4. المنهج الاستقرائي

أولا: تعريف المنهج الاستقرائي

الاستقراء هو عبارة عن استدلال تصاعدي حيث ينطلق الباحث من الجزء إلى الكل ، أي من الظاهرة الجزئية إلى الظاهرة الكلية ()

إذن يتمثل المنهج الاستقرائي في السير من الخاص إلى العام و معنى كلمة "استقراء" بحسب الترجمة للكلمة اليونانية enaywyn يقود حيث تدل على حركة العقل للقيام بعمليات هدفها التوصل إلى قانون أو قاعدة كلية تحكم الفرعيات أو التفاصيل التي تم إدراكها من قبل الأفراد()

  و الفرد بين الاستنباط و الاستقراء يتمثل في أننا ننتقل في الاستقراء من الجزئيات إلى القانون الكلي الذي يحكمها ،في حين أننا في عملية الاستنباط ننتقل من القانون الكلي إلى الجزئيات التي تقع تحته. إذن هناك تداخل بين عملية الاستقراء و عملية الاستنباط و الخلاف بينهما لا يكون إلا في الاتجاه العكسي من أسفل إلى أعلى بالنسبة للاستقراء و من أعلى إلى أسفل بالنسبة إلى الاستنباط()

و كمثال على عملية الاستقراء :

  أن يقوم الباحث بدراسة علاقة جهاز القضاء بجهاز التنفيذ ، ثم علاقة القضاء بالجهاز التشريعي ثم علاقة القضاء بالجهاز التشريعي ثم علاقة الجهاز التشريعي بالجهاز التنفيذي ، من خلال كل ذلك نصل إلى تقرير مبدأ الفصل بين السلطات كمبدأ السلطات كمبدأ ضروري لنظام الحكم في الدولة .

  و في هذا المثال تكون قد انتقلنا من دراسة الجزئيات المتمثلة في السلطات المختلفة إلى دراسة الكليات المتمثلة في مبدأ الفصل بين السلطات ، و بالتالي نكون قد استخدمنا المنهج الاستقرائي في الدراسة.  

من الناحية التاريخية ، يعتبر الفيلسوف "أرسطو" أول من استعمل المنهج الاستقرائي في أبحاثه و تحليلات السياسية حول الدولة و الحكومة و قد انتقد الفيلسوف "أرسطو" المنهج الاستقرائي الاستنباطي الذي استعمله الفيلسوف "أفلاطون" و نتيجة هذه الانتقادات جاء المنهج الاستقرائي

ثـانـيا: خطوات المنهج الاستقرائي :

يتبع المنهج الاستقرائي الخطوات التالية :

1- تحديد الظاهرة المراد دراستها

2- جمع المعلومات المتعلقة بالظاهرة

3- الوصول إلى نتائج و الكشف عنها

  و قد قام الفيلسوف "أرسطو" باستعمال المنهج الاستقرائي في دراسته للدولة و الحكومة حيث ينتقل من الجزء إلى الكل، و يتمثل الجزء في الأسرة و القرية أما الكل فيتمثل في الدولة ، و التي يعتبرها "أرسطو" بأنها نتاج تطور تاريخي مر بمراحل اجتماعية للوصول إلى مرحلة الدولة و هي : الأسرة القرية ، الدولة.

فالأسرة هي الخلية الأولى للمجتمع و هي تتكون من الزوج و الزوجة و الأبناء و كذلك الأهل و الأقارب و العبيد. و هذه الأسرة لا يمكنها أن تعيش بمعزل عن بقية الأسر، كذلك وجدت القرية التي تشمل مجموعة من الأسر.

أما الدولة فهي تتكون من مجموعة من القرى و هي تمثل الظاهرة الكلية عند "أرسطو"، أما الأسرة و القرية فتمثل الظاهرة الجزئية.

و من خلال ذلك، فإن المنهج الاستقرائي أصبح مطبقا بشكل واسع من طرف مفكري العصر الحديث في مجال القانون الدستوري خصوصا و العلوم الاجتماعية عموما.