ماهية الائتمان
كان ظهور التاجر المتخصص بمثابة الميلاد الفعلي لاقتصاد المبادلة والمقايضة، أين تعددت حقوقه والتزاماته .. فهو دائن حينا وحينا آخر مدين، وغالبا هو دائن ومدين في آن واحد- دائن حينما يكون له حقوق قبل الغير ومدين حين يكون عليه التزامات قبل الغير- ومن هنا ظهرت الحاجة للائتمان وإلى سرعة وسهولة تداول الحقوق. وبهذا المعنى فالائتمان والدين هما الشيء نفسه، أو أنهما تقريبا وجهان لعملة واحدة وهي الالتزام بالدفع في المستقبل. فمن وجهة نظر الشخص الذي سوف يتم له الدفع في المستقبل يكون هذا الالتزام ائتمانا، أي حقا بالدفع له من قبل شخص آخر، أما من وجهة نظر الشخص الذي يلتزم بالدفع في المستقبل فإن هذا الالتزام يكون " دينا " قبل شخص آخر. فالمقرض يمنح ائتمانا والمقترض يلتزم بدين[1]
[1]- زینب عوض الله و أسامة محمد الفولي، اساسيات الاقتصاد النقدي والمصرفي، منشورات الحلبي الحقوقية، سوريا، 2003 م، ص77.
2. المطلب الثاني : ماهية الائتمان المصرفي
2.4. الفرع الرابع : أسس منح الائتمان
الائتمان المصرفي يجب أن يتم استناداً إلى قواعد وأسس مستقرة ومتعارف عليها، وهي[1]:
1- توفر الأمان لأموال المصرف: وذلك يعني اطمئنان المصرف إلى أن المنشأة التي تحصل على الائتمان سوف تتمكن من سداد القروض الممنوحة لها مع فوائدها في المواعيد المحددة لذلك.
2- تحقيق الربح: والمقصود بذلك حصول المصرف على فوائد من القروض التي يمنحها تمكنه من دفع الفوائد على الودائع ومواجهة مصاريفه المختلفة، وتحقيق عائد على رأس المال المستثمر على شكل أرباح صافية.
3- السيولة: يعني احتفاظ المصرف بمركز مالي يتصف بالسيولة، أي توفر قدر كافٍ من الأموال السائلة لدى المصرف - النقدية والأصول التي يمكن تحويلها إلى نقدية إما بالبيع أو بالاقتراض بضمانها من المصرف المركزي- لمقابلة طلبات السحب دون أي تأخير، وهدف السيولة دقـيق لأنه يستلزم الموازنة بين توفير قدر مناسب من السيولة للمصرف وهو أمر قد يتعارض مع هدف تحقيق الربحية، ويبقى على إدارة المصرف الناجحة مهمة المواءمة بين هدفي الربحية والسيولة.
ويقوم كل مصرف بوضع سياسته الائتمانية بعد مراعاة الأسس أعلاه وطبقاً لحاجة السوق، وهي عبارة عن: " إطار يتضمن مجموعة المعايير والشروط الإرشادية – تزود بها إدارة منح الائتمان المختصة – لضمان المعالجة الموحدة للموضوع الواحد، وتوفير عامل الثقة لدى العاملين بالإدارة بما يمكنهم من العمل دون خوف من الوقوع في الخطأ، وتوفير المرونة الكافية، أي سرعة التصرف بدون الرجوع إلى المستويات العليا، ووفقاً للموقف، طالما أن ذلك داخل نطاق السلطة المفوضة إليهم "[2].