1. الفرع الأول: التطور التاريخي للقانون

1.2. ثانيا: التطور التاريخي للقانون في الجزائر

مرت فكرة القانون في الجزائر هي الأخرى على عدة مراحل كان أول ظهور لها قبل الفتوحات الاسلامية وبداية تطبيق الشريعة الاسلامية وكان هذا في العهد الأمازيغي، الذي برز فيه القانون كغرائر نحو الميل في جماعة والزام أفرادها إلى وضع قواعد عرفية للمعاملات التي تتم بينهم والتي اتخذت عدة أشكال كعادات وتقاليد مثلا في الميدان الجزائي تطبيق مبدأ القصاص كانتقام فردي يتولاه المعتدي عليه أو عشيرته على الجاني وعشيرته.

بعدها جاءت الفتوحات الاسلامية أين أصبحت المصدر الأساسي لتنظيم سلوك الأفراد في المجتمع إلى جانب الأعراف المحلية الي لا تتعارض مع قيم الدين الاسلامي وتعزيز دور الشريعة الاسلامية كقانون أساسي  متخذ من القرآن والسنة والإجماع كمصادر لوضع قواعده.

واستمر الأمر على حاله إلى حين بزوغ فجر العصر الحديث الذي تميز بدخول الجزائر تحت لواء الدولة العثمانية وأصبحت اقليما تابعا لها إلى غاية قدوم الاستعمار الفرنسي وما جلبه من قوانين خاصة تلك التي تحكم المعاملات المدنية بين الأفراد والأعراف المهنية وحتى المالية.

أما بعد الاعلان عن الاستقلال في 07/05/1962 أين كان المتوقع من الدولة الجزائرية بإصدار قوانينها الخاصة قامت بتمديد سريان التشريعات الفرنسية إلى ما بعد الاستقلال باستثناء ما يتعارض مع السيادة الوطنية وفقا للقانون رقم 157-62 المؤرخ في 31-07-1962، وذلك راجع إلى نقص الامكانيات فضلا عن التوجه الذي اتبعته في تلك الفترة لمتشبع بالأفكار الاشتراكية.

ومع حلول الثمانينات وبورز قيادة جديدة للدولة التي تعتبر المرحلة الأساسية في تطور القانون بدولة الجزائر، إذ بدأ التفكير في ضرورة العودة إلى النظام الرأسمالي السائد قبل الاستقلال بحجة الاشتراكية في تحقيق النمية المنشودة، وبدأت السلطة في إصدار ترسانة قانونية مستلهمة من النظم القانونية الليبيرالية واستبدالها بعد أزمة النفط في 1986 حيث قررت الدولة الدخول في إصلاح القوانين السارية أنداك بقوانين جديدة تمثل أولها في القانون 01-88 المتعلق بالقانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية، اتبعه القانون 02-88 المتعلق بالتخطيط الليبرالي، كم أصدر المشرع الجزائري القانون 29-88 المتعلق بإلغاء احتكار الدولة للتجارة الخارجية، واعتمدت السلطة دستور جديد سنة 1989 الذي تخلى بصفة صريحة عن النظام الاشتراكي وتبني بدله النظام الليبيرالي، هذا النظام الذي بدأ يؤسس لنفسه مشروعية جديدة قائمة على أفكار الحرية والمساواة والديمقراطية والتعددية السياسية والنقابية.