3. المنهج الاستنباطي

1- تعريف الاستنباط :

يعرف الاستنباط بأنه ذلك الاستدلال التنازلي الذي ينتقل فيه الباحث من الكل إلى الجزء ،  أي الدراسة الكلية الظاهرة معينة وصولا إلى جزئياتها .

  و كمثال على ذلك يبدأ الباحث في دراسة السلطات الرئيسية في الدولة و هي السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية و السلطة القضائية ، و انطلاقا من دراسة النظام السياسي للدولة و هي الظاهرة الكلية وصولا إلى دراسة كل سلطة على حدا أي وصولا إلى الظاهرة الجزئية المتفرعة عن الظاهرة الكلية و هي نظام الحكم السياسي المتبع في الدولة و في هذا المثال نلاحظ أن دراسة السلطات المختلفة للدولة تفرض علينا انطلاقا من دراسة نظام الحكم المتبع فيها ، و في هذه الحالة نكون أمام استدلال تنازلي تنتقل فيه من دراسة الظاهرة الكلية إلى دراسة الظاهرة الجزئية.

  و يعرف عبد الناصر جندلي المنهج الاستنباطي بأنه تلك الطريقة الاستدلالية التي تعتمد على قاعدة تحليل كل جزء من أجل الوصول إلى معرفة يقينة بشأن الظاهرة محل الدراسة و التحليل

  و من خلال ذلك يمكن القول أن الاستنباط هو كل استدلال لا تكبر نتيجة المقدمات التي تكون منها ذلك الاستدلال ، ففي كل دليل استنباطي تكون النتيجة دائما مساوية أو أصغر من مقدماتها ، و كمثال على ذلك :

          أحــمـد إنــســان¬ المقدمة الصغرى

          كل إنسان يموت¬ المقدمة الكبرى

          أحــمـد يــمـوت ¬النتيجة

  ففي هذا المثال نلاحظ أن النتيجة أصغر من المقدمات السابقة عليها ، حيث أنها تتعلق بإنسان مجرد أي تخص فردا من الانسان و هو "أحمد" في حين أن المقدمة القائلة بأن كل انسان يموت فهي تتعلق بجميع الأفراد .

ففي هذا المثال نلاحظ أن التفكير أخذ طريقةه من العام إلى الخاص أي من الكل إلى الجزء أي من المبدأ العام إلى التطبيقات الخاصة.

ففي المثال السابق كانت النتيجة أصغر من المقدمات نحاول أن نأخذ مثال تكون فيه النتيجة مساوية للمقدمات:

                        الحيوان إما صامت إما ناطق

                       و الصامت يموت و الناطق يموت                      

                       فالحيوان يموت

  ففي هذا المثال استنتجنا أن " الحيوان يموت" بطريقة استنباطية ، و لكن نلاحظ أن النتيجة مساوية للمقدمة التي ساهمت في تكوين الدليل عليها القائلة " الصامت يموت و الناطق يموت" لأن الصامت و الناطق هما كل الحيوان بموجب المقدمة الأخرى القائلة "الحيوان إما صامت إما ناطق"

  و يرجع استخدام المنهج الاستنباطي إلى الفيلسوف " أفلاطون" من خلال أبحاثه السياسية و الاجتماعية ، و يظهر ذلك من خلال مؤلفه "الجمهورية " كما يرجع استخدامه المنهج الاستنباطي إلى ثقافته الرياضية الواسعة()