7. المنهج الوصفي

  يعتمد هذا المنهج على التركيز الدقيق على الوصف، حيث يصف ظاهرة معينة استنادا إلى وضع حالي، و من خلال ذلك يطرح الباحث مجموعة من الأسئلة:

               - ما هو الوضع الحالي لهذه الظاهرة؟

               - ما هي العلاقات بين الظاهرة المحددة و الظواهر الأخرى؟

               - ما هي النتائج المتوقعة لدراسة هذه الظاهرة؟

و قد تكون الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال القيام بعملية جمع الحقائق و البيانات الكمية أو الكيفية عن الظاهرة المدروسة مع محاولة تفسير هذه الحقائق تفسيرا كافيا

  و يهدف المنهج الوصفي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف نذكر منها :

- القيام بجمع المعلومات ذات العلاقة بموضوع الظاهرة المدروسة بطريقة مفصلة

- القيام بتوضيح الظواهر الأخرى و علاقاتها بالظاهرة المدروسة.

- مقارنة الظاهرة محل الدراسة بالظواهر الأخرى المحيطة بها.

  إذن يمكن القول أن المنهج الوصفي هو ذلك الطريقة العلمية التي يعتمدها الباحث في دراسته لظاهرة معينة وفق خطوات معينة،و يقوم خلالها بتحليل المعطيات و البيانات التي بحوزته المتعلقة بالظاهرة المدروسة و ذلك من أجل الوصول إلى الحقيقة العلمية المتعلقة بالظاهرة.

  إذن من خلال ذلك نلاحظ أن هناك خطوات للمنهج الوصفي هي :

- تحديد الظاهرة محل الدراسة و البحث.

- القيام بجمع المعلومات المتعلقة بالظاهرة المراد دراستها.

- و ضع الفرضيات

- اختيار عينة الدراسة

- القيام باختيار أدوات البحث التي سيستعملها الباحث في دراسته

- الوصول إلى نتائج

- القيام بتحليل النتائج و تفسيرها و الوصول إلى تعميمات.

أنواع المنهج الوصفي :

  تتقسم المناهج الوصفية إلى أنواع هي :

- منهج الدراسات المسحية

- منهج دراسة الحالة

- منهج دراسات النمو و التطور

أنواع الدراسات الوصفية:

  يتدرج تحت المناهج الوصفية مجموعة من المناهج الفرعية مثل:

- منهج الدراسة المسحية

- منهج دراسة الحالة

1- منهج الدراسة المسحية :

يعتبر منهج المسح من أكثر المناهج استعمالا في البحوث الوصفية، و استنادا إلى هذا المنهج فإن الباحث يقوم بعملية دراسة شاملة لموضوع دراسته و جمع البيانات و المعلومات المتعلقة بهذه الظاهرة، و تحليل الوضع الراهن لها في بيئة محددة و وقت محدد.

من خلال ذلك يمكن القول أن المنهج المسحي يهدف إلى:

1- وصف الظاهرة المدروسة و تشخيصها و تحليلها و جمع بيانات حولها و تقرير حالتها كما هي في الوقت الراهن، و في هذا المجال فإن الدراسة المسحية تتعلق بالوقت الذي يجرى فيه البحث و لا تتعلق بالظاهرة و لا بمستقبلها.

2- يقوم الباحث بتقديم المعايير المحددة التي يجب أن تكون الظاهرة وفقها.

3- من خلال دراسة الواقع يقوم الباحث بإسقاط ما هو موجود فعلا في المجتمع مع ما ينبغي أن يكون عليه الحال وفق معايير محددة، و في هذا الإطار فإنه يقوم بمقارنة بين الواقع و بين المعايير المحددة.

4- يقوم الباحث بتقديم اقتراحات و أساليب من أجل الوصول إلى ما ينبغي أن تكون عليه الظاهرة استنادا إلى المعايير المحددة.

5- يصل الباحث في الأخير إلى استخلاص النتائج التي يمكن تطبيقها على مجتمع الدراسة كله

  إن الدراسات المسحية تعتمد كثيرا على أدوات البحث العلمي التي، و لا يمكنها أن تغفل ذلك، بل أن هذه الأدوات هي محور هذه الدراسة و مثال ذلك المقابلات التي يجريها الباحث مع العينة التي يخارها من مجتمع الدراسات و كذلك قيامه بعملية الاستبيان.....الخ

  و الحقيقة أن للدراسات المسحية أنواع كثيرة منها: المسح المدرسي – الدراسة المسحية للرأي العام – المسح الاجتماعي .

* المسح المدرسي:

و يتعلق هذا المسح بدراسة قطاع مهنة التعليم، حيث يقوم الباحث بتسليط الضوء على العملية التربوية و مدى فعاليتها. و مثال ذلك أن يقوم الباحث بدراسة مسحية للجهاز القائم بالتدريس ( المدرسون) و ذلك من خلال مجموعة من العناصر يمكن أن تتمثل في نسبة المدرسين إلى التلاميذ في المدرسة، الصفات الشخصية التي ينبغي أن تتوافر  في المدرس و علاقتهما بفاعلية التدريس، الحجم الساعي لساعات التدريس، مستوى أجور المدرسين، أعمار المدرسين و علاقتها بفاعلية التدريس...الخ

  و قد يقوم الباحث بإجراء دراسة مسحية تتعلق بالطلبة أو التلاميذ من خلال مجموعة من العناصر يمكن أن تتمثل في رغبة الطلبة أو التلاميذ في دراسة مادة معينة و مدى استعدادهم لتلقي المعلومات  فيها، المستوى الاجتماعي للطلبة أو التلاميذ و مدى تأثير ذلك على عملية التعلم، المستوى الاقتصادي للطلبة أو التلاميذ و مدى تأثير ذلك على عملية التعلم...الخ.

و قد يقوم الباحث بدراسة المناهج الدراسية المطبقة و مدى تأثيرها وفعاليتها في مجال التعليم، وذلك من خلال أهداف هذه المناهج و محتواها، و طرق و أساليب تدريسها، و في هذا الإطار تكون الدراسة المسحية المدرسية دراسة تربوية.

* الدراسات المسحية للرأي العام:

  يعتبر هذا النوع من الدراسة أحد أنواع الدراسات المسحية، و هي تتعلق بالرأي العام، و الرأي العام هو مجموع الآراء و الأحكام السائدة في المجتمع،و التي تكتسب بصفة الاستقرار، و التي قد تختلف في وضوحها و دلالتها، و لكنها تكون صادرة عن اتفاق متبادل بين غالبيتهم، رغم اختلافهم في مدى إدراكهم لمفهومها، و مبلغ تحقيقها لينفعهم العام،و مصلحتهم المشتركة.   

  من خلال ذلك فإن الرأي العام هو اتجاه جماعي يعبر عن رأي الغالبية العظمى بين أفراد مجتمع معين نحو أمر من أمور التي تتعلق بهم و تؤثر فيهم.

  و إذا كان الأمر كذلك، فإن عملية مسح الرأي العام تعتبر طريقة للتعرف على آراء الناس بشأن مسألة معينة في وقت معين، و يتعلق الأمر هنا بمسألة مفتوحة للجدل و النقاش().

  و هذه الدراسة المسحية للرأي العام تستخدم بالضرورة أدوات البحث العلمي و خاصة المقابلات و الاستفتاءات، كما أنها تختار عينة  كبيرة العدد عل أن تمثل وجهات نظر قطاعات مختلفة و متنوعة معتمدة في ذلك على تنوع السن و الديانة، و الدرجة العلمية و الحالة العائلية و المستوى الاجتماعي و الاقتصاد و غيرها من المعايير المختلفة و ذلك من أجل أن تكون عملية قياس الرأي العام عملية موضوعية و تقترب من الواقع.

  و مثال ذلك: نطرح سؤالك ما رأيك في إلغاء عقوبة الإعدام من التشريع الجزائري، نحاول من خلال هذا السؤال أن نعرف توجه الرأي العام الجزائري من خلال عملية سبر الآراء.

* المسح الاجتماعي:

و هو نوع من الدراسات المسحية يرتكز على الدراسة العلمية لظروف المجتمع و حاجاته يقصد الحصول على بيانات و معلومات تتعلق بالظاهرة المدروسة و القيام بتحليلها و تفسيرها للوصول إلى تعميمات بشأنها.

  من خلال ذلك نلاحظ أن الدراسة المسحية الاجتماعية تستهدف دراسة ظاهرة أو مشكلة اجتماعية معينة في منطقة معينة من أجل الوصول إلى حلول بشأن الظاهرة المدروسة.

و مثال ذلك دراسة ظاهرة الفقر في المجتمع معين، أو ظاهرة استهلاك المخدرات و ترويجها...الخ.

  إذن من خلال ذلك فالمسح الاجتماعي قد يعالج مشكلة مرضية في المجتمع، و يحاول الباحث أن يعالجها معالجة إصلاح بمعنى محاولة النهوض بالأوضاع القائمة، و وضع خطة أو برنامج للإصلاح.

  و قد يكون هذا المنهج شاملا لجميع أفراد المجتمع و تكون هذه الحالة أمام المسح الاجتماعي الشامل، و قد يكون لعدد محدود و نكون في هذه الحالة أمام المسح بطريقة العينة()  

من خلال ذلك، فإن المسح الاجتماعي يحقق فوائد كبيرة في مجال عمليات التخطيط الذي ترتكز عليه السياسة العامة للدولة التي تستهدف تطوير الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و تنميتها في فترة زمنية معينة بالإضافة إلى ذلك فإن المسح الاجتماعي يستفاد به في دراسة الخصائص السكانية و الجوانب الاجتماعية و الاقتصادية لجماعة من الجماعات للتعرف على القدرة الشرائية لأفراد المجتمع و مدى تأثيرها و تأثرها بالوضع الاقتصادي و الاجتماعي...الخ()  

2- منهج دراسة الحالة :

  يعتبر منهج دراسة الحالة أحد المناهج الوصفية التي تعنى بدراسة وحدة من وحدات المجتمع دراسة تفصيلية من مختلف جوانبها، و ذلك من أجل الوصول إلى تعميمات تنطبق على غيرها من الوحدات() و من خلال ذلك فإن هذا المنهج يتميز بالتعمق في دراسة وحدة معينة سواء كانت هذه الوحدة فردا أو قبيلة أو قرية أو مؤسسة اجتماعية أو مجتمعا محليا أو مجتمعا عاما، يهدف إلى جمع البيانات و المعطيات و المعلومات المفصلة عن الوضع القائم المتعلق بالوحدة المدروسة و تاريخها و علاقاتها بالبيئة و تحليل نتائجها بهدف الوصول إلى تعميمات يمكن تطبيقها على غيرها من الوحدات المتشابهة في المجتمع الذي تنتمي إليه هذه الوحدة أو الحالة، غير أنه يشترط أن تكون الحالة ممثلة للمجتمع الذي يراد الحكم عليه()

من خلال التعريف الذي تطرقنا له يمكن أن نستنتج:

مميزات منهج دراسة الحالة:

1- يهدف هذا المنهج إلى الحصول على معلومات شاملة و مفصلة عن الحالة المدروسة.

2- القيام بدراسة متعمقة للحالة المدروسة.

3- القيام بدراسة الحالة المدروسة من حيث متابعة تطورها تاريخيا و حاليا، و هذا ما يميز منهج دراسة الحالة عن منهج الدراسات المسحية.

خطوات منهج دراسة الحالة:

  يمكن أجمال خطوات منهج دراسة الحالة فيما يلي :

1- القيام بتحديد المشكلة و اختيار الحالة موضوع الدراسة.

2- القيام بجمع البيانات و المعلومات الضرورية لفهم الحالة المدروسة، و ذلك عن طريق الاستعانة بأدوات البحث العلمي كالاستبيان و المقابلة.

3- تحديد الفرضيات

4- القيام بمسايرة الحالة من أجل الوصول إلى مختلف التطورات المتعلقة بها.

5- الوصول إلى استخلاص النتائج المتعلقة بالحالة المدروسة و وضع التعميمات على بقية الحالات الأخرى.

استخدام منهج دراسة الحالة في مجال العلوم القانونية:

  يستخدم منهج دراسة الحالة في مجال العلوم القانونية، و يظهر ذلك بصفة خاصة في مجال العلوم الجنائية فمثلا من أجل معرفة الدوافع الإجرامية، فإنه يتوجب على الباحث التعمق في دراسة الحالة من أجل تفسير السلوك الإجرامي خاصة مع التطور المذهل للظاهرة الإجرامية و ظهور أنماط لم تكن معروفة في السابق.

  و هذا يتطلب دراسات قانونية متخصصة و معمقة و كل ذلك من أجل الوصول إلى وضع تشريعات و قواعد تواجه هذه الظواهر الجديدة، و هذا بطبيعة الحالة بالاشتراك مع الباحثين من مختلف التخصصات