الفصل الرابع: مفهوم الحزب السياسي وتمييزه عن التجمعات الأخرى

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: المنازعات الدستورية
Livre: الفصل الرابع: مفهوم الحزب السياسي وتمييزه عن التجمعات الأخرى
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Thursday 25 April 2024, 17:01

Description

نتناول في هذا الفصل مفهوم الحزب السياسي ثم تمييزه عن بعض التجمعات المشابهة الأخرى.

1. المبحث الأول: مفهوم الحزب السياسي

يتضمن مفهوم الحزب السياسي المفهوم اللغوي والمفهوم الاصطلاحي

1.1. المطلب الأول: المفهوم اللغوي

ورد في معجم الوسيط أن الحزب هو الجماعة فيها قوة وصلابة، وكل قوم تشاكلت قلوبهم وأعمالهم، وجمعها أحزاب[1].

  كما عرفه قاموس لاروس "La Rousse" الفرنسي أنه كلمة Parti في المدلول اللغوي تعني:

" Parti : groupe de personnes unies par la même opinion les mêmes intérêts, la même action politique "[2].

 أما مصطلح "سياسي" فهو مأخوذ من كلمة "سياسة"، والسياسة تعني في اللغة القيام بشؤون الرعية. وتشمل دراسة السياسة نظام دولة الأساسي ونظام الحكم فيها والأنشطة الفرديـــــــــــــــــــــــــــــة والجماعية للحياة العامة داخلها[3].



[1] المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، الجزء الأول، الطبعة الثالثة، ص. 176

[2] أنظر:

 Nouveau Petit LAROUSSE, Librairie Larousse, Paris, 1973, p.222.

[3] رجب حسن عبد الكريم، الحماية القضائية لحرية تأسيس وآداء الأحزاب السياسية، دار الكتب القانونية، القاهرة، مصر، 2008، ص. 14

1.2. المطلب الثاني: المفهوم الاصطلاحي

اختلف فقهاء القانون العام بصفة عامة، وفقهاء القانون الدستوري بصفة خاصة، في إيجاد تعريف موحد للحزب السياسي، وذلك باختلاف الزاوية أو المنطلق في تعريفه، فعرفه البعض من خلال أهدافه وبرامجه، أي مشروعه السياسي الذي أنشأ من أجله[1]، وهناك من عرفه على ضوء مختلف خصائصه[2].

الفرع الأول: التعريف على ضوء المشروع السياسي

    عرف الفقيه بيردو Burdeau الحزب السياسي بأنه كل تجمع من الأشخاص الذين يؤمنون ببعض الافكار السياسية ويعملون على انتصارها وتحقيقها، وذلك بجمع أكبر عدد ممكن من المواطنين حولها والسعي للوصول إلى السلطة، أو على الأقل التأثير على قرارات السلطة الحاكمة[3].

     وعرفه سليمان الطماوي بأنه جماعة متحدة من الأفراد تعمل بمختلف الوسائل الديمقراطية للفوز بالحكم بقصد تنفيذ برنامج سياسي معين[4].

   وعرفه رمزي الشاعر بأنه جماعة من الناس لهم نظام خاص وأهداف ومبادئ يلتفون حولها ويدافعون عنها ويسعون إلى تحقيقها عن طريق الوصول إلى السلطة أو الاشتراك فيها[5].

    أما محمد عبد العال السناري فعرفه بأنه جماعة من الأفراد تعمل بمختلف الوسائل الديمقراطية للفوز بالحكم أو المشاركة فيه بقصد تنظيم برامج محددة تتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة[6].

  الفرع الثاني: التعريف على ضوء خصائص الحزب

  عرف الحزب السياسي وفق هذا المعيار بناء عناصر أساسية، هي[7]:

أ-الحزب هو تنظيم دائم، فهو ليس مؤقتا أو مرتبطا بتحقيق هدف معين ثم يختفي، وإلا كانت له تسمية أخرى.

ب-هو تنظيم وطني، فهو يمتاز بأنه وطني أو أكثر، وليس له طابع محلي وإلا أصبح جمعية أو أي منظمة أخرى.

جــ-يسعى للوصول إلى السلطة، فأعضاؤه يسعون إلى تحقيق برنامج سياسي معين، ولن يكون ذلك إلا بالسعي للوصول إلى السلطة.

د-الحصول على الدعم الشعبي، وهذا لن يعرف مداه إلا بالانتخابات بمختلف مراحلها ومستوياتها.

الفرع الثالث: موقف المشرع الجزائري من تعريف الحزب السياسي

  لم يكن مسموحا بتشكيل الأحزاب السياسية في الجزائر قبل سنة 1989، لكن بعد صدور دستور 1989 ودخول الجزائر مرحلة التعددية السياسية، نصت المادة 40 منه على حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي، جاء فيها: «حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي، معترف به. ولا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات الأساسية، والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقلال البلاد وسيادة الشعب».

      وصدر فعلا القانون رقم 89-11[8] والمتعلق بالجمعيات ذات الطابع السياسي، الذي نصت مادته الثانية على أنه: «تستهدف الجمعية ذات الطابع السياسي في إطار أحكام المادة 40 من الدستور جمع مواطنين جزائريين حول برنامج سياسي، ابتغاء هدف لا يدر ربحا وسعيا للمشاركة في الحياة السياسية بوسائل ديمقراطية وسلمية».

  وأضافت المادة الخامسة من ذات القانون أنه يمنع تأسيس أي جمعية ذات طابع سياسي على الممارسة الطائفية والجهوية والإقطاعية والمحسوبية. كما منعت استغلال الجمعية ذات الطابع السياسي في ممارسة سلوك استغلال أو تبعية، أو سلوك مخالف للإسلام وقيم أول نوفمبر 1954.

   أما التعديل الدستوري 1996 فقد غير التسمية من جمعيات ذات طابع سياسي إلى أحزاب سياسية، حيث نصت مادته الـ 42 على أن: «حق إنشاء الأحزاب السياسية معترف به ومضمون».

   فهذه المادة كانت أوسع من المادة 40 الواردة في دستور 1989، حيث أضافت أنه: "لا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات الأساسية والقيم والمكونات الاساسية للهوية الوطنية والوحدة الوطنية وأمن التراب الوطني وسلامته واستقلال البلاد وسيادة الشعب وكذا الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة. وفي ظل احترام أحكام هذا الدستور، لا يجوز تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جنسي أو مهني أو جهوي. ولا يجوز للأحزاب السياسية اللجوء إلى الدعاية الحزبية التي تقوم على العناصر المبينة في الفقرة السابقة. يحظر على الأحزاب السياسية كل شكل من أشكال التبعية للمصالح أو الجهات الأجنبية. لا يجوز أن يلجأ أي حزب سياسي إلى استعمال العنف أو الإكراه مهما كانت طبيعتهما أو شكلهما».

   وصدر فعلا القانـــــــــــــــــون العضــــوي المتعلق بالأحزاب السياسية بموجب الأمر رقم 97-09[9] الذي عرفت مادته الثانية الحزب السياسي وفق معيار الهدف والمبتغى من إنشائه، حيث نصت على أن: «يهدف الحزب السياسي في إطار أحكام المادة 42 من الدستور، إلى المشاركة في الحياة السياسية بوسائل ديمقراطية وسلمية من خلال جمع مواطنين جزائريين حول برنامج سياسي، دون ابتغاء هدف يدر ربحا».

   ثم عددت المواد 3، 4، 5 من الأمر نفسه أهداف الحزب وحدوده والممنوعات التي لا يجب عليه تجاوزها.

   وصدر القانون العضوي 12-04 [10]  المتعلق بالأحزاب السياسية، الذي ألغــــــــــى الأمر 97-09 كلية وأصبح هذا القانون العضوي هو الذي يسير الأحزاب السياسية في الجزائر حاليا.

    غير أن ما يمكن ملاحظته في القانون العضوي الجديد (2012) هو تعريفه للحزب السياسي في المادة الثالثة منه بأنه: «الحزب السياسي هو تجمع مواطنين يتقاسمون نفس الأفكار ويجتمعون لغرض وضع مشروع سياسي مشترك حيز التنفيذ للوصول بوسائل ديمقراطية وسلمية إلى ممارسة السلطات والمسؤوليات في قيادة الشؤون العمومية».    

   ثم أضافت المادة الرابعة من القانون العضوي نفسه بأن الحزب السياسي يؤسس لمدة غير محددة ويعتمد في تسييره وتنظيمه وهيكلته على المبادئ الديمقراطية.

  ويظهر أن المشرع الجزائري اعتنق معيار الخصائص المميزة للحزب كأساس لتعريفه، إضافة إلى معيار المشروع السياسي في المادة الثالثة، حيث دمج بين المعيارين في مادتين متتاليتين، وذلك تجنبا للانتقادات الموجهة للتعاريف التي سبق تفصيلها، وهو عمل يحسب له، لأنه استدرك النقائص الموجودة في تعاريف قانون 1989 وأمر 1997.

الفرع الرابع: التعريف القضائي للحزب السياسي

    تطرق القضاء في بعض أحكامه إلى تعريف الحزب السياسي، فعرفته محكمة القضاء الإداري المصري بأنه: «وفقا للمسلم به في الفقه الدستوري ومبادئ العلوم السياسية أن الحزب لا يعدو أن يكون جماعة منظمة أو جمعية منظمة أو تنظيما لمجموعة من المواطنين يعمل كوحدة سياسية لتجميع الناخبين والحصول على تأييدهم لأهداف وبرامج تتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية العامة وصولا للحصول على ثقة أغلب الناخبين بما يمكنه بشكل شرعي من وضع هذه الأهداف والبرامج موضع التنفيذ»[11].

   وكانت الفرصة للمحكمة الدستورية العليا المصرية لتعريف الحزب السياسي بأنه «جماعات منظمة، تعمل بالوسائل الديمقراطية للحصول على ثقة الناخبين بقصد المشاركة في مسؤوليات الحكم لتحقيق برامجها التي تستهدف الإسهام في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد»[12].



[1] نبيلة عبد الحليم كامل، الأحزاب السياسية في العالم المعاصر، دار الفكر العربي، ص. 71

[2] الأمين شريط، الوجيز في القانون الدستوري، المرجع السابق، ص. 213

أنظر:[3]

"Nous dirons que constitue un parti tout groupement d'individus qui professe les mêmes vues politiques, s'efforcent de les faire prévaloir, à la fois enraillant le plus grand nombre possible de citoyen et en cherchant à conquérir le pouvoir ou, du moins, à influencer ses décision".

Burdeau, Traité de science politique, 2 eme Edition, 1968, p.274.

[4] سليمان الطماوي، النظام النيابي في مصر، الهيئــــــــة العامة لشؤون المطابع الأميرية، المجلس الأعلى للثقافة، 1993، ص. 201

[5] رمزي الشاعر، الإيديولوجيا وأثرها في الأنظمة السياسية المعاصرة، المرجع السابق، ص. 104

[6] محمد عبد الله السناري، الأحزاب السياسية والأنظمة السياسية والقضاء الدستوري، دراسة مقارنة، مطبعة الإسراء، ص.15

[7] الأمين شريط، الوجيز في القانون الدستوري، المرجع السابق، ص.213

[8] قانون رقم 89-11 مؤرخ في 2 ذي الحجة عام 1409 الموافق 5 يوليو سنة 1989 يتعلق بالجمعيات ذات الطابع السياسي، ج. ر رقم 27، ص.714

[9] أمر 97-09 مؤرخ في 27 شوال عام 1417 الموافق 6 مارس سنة 1997 يتضمن القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، ج. ر رقم 12، ص.30

[10] قانون عضوي رقم 12-04 مؤرخ في 18 صفر عام 1433 الموافق 12 يناير سنة 2012، يتعلق بالأحزاب السياسية، ج. ر رقم 02، 15 يناير 2012، ص.9.

[11] محكمة القضاء الإداري المصري، الحكم في الطعن رقم 3910 لسنة 46، جلسة 01/02/2000، منشورات مختارات المبادئ القانونية التي قررتها محكمة القضاء الإداري، أكتوبر 1999، أكتوبر 2000، ص. 98

[12] مجموعة أحكام المحكمة الدستوري العليا المصرية، الجزء الرابع، جلسة 07/05/1988، قضية رقم 44 لسنة 7 دستوري، ص. 98

2. المبحث الثاني: تمييز الحزب السياسي عن التجمعات الأخرى

هناك بعض التجمعات الأخرى داخل الدولة تهدف إلى تحريك الحياة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية داخل هذه الدولة، مثلها مثل الأحزاب السياسية، لكن تختلف عنها، لذلك وجب وضع تمييز بين بعض هذه التجمعات والأحزاب السياسية.

2.1. المطلب الأول: المقارنة بين الحزب السياسي والجمعية

الجمعية هي جماعة منظمة لها وجود مستمر لتحقيق هدف اجتماعي أو ثقافي معين من دون السعي إلى الربح المادي[1]، بينما يهدف الحزب السياسي إلى تحقيق غرض سياسي من خلال الوصول إلى السلطة أو على الأقل المساهمة فيها[2].

    وأكدت المحكمة الإدارية العليا في مصر مثل هذه التفرقة في أحد أحكامها عندما قررت أنه: «...ومن حيث أن النصوص تبين أن الحزب السياسي هو جماعة منظمة... تقوم على أهداف تعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج... عن طريق المشاركة في مسؤوليات الحكم... بينما يتبين من نصوص القانون رقم 32 لسنة 1964 أن الجمعيات... تهدف إلى تحقيق أغراض غير مادية تتمثل في ميادين الرعاية الاجتماعية المختلفة وتقديم الخدمات الثقافية والعلمية والعمل على تنمية المجتمع...»[3].



[1] أنظر:

. Duguit, Traité de droit Constitutionnel, Op.cit, p.340

[2] رجب حسن عبد الكريم، الحماية القضائية في تأسيس الاحزاب السياسية، المرجع السابق، ص. 28

[3] حكم المحكمة الإدارية العليا، دائرة الأحزاب، طعن رقم 5017، جلسة 06 مارس 1999، المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة، ص.1128

2.2. المطلب الثاني: المقارنة بين الحزب السياسي والنقابة

تعتبر النقابة من مكونات المجتمع المدني التي تهدف إلى نشر الوعي الثقافي والتربوي والحوار الهادف بين أفراد المجتمع. فالنقابة هي جماعة منظمة ومستمرة لأصحاب مهنة معينة تهدف إلى الدفاع عن مصالح أعضائها وتحسين مستواهم الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، فهي تتشابه مع الحزب السياسي في عنصري التنظيم والمكون البشري، إلا أنهما يختلفان في الهدف أو الغرض. فالحزب السياسي، كما سبق تفصيله، هدفه الوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها، بينما تهدف النقابة إلى مصلحة اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية خاصة بعدد محدود وهم أعضاؤها أو المنضمين إليها[1].



[1] فاروق عبد البر، دور المحكمة الدستورية المصرية في حماية الحقوق والحريات، 2004، ص. 1056

2.3. المطلب الثالث: المقارنة بين الحزب السياسي والجماعة الضاغطة

قبل وضع التفرقة بين الحزب السياسي والجماعة الضاغطة، يجدر تعريف هذه الأخيرة وتفصيل أنواعها ووسائلها.    

   لم يتفق الفقهاء الدستوريون في إعطاء تعريف موحد للجماعة الضاغطة لصعوبة الإحاطة بها وتعددها، فأعطيت تعاريف متعددة للجماعة الضاغطة منها أن الجماعة الضاغطة هي كل مجموعة ذات مصالح تستعمل التدخل لدى الحكومة بأي شكل كان وبأية صفة كانت من أجل تحقيق مطالبها وانتصار وجهات نظرها[1]. كما عرفها الفقيه Charlot بأنها مجموعات تسعى للدفاع عن مصالح أعضائها الخاصة عن طريق التأثير على السلطة[2].

    وعرفها الدكتور سعيد بوالشعير بأنها تلك الجماعات التي تضم مجموعة أو مصالح معينة، لكنهم لا يهدفون إلى تحقيق أرباح تجارية أو الاستيلاء على السلطة كما هو الحال بالنسبة للشركات التجارية أو الأحزاب السياسية[3].

    وعرفها الدكتور فوزي أبو دياب بأنها منظمة تضم مجموعة من الناس تجمعهم صفات أو مصالح مشتركة قد تكون مؤقتة أو عابرة، فإذا ما زالت انقرض عقد الجماعة. وقد تكون دائمة تمارس نشاطها للتأثير على السلطات العامة من أجل تحقيق رغباتها وتلبية مطالبها[4].

     صنف فقهاء القانون الدستوري الجماعات الضاغطة إلى عدة أنواع، وذلك حسب الوسائل والأفكار والأهداف التي تتوخاها هذه الجماعات. فهناك من صنفها إلى جماعات مصالح وجماعات أفكار وذلك من خلال الهدف الذي تريد هذه الجماعة الوصول إليه، وصنفها البعض الآخر إلى جماعات الضغط الكلي وجماعات الضغط الجزئي، وذلك بحسب معيار المدى المكاني الذي تمارس فيه الجماعة نشاطها، دوليا، وطنيا أو محليا. كما صنفها البعض الآخر بحسب مجالات نشاطها[5]، فهناك جماعات ضغط سياسية، وهناك جماعات ضغط إنسانية كجمعيات رعاية فئات معينة من المجتمع والجمعيات الخيرية وغيرها، ثم جمعيات ذات الهدف الواحد والأساسي كجمعية السلم الأخضر وجمعيات البيئة[6].

    تمارس الجماعة الضاغطة مهامها بعدة وسائل. فهي أولا تحاول أن تكون لها علاقات وطيدة بالحكومات والدول ورجال السياسة والحكم، من خلال تكوين صداقات وعلاقات شخصية، واستعمال المال والنفوذ والمهرجانات والمنتديات والولائم والهدايا الثمينة. كما تحاول استمالة ممثلي الشعب في مختلف المجالس المنتخبة للتأثير في مختلف عمليات التصويت وتمكينهم من تقارير دورية ومعلومات سرية قد يكون لها تأثير في مجريات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في الدولة، ثم قد تلجأ الجماعات الضاغطة لحد استعمال المال في الحملات الانتخابية وتفضيل شخص على آخر حسب ما يخدم مصالحها، وخير دليل على ذلك الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأمريكية. ثم تلجأ أخيرا إلى الرأي العام لتعبئته ضد أو مع مسألة ما.

  مما سبق تتضح الفروق الجوهرية بين الحزب السياسي والجماعة الضاغطة، وهذه الفروق يمكن إجمالها في النقاط الآتية:

1- الجماعة الضاغطة لا تسعى للوصول إلى السلطة عكس الحزب السياسي، بل لخدمة وتحقيق مصالح معينة، مادية أو معنوية.

2- لها أهداف محددة، عكس الحزب السياسي، فهدفها تمكين شيء ما أو إزالته، شخصا كان أو قانونا أو أي مسألة أخرى.

3- لا تعتمد على الكم، أي عدد المنخرطين فيها كالحزب السياسي، بل تعتمد على عوامل أخرى ولو بعدد قليل من منخرطيها.

4- تمارس الأحزاب العمل السياسي بالمشاركة في مختلف التظاهرات الانتخابية وذلك بطريقة مباشرة. بينما لا تمارس الجماعات الضاغطة العمل السياسي بطريق مباشر، بل بطرق غير مباشرة.

 

 



[1] الأمين شريط، الوجيز...، المرجع السابق، ص. 270

[2] أنظر:

 Jean Charlot, Les Parties Politiques, A. Colin, Paris, 1975, p.55.

[3] السعيد بو الشعير، القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة، ديوان المطبوعات الجامعية، 1989، ص. 296

[4] فوزي أبو دياب، المفاهيم الحديثة للأنظمة والحياة السياسية، دار النهضة العربية، بيروت، 1971، ص. 169

[5] المرجع نفسه، ص. 170

[6] الأمين شريط، المرجع السابق، ص. ص: 271-272