهنه، ويترتب عن هذا الحق ما يلي :

- حق المؤلف في المطالبة في الاعتراف بان المصنف من إبداعه .

- حق المؤلف في الإعلان عن المصنف للجمهور مقرونا باسمه بشكل بارز على النسخة مع ذكر مؤهلاته كما من حقه نشر المصنف باسم مستعار أو مجهول .

- امتداد هذا الحق إلى جميع المصنفات الأدبية والفنية .

- حق المؤلف في طلب وقف الاعتداء على اسمه ومن صور الاعتداء المحتملة تحريف اسم المؤلف أو محو اسم المؤلف أو إحلال اسم مؤلف مشهور محل اسم الكاتب الفعلي .

- حق المؤلف في إلزام الغير بالأمانة العلمية كحالة الاقتباس أو التصرف أو النقل الحرفي مع ذكر اسم المؤلف محل المصنف المنقول .

ت - سلطة المؤلف في تعديل المصنف:يحق للمؤلف إجراء أي تعديل يراه مناسبا للمؤلف كإعادة ترتيب الأفكار أو تصحيحها أو إضافة بعض التصورات إليها وهذا الحق ينفرد به المؤلف دون الناشر وقد اعترف به المشرع الجزائري حيث أجاز لصاحب الإنتاج الذهني إجراء أي تعديل على مصنفه بعد نشره .

ث - سلطة المؤلف في سحب المصنف من التداول:أجاز المشرع الجزائري للمؤلف حق سحب مصنفه من التداول لأسباب يقدرها المؤلف ويترتب عن استعمال هذا الحق قيام مسؤولية المؤلف عن الإضرار المحتملة الناتجة عن هذا التصرف كالضرر الذي يصيب الناشر أو المؤسسة الراعية للمصنف والذي ينتج عنه التزام المؤلف بتعويض الضرر .ويتناول هذا التعويض الحقوق المالية للناشر أو الغير ويجب أن يتناسب التعويض مع حجم الضرر وما فات المتضرر من كسب.

ج - حق المؤلف في حماية المصنف:كفل المشرع الجزائري للمؤلف الحق في ضمان احترام سلامة المصنف اتجاه الغير وفي هذا الصدد يحق للمؤلف طلب إزالة أي اعتداء يقع على مصنفه من شانه تشويه أو تحريف المصنف أو الإساءة إلى سمعة المؤلف أو شرفه.

3.2. المطلب الثاني : حقوق الملكية الصناعية

ثانيا: حقوق الملكية الصناعية.

يقصد بالملكية الصناعية حقوق الاستئثار الصناعي التي تخول صاحبها أن يستأثر قبل الكافة باستغلال ابتكار جديد أو رمز مميز أو تسمية أو تصاميم معينة. وتتكون حقوق الملكية الصناعية من الحقوق التالية: براءة الاختراع، العلامات ، الرسوم والنماذج الصناعية، تسميات المنشأ والمؤشرات الجغرافية،  التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة.الاسم التجاري.