الفصل الثالث: المنازعات المتعلقة بمشروعية عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: المنازعات الدستورية
Livre: الفصل الثالث: المنازعات المتعلقة بمشروعية عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Saturday 23 November 2024, 10:06

Description

يقصد بمنازعات مشروعية عمليات التصويت تلك المنازعات المتعلقة بمشروعية عملية الاقتراع والفرز وإعلان النتائج، أي المرحلة الثانية من العملية الانتخابية ككل بعد المرحلة التمهيدية. ويتم تفصيل هذه المرحلة تباعا حسب نوع الانتخابات (الرئاسية، التشريعية، المحلية، الاستفتاء...).

1. المبحث الاول: منازعات مشروعية عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج المتعلقة بالانتخابات الوطنية (الرئاسية والتشريعية).

نتناول في هذا المبحث منازعات مشروعية عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج المتعلقة بالانتخابات الرئاسية والتشريعية والاستفتاء على التوالي

1.1. المطلب الأول: منازعات مشروعية عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج المتعلقة بالانتخابات الرئاسية

أصبح المجلس الدستوري في الجزائر الجهة المختصة بنظر منازعات الانتخابات الرئاسية في كل مراحلها، بدءا بالترشح إلى إعلان النتائج. وكان ظهور المجلس الدستوري في الجزائر لأول مرة في دستور 1963 ولم ينصب اطلاقا ليعاد النص عليه في المادة 153 من دستور 1989 التي نصت على أن: «يؤسس مجلس دستوري يكلف بالسهر على احترام الدستور، كما يسهر المجلس الدستوري على صحة عمليات الاستفتاء وانتخاب رئيس الجمهورية، الانتخابات التشريعية ويعلن نتائج هذه العمليات».

    وقبل هذا التاريخ كانت هناك لجنة وطنية تتكفل بالانتخابات الرئاسية مكونة من الرئيس الأول للمحكمة العليا (المجلس الأعلى سابقا قبل صدور القانون 89-22) وعضوية قاضيين من أعضائها[1]. وأبقت المادة 163 من التعديل الدستوري 1996 على نفس الاختصاصات. ففيما يخص عملية الترشح للانتخابات الرئاسية، اشترطت المادة 139 من القانون العضوي 16-10 المتضمن قانون الانتخابات أن يقدم طلب الترشح إلى المجلس الدستوري مقابل وصل. ثم أضافت الفقرة الثانية من ذات المادة أن قرار المجلس الدستوري لترشيح لمنصب رئيس الجمهورية يصدر في أجل أقصاه 10 أيام من تاريخ إيداع التصريح بالترشح، ويبلغه إلى المعني فور صدوره (المادة 141 من ذات القانون العضوي). كما أضافت المادة 142 شروطا أخرى للترشح، وهي شروط خاصة بجمع التوقيعات، حيث اشترطت من المترشح أن يقدم في ملف الترشح 600 توقيع لمنتخبين في مجالس بلدية أو ولائية أو برلمانية على الأقل موزعة على 25 ولاية، أو 60000 توقيع لمواطنين عبر 25 ولاية، على ألا يقل عدد التوقيعات 1500 في كل ولاية من الولايات الـ 25.

   أثناء عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية، يحق لكل مترشح أو ممثله القانوني أن يطعن في صحة عمليات التصويت (المادة 172 من القانون العضوي 16-10) بإدراج احتجاجه في المحضر الموجود في مكتب التصويت، ثم يخطر المجلس الدستوري فورا بهذا الاحتجاج. وتعني كلمة "فورا" أن يكون في ذلك اليوم، أي يوم الانتخاب مما يعني أن المواعيد منعدمة تماما في الطعن بصحة الانتخاب في الانتخابات الرئاسية، فالوقت لا يكفي لتحضير الدفاع ووسائل الادعاء[2]. ودعـــــــــــمت المادة 34 من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2016[3] هذا الاتجاه بنصها على أن الاحتجاج يسجل لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري. و"الاحتجاج" بهذه التسمية هو "اعتراض" وليس "عريضة"، لذلك لا يجب أن تتوافر فيه شروط العريضة ولا يخضع لشكلياتها وشروطها. ولكن بالرغم من ذلك يمكن الملاحظة أن المشرع انساق كثيرا وراء الطابع الاستعجالي والخاص للنزاع الانتخابي، ومنه الرئاسي، مما أدى به إلى تقصير المهل والمواعيد بشكل أخل بحقوق الطاعنين وبالضمانات القانونية الضرورية إلى درجة انعدام الحق في الطعن أحيانا واستحالة تحضير الدعوى كما هو الحــــــال في الانتخابات الرئاسية[4].

    لم ينظم القانون العضوي المتعلق بالانتخابات (16-10) طريقة دراسة المجلس الدستوري لهذه الاحتجاجات، لكن المواد 34، 35، 36، 37 و38، من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المؤرخ في 11 مايو 2016 (ج، ر رقم 29) فصلت في ذلك، حيث يقوم رئيس المجلس الدستوري بتعيين مقرر أو أكثر من بين أعضائه لدراسة "الاحتجاج" وتقديم مشروع قرار عنها للمجلس مجتمعا للفصل في هذا الاحتجاج طبقا للقواعد المنظمة لعمله. ثم يعلن بعد الانتهاء من دراسته لاحتجاجات النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية (طبقا للمادة 148 من القانون العضوي 16-10).



[1] مسعود شيهوب، المجلس الدستوري، تشكيلته ووظائفه، مجلة النائب، 2005، العدد الرابع، ص. 10

[2] العوفي الربيع، المرجع السابق، ص. 46

[3] النظام المحدد لقواعد عمل اﻟﻤﺠلس الدستوري، ج. ر رقم 29، الصادرة بتاريخ 11 مايو 2016.

[4] مسعود شيهوب، المجلس الدستوري: قاضي انتخابات، مجلة المجلس الدستوري، العدد 01، 2013، ص. 98

1.2. المطلب الثاني: منازعات مشروعية عملية التصويت المتعلقة بالانتخابات التشريعية

تتألف السلطة التشريعية في الجزائر من مجلسين أو غرفتين هما المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة. ينتخب كل أعضاء الغرفة الأولى (المجلس الشعبي الوطني) لمدة 05 سنوات بطريقة الاقتراع النسبي على القائمة (المادة 84 من القانون العضوي 16-10) وذلك من بين مترشحين تتوفر فيهم شروط معينة سبق تفصيلها، إضافة إلى الشروط الواردة في المادة 92 من القانون العضوي 16-10، خصوصا السن (25 سنة كاملة يوم الاقتراع) والجنسية الجزائرية وغير محكوم عليه ولم يرد اعتباره طبقا للمادة الخامسة من ذات القانون العضوي (16-10).      أما مجلس الأمة فثلثه يتم تعيينه من رئيس الجمهورية، أما الثلثين الباقيين فيتم انتخابهم من بين أعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية طبقا للمادة 107 من القانون العضوي 16-10.

   أثناء سير العملية الانتخابية في هذين النوعين من الانتخابات قد تقع بعض التصرفات التي تشكك في مصداقية العملية، بدءً من التصويت إلى إعلان النتائج[1]. فإذا حدث وأن كان هنالك اعتراض أثناء التصويت، أجاز القانون العضوي لكل مترشح حر أو حزب سياسي تقديم طلب في شكل عريضة عادية يقدمها لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري خلال الـ 48 ساعة الموالية لإعلان النتائج (المادة 171 القانون العضوي 16-10). ثم يقوم المجلس الدستوري بتبليغ النائب الذي اعترض عليه ليقدم ملاحظات كتابية خلال 04 أيام من تاريخ التبليغ (الفقرة الثانية من المادة نفسها). ويفصل المجلس الدستوري خلال 03 أيام بعد انقضاء مدة الطعن، وذلك بقرار معلل إما بإلغاء الانتخاب المتنازع فيه أو إعادة صياغة المحضر المعد وإعلان المترشح المنتخب فائزا قانونا (الفقرة الثالثة من المادة نفسها).

    يبلغ القرار إلى وزير الداخلية ورئيس المجلس الشعبي الوطني (المادة 171 من القانون العضوي 16-10). أما انتخابات ثلثي مجلس الأمة، فقد فصلت فيها المواد من 107 إلى 134 من القانون العضوي 16-10. ففيما يخص الاحتجاج الذي يقدمه أحد المترشحين، فقد عالجته المادة 127 من ذات القانون العضوي، حيث نصت على أنه في حالة وقوع احتجاجات، يدون هذا الأخير في المحضر المذكور (محضر الفرز كما سمته المادة 126). بعد إرسال هذا المحضر إلى المجلس الدستوري (المادة 128)، يقوم هذا الأخير بإعلان النتائج النهائية خلال 72 ساعة. أما المترشح "المحتج" فيحق له تقديم طعن لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري في مدة 24 ساعة التي تلي عملية الانتخاب (المادة 130 من القانون العضوي 16-10).

    ويقوم المجلس الدستوري بالبث في الطعن خلال 03 أيام من تبليغه، فإذا كان الطعن مؤسس، يمكن للمجلس الدستوري، بموجب قراره، إلغاء الانتخاب المطعون فيه أو يعدل المحضر المحرر ويعلن الفائز الشرعي (المادة 131 من القانون العضوي 16-10).



[1] العوفي الربيع، المرجع السابق، ص. 49

1.3. المطلب الثالث: منازعات مشروعية عملية التصويت المتعلقة بالاستفتاء.

وردت المسائل المتعلقة بالاستفتاء في المواد من 149 إلى 151 من القانـــــــــــــون العضوي 16-10 المتعلق بالانتخابات. ويتميز الاستفتاء بأنه عملية مفاضلة في مسألة ما مطروحة بورقتين تحمل إحداهما كلمة "نعم" والأخرى كلمة "لا" وبلونين مختلفين (المادة 150 من القانون العضوي 16-10) إجابة عن السؤال الذي يطرح نفسه بصيغة "هل أنتم موافقون على... المطروح عليكم؟

  تخضع عمليات التصويت والنزاعات المتعلقة بها إلى المــــــــادة 172 من القانون العضوي 16-10. ويعلن المجلس الدستوري نتائج الاستفتاء خلال الـ 10 أيام بدءا من تاريخ استلام محاضر اللجان الانتخابية والمنصوص عليها في المواد 154 و163 من هذا القانون العضوي. لكن هل يتصور قيام منازعة انتخابية في استفتاء ما؟  نعم، يمكن تصور ذلك، إذ يحق لكل ناخب في حالة الاستفتاء (لا يتصور وجود مترشح إطلاقا) أن يطعن في صحة عمليات التصويت بإدراج احتجاجه في المحضر الموجود في مكتب التصويت، ثم يخطر المجلس الدستوري فورا ليفصل المجلس الدستوري في الطعن، مثله مثل الانتخابات الرئاسية تماما. فالطعن ليس له مدة إطلاقا كما هو الحال في انتخابات المجلس الشعبي الوطني (48 ساعة) وانتخابات مجلس الأمة (24 ساعة). وعالج النظام الداخلي لعمل المجلس الدستوري طريقة تلقي الطعن (الاحتجاج) في الاستفتاء، وكيفية معالجته والفصل فيه (مثله مثل الانتخابات الرئاسية). فالطعن في الاستفتاء يكون في النتائج فقط لأنه لا يتصور وجود هناك ترشح.

2. المبحث الثاني: منازعات مشروعية عملية التصويت في الانتخابات المحلية.

نتناول منازعات مشروعية عملية التصويت في الانتخابات المحلية قبل صدور القانون العضوي 04-01 وبعده وذلك للتغيير الكبير الذي طرأ على هذا النوع من الانتخابات.

2.1. المطلب الأول: قبل صدور القانون العضوي 04-01

قبل سنة 2004، كان الطعن في مشروعية عملية التصويت في الانتخابات المحلية يوجه إلى اللجنة المحلية الانتخابية (اللجنة الولائية) التي كانت تفصل بصفة نهائية في جميع الاحتجاجات المرفوعة إليها، وتصدر قرارات في أجل أقصاه 10 أيام. ويشترط في الاحتجاج أن يودع في المكتب الذي صوت فيه صاحب الاحتجاج، ويدون في محضر مكتب التصويت، ثم يرسل إلى اللجنة الولائية المذكورة.

   وكانت هذه اللجنة الانتخابية الولائية تتألف من ثلاث قضاة يعينهم وزير العدل وتجتمع بمقر المجلس القضائي أو بمحكمة مقر الولاية (م 88 من أمر 1997 المتعلق بالانتخابات).

2.2. المطلب الثاني: بعد صدور القانون العضوي 04-01

تغير الوضع بعد سنة 2004 وأصبحت النزاعات المتعلقة بمشروعية عمليات التصويت من اختصاص القضاء الإداري. وينعقد الاختصاص إلى الجهة القضائية الإدارية المختصة بعد تبليغها من المحتج خلال يومين كاملين من تاريخ إعلان اللجنة الولائية للنتائج. وتفصل الجهة القضائية الإدارية في الطعن في أجل أقصاه 05 أيام ابتداء من رفع الاحتجاج، ويبلغ فور صدوره إلى الأطراف المعنية (المادة 18 من القانون العضوي 04 – 01 التي عدلت المادة 92 من أمر 97-07). وأكدت المادة 170 من القانون العضوي 16-10 هذا الاتجاه أيضا بنصها على أنه بالنسبة لانتخابات المجالس الشعبية البلدية والولائية، يحق لكل ناخب الاعتراض على صحة عمليات التصويت بإيداع احتجاجه في مكتب التصويت الذي صوت به، ثم يدون هذا الاحتجاج في محضر مكتب التصويت، ويرسل إلى اللجنة الانتخابية الولائية. وتفصل هذه اللجنة في الاحتجاج وتصدر قراراتها في أجل أقصاه 05 أيام من تاريخ استلامها الاحتجاج (كانت 10 أيام في القانون العضوي 12-01). ويكون قرار اللجنة قابلا للطعن أمام المحكمة الإدارية المختصة إقليميا خلال 03 أيام من التبليغ. وللمحكمة الإدارية 05 أيام للفصل في الطعن، ويكون حكمها نهائيا غير قابل للطعن.