1. المبحث الاول: منازعات مشروعية عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج المتعلقة بالانتخابات الوطنية (الرئاسية والتشريعية).

1.1. المطلب الأول: منازعات مشروعية عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج المتعلقة بالانتخابات الرئاسية

أصبح المجلس الدستوري في الجزائر الجهة المختصة بنظر منازعات الانتخابات الرئاسية في كل مراحلها، بدءا بالترشح إلى إعلان النتائج. وكان ظهور المجلس الدستوري في الجزائر لأول مرة في دستور 1963 ولم ينصب اطلاقا ليعاد النص عليه في المادة 153 من دستور 1989 التي نصت على أن: «يؤسس مجلس دستوري يكلف بالسهر على احترام الدستور، كما يسهر المجلس الدستوري على صحة عمليات الاستفتاء وانتخاب رئيس الجمهورية، الانتخابات التشريعية ويعلن نتائج هذه العمليات».

    وقبل هذا التاريخ كانت هناك لجنة وطنية تتكفل بالانتخابات الرئاسية مكونة من الرئيس الأول للمحكمة العليا (المجلس الأعلى سابقا قبل صدور القانون 89-22) وعضوية قاضيين من أعضائها[1]. وأبقت المادة 163 من التعديل الدستوري 1996 على نفس الاختصاصات. ففيما يخص عملية الترشح للانتخابات الرئاسية، اشترطت المادة 139 من القانون العضوي 16-10 المتضمن قانون الانتخابات أن يقدم طلب الترشح إلى المجلس الدستوري مقابل وصل. ثم أضافت الفقرة الثانية من ذات المادة أن قرار المجلس الدستوري لترشيح لمنصب رئيس الجمهورية يصدر في أجل أقصاه 10 أيام من تاريخ إيداع التصريح بالترشح، ويبلغه إلى المعني فور صدوره (المادة 141 من ذات القانون العضوي). كما أضافت المادة 142 شروطا أخرى للترشح، وهي شروط خاصة بجمع التوقيعات، حيث اشترطت من المترشح أن يقدم في ملف الترشح 600 توقيع لمنتخبين في مجالس بلدية أو ولائية أو برلمانية على الأقل موزعة على 25 ولاية، أو 60000 توقيع لمواطنين عبر 25 ولاية، على ألا يقل عدد التوقيعات 1500 في كل ولاية من الولايات الـ 25.

   أثناء عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية، يحق لكل مترشح أو ممثله القانوني أن يطعن في صحة عمليات التصويت (المادة 172 من القانون العضوي 16-10) بإدراج احتجاجه في المحضر الموجود في مكتب التصويت، ثم يخطر المجلس الدستوري فورا بهذا الاحتجاج. وتعني كلمة "فورا" أن يكون في ذلك اليوم، أي يوم الانتخاب مما يعني أن المواعيد منعدمة تماما في الطعن بصحة الانتخاب في الانتخابات الرئاسية، فالوقت لا يكفي لتحضير الدفاع ووسائل الادعاء[2]. ودعـــــــــــمت المادة 34 من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2016[3] هذا الاتجاه بنصها على أن الاحتجاج يسجل لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري. و"الاحتجاج" بهذه التسمية هو "اعتراض" وليس "عريضة"، لذلك لا يجب أن تتوافر فيه شروط العريضة ولا يخضع لشكلياتها وشروطها. ولكن بالرغم من ذلك يمكن الملاحظة أن المشرع انساق كثيرا وراء الطابع الاستعجالي والخاص للنزاع الانتخابي، ومنه الرئاسي، مما أدى به إلى تقصير المهل والمواعيد بشكل أخل بحقوق الطاعنين وبالضمانات القانونية الضرورية إلى درجة انعدام الحق في الطعن أحيانا واستحالة تحضير الدعوى كما هو الحــــــال في الانتخابات الرئاسية[4].

    لم ينظم القانون العضوي المتعلق بالانتخابات (16-10) طريقة دراسة المجلس الدستوري لهذه الاحتجاجات، لكن المواد 34، 35، 36، 37 و38، من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المؤرخ في 11 مايو 2016 (ج، ر رقم 29) فصلت في ذلك، حيث يقوم رئيس المجلس الدستوري بتعيين مقرر أو أكثر من بين أعضائه لدراسة "الاحتجاج" وتقديم مشروع قرار عنها للمجلس مجتمعا للفصل في هذا الاحتجاج طبقا للقواعد المنظمة لعمله. ثم يعلن بعد الانتهاء من دراسته لاحتجاجات النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية (طبقا للمادة 148 من القانون العضوي 16-10).



[1] مسعود شيهوب، المجلس الدستوري، تشكيلته ووظائفه، مجلة النائب، 2005، العدد الرابع، ص. 10

[2] العوفي الربيع، المرجع السابق، ص. 46

[3] النظام المحدد لقواعد عمل اﻟﻤﺠلس الدستوري، ج. ر رقم 29، الصادرة بتاريخ 11 مايو 2016.

[4] مسعود شيهوب، المجلس الدستوري: قاضي انتخابات، مجلة المجلس الدستوري، العدد 01، 2013، ص. 98