1. اساليب الضبط الإداري البيئي الوقائي

1.4. مظاهر الإجراءات الوقائية الضبطية لحماية البيئة من التلوث

تلجأ هيئات الضبط البيئي إلى اتخاذ إجراءات وقائية لمنع حصول الضرر البيئي عن طريق أما اللوائح أو القرارات الفردية أو عن طريق التنفيذ الجبري وتتخذ عدة مظاهر تحملها فيما يلي:

1ـــالحظر (المنع):

      أي النهي أن اتخاذ إجراء معين أو ممارسة نشاط محدد لخطورته على النظام العام البيئي، دون أن يكون الحظر مطلقا أو كليا لأنه ليس للإدارة أن تلغي الحريات التي كفلها لها القانون[1].

والحظر محدد وفقا للتشريعات البيئية كما يلي:

2ــ الحظر المطلق: أي أن يحظر المشرع البيئي وبشكل مطلق لا استثناء فيه ولا ترخيص معه ممارسة أفعال نظرًا لخطورتها وآثارها الضارة بالبيئة[2] مثال ذلك، في فرنسا المرسوم بقانون في 03/01/1919 الذي حظر التنفيذ في الأنهار باستخدام العقاقير المخدرة أو التفجير بالكهرباء وكذلك حظر تلوث الموارد المائية بما يغير خواصها وقيمتها[3].

      وفي دولة الإمارات العربية المتحدة نص قانون حماية البيئة وتنميتها على المنع المطلق لحماية البيئة البحرية بقوله: «يحظر على الوسائل البحرية ...... التي تحمل مواد ضارة منقولة.... التخلص منها بالقائها في البيئة البحرية للدولة»[4].

وفي الجزائر:

يتضح أن تحديد الأعمال التي تدخل ضمن نطاق الحظر المطلق يرجع لتقدير المشرع البيئي على أساس حظورة هذه الأعمال عند ممارستها على البيئة.

3  الحظر النسبي: أي أن تمنع للتشريعات البيئية القيام بأعمال أو نشاطات معنية لما لها من حظر على البيئة إلا بعد الحصول على موافقة أو ترخيص أو إذن من هيئات الضبط البيئي لاتخاذ الإجراءات الإحترازية وفقا لشروط وضوابط حماية البيئة.

      مثال ذلك، حظر القانون البيئي المصري تحاول المواد والنفايات الحظرة إلاّ بترخيص صادر عن الجهة المختصة وفق الإجراءات التي تضعها اللائحة التنفيذ به لمنح الترخيص والجهة المختصة بإصداره ويصدر الوزراء بحسب اختصاصهم وبالتنسيق مع وزير الصحة وجهاز شؤون البيئة جدولاً بهذه المواد[5]

4- الترخيص (الإذن المسبق):

      بمعنى أن يشترط القانون لممارسة نشاط معين الحصول على إذن[6] مسبق بذلك من الجهات المختصة لتأثير هذا النشاط على النظام البيئي، كمنح ترخيص لغرض تداول كميات أو أنواع معنية من النفايات الضارة بالبيئة أو إزالتها أو معالجتها أو تخزينها[7].

وهو ضمانة وقائية لحماية البيئة لأنه ليس لهيئات الضبط المختصة بحماية البيئة منح التراخيص إلا بعد تحققها من توفر الشروط اللازمة والتي قد تتعلق بشخص المتقدم (طبيعي أو معنوي).

4- الأخطار:

      يقصد بالأخطار التزام الأفراد بضرورة إعلام الإدارة عن رغبتهم في ممارسة نشاط معين، لكي تتخذ ما يلزم من إجراءات وتدابير احترازية لأحزمة للمحافظة على النظام العام البيئي[8].

مثال ما نص عليه قانون المنشآت المصنفة الفرنسيي حيث اخضع المرافق التي لا تشكل خطر أو إزعاج للإخطار (الإبلاغ) لضمان حماية المصالح التي نص عليها هذا القانون بشرط الامتثال للشروط العامة التي تضعها الوزارة[9]. كما استلزم المشرع البيئي العراقي الاشعار المسبق واستحصال الموافقات الرسمية لإدخال ومرور النفايات الخطرة والإشعاعية من الدول الأخرى إلى الأراضي أو الأجواء أو المجالات البحرية العراقية[10].

 4- الترغيب (الحوافز):

      هو إجراء قانوني نصت عليه التشريعات البيئية، ومنحت هيئات الضبط الإداري المختصة سلطة تطبيقه لوقاية البيئة من مختلف أشكال التلوث الممكن أن تتعرض لها، ويتمثل هذا الإجراء الوقائي في مجموعة أعمال لها أهميتها في تأمين حماية البيئة حسب تقدير القانون، أي مجموع المزايا المادية والمعنوية التي قرر القانون منحها لكل من يقوم بإحدى الأعمال التي تحول دون تلوث البيئة، وتتمثل هذه المزايا يمنع بعض المساعدات المالية أو الإعفاءات الضريبية أو التسهيلات القانونية أو منح شهادة تقدير وشكر أو أوسمة أو الشهادة2.

      ومن أمثلة ذلك إعادة استخدام النفايات كمعالجة النفايات وتحويل المواد العضوية إلى سمان، أو استخدام منتجات بديلة أقل تلوثا، وتغيير طرق الإنتاج إلى طرق أقل تلوثا للبيئة كاستخدام الطاقة الشمسية النظيفة بدل الطرق القديمة، وزيادة العمر الافتراضي لبعض المنتجات لضمان حماية البيئة، فمثلا نص قانون البيئة المصري على وضع جهاز شؤون البيئة بالاشتراك مع وزارة المالية نظاما للحوافز التي يقدمها الجهاز والجهات الإدارية المختصة لمن يقوم بأعمال أو مشروبات من شأنها حماية البيئة[11].

[1] الجيلاني عبد السلام أرحومة، حماية البيئة في القانون (دراسة مقارنة للقانون الليبي)، الطبعة الأولى، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع، الجماهيرية الليبية، 2000، ص391.

[2] ماجد راغب الحلو، المرجع السابق، ص136.

[3] أشرف هلال، جرائم البيئة بين النظرية والتطبيق، الطبعة الأولى، مكتبة الآداب، مصر، 2005، ص26.

[4] المادة (27) من قانون حماية البيئة وتنميتها، المرجع السابق.

[5] المادة 29 من قانون البيئة المصري، رقم (444)، عام 1994 المعدل.

[6] تجدر الإشارة إلى أن هذا النظام الضبطي لا ينطبق على الحريات الأساسية المكفولة دستورية لأنه غير مشروع حيث اتفق الفقه والقضاء الإداري لضمان عدم إدراج الحريات العامة ضمن نظام الترخيص، حيث قرر مجلس الدولة الفرنسي في هذا الشأن أنه إذا كان للعمدة تنظيم مرور المركبات الإعلانية في الطرق العامة إلا أنه ليس له منها أو أن يخضعها للترخيص لأنه يقيد حرية التجارة والصناعة.

[7]

[8] رشا عبد الرزاق جاسم، المرجع السابق، ص283.

[9] محمود عاطف ال....، حدود سلطات الضبط الإداري، الطبعة الأولى، مطبعة جامعة القاهرة، القاهرة، 1962، ص111.

[11] المادة (17) من قانون البيئة المصري رقم (4) لعام 1994 المعدل، المرجع السابق.