ماهية الائتمان

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: وسائل الإئتمان الإلكتروني
Livre: ماهية الائتمان
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Tuesday 23 July 2024, 03:04

Description

كان ظهور التاجر المتخصص بمثابة الميلاد الفعلي لاقتصاد المبادلة والمقايضة، أين تعددت حقوقه والتزاماته .. فهو دائن حينا وحينا آخر مدين، وغالبا هو دائن ومدين في آن واحد- دائن حينما يكون له حقوق قبل الغير ومدين حين يكون عليه التزامات قبل الغير- ومن هنا ظهرت الحاجة للائتمان وإلى سرعة وسهولة تداول الحقوق. وبهذا المعنى فالائتمان والدين هما الشيء نفسه، أو أنهما تقريبا وجهان لعملة واحدة وهي الالتزام بالدفع في المستقبل. فمن وجهة نظر الشخص الذي سوف يتم له الدفع في المستقبل يكون هذا الالتزام ائتمانا، أي حقا بالدفع له من قبل شخص آخر، أما من وجهة نظر الشخص الذي يلتزم بالدفع في المستقبل فإن هذا الالتزام يكون " دينا " قبل شخص آخر. فالمقرض يمنح ائتمانا والمقترض يلتزم بدين[1]

[1]- زینب عوض الله و أسامة محمد الفولي، اساسيات الاقتصاد النقدي والمصرفي، منشورات الحلبي الحقوقية، سوريا، 2003 م، ص77.

1. المطلب الأول : تعريف الائتمان

سوف نتناول في هذا المطلب الاول تعريف الائتمان لغا وصطلاحا 

1.1. الفرع الأول : تعريف الائتمان لغة

ائتمنَ يأتمن ، ائتمانًا ، فهو مؤتمِن ، والمفعول مؤتمَن، فيقال ائتمن شخصًا : أي عدَّه أمينًا ، ووضع فيه ثقته. ويقال أيضا ائْتَمَنَ فلاناً على الشيءِ: أي جعله أميناً عليه[1].

أما الائتمان باللغة الانجليزية Credit : فهو ناشئ عن عبارة Credo في اللاتينية وهي تركيب لاصطلاحين CRE وهي الثقة DO وهي أضع، فالمصطلح اذا يعني أضع الثقة[2].


[1]- ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، لبنان، ج 13، د.ت.نشر، ص 22.

[2] - Timothy Rasinski, Nancy Padak, Rick M. Newton, and Evangeline Newton, Building Vocabulary from Word Roots Grade 6 Kit eBook, Teacher Created Materials, 2011, p 43-44 .

1.2. الفرع الثاني : تعريف الائتمان اصطلاحا

يعرف الائتمان على انه “الحصول على البضائع والخدمات مقابل إعطاء وعد بدفع قيمتها بالنقود حين الطلب بوقت محدد في المستقبل، فالائتمان يقوم على أساس الثقة والأمانة من الطرف الحاصل عليه ويستوجب مرور فترة من الزمن بين وقت التسليم أو الإقراض والتسديد”[1].

كما يعرف أيضا: ” أنه عملية مبادلة قيمة حاضرة بقيمة آجلة مساوية لها مضافا إليها مبلغ آخر يسمى الفائدة”[2]. وهناك طرفان في عملية الائتمان:

الأول: مانح الائتمان المقرض أو الدائن.

الثاني: متلقي الائتمان ويدعى بالمدين أو المقترض.

وينظر الى الائتمان من ناحيتين:

الأولى: من ناحية المهلة التي يمنحها البائع للمشتري، لكي يدفع ثمن السلعة التي تسلمها، وفيها يزيد السعر لأن الثمن مؤجل . وهذا مايسمى بـ الائتمان التجاري[3].

الناحية الثانية: هو العملية التي بموجبها يقرض شخص غيره مبلغا من المال متأملا اعادته في المستقبل مضافا اليه الفائدة المترتبة عليه، وهذا ما يعرف بالائتمان المصرفي.

[1]- عبدالسلام لفته سعيد، الائتمان المصرفي، اكاديمية الدراسات العليا والبحوث الاقتصـادية، طـرابلس، ليبيا، 2000 م، ص13.

[2]- محسن أحمد الخضيري ، الائتمان المصرفي ( منهج متكامل في التحليل والبحث الائتمـاني )، مكتبة الانجلو المصرية، القـاهرة، 1987 م، ص38.

[3]- حسون توفيق ، الادارة المالية: قرارات الاستثمار وسياسات التمويل في المشروع الاقتصادي، منشورات جامعة دمشق، دمشق، سوريا، 2007 م، ص 230.

2. المطلب الثاني : ماهية الائتمان المصرفي

سوف نتناول في هذا المطلب الثاني مفهوم الائتمان المصرفي ونشاته وعناصره وانواعه والاساس الذي من اجله يتم منح الائتمان وأدوات الائتمان.

2.1. الفرع الأول : مفهوم الائتمان المصرفي ونشأته

يعرّف الائتمان المصرفي بأنه:  " الثقة التي يوليها المصرف لشخص ما سواء أكان طبيعياً أم معنوياً، بأن يمنحه مبلغاً من المال لاستخدامه في غرض محدد، خلال فترة زمنية متفق عليها وبشروط معينة لقاء عائد مادي متفق عليه وبضمانات تمكّن المصرف من استرداد قرضه في حال توقف العميل عن السداد"[1].

كما يعرف بأنه العملية التي يرتضي البنك بمقتضاها ، مقابل فائدة أو عمولة معينة ومحددة، أن يمنح عميلا(فردا أو شركة أعمال) بناء على طلبه سواء حالا أو بعد وقت معين تسهيلات في صورة أموال نقدية أو أي صورة أخرى وذلك لتغطية العجز في السيولة ليتمكن من مواصلة نشاطه[2].

وتعرّف القروض المصرفية بأنها تلك الخدمات المقدمة للعملاء التي يتم بمقتضاها تزويد الأفراد والمؤسسات والمنشآت في المجتمع بالأموال اللازمة على أن يتعهد المدين بسداد تلك الأموال وفوائدها والعمولات المستحقة عليها دفعة واحدة، أو على أقساط في تواريخ محددة. ويتم تدعيم هذه العلاقة بتقديم مجموعة من الضمانات التي تكفل للمصرف استرداد أمواله في حال توقف العميل عن السداد بدون أية خسائر[3].

إن أول أشكال العمل المصرفي كان قبول الودائع التي لم تكن تعطي أصحابها في البداية أي حق بالفائدة، لا بل إنه كان يترتب عليهم في بعض الأحيان دفع جزء منها لمن أودعت لديه هذه الممتلكات لقاء حراستها والمحافظة عليها. ومن ثم أخذت مؤسسات الإيداع هذه بممارسة عمليات الإقراض لقاء فوائد وضمانات تختلف باختلاف طبيعة العمليات والمواد المقرضة، وكانت عمليات الإقراض هذه تتم من ممتلكات المقرض نفسه[4]. بعد ذلك ومع تطور العمل المصرفي وتراكم الودائع لدى المؤسسات التي تمارس العمليات المصرفية، لاحظت هذه المؤسسات أن قسماً من المودعين يتركون ودائعهم فترة طويلة دون استخدامها ففكروا باستخدام جزء من هذه الودائع، وتسليفها للمحتاجين مقابل فائدة، وبعد أن كان يدفع المودع عمولة إيداع أصبح يتلقى فائدة على ودائعه، وبعد أن ازدادت هذه العمليات لاحظ الصيارفة أن باستطاعتهم منح قروض دون ودائع فعلية مقابلة لما لديهم[5]. وهكذا من مهمة قبول الودائع في البداية انتقل العمل المصرفي إلى ممارسة عمليات الإقراض والتسليف، ليصبح الركن الأساسي لأعمال المصارف الحديثة هو قبول الودائع والمدخرات من جهة وتقديم التسهيلات الائتمانية والخدمات المصرفية المتعددة الأشكال من جهة أخرى.



[1]- منال خطيب، تكلفة الائتمان المصرفي وقياس مخاطره بالتطبيق على أحد المصارف التجارية السورية، رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد، جامعة حلب، سوريا، 2004 م، ص 04.

[2] - هيثم محمد الزعبي، الادارة والتحليل المالي، دار الفكر الحديث، عمان، الأردن، 2000 م، ص 80.

[3] - عبد المطلب عبد الحميد، البنوك الشاملة (عملياتها- وإدارتها)، الدار الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2000 م، ص103.

[4] - حمزة محمود، الاعتمادات المستندية والكفلات المصرفية في المصرف التجاري السوري ودورهما في الاقتصاد الوطني، رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد والتجارة، جامعة دمشق، 2004 م، ص 02.

[5] - فلوح صافي، محاسبة المنشآت المالية، منشورات جامعة دمشق، سوريا، 1999 م، ص13.

2.2. الفرع الثاني : عناصــر الائتمـــان

يجب أن يتوافر في الائتمان أربعة عناصر أساسية على الأقل لكي يعتبر ائتماناً، فهي المكونة له ولو لم تكن موجودة لما كان هناك ائتمان، وهذه العناصر هي[1]:

1- علاقة مديونية : وجود دائن ( مانح الائتمان ) ووجود مدين ( متلقي الائتمان ) ، وتوافر الثقة بينهما .

2- وجود الدين نفسه : وجود المبلغ النقدي الذي أعطاه الدائن للمدين حيث يتعين على المدين أن يقوم برده إلى الدائن ، وهنا يظهر الارتباط بين الائتمان والنقود .

3- الأجل الزمني للدين : الفارق الزمني هو العنصر الجوهري الذي يفرق بين المعاملات الفورية الآنية والمعاملات الائتمانية الآجلة .

4- المخاطرة : وهي سبب حصول الدائن على دينه مضافاً إليه الفائدة نتيجة انتظاره على المدين ، فالفائدة هي ثمن المخاطرة عن احتمال عدم قيام المدين بسداد الدين 


[1] - حمزة محمود الزبیدي، إدارة الائتمان المصرفي والتحلیل الائتماني، الوراق للنشر والتوزیع، عمان، الأردن، 2002 م، ص 18.

2.3. الفرع الثالث : أنوع الائتمان المصرفي

تتعدد صور الائتمان المصرفي وأنواعه وفق معايير متعددة[1]:

أولابحسب الغرض منه: وينقسم الى:

1/ ائتمان استثماري: غالبا ما يكون ائتمان طويل الأجل وتمثل السندات[2] الأداة المناسبة للحصول عليه وتلجأ إليه المؤسسات عادة من أجل توفير احتياجاتها من رؤوس أموال ثابتة (أراضي، منشآت …)

2/ ائتمان تجاري: تلجأ إليه المؤسسات بغرض تمويل جزء من رأس مالها العام او الجاري (أجور عمال، مشتريات من المواد الأولية…) ويكون عادة ائتمان قصير الأجل وتمثل الكمبيالات والسندات الأذنية الأداة المناسبة لتداوله[3].

3/ ائتمان استهلاكي: وهو الائتمان الموجه لتمويل احتياجات الأفراد من السلع المعمرة (الاستهلاكية، ثلاجات، سيارات، …الخ) عادة ما يكون هذا الائتمان متوسط الأجل.

ثانيا/ حسب أجل الائتمان: وينقسم وفقا للمدة إلى:

1/ ائتمان قصير الأجل: يقصد بالتمويل القصير الأجل تمويل نشاط الاستغلال، بمعنى تمويل العمليات التي تقوم بها المؤسسات الصناعية والتجارية في فترة قصيرة لا تتعدى في الغالب 12 شهرا. ويوجه هذا التمويل لتغطية الاحتياجات التي تبرز على مستوى حسابات المدنين والدائنين والعلاقة بين مجموع هاته الكتل من الحسابات تشكل ما يعرف برأس المال العامل. ومن الصور الشائعة لهذا النوع أذونات الخزينة التي تصدرها الدولة[4].

2/ ائتمان متوسط الأجل: وتتراوح مدته عادة ما بين سنة و 5 سنوات ويستخدم في تمويل احتياجات المؤسسات في بعض العمليات الرأسمالية (تطوير الإنتاج، القيام بالتوسعات، …الخ) كذلك احتياجات الأفراد في السلع الاستهلاكية[5].

3/ ائتمان طويل الأجل: هي القروض التي تزيد آجالها عن خمس سنوات وقد تصل إلى عشر سنوات أو عشرين سنة، و تمنح لتمويل الأنشطة والعمليات ذات الطبيعة الرأسمالية، أو بناء المصانع، أو إقامة مشاريع جديدة تحتاج إلى رؤوس أموال ثابتة[6].

ثالثا/ بحسب شخصية متلقي الائتمان: وينقسم الى:

1/ ائتمان خاص: وهو الذي يعقده أشخاص القانون الخاص كالأفراد الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية الخاصة كالشركات والمؤسسات الخاصة.

2/ الائتمان العام: وهو ما يعقده الأشخاص العامة كالدولة وإداراتها المختلفة.

رابعا/ بحسب ضمان الدين: وينقسم إلى:

1/ ائتمان شخصي: في هذا النوع من الائتمان لا يقدم المدين اية ضمانات لتسديد دينه و يكتفي الدائن بالوعد الذي أخذه المدين على عاتقه بإبراء ذمته في الأجل المحدد وبثقته في تنفيذ هذا العد مستندا إلى شخصية المدين (حسن سمعته ومتانة مركزه المالي).

2/ الائتمان العيني: ففي هذا الائتمان يقدم المدين ضمانا عينيا كضمان لتسديد دينه وعادة ما يشترط أن تكون قيمة الضمان أكبر من قيمة القرض، هذا لائتمان يكون في حالة الصفقات الكبيرة أو ذات المخاطرة.



[1] - جميل أحمد توفيق، أساسيات الادارة المالية، دار النهضة، بيروت، لبنان، 1987 م، ص 344.

[2]- السند هو صك مديونية تستخدمه الشركات كوسيلة للاقتراض، الدائن هو الذي يشتري السند والمدين هو مصدر أو بائع السند . و يتعهد مصدر السند أن يدفع لحامل السند فائدة أو (كوبون) محدد مسبقا طول مدة السند وأن يرد القيمة الاسمية للسند عند حلول تاريخ الاستحقاق .

[3]- جميل احمد توفيق و علي شريف بقة، الادارة المالية، الدار الجامعية، بيروت، لبنان، 1998 م، ص 388.

[4] - الطاهر لطرش، تقنيات البنوك، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2000 م، ص 57.

[5]- محمد صالح الحناوي و ابراهيم اسماعيل سلطان، الادارة المالية والتمويل، الدار الجامعية للطبع  والنشر والتوزيع، الاسكندرية، 1999 م، ص 294.

[6]- عبد المعطي رضا الرشيد وآخرون، ادارة الاتمان، دار وائل للطباعة ، عمان، الاردن، 1999 م، ص 104.

2.4. الفرع الرابع : أسس منح الائتمان

الائتمان المصرفي يجب أن يتم استناداً إلى قواعد وأسس مستقرة ومتعارف عليها، وهي[1]:

1-    توفر الأمان لأموال المصرف: وذلك يعني اطمئنان المصرف إلى أن المنشأة التي تحصل على الائتمان سوف تتمكن من سداد القروض الممنوحة لها مع فوائدها في المواعيد المحددة لذلك.

2-     تحقيق الربح: والمقصود بذلك حصول المصرف على فوائد من القروض التي يمنحها تمكنه من دفع الفوائد على الودائع ومواجهة مصاريفه المختلفة، وتحقيق عائد على رأس المال المستثمر على شكل أرباح صافية.

3-     السيولة: يعني احتفاظ المصرف بمركز مالي يتصف بالسيولة، أي توفر قدر كافٍ من الأموال السائلة لدى المصرف - النقدية والأصول التي يمكن تحويلها إلى نقدية إما بالبيع أو بالاقتراض بضمانها من المصرف المركزي- لمقابلة طلبات السحب دون أي تأخير، وهدف السيولة دقـيق لأنه يستلزم الموازنة بين توفير قدر مناسب من السيولة للمصرف وهو أمر قد يتعارض مع هدف تحقيق الربحية، ويبقى على إدارة المصرف الناجحة مهمة المواءمة بين هدفي الربحية والسيولة.

ويقوم كل مصرف بوضع سياسته الائتمانية بعد مراعاة الأسس أعلاه وطبقاً لحاجة السوق، وهي عبارة عن: " إطار يتضمن مجموعة المعايير والشروط الإرشادية – تزود بها إدارة منح الائتمان المختصة – لضمان المعالجة الموحدة للموضوع الواحد، وتوفير عامل الثقة لدى العاملين بالإدارة بما يمكنهم من العمل دون خوف من الوقوع في الخطأ، وتوفير المرونة الكافية، أي سرعة التصرف بدون الرجوع إلى المستويات العليا، ووفقاً للموقف، طالما أن ذلك داخل نطاق السلطة المفوضة إليهم "[2].


[1]- عقل مفلح محمد ، مقدمة في الادارة المالية والتحليل المالي، مكتبة المجتمع العربي، عمان، الاردن، 2011 م، ص 82-84.

[2]- عبد الغفار حنفي وعبد السلام أبو قحف، الإدارة الحديثة في البنوك التجارية، الدار الجامعية، الاسكندرية، مصر، 2004 م، ص 140.

2.5. الفرع الخامس : أدوات الائتمان

لقد استطاع على الدوام أطراف المبادلات التجارية أن يستحدثوا أدوات وأساليب مختلفة لتحقيق هدف سرعة تداول الحقوق وتوفير أكبر قدر من الثقة في المعاملات، ومن أهم هذه الأدوات نجد الأوراق التجارية والأوراق المالية. فالأولى تعتبر أدوات ائتمانية قصيرة الأجل، بينما تعتبر الثانية أدوات ائتمانية طويلة الأجل، ومن الجدير بالذكر أن النقود الورقية ذاتها تُعد من بين أدوات الائتمان. وفيما يلي نتناول هذه الأدوات بشيء من التفصيل.

أولا: الأوراق التجارية:

الأوراق التجارية هي صكوك (محررات مكتوبة) قابلة للتداول، تمثل حقاً نقدياً يستحق الدفع بمجرد الإطلاع (بمجرد تقديمه)، وجرى العرف على قبولها كأداة وفاء. وأهم ما يميز هذه الأوراق سرعة تداولها وعدم تقيدها بالقيود المتعارف عليها في قواعد القانون المدني، كما أن العرف يدخل في توفير قدر كبير من الضمان لها وإضفاء درجة من الثقة عليها. و لها أهمية كبرى للاقتصاد، فهي أداة وفاء وأداة ائتمان. ومن أهم هذه الاوراق التجارية السفتجة والسند لأمر والشيك[1] .  وسنتعرض لكل واحدة منها بشكل مختصر فيما يلي :

1-   السفتجة : هي محرر مكتوب وفق أوضاع شكلية مذكورة في القانون تتضمن أمرا صادرا من شخص هو الساحب إلى شخص آخر هو المسحوب عليه بأن يدفع لأمر شخص ثالث هو المستفيد مبلغا معينا بمجرد الاطلاع أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين[2].

2-   السند لأمر: هو محرر مكتوب وفق أوضاع شكلية مذكورة في القانون يتضمن تعهد من طرف محرره بدفع مبلغ معين بمجرد الاطلاع أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين لأمر شخص آخر هو المستفيد ، و يختلف السند لأمر عن السفتجة من حيث الشكل إذ السفتجة تفترض وجود ثلاثة أشخاص عند تحريرها بينما السند لأمر لا يتضمن عند إنشائه إلا شخصين هما المحرر و المستفيد ويستند هو الآخر إلى علاقة سابقة بين هذين الشخصين يصبح فيها المحرر مدينا للمستفيد فنشا لأمره سندا يتعهد فيه بدفع قيمة الدين في تاريخ معين ، كما يختلف السند لأمر عن السفتجة من حيث طبيعة الالتزام الثابت في كل منهما إذ يعتبر الالتزام على السفتجة عملا تجاريا مطلقا ، أما الالتزام على السند لأمر فلا يكون عملا تجاريا إلا إذا كان محرر السند تاجرا أو صدر السند بمناسبة عملية تجارية .[3]

3-   الشيك: هو محرر مكتوب وفق أوضاع شكلية ذكرها القانون و يتضمن أمرا صادرا من شخص هو الساحب إلى شخص آخر هو المسحوب عليه الذي غالبا ما يكون بنكا ، بان يدفع لشخص ثالث هو المستفيد مبلغا معينا بمجرد الاطلاع على الشيك.  و يختلف الشيك عن السفتجة في كونه دائما مستحق الوفاء بمجرد الاطلاع لأنه أداة وفاء فحسب و لا يقوم بوظيفة الائتمان كما لا يعد عملا تجاريا إلا إذا حرر بمناسبة عمل تجاري أو وفاء لدين من بيعة تجارية، سواءً قام بتحريره تاجر أو غير تاجر، غير انه إذا قام بتحريره تاجر قامت قرينة على أن الشيك يتعلق بشؤون تجارية و من ثم يعد عملا تجاريا غير أن هذه يمكن دحضها بجميع وسائل الإثبات[4] .

ثانيا: الأوراق المالية:

يُطلق لفظُ الأوراق الماليّة على جميع الأوراق والصكوك التي تصدرُها الهيئات الحكوميّة والمدنيّة العامة، والشركات الخاصة، كشركات التأمين، والمستشفيات الخاصّة، فتعطي للشخص الذي يملكها حقاً لدى الجهات التي تصدرها[5]، وتعتبر من أدوات الائتمان طويل الأجل ومن أهمها الأسهم والسندات. والتي سنتناولها بشكل مختصر فيما يلي:

1-   الأسهم:  السهم في اللغة مشتق من الفعل ساهم بمعنى اشترك أما في الاصطلاح فيعرف بأنه الوثيقة التي تمثل حصة المساهم في رأس مال الشركة أو انه حصة في رأس مال شركة الأموال. و قد عرف كذلك بأنه صك مالي يشكل حق المساهم في أن يكون شريكا في الشركة التي أسهم في رأس مالها و يمكن كأصل عام تداول هذا الصك المالي بالطرق التجارية المختلفة كالتظهير و التسليم[6]. و السهم يعطي لحامله العديد من الحقوق من ضمنها حقه في أن تتحدد مسؤوليته بقدر قيمة أسهمه و له أن ينال نصيب من أرباح الشركة اذا ما حققت الشركة أرباحا، و له أن يتصرف في أسهمه كأصل عام كلما أراد ذلك و لا يجوز إجبار المساهم على ترك الشركة بغير إرادته، و له أن يسترد حصته أو ما بقي منها عند انقضاء الشركة و اذا كانت هذه حقوقه المالية فان السهم بإضافة إلى ذلك يعطي له حق في إدارة الشركة عن طريق حضور الجمعيات العمومية و اشتراك في مداولتها وترشح لعضوية مجلس الإدارة[7]. وبالتالي فحملة الأسهم هم شركاء في رأس المال وبالتالي لا يحصلون على فائدة وإنما يحققون أرباحا أو يتحملون خسارة تبعا للأداء المالي للمشروع الذي أصدر هذه الأسهم[8].

2-   السندات:  هي عقد مكتوب يحتوي على تعهدٍ بدفع مبلغ ماليّ في موعد معين، أو عند تحقيق شرط ما، وتُعدّ كافة الاتفاقات والعقود الخاصة بالقروض عبارة عن سندات، كما تُعرَّف السندات بأنّها مبالغ ماليّة تقترضها الحكومات أو المُنشآت، وتتعهّد بسدادها مع إضافة فائدة لها في تاريخ يتمّ الاتفاق عليه. والمكتتبون في هذه السندات لا يكونون شركاء في رأس المال وإنما مجرد دائنين ومن ثم يتعين أن يتقاضوا فائدة بسعر ثابت يتحدد مقدما ويستمر حقهم في تقاضيه حتى تاريخ استهلاك الدين من الجهة التي أصدرته.[9]

ثالثا: النقود الورقية : وهي تعتبر من أدوات الائتمان، وليس أدل على ذلك من كونها تسمى أحيانا بالنقود الورقية الائتمانية، دلالة على أن قبول الأفراد لها وتداولها بينهم إنما يتوقف على درجة ثقتهم في الجهة المصدرة لها وهي الدولة. ولذلك فإن الذي له حق إصدار هذا النوع من الائتمان هو الدولة فقط وإن كان ينوب عنها في الإصدار البنك المركزي باعتباره بنك الحكومة. وتتمتع النقود بميزة كبرى هي قبولها العام كوسيط في المبادلات وسيولتها الكاملة، وذلك بخلاف كافة أدوات الائتمان الأخرى التي تتمتع بقدر فقط من السيولة كبيرا كان أم صغيرا.[10]

ومع التقدم العلمي وظهور الحواسيب والانترنت ظهرت وسائل ائتمان ووفاء - تختلف عن وسائل الائتمان والوفاء التقليدية المذكورة آنفا - تتلاءم مع الحياة التجارية المتطورة أين أصبحت البيئة التجارية بفضل هذه الوسائل تتميز بسهولة وسرعة في المعاملات. وهذه الوسائل الحديثة هي ما يطلق عليها وسائل الائتمان الإلكتروني، والتي سنتناولها في المبحث التالي.


[1]- عــــــــــادل أحـــــــــمد حشیش، أسـاسیات الاقتصاد النقدي و المصرفي، دار الجامعة الجدیدة، الأسكندریة، مصر،2004  م، ص  148.

[2]-  نادية فضيل ، الأوراق التجارية في القانون الجزائري ، دار هومه ، الجزائر، ط11، 2006 م، ص19.

[3]- راشد راشد، الأوراق التجارية- الإفلاس و التسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2008 م، ص 119-120.

[4]- علي جمال الدين عوض، الشيك في قانون التجارة، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، 1998 م، ص 04-10.

[5]- محمود محمد الداغر،  الأسواق المالية: مؤسسات- أوراق- بورصات، الطبعة الأولى، دار الشروق، عمان، 2005 م، ص86-87.

[6] - صلاح السيد جودة،  بورصة الأوراق المالية، مكتبة الإشعاع، الإسكندرية، مصر، 2000 م، ص 156 .

[7]- مجيد ضياء، البورصات- أسواق رأس المال وأدواتها- الأسهم والسندات، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، مصر، 2003م، ص 39 – 40.

[8]- طارق عبد العال حماد ، بورصة الأوراق المالية، الدار الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2000 م، ص 22.

[9]- محمود محمد الداغر، مرجع سابق، ص 103.

[10]- سهير محمود معتوق، أصول الإقتصاد، مكتبة عين شمس، القاهرة، مصر، 1996 م، ص94.