1. الفرع الأول: التطور التاريخي للقانون

1.1. أولا: التطور التاريخي للقانون في الأنظمة المقارنة

عرفت البشرية منذ اكتشافها لمفهوم الجماعة فكرة القانون كأداة لتنظيم سلوك أفردها وتوقيع الجزاء عند مخالفتها وذلك على عدة مراحل، كان أولها في العصور القديمة أو ما يعرف بالمجتمعات البدائية حيث ساد الاعتقاد بأن القانون ظاهرة فوق بشرية يحتكم عليها رئيس العشيرة أو القبيلة كما كان عليه الحال في الحضارة المصرية القديمة في عهد فرعون أين كانت أوامر فرعون بمثابة القوانين في الدولة.

ومع تطور المجتمع البشري عرفت بعض التجمعات فكرة صياغة القوانين في شكل نصوص مكتوبة ومن بينها:

قانون حمو رابي في بلاد الرافدين والذي تشكل من عدة نصوص قانونية تنظم العقد ومسائل الزواج والعبيد والعقوبات المتصلة ببعض الجرائم كجريمة القتل، ويقوم هذا القانون على فكرة عم المساواة في العقاب بين طبقة الأحرار وطبقة المساكين وطبقة العبيد.

قانون الألواح الاثنا عشر في روما حين طالب العامة بتدوين القوانين رغبة منهم في الحد من تحكم الأشراف فأرسل مجلس الشيوخ بعثة إلى بلاد اليونان لدراسة القوانين اليونانية وخاصة قانون صولون الذي وضعته أثينا في عام 600 قبل الميلاد ثم عادت البعثة ومعها نتائج أبحاثها فشكلت لجنة عام 154 ق.م من عشرة رجال لوضع التقنين المطلوب والذي احتوى على قواعد قانونية خاصة بالعقود والمسؤولية وقمع الجرائم المختلفة التي يعرفها المجتمع الروماني.

قانون الشعوب وهو مجموعة من القواعد التي شكلت نتيجة تعامل الرومان مع غيرهم من الشعوب، خاصة فيما يتعلق بالمعاملات التجارية، وصدر هذا القانون في القرن الثالث قبل الميلاد ونظم أربعة عقود رضائية وهي البيع، الإيجار، الوكالة والشركة ويطبق هذا القانون على الأجانب دون الرومان.

توالى تطور فكرة القانون مرورا بالعصور الوسطى أين ظهرت عدة أنظمة قانونية متباينة هيمن عليها نظامين أساسين هما: من نظام قانوني مستمد من القانون الكنيسي جهة، ونظام قانوني مستمد من الشريعة الإسلامية من جهة أخرى.

هذا الأخير الذي تميز بأن مصدره هو القرآن الكريم المنزل من الله عز وجل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والسنة النبوية التي جاءت لتفصيل نا أجمله القرآن الكريم ن أحكام وينتمي النظام القانوني للشريعة الاسلامية أى صنف الشرائع السموية، أي القانون الإلاهي وقد أزدهر هذا القانون بعد احتكاك المسلمين بالنظم القانونية للأقاليم التي تم فتخها وخاصة المجموعة القانونية للبلاد ما بين النهرين والمجموعة القانونية بلاد فارس والمجموعة القانونية الرومانية والبزنطية ونتيجة لهذا الاحتكاك تطور الفقه الإسلامي والذي انقسم إلى مجموعتين أساسيتين: مجموعة المذاهب الفقهية السنية وعددها أربعة تتمثل في المذهب المالكي والمذهب الشافعي والمذهب الحنفي والمذهب الحنبلي، ومجموعة شيعية وانشطرت إلى أكثر من أثني عشر مذهب.

وكان لهذا التنوع المذهبي آثاره في إثراء أحكام الشريعة الإسلامية والتي بلغت حدا جعلها أحد أهم روافد الفكر القانوني العالمي.

وصولا إلى الأنظمة المعاصرة والتي تعلقت أساسا بالقانون الوضعي المعمول به في الدول الأوربية والذي استمد مرجعتيه من القانون الروماني الذي يعود أصلها إلى الرومان لكنها عرفت تغيرات جدرية على يد الفقهاء الفرنسيين وتعرف هذه المجموعة باعتمادها على مبدأ تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص مبدأ ازدواجية القضاء إلى قضاء عادي وقضاء إداري، هذا إلى جانب مجموعة القانون العام الانجليزي Common Law وانتشر تطبيقها في دول أمريكا وبريطانيا وافريقيا وحتى الدول الأسيوية.