2. المبحث الثاني: تمييز الحزب السياسي عن التجمعات الأخرى

2.3. المطلب الثالث: المقارنة بين الحزب السياسي والجماعة الضاغطة

قبل وضع التفرقة بين الحزب السياسي والجماعة الضاغطة، يجدر تعريف هذه الأخيرة وتفصيل أنواعها ووسائلها.    

   لم يتفق الفقهاء الدستوريون في إعطاء تعريف موحد للجماعة الضاغطة لصعوبة الإحاطة بها وتعددها، فأعطيت تعاريف متعددة للجماعة الضاغطة منها أن الجماعة الضاغطة هي كل مجموعة ذات مصالح تستعمل التدخل لدى الحكومة بأي شكل كان وبأية صفة كانت من أجل تحقيق مطالبها وانتصار وجهات نظرها[1]. كما عرفها الفقيه Charlot بأنها مجموعات تسعى للدفاع عن مصالح أعضائها الخاصة عن طريق التأثير على السلطة[2].

    وعرفها الدكتور سعيد بوالشعير بأنها تلك الجماعات التي تضم مجموعة أو مصالح معينة، لكنهم لا يهدفون إلى تحقيق أرباح تجارية أو الاستيلاء على السلطة كما هو الحال بالنسبة للشركات التجارية أو الأحزاب السياسية[3].

    وعرفها الدكتور فوزي أبو دياب بأنها منظمة تضم مجموعة من الناس تجمعهم صفات أو مصالح مشتركة قد تكون مؤقتة أو عابرة، فإذا ما زالت انقرض عقد الجماعة. وقد تكون دائمة تمارس نشاطها للتأثير على السلطات العامة من أجل تحقيق رغباتها وتلبية مطالبها[4].

     صنف فقهاء القانون الدستوري الجماعات الضاغطة إلى عدة أنواع، وذلك حسب الوسائل والأفكار والأهداف التي تتوخاها هذه الجماعات. فهناك من صنفها إلى جماعات مصالح وجماعات أفكار وذلك من خلال الهدف الذي تريد هذه الجماعة الوصول إليه، وصنفها البعض الآخر إلى جماعات الضغط الكلي وجماعات الضغط الجزئي، وذلك بحسب معيار المدى المكاني الذي تمارس فيه الجماعة نشاطها، دوليا، وطنيا أو محليا. كما صنفها البعض الآخر بحسب مجالات نشاطها[5]، فهناك جماعات ضغط سياسية، وهناك جماعات ضغط إنسانية كجمعيات رعاية فئات معينة من المجتمع والجمعيات الخيرية وغيرها، ثم جمعيات ذات الهدف الواحد والأساسي كجمعية السلم الأخضر وجمعيات البيئة[6].

    تمارس الجماعة الضاغطة مهامها بعدة وسائل. فهي أولا تحاول أن تكون لها علاقات وطيدة بالحكومات والدول ورجال السياسة والحكم، من خلال تكوين صداقات وعلاقات شخصية، واستعمال المال والنفوذ والمهرجانات والمنتديات والولائم والهدايا الثمينة. كما تحاول استمالة ممثلي الشعب في مختلف المجالس المنتخبة للتأثير في مختلف عمليات التصويت وتمكينهم من تقارير دورية ومعلومات سرية قد يكون لها تأثير في مجريات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في الدولة، ثم قد تلجأ الجماعات الضاغطة لحد استعمال المال في الحملات الانتخابية وتفضيل شخص على آخر حسب ما يخدم مصالحها، وخير دليل على ذلك الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأمريكية. ثم تلجأ أخيرا إلى الرأي العام لتعبئته ضد أو مع مسألة ما.

  مما سبق تتضح الفروق الجوهرية بين الحزب السياسي والجماعة الضاغطة، وهذه الفروق يمكن إجمالها في النقاط الآتية:

1- الجماعة الضاغطة لا تسعى للوصول إلى السلطة عكس الحزب السياسي، بل لخدمة وتحقيق مصالح معينة، مادية أو معنوية.

2- لها أهداف محددة، عكس الحزب السياسي، فهدفها تمكين شيء ما أو إزالته، شخصا كان أو قانونا أو أي مسألة أخرى.

3- لا تعتمد على الكم، أي عدد المنخرطين فيها كالحزب السياسي، بل تعتمد على عوامل أخرى ولو بعدد قليل من منخرطيها.

4- تمارس الأحزاب العمل السياسي بالمشاركة في مختلف التظاهرات الانتخابية وذلك بطريقة مباشرة. بينما لا تمارس الجماعات الضاغطة العمل السياسي بطريق مباشر، بل بطرق غير مباشرة.

 

 



[1] الأمين شريط، الوجيز...، المرجع السابق، ص. 270

[2] أنظر:

 Jean Charlot, Les Parties Politiques, A. Colin, Paris, 1975, p.55.

[3] السعيد بو الشعير، القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة، ديوان المطبوعات الجامعية، 1989، ص. 296

[4] فوزي أبو دياب، المفاهيم الحديثة للأنظمة والحياة السياسية، دار النهضة العربية، بيروت، 1971، ص. 169

[5] المرجع نفسه، ص. 170

[6] الأمين شريط، المرجع السابق، ص. ص: 271-272