1. المحور الثالث : الآليات القضائية لتسوية منازعات الصفقات العمومية

1.3. القسم الثالث: القضاء الإستعجالي

إن المتتبع لتطور التشريع الإداري الجزائري، يلاحظ دون أدنى شك التهميش التشريعي للقضاء الإستعجالي الإداري، على مدى تعاقب النصوص القانونية التي سبقت قانون الإجراءات المدنية والإدارية 98/09.

فقانون الإجراءات المدنية السابق 90/23[1] جاء هزيلا جدا في هذا المجال، إذ لم يتضمن إلا نص قانوني وحيد ،ممثلا في المادة 171 ق إ م ،التي نظمت بشكل سطحي أحكام القضاء الإستعجالي دون مراعاة أدنى تمييز بين المواد المدنية والإدارية في هذا المجال.

   ولم تتضمن القوانين العضوية المنظمة لمجلس الدولة 98/01 والمحاكم الإدارية 98/02 ومحكمة التنازع 98/03 أي إشارة للقضاء الاستعجالي الإداري، الأمر الذي أدى إلى وجود فراغ تشريعي في المجال التطبيقي، وهذا إلى غاية صدور قانون 98/08 المتعلق بالإجراءات المدنية والإدارية. هذه الخطوة وإن جاءت متأخرة مقارنة بالمشرع الفرنسي[2]،إلا أن المشرع الجزائري حاول من خلالها إعطاء تفصيل دقيقا لمجالات اللجوء إلى قضاء الإستعجال، كمادة إثبات حالة، التسبيق المالي، وتدابير التحقيق.

   ويعد القضاء الاستعجالى قبل التعاقدي في مادة الصفقات العمومية والعقود الإدارية من المسائل التي قننها المشرع الجزائري لأول مرة في قانون الإجراءات المدنية والإدارية  98/08، أمام تنامي الأهمية القانونية والاقتصادية للصفقة العمومية في الجزائر، وزيادة الانتهاكات الخطيرة لقواعد العلانية والمنافسة التي يفرضها تنظيم الصفقات العمومية، مما أدى إلى تفشي ظاهرة عدم مشروعية الصفقات العمومية، لذا أورد المشرع الإستعجال في مادة العقود والصفقات الإدارية في الفصل الخامس، ضمن الباب الثالث المعنون بــــ "الاستعجال"، من خلال مادتين أساسيتين هما المادة 946 947 ق إ م إ.

أولا: ماهية القضاء الإستعجالي في مادة الصفقات العمومية

     إن تحديد ماهية القضاء الاستعجالى في مادة الصفقات العمومية يقتضي هنا إيجاد تعريف له، ثم البحث في الخصائص التي يتميز بها عن القضاء ذو الطبيعة العادية.

 

ا/تعريف قضاء الاستعجال في مادة الصفقات العمومية:

    من خلال استقراء أحكام قانون الإجراءات المدنية والإدارية، تأكد لدنيا أن المشرع الجزائري قد أحجم عن إعطاء تعريف للقضاء الاستعجالى، تاركا ذلك للفقه والقضاء. رغم أنه أشار في المواد 917،918،924،925 للخصائص التي يقوم عليها.

    وبالعودة إلى الآراء الفقهية والأحكام القضائية في هذا المجال نجد أنها تعددت، فقد عرفه الفقه بأنه:" عمل قضائي الغرض منه الفصل بأقصى سرعة ممكنة، وبصفة مؤقتة في الأمور المستعجلة، التي يخشى عليها فوات الأوان، بشرط أن لا يتعرض حكمه لأصل الحق، ولا يقيد حكمه هذا قاضي الموضوع عند عرض المنازعة عليه".[3]

    في حين عرفته محكمة النقص المصرية بقولها:"يقوم اختصاص القضاء المستعجل بالدعوى المستعجلة على توافر الخطر، والإستعجال الذي يبرر تدخله لإصدار قرار وقتى، يراد به رد عدوان يبدو للوهلة الأولى أنه بغير حق، ومنح خطر لا يمكن تداركه أو يخشى ضياعه إذا ما فات الوقت"[4]

    يلاحظ على هذه التعاريف أنها عرفت قضاء الاستعجال من خلال خصائصه وشروطه ،وقصد إيجاد تعريف لقضاء الإستعجال في مادة الصفقات العمومية علينا ربط هذه التعاريف بالمرسوم 15/247، وبنصوص قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فالمادة 2 من المرسوم سالف الذكر عرفت الصفقات العمومية أنها "عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به، تبرم بمقابل مع متعاملين اقتصاديين،وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في مجال الأشغال واللوازم والخدمات والدراسات".

   في حين أن المادة 946/1 ق إ م إ " يجوز إخطار المحكمة الإدارية بعريضة، وذلك في حالة الإخلال بالتزامات الإشهار أو المنافسة التي تخضع لها عمليات إبرام العقود الإدارية والصفقات العمومية."

    وعليه، وبالجمع بين مصطلحي "قضاء الاستعجال و" الصفقات العمومية"، يمكن تعريف القضاء الإستعجالي في مادة الصفقات العمومية بأنه:

   "إجراء قضائي تحفظي مستعجل خاص، الهدف منه حماية قواعد العلانية والمنافسة بشكل فعال قبل إتمام إبرام الصفقة العمومية ، وذلك عن طريق إعطاء القاضي سلطات واسعة غير مألوفة في الإجراءات القضائية العادية"[5]

يبقي أن نبحث في خصائص الدعوى الاستعجالية في مجال الصفقات العمومية

ب/ خصائص الدعوى الاستعجالية في مادة الصفقات العمومية:

 تتميز الدعوى الاستعجالية في مادة الصفقات العمومية بخصائص تميزها عن باقي الدعاوى الإستعجالية يمكن تناولها كما يلي:

1-                 أنها دعوى إستعجالية محددة النطاق (مقيدة)، حيث ضيق المشرع الجزائري من مجال رفعها، وحصره في الإخلال بالتزامات "الإشهار" أو "المنافسة"، وهي التزامات تتحدد أساسا في مرحلة إبرام الصفقة ولا تطال مرحلة التنفيذ.

2-                 أنها دعوى أصلية، بمعنى أنها ترفع بصفة مستقلة عن أي دعوى موضوعية أخرى[6]

3-                 أنها دعوى وقائية الهدف منها حماية مبدأين أساسين هو "مبدأ الإشهار" و"مبدأ المنافسة" لهذا السبب حدد مجالها الزمن بالمرحلة السابقة عن دخول الصفقة حيز التنفيذ.

بقي أن نبحث في شروط رفع هذه الدعوى أمام القضاء الإداري.

ثانيا- شروط رفع دعوى الاستعجال في مادة الصفقات العمومية:

    عمليا، تنقسم شروط رفع الدعوى الإستعجالية في مادة الصفقات العمومية إلى شروط عامة تشترك فيها مع الدعوى الإستعجالية الإدارية، وشروط خاصة تنفرد بها عن هذه الأخيرة.

1/ الشروط العامة:

وتتمثل هذه الشروط بحسب قانون الإجراءات المدنية والإدارية في: "توفر حالة الاستعجال" "عدم المساس بأصلالحق"و "عدم المساس بالنظام العام".

أ‌-                   توفر حالة الاستعجال:Etat D’urgence

    لم يعرف المشرع الجزائري شرط الاستعجال، لكن أشار له في المواد 920، 921، 924 ق إ م إ، ولم يقم بتحديدها حالاته حصرا، بل ترك ذلك السلطة التقديرية للقاضي باعتباره هو الأقرب لمعايشة الواقع من المشرع، ولأن هذا الأخير لا يمكنه أن يحصي حالات الاستعجال لأنها تتميز بالمرونة فهي تتغير بتغير الزمان والمكان والظروف.[7]

لكن تجدر الإشارة أن حالة الاستعجال تنشأ من طبيعة الحق المراد حمايته والظروف المحيطة به، ولا يمكن أن يفتعلها الخصوم. فهي من النظام العام، وعلى الهيئة القضائية المختصة إثارتها من تلقاء نفسها ولا تتقيد إلا بتسببه. وفي حال عدم توفر عنصر الاستعجال يرفض الطلب طبقا للمادة 924 ق إ م إ دون التصريح بعدم الإختصاص النوعي باعتباره من إختصاص قاضي الموضوع.[8]

ب‌-             عدم المساس بأصل الحق:Sans faire préjudice au principal

    نصت المادة 918 ق إ م إ على أنه: يأمر قاضي الاستعجال بالتدابير المؤقتة، لا ينظر في أصل الحق...." يلاحظ أن نص المادة جاء موجزا، فلم يقدم تعريفا لأصل الحق، ولم يعط معيارا للتمييز بين ما هو من أصل الحق وما سواه.

     لكن ما هو متعارف عليه قانونا وقضاء أن قضاء الاستعجال لا يفصل في أصل الحق، بمعنى لا يتطرق إلى صميم موضوع النزاع [9]،والذي يقصد به في الصفقة العمومية الحقوق والالتزامات المتبادلة بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد. فلا يتعرض لها قاضي الاستعجال بالتعديل أو التحويل في  مركز أحد الطرفين، كما يمنع عليه أن يتعرض أثناء تسبيب قراره إلى الفصل في موضوع النزاع. فيترك جوهر النزاع سليما ليفصل فيه قاضي الموضوع.

    وعليه ليس لقاضي الاستعجال سوى التدخل بتدابير مؤقتة أو تحفظية، دون الحسم في الحق المتنازع عليه في الموضوع. فيمتنع مثلا عن الفصل في الدعوى الرامية إلى فسخ عقد الصفقة، أو مدى صحتها ،أو الحقوق المالية المترتبة عن التزامات الصفقة.[10]

ج-عدم المساس بالنظام العام:

     يمنع على قاضي الاستعجال بمقتضى هذا الشرط أن يتخذ أي تدبير أو إجراء تحفظي في النزاع يكون متعلقا بالنظام العام. والواقع أن هذا الشرط مستمد من النص القديم الوارد في قانون الإجراءات المدنية في المادة 171 مكرر ،والتي نصت على ما يلي: " في جميع حالات الاستعجال يجوز لرئيس المجلس القضائي... الأمر بصفة مستعجلة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة.... باستثناء ما يتعلق منها بأوجه النزاع التي تمس النظام العام أو الأمن العام."

وباعتبار أن فكرة النظام العام غير قابلة للتحديد وتتميز بالمرونة، كان من الصعب حصرها في مجال معين، الأمر الذي أدي إلى أتساع مجال النظام العام، وبالتالي تضيق مجال  تدخل قاضي الاستعجال ،مع أنه المجال الخصب لتجاوز السلطة من طرف الإدارة، وبالتالي لا يوجد ما يبرر هذا القيد. وأمام هذا النقد تراجع المشرع الفرنسي عن هذا الشرط.[11]

لكن المشرع الجزائري وإن سار على نفس النهج من خلال قانون الإجراءات المدنية والإدارية، الذي لم يتضمن إلى أي نص قانوني يؤكد هذا الشرط ،إلا أنه أشار إلى وجوده في نص المادة 939 من القانون 98/08 بنصها "خلافا فالأحكام المادة 843 أعلاه، يجوز إخبار الخصوم بالأوجه المثارة الخاصة بالنظام العام خلال الجلسة"

   وإن كانت هذه المادة لا توحي بأن المشرع أراد ضم هذا الشرط لشروط دعوى الإستعجال، إنما خصه باستثناء عن باقي الدفوع، والتي يجوز لهيئة القضاء فيها أن تخبر بها الخصوم دون باقي الدفوع الأخرى.

2/الشروط الخاصة:

   إن الشروط الخاصة في القضاء ألاستعجالي في مادة الصفقات العمومية تنحصر في الاستعجال قبل التعاقدي (قبل الإبرام) ، وهي شروط يمكن إستتناجها من نص المادة 946 من القانون 08/09 ، والتي يمكن إجمالها في 03 شروط:

أ‌-       صفة المدعي:

  إن صفة المدعي في القضاء ألاستعجالي قبل التعاقدي تكتسب بطريقين، إما بحكم وجود مصلحة أو بحكم القانون:

  • ·       اكتساب صفة المدعي بحكم المصلحة:

  يمكن استنتاج ذلك من نص المادة 946/2 بنصها:" يتم هذا الإخطار من قبل كل من له مصلحة في إبرام العقد، والذي قد يتضرر من هذا الإخلال...": أي الإخلال بقواعد الإشهار والمنافسة. يظهر من هذه الفقرة أن المشرع خول لكل ذي مصلحة في إبرام الصفقة. أو أي متضرر من الإجراءات المتعلقة بإبرامها أن يلجأ لقضاء الإستعجال. باعتبار أن المنازعة هنا تنشأ قبل إبرام الصفقة، ولم يتحدد بعد المتعامل المتعاقد، وهي مرحلة تتميز بإصدار القرارات الإدارية المنفصلة التي لا يمكن أن تكون إلا محل دعوى إلغاء.[12]

  وهي من دعاوى المشروعية، التي يكفي فيها أن يمس القرار بمركز قانوني أو فائدة ما حتى تتحقق المصلحة. لذا فإن القاضي الاستعجالي يفصل في دعوى الإلغاء هنا ضمن القضاء الإستعجالي[13] ، حتى لو كانت هذه المصلحة محتملة، وهو ما يستفاد من عبارة " قد يتضرر". وعليه لا يتصور أن يستفيد منها الغرباء عن عملية إبرام الصفقة، كالتنظيمات المهنية والمتعاقدين من الباطن، وعلى العكس من ذلك تقبل الدعوى التي يرفعها المترشحين المستبعدين منها، وكذا الأشخاص الذين لم يتمكنوا من المشاركة بسبب إخلال في قواعد العلانية[14].

  • ·       اكتساب صفة المدعي بحكم القانون:

     أعطت المادة 946/ 2 ق إ م إ صفة المدعي لرفع دعوى إستعجالية لشخص قانوني وحيد وهو الوالي وذلك بقوة القانون، ودون حاجة لإثباتها، متى تعلق الأمر بعقد قد أبرام أو يبرم من طرف جماعة إقليمية أو مؤسسة عمومية محلية. وأكدت في نفس الوقت أنه يحوز هذه الصفة باعتباره ممثلا للدولة. حيث جاء فيها:

" يتم هذا الإخطار....... وكذلك لممثل الدولة على مستوى الولاية إذا أبرم العقد أو يبرم من طرف جماعة إقليمية أو مؤسسة عمومية محلية"

     يفهم من نص المادة أن الوالي هنا نصب كحارس لشفافية الصفقات العمومية المحلية .لكن كيف لهذا الأخير أن يعلم بوجود خرق لمبد أي الشفافية والمنافسة في غياب أي آلية محددة قانونا تمكنه من ذلك، سواء في المرسوم 15/247 أو في قانون الإجراءات المدنية والإدارية؟، هذا من جهة.[15]

     ومن جهة ثانية، نرى أن هذه المكنة الممنوحة للوالي فيما يتعلق الصفقات العمومية المحلية تجعلنا نتساءل عن الشخص المحول لحراسة شفافية الصفقات العمومية المركزية، أم أن هذه الأخيرة لا يعاب عليها الإخلال بمبدأي العلانية والمنافسة؟ خاصة أمام الأهمية التي تخص بها المبالغ المالية الضخمة التي ترصد لها.لذلك، نهيب بالمشرع الجزائري أن يتدخل لسد هذا الفراغ القانوني، الذي لا يجد ما يبرره في ظل إتساع نطاق الصفقات العمومية خاصة ذات الطبيعة المركزية.

ب-الإخلال بالتزامات الإشهار والمنافسة:

    حددت المادة 946 ق إ م إ مجال تطبيق الدعوى الإستعجالية في مجال الصفقات العمومية في مرحلة ما قبل الإبرام، لذا سميت بالدعوى الاستعجالية قبل التعاقدية،واشترطت أن يكون هناك إخلالا بإحدى إلتزامات الإشهار أو المنافسة.

  • ·       الإخلال بالتزامات الإشهار:

   أكد المشرع الجزائري على ضرورة إلتزام المصلحة المتعاقدة بمبدأ علنية الصفقة العمومية من خلال قواعد الإشهار المنصوص عليها في قانون الصفقات العمومية 15/247 خاصة المواد 61، 62، 65 . وتتعدد صور الإخلال بالتزامات الإشهار، بحيث لا يسعنا إدراجها جميعا في هذه الجزئية، لذا سنكتفي بإدراج الأكثر شيوعا منها كما يلي:

-        تلاعب المصلحة المتعاقدة بالشروط المحددة قانونا للإعلان عن الصفقة، كأن يتضمن الإعلان عن الصفقة معلومات غير كافية، أو أن تتخلف إحدى البيانات الأساسية المنصوص عليها في المادة 62 من تنظيم الصفقات العمومية.

-        عدم احترام المصلحة المتعاقدة لآجال الإعلام،أو امتناع الإدارة عن الإعلان عن الصفقة العمومية مطلقا، أو الإعلان عن المنح المؤقت لها. [16]

  • ·       الإخلال بمبدأ المنافسة:

    عبر المشرع الجزائري عن مبدأ حرية المنافسة ب "حرية الوصول إلى العروض"، وهو مبدأ مكرس قانونا بموجب المادة 37 من الدستور الجزائري، التي تؤكد على حرية التجارة والصناعة وأكدته عدة مواد في تنظيم الصفقات العمومية ، منها المادة 44 من المرسوم من المرسوم 15/247 ،التي منعت أي انتقاء قبلي للمرشحين من طرف المصلحة المتعاقدة وكذا المادة 54/2 التي أكدت على وجوب التزام المصلحة المتعاقدة بالاعتماد على معايير غير تمييزية عند تقييمها للترشيحات[17]. وعليه يعد من قبيل الإخلال بمبدأ حرية المنافسة ما يلي:

-         اختيار المصلحة المتعاقدة لإجراء إبرام لا يتناسب وطبعة الصفقة وموضوعها، وذلك بمخالفة الشروط القانونية المحددة لكيفيات إبرام الصفقات العمومية، المنصوص عليها في المواد من 39 إلى 52 من المرسوم 15/247. كأن تتم الصفقة وفق إجراء التراضي عوضا عن طلب العروض المفتوح.

-        الحرمان أو الاستبعاد من الصفقة العمومية دون وجه حق، وذلك دون الاستناد مثل على الحالات المحدة قانونا بنص المادة 75 من المرسوم سالف الذكر.

 

 

ج‌-    الأجل القانوني لرفع الدعوى:

    إن الدعوى الإستعجالية التي نص عليها المشرع الجزائري في المادة 946 ق إ م إ هي دعوى وقائية، أراد المشرع من خلالها تفادي الوقوع في إبرام صفقة غير مشروعة بسبب الإخلال بمبدأي الإشهار أو المنافسة، لذا لا يمكن أن يتصور رفعها بعد إبرام الصفقة[18]،لأنها لا تؤدي الدور الذي رفعت من أجله. لذا نجد المشرع الجزائري أكد أنها ترفع قبل إبرام العقد وذلك حسب نص م 946/3:" يجوز إخطار المحكمة الإدارية قبل إبرام العقد" . فالمشرع هنا لم يحدد أجلا لرفع الدعوى، لكن المنطق الوقائي يفرض بأن ترفع الدعوى قبل إبرام العقد، أين يمارس القاضي الاستعجالي سلطته، فيوجه أمرا للمتسبب بالامتثال لإلتزاماته، أو يأمر بتأجيل إمضاء العقد طبقا للفقرتين 4 و 6 من المادة 946 ق إ م إ.[19]

    وبالمقابل حدد المشرع الجزائري أجلا قانونيا يقيد القاضي الإستعجالي في الفصل في الدعوى وهي مدة 20 يوما من تاريخ إخطارها، وهو ما يستفاد من نص تاريخ 947 ق إ م إ" تفصل المحكمة الإدارية في أجل (20) عشرون يوما تسري من تاريخ إخطارها بالطلبات المقدمة لها طبقا للمادة 946 أعلاه".

من خلال الطرح السابق، وإن كان المشرع الجزائري لم يحدد أجلا قانونيا محددا لرفع الدعوى الاستعجالية إلا أن المنطق القانوني يقتضي رفعها في آجال معقولة، لتحقيق المغزى من علة الاستعجال وهذا بمراعاة طبيعة الصفقة المبرمة والآجال المحددة لتنفيذها. وهي بحسب رأينا أمر متروك للسلطة التقديرية لقاضي الإستعجال.

ثالثا:إجراءات رفع الدعوى الاستعجالية في مادة الصفقات العمومية:

     بعد التأكد من توافر الشروط اللازمة لرفع الدعوى الاستعجالية يجوز لصاحب المصلحة (المتضرر أو الوالي) إخطار المحكمة الإدارية المختصة، قصد اتخاذ ما تراه ضروريا من تدابير للمحافظة على التزامات الإشهار والمنافسة. لذا سنطرح أولا مسألة تحديد قواعد الاختصاص بالدعوى، ثم نتناول كيفية رفع الدعوى القضائية الاستعجالية.

1/ قواعد الاختصاص النوعي بالدعوى:

    يؤخذ على المادتين 946 و 947 المنظمتين لهذه الدعوى حصر الاختصاص القضائي في المحكمة الإدارية، دون الإشارة إلى اختصاص مجلس الدولة بنظر هذه الدعوى[20]، باعتباره على الأقل جهة استئناف (هذا في حال ما لم نتصور كونه جهة إبتدائية في الدعوى الاستعجالية المتعلقة بالإخلال بالتزامات المنافسة أو العلانية في الصفقات العمومية المركزية، لأن الأمر مرتبط هنا بقرارات إدارية مركزية منفصلة عن الصفقة العمومية).[21] خاصة وأن المادة 946 أوردت عبارة "الصفقات العمومية" وهي صياغة تفيد العمومية، ولا تقيم أي تمييز بين الصفقات العمومية المحلية، وتلك التي تبرم على المستوى المركزي، الأمر الذي جعلنا نتساءل قبل هذا عن مصير هذه الأخيرة من حيث الاختصاص النوعي لها من حيث القضاء الإستعجالي[22]. فهل هذا يعني أن تخضع لاختصاص المحاكم الإدارية إعمالالصيغة العمومية في عبارة " الصفقات العمومية". أم أنها تخضع لاختصاص مجلس الدولة ضمنا،إعمالا للقواعد العامة، ما دام المشرع قد سكت عنها في محتوى المادة 946. وهو أمر يستدعى التوضيح من قبل المشرع الجزائري،  أمام الأهمية التي تكتسيها الصفقات العمومية المركزية بالنظر للمبالغ المالية الضخمة التي ترصد لها، فلا يعقل أن تفلت من رقابة قاضي الاستعجال.

2/ كيفية رفع الدعوى:

   إن الدعوى الاستعجالية قبل التعاقدية في مادة الصفقات العمومية بوصفها طلبا إستعجاليا، يتعين تقديمها بمقتضي عريضة مكتوبة وموقعة من محام، ومستوفية للبيانات المنصوص عليها في المادة 15 ق إ م إ، أهمها عرض وقائع الدعوى والوسائل التي تؤسس عليها، وكذا كتحديد طلبات المدعي بدقة. تودع لدى كتابة ضبط المحكمة الإدارية لتقيد وترقم في سجل حسب ترتيب ورودها، ويحدد لها تاريخ أول جلسة.

يبلغ المدعى عليه بنسخة من العريضة عن طريق محضر قضائي، في آجال تتناسب والطبيعة الاستعجالية للدعوى في غياب نص صريح يحدد ذلك.

رابعا:الفصل في الدعوى الإستعجالية

    بعد التحقق من توفر شروط الدعوى الإستعجالية في  مادة الصفقات العمومية ،واستكمال الإجراءات القانونية الضرورية لرفعها تأتي مرحلة الفصل في هذه الدعوى، وهنا سنتطرق أولا لتشكيلة الهيئة القضائية التي ستفصل فيها، ثم سنتطرق للسلطات المخولة للقاضي فيها لنتطرق في الأخير للطعن في الحكم الصادر فيها.

1/ التشكيلة الفاصلة في الاستعجال الإداري في مادة الصفقات العمومية:

   جعل المشرع الجزائري ضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية التشكيلة القضائية التي تفصل في مادة الاستعجال الإداري تشكيلة جماعية. وهي تلك المنوط لها الفصل في دعوى الموضوع، حسب ما كرسته المادة 917 بنصها" يفصل في مادة الاستعجال بالتشكيلة الجماعية المنوط بها البت في دعوى الموضوع" ،وبهذا تم توحيد جهة التقاضي بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال، رغم أن هذه التشكيلة لا تخدم كثيرا شرط الاستعجال مقارنة بتشكيلة القاضي الفرد، إلا أننا لا ننكر مزايا التشكيلة الجماعية ،التي من شأنها أن تعطي سدادا في الأحكام الصادرة بالنظر لخطورة هذه الأحكام على إبرام الصفقة.

2/سلطات قاضي الاستعجال في مجال الصفقات العمومية:

   عبرت المادة 946 ق إ م إ عن السلطات الممنوحة للقاضي الإستعجالي في مادة الصفقات العمومية بـ" تأمر"، " الحكم بغرامة تهديدية"، " تأمر بتأجيل إمضاء العقد "، أي المحكمة الإدارية باعتبارها صاحبة الاختصاص بالقضاء ألاستعجالي، والتي يمكن تفصيلها كما يلي:

أ‌-       سلطة توجيه الأمر للإدارة:L’injonction

   يعتبر توجيه الأوامر للإدارة من الصلاحيات المستحدثة بموجب قانون الإجراءات المدنية والإدارية 08/09 ،وذلك في عدة مجالات، أهمها الدعوى الإستعجالية في مجال الصفقات العمومية، طبقا للمادة 946/ 4 من نفس القانون ،يمكن للمحكمة الإدارية أن تأمر المتسبب في الإخلال بالامتثال لالتزاماته، وتحدد الأجل الذي يجب أن يمثل فيه وسلطة الأمر في هذه المادة، موضوعها تعديل المصلحة المتعاقدة للإجراءات والعمليات التي شابتها عيوب نتيجة إخلالها بقواعد الإشهار والمنافسة[23]. كأن يأمرها بنشر الإعلان عن الصفقة في الصحف اليومية أو إعادة نشره مستوفيا لبياناته الإلزامية، أو يوجه لها أمرا بقبول مرشح مستبعد من دخول الصفقة دون وجه حق.[24]

   تعد الأوامر التي يصدرها قاضي الاستعجال ذات طبيعة موضوعية، أي أنها تدابير نهائيه تمس أصل الحق وليست مجرد تدابير تحفظية مؤقتة.[25] وهو ما يدعو إلى تسميتها ب "الدعوى شبه الاستعجالية"، ويجب على المصلحة المتعاقدة الامتثال لهذا الأمر وفقا للمادة 978 ق إ م إ ، وأيضا ما ذهبت إليها المادة 946 ق إ م إ

ب-  الحكم بالغرامة التهديدية:Astreint

   يعاب على الإدارة ( المصلحة المتعاقدة) في كثير من الأحيان عدم الاستجابة لأحكام القضاء، كما قد تماطل في تنفيذ الأوامر الصادرة عن قاضي الاستعجال، لذا دعمت المادة 946/5 ق إ م إ القاضي الإستعجالي بسلطة توقيع غرامة تهديدية[26]، تسري في حال عدم امتثال الإدارةللأوامر التي وجهت لها  في الآجال المحددة. فالغرامة بهذا المعنى هي عبارة عن تهديد مالي هدفه الضغط على الإدارة الممتنعة أو المتماطلة عن تنفيذ التزاماتها، بأداء مبلغ مالي عن كل فترة زمنية في تأخير تنفيذ الالتزام، وهو ما يمكن أن يحملها على الالتزام بقواعد العلانية والمنافسة[27]

    وتجدر الإشارة أنه وطبقا للمادة 946/5 ق إ م إ، فإن سلطة توقيع الغرامة التهديدية لا تطبق إلا بانقضاء الآجال المحدة من طرف المحكمة لتنفيذ الأمر، بمعنى أنه لا يمكن الجمع بين "الأمر بالامتثال" و"توقيع الغرامة التهديدية" في آن واحد، حيث جاء فيها:"يمكن لها أيضا الحكم بغرامة تهديدية تسري من تاريخ إنقضاء الأجل المحدد"

لكن يعاب عليها أنها جوازية وليست إلزامية ، تخضع للسلطة التقديرية للقاضي الإستعجالي.

ج‌-    تأجيل إمضاء العقد:Suspension

   منحت المادة 946/ 6 ق إ م إ القاضي سلطة الأمر بتأجيل إمضاء العقد إلى نهاية الإجراءات، ولمدة لا تتجاوز 20 يوما، وهذا التأجيل في حد ذاته هو وسيلة ضغط على الإدارة لتفي بالتزاماتها، وهي وسيلة خطيرة تشل العقد، وتؤثر على سير المرفق العام بانتظام واطراد. ومن جهة أخرى هي وسيلة تترجم الطابع الوقائي لنظام الإستعجال ما قبل التعاقدي، حيث في غيابها قد تترتب نتائج يتعذر تداركها، فيما لو أسرعت الإدارة في إتمام إبرام الصفقة قبل نهاية إجراء الدعوى.[28] وعليه في حال رفعت هذه الدعوى بعد إبرام العقد تصبح دون جدوى.

   وتجدر الإشارة في الأخير أن المشرع الفرنسي، منح لقاضي الاستعجال إضافة إلى السلطات الثلاث السابقة سلطة رابعة تتمثل في إلغاء القرارات المخالفة لمبدأ المنافسة[29].

خامسا:حجية الأمر الصادر عن القضاء مدى وإمكانية الطعن فيه

إن القاضي الإداري عند البت في الدعوى الإستعجالية شبه التعاقدية، يستعمل السلطات المخولة له وذلك في شكل أمر، الذي يتعين علينا تحديد مدعى حجية ومدى إمكانية الطعن فيه، ضمن طرق الطعن المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

 

1/حجية الحكم الصادر عن القضاء الإستعجالي:

إن الحكم الذي يصدر عن قضاء الاستعجال، والذي يتعلق بالبت في منازعات الصفقات العمومية الناشئة في مرحلة الإبرام هو حكم قطعي فاصل في أصل الحق، ومن ثم فهو يتميز بنفس حجية الحكم الذي يصدر عن قاضي الموضوع. ويحوز حجية الشئ المقضي فيه، فهو ليس بحكم مؤقت ولا يتعلق بتدابير وقائية إعمالا لنص المادة 300 ق إ م إ.......[30]

2/إمكانية الطعن في الأوامر الصادرة عن قضاء الاستعجال في مادة الصفقات العمومية:

   مرة أخرى يترك المشرع الجزائري الغموض حول طبيعة الحكم الصادر في الدعوى الإستعجالية، رغم أن المادة 946 ق إ م إ توحي بأنها أمر لاستعمالها صيغة " يأمر"، كما أن المادتين 946 و 947 ق إ م إ سكتتا عن إمكانية الطعن في هذه الأحكام إذا ما اعتبرناها " أوامر". و مصدر الغموض نابع من أنه في حالات أخرى نص صراحة على القابلية للطعن (مثل في حالة الأمر المتعلق بالتسبيق المالي)[31] بينما لم ينص عليه في حالات أخرى.

   وأكثر من ذلك فإنه نص في المادتين 936 و937 على الأوامر القابلة للاستئناف وتلك التي لا تقبله، والتي لم توحي ولو بإشارة لمادة الاستعجالي قبل التعاقدي الذي تحكمه المادتان 949 و 947 ق إ م إ في أي من الفئتين.

   لكن المادة 949 ق إ م إ أجازت الطعن بالإستنئاف في الأوامر الإستعجالية الصادرة عن المحاكم الإدارية، (هذا إذا ما اعتبرنا أن ما يصدر عن القضاء الاستعجالي قبل التعاقدي أوامر) ما لم يوجد نص قانوني يقضي بخلاف ذلك. وتحدد أجل مقلص للاستئناف مقارنة بالاستئناف العادي، حيث حددته بـ 15 يوما تسري من تاريخ التبليغ الرسمي[32]

   أما بالنسبة لإمكانية الطعن بالمعارضة والذي يتعلق أساسا بالأحكام الغيابية، فيطرح إشكال قانوني آخر. إذ بالرجوع إلى المادة 953 ق إ م إ نجد أنها مكنت من الطعن بالمعارضة في القرارات والأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية ومجلس الدولة، دون أن تشير إلى الأوامر[33]. لكن يمكننا أن نرجح إمكانية الطعن بالمعارضة إستنادا إلى المادة 304 ق إ م إ، التي تقضي في فقرتها الأولى بإمكانية الطعن بالمعارضة في الأوامر الإستعجالية الصادرة غيابيا في آخر درجة[34]،وتحدد الأجل بــ 15 يوما من تاريخ التبليغ الرسمي للأمر، هذا من جهة.

من جهة أخرى لاحظنا أن الأوامر التي تصدر عن القاضي ألاستعجالي قبل التعاقدي (خلافا للقضاء الإستعجالى العادي) تمس بأصل الحق، لذا لا يمكن أن نتصور حرمان المعنيين من درجات التقاضي ومن حقوق الطعن، على أن تحدد لذلك آجال قصيرة تتناسب مع طبيعة الدعوى الاستعجالية قبل التعاقدية.

       من خلال هذا العرض للقضاء الاستعجالي في مادة الصفقات العمومية يمكننا الجزم بان  الاستعجال في مادة الصفقات العمومية يعد إجراءا استثنائيا،استحدثه المشرع في قانون الإجراءات المدنية والإدارية غرضه حماية مقتضيات الشفافية في الصفقة العمومية، من خلال حماية قواعد الإشهار والمنافسة التي يفرضها المرسوم الرئاسي 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية.



[1]- القانون رقم 90/23 المؤرخ في 18 أوت 1990، الجديدة الرسمية عدد 36، المؤرخة في 22 أوت 1990، المتضمن تعديل قانون الإجراءات المدنية الصادر بالأمر 66/154.

[2]- كرس المشرع الفرنسي القضاء الإستعجالي قبل التعاقدي في مجال الصفقات العمومية منذ سنة 1992 بمقتضى القانونين 92-10 الصادر في 04/01/1992 والقانون 93-1416 بتاريخ 29-12-1993.

[3]- فريحة حسنى، إجراءات المنازعات الضريبية في الجزائر، دار العلوم، الجزائر، 2008، ص106 ، نقلا عن : عز الدين كلوفي، مرجع سابق، ص 125.

[4]- لحسبن آث ملويا، المنتقى في القضاء الاستعجالى الإداري، دار هومة للنشر، الجزائر، 2007، ص 12.

[5]- ليلى بوكحيل، دور القاضي الإداري في حماية مبدأ المنافسة ،ملتقى وطني حول حرية المنافسة في القانون الجزائري، جامعة باجي المختار، عنابة، 2013، ص 09.

[6]- عمار زريق، بشير الشريف شمس، قضاء الإستعجال ما قبل التعاقدى في مادة الصفقات العمومية في الجزائر، مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، العدد 11، جوان، كلية الحقوق السياسية جامعة ياتنة 1 الحاج لخضر، 2017، ص 629.

[7]- يرى الأستاذ مسعود شيهوب أن أي محاولة من المشرع لتعريف حالة الاستعجال، أو صياغة قائمة حصرية لها يعني تقييد القاضي، وأن المشرع لن يستطيع مهما تنبأ أن بحصر جميع حالات الاستعجال، أنظر: سعود شيهوب، المبادئ العامة للمنازعات الإدارية، نظرية الإختصاص، الجزء الثاني، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2009، ص 136.

[8]- عز الدين كلوفي، مرجع سابق، ص 128.

[9]- محمد براهيمي،القضاء المستعجل، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر، 2009، ص 93

[10]- أنظر: محمد براهيمي، القضاء المستعجل، القواعد والميزات الأساسية للقضاء المستعجل، الإختصاص النوعي لقاضي الأمور المستعجلة، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر، 2006، ص 07

[11]- Voir : Julien Plasecki, L’office du juge administratif des référés, Thèse de Doctorat en Droit Public, Université du Sud-Toulon Var, Faculté de Droit, de Toulon, 2008, p 211.

[12]-Eric Thbaut, Kris Wauters, L’intérêt dans le contentieux des marchés publics, Edition Larcier, 2015, p 62.

[13]-عز الدين كلوفي، نظام المنازعة في مجال الصفقات العمومية ، مرجع سابق، ص133.

[14]3-سلوى بومقورة، التعاقد في مجال الصفقات العمومية في التشريع الجزائري،المجلة الأكاديمية للبحث القانوني، السنة الثالثة، المجلد05، عدد01، 2012،كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية ص 36

[15]- إن الوالي باعتباره ممثلا للولاية، فإن اختصاصه بتحريك دعوى استعجاليه ما قبل تعاقدية هنا لا يعدو أن يكون إلا امتداد طبيعي لجملة الاختصاصات الممنوحة له بموجب التشريع والتنظيم المعمول به في الجزائر، هذا التمثيل يعزي إلى كون قانون الولاية مكن مصالح الولاية بإيفاد ممثلين عنها لحضور عملية إبرام الصفقة العمومية التي تبرمها هذه المؤسسات، بمعنى أن الوالي يمكن له المتابعة والإشراف ومراقبة الصفقات العمومية المحلية بالرغم أنه لا يمثلها أمام القضاء للمزيد أنظر: عثمان بوشكيوة، الاستعجال ما قبل التعاقد في مجال إبرام الصفقات العمومية، مداخلة مقدمة في الملتقي الدولي الرابع حول القضاء الاستعجالي الإداري09 إلى 10 مارس جامعة الوادي، 2011، ص 82.

[16]- للمزيد أنظر: حليمة بروك، دور الطعن الاستعجالي السابق للتعاقد في مكافحة الفساد في العقود والصفقات العمومية، مجلة المفكر، العدد 21، جامعة محمد خيضر ،بسكرة،جويلية 2014 ،ص 300.

[17]- أنظر: فريدة أبركان، الإستعجال في مادة إبرام الصفقات العمومية أو الإستعجال في مرحلة ما قبل التعاقد: الملتقى الدولي الرابع حول القضاء الاستعجالي الإداري يومي 09و10 مارس2011. معهد العلوم القانونية المركز الجامعي الوادي، 2011، ص13.

[18]- أنظر: آمال يعيش تمام، سلطات القاضي الإداري في توجيه أوامر الإدارة، أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتواره علوم في الحقوق، تخصص قانون عام، جامعة محمد خيضر، بسكرة، الجزائر 2012، ص 406.

[19]- تشبه صياغة المادة 946 ق إ م إ من القانون الجزائري إلى حد بعيد المادتين 551- 1 وD 55-2 قانون العدالة الإدارية  الفرنسية،حيث نصت الفقرة الأولى على أن: رئيس المحكمة الإدارية يمكن أن يبت قبل إبرام العقد.... " أما الثانية فنصت: "لا يمكن للقاضي أن يبت قبل إبرام العقد إلا ضمن الشروط المحددة....".انظر:Sophie Overney, Le référé suspension et le pouvoir de régulation du juge ,A.J.D.A, N°09 , 20 septembre 2001, p 720 et ss

[20]- أنظر: عمار بوجادي، اختصاص مجلس الدولة في المادة الإدارية الإستعجالية، المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية، العدد 01، كلية الحقوق و العلوم السياسية  جامعة مولود معمري، تيزي وزو،سنة، 2007، الجزائر، ص 91.

[21]- محمد فقير،رقابة القضاء الإداري الاستعجالي على الصفقات العمومية قبل إبرامها في التشريع الجزائري والتشريع المقارن- آلية وقائية لحماية المال العام. متوفر على الموقع:www.univ-medea/Fac/D/Manifistations/collegue6/16.pdfتاريخ التصفح 10 نوفمبر 2017.

[22]- أنظر: سلوى بومقورة، مرجع سابق، ص 41.

[23]- محمد مهدي لعلام "القضاء الاستعجالي قبل التعاقدي في مجال الصفقات العمومية" ،المجلة المصرية للدراسات القانونية والاقتصادية، العدد الخامس، يونيو2015،القاهرة ، ص 30.

[24]- كان من المستقر عليه في فرنسا وحتى الجزائرأن القاضي لا يأمر الإدارة، إذ يحكم القاضي الإداري مبدأ إجرائي مفاده أن " القاضي يحكم ولا يدير" ،وذلك تطبيقا لمبدأ الفصل بين الهيئات القضائية و الإدارية للمزيد أنظر:

René Chapus, Droit du Contentieux Administratif, Montchertien, 13ème édition, Paris, 2008, p1491.

[25]- عز الدين كلوفي، نظام المنازعة في مجال الصفقات العمومية، مرجع سابق، ص 133.

[26]- الغرامة التهديدية  أقرها المشرع الجزائري في نصوص المواد 980 إلى 986 ق إ م إ . وقد استقر الفقه والقضاء في الجزائر على أنها مبلغ مالي يوقعه القاضي الإداري على المدين الممتنع عن تنفيذ إلتزام واقع على عاتقه ،بمقتضي سند تنفيذي بناءا على طلب الدائن. نقلا عن : سلوى بومقورة ، مرجع سابق، ص43.

[27]- ليلي بوكحيل" مرجع سابق، ص 09.

[28]-عمار رزيق ، مرجع سابق، ص636.

[29] - Maeva Guillerm, le référé mesures utiles en matière contractuelle, Contrats Publics, N°132, mai2013, p53

[30]-و للتفصيل أكثر  أنظر: عز الدين كلوفي، نظام المنازعة في مجال الصفقات العمومية ، مرجع سابق، ص 142.

[31]- حيث نص قانون الإجراءات المدنية والإدارية 08/09 سالف الذكر في الفصل الرابع المعنون ب" الاستعجال في مادة التسبيق المالي" وذلك في المادة 943 "يكون الأمر الصادر عن المحكمة الإدارية قابلا للاستئناف أمام مجلس الدولة خلال أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ الرسمي."

[32]- حيث ورد ذلك في القسم الأول المعنون بـ" في الاستئناف" ضمن الفصل الأول"في طرق الطعن العادية"، للباب الرابع المعنون بـــ" في طرق الطعن "، بنص المادة 950 التي جاء فيها يحدد أجل استئناف الأحكام بشهرين ويخفض هذا الأجل إلى 15 يوما بالنسبة للأوامر الاستعجالية ما لم توجد نصوص خاصة. تسري هذه الآجال من يوم التبليغ الرسمي للأمر أو والحكم المعنى، وتسري من تاريخ انقضاء أجل المعارضة إذا صدر غيابيا. تسري هذه الآجال في مواجهة طالب التبليغ" وهو أيضا ما جاء في المادة 937 ق إ م إ.

[33]- وهو ما جاء في القسم الثاني" في المعارضة" من الفصل الأول "في طرق الطعن العادية" ضمن الباب الرابع" في طرق الطعن" وذلك بنص المادة 953 من القانون 09/08 سالف الذكر التي جاء فيها:

"تكون الأحكام والقرارات الصادرة غيابيا عن المحاكم الإدارية ومجلس الدولة قابلة للمعارضة"

[34]- ورد ذلك في القسم الثاني " في الاستعجال والأوامر الإستعجالية "،ضمن الفصل الخامس" في الأحكام الأخرى" ضمن الباب الثامن المعنون بـ "في الأحكام والقرارات"، ذلك في المادة 304 من القانون 09/08 سالف الذكر التي جاء فيها: "  "تكون الأوامر الاستعجالية الصادرة في أول درجة قابلة للإستنئاف وتكون أوامر الاستعجالية الصادرة غيابيا في آخر درجة قابلة للمعارضة.

يرفع الإستنئاف والمعارضة خلال 15 يوما من تاريخ التبليغ الرسمي للأمر، ويجب أن يفصل في ذلك في أقرب الآجال".