1. اساليب الضبط الإداري البيئي الوقائي

1.1. لوائح الضبط البيئي

عرّف الفقه الإداري لوائح الضبط الإداري بأنها مجموعة من القواعد العامة والمجردة الصادرة عن السلطة التنفيذية المختصة بهدف المحافظة على النظام العام بعناصره التقليدية والحديثة[1]، منها لوائح تنظيم المرور والسير في الطرق العامة واللوائح المنظمة للمجال العامة والخطرة والمقلقة للراحة، واللوائح الخاصة بمراقبة الأغذية ونظافة الأماكن والوقاية من الأمراض المعدية والأوبئة المتعلقة بحماية الصحة العامة وحماية البيئة من التلوث ومنع الضوضاء[2].

      ونشير إلى أن هذه اللوائح ظهرت لسد النقص التشريعي الذي يتميز بالجمود والبطء في التعديل لمواكبة تطورات المجتمع، إضافة إلى صعوبة معالجة جزئيات النشاط الإداري التي ينبغي أن تتناولها الإدارة .... جمعتها بخبرة عملية في هذا المجال، فهي الأقدر على تنظيم المسائل التفصيلية التي لا يمكن الإلمام بها إلا عند تنفيذ القانون[3].

      وبما أن هذه اللوائح عبارة عن قواعد قانونية عامة ومجردة هنا يعني أنها مرتبطة بجزاء عند مخالفة أو أمرها أو نواهيها.

      أما بالنسبة للجهة مصدرة هذه اللوائح، فهي تختلف من دولة إلى أخرى.

      ففي فرنسا نص دستور 1958، على أن: السلطة التنفيذية هي الجهة المختصة بإصدار أنظمة للضبط حيث جاء فيه، «يدير الوزير الأول عمل الحكومة...، ويتولى تنفيذ القوانين ويمارس السلطة التنظيمية اللائحة، مع مراعاة أحكام المادة13»[4].

      أما على الصعيد الإقليمي، فيتمتع المحافظ بسلطة إصدار أنظمة الضبط في نطاق محافظة وكذلك يمارس العمدة هذه السلطة في حدود بلديته[5].

      وفي مصر، أعطى دستور 1971 الرئيس الجمهورية صلاحية إصدارها، ينص على أنه: (يصدر رئيس الجمهورية لوائح الضبط) [6]، وهذه اللوائح تصدر دون الجلبة إلى قانون، كما يمكن لرئيس الجمهورية أن يفوض سلطة إصدارها إلى غيره وللمشرع تحديد جهة أخرى لذلك[7].

      وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، نص دستور 1971 على أنه: «يتولى مجلس الوزراء، وضع اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين الإتحادية ما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها وكذلك لوائح الضبط».

      أما في الجزائر فقد منح دستور 1996 المحدد والمتمم السلطة التنظيمية لكل من الرئيس الجمهورية من خلال المواد من 93، 940، 95، 96 والوزير الأول من خلال المادة 125/ف1.

      إذن، من خلال ما سبق يتضح أن أسلوب الحماية الفعالة للبيئة يكمن فيما يملكه من هيئات الضبط من سلطات تتمثل في اتخاذ ما يلزم من إجراءات ولوائح وتدابير لوقاية البيئة من التلوث، مثال ذلك اللوائح التي تصدر لتنفيذ القوانين البيئية كلوائح تداول المواد الخطرة والنفايات الخطرة واللوائح الخاصة بالتخلص من القمامة حماية للصحة العامة والبيئة من التلوث.

نشير إلى أن إصدار مثل هذه اللوائح من طرف الجهات المخولة دستوري وحد لا يكفي ما لم يتم تطبيقها وتنفيذها ويكون هذا التنفيذ بإصدار القرارات والأوامر الفردية التي غايت ما يصدر عن الوزراء المختصين بذلك كوزير البيئة أو عن رؤساء الإدارات المحلية.

  • ·                الشروط الواجب توافرها لصحة صدور أنظمة الضبط البيئي:[8]

يجب أن يتوافر في هذه اللوائح مجموعة من الشروط عند إصدارها تتلخص فيما يلي:

أ‌-    يجب ألا تخالف هذه اللوائح الصادرة لحماية البيئة نصًا تشريعيا سواء من الناحية الموضوعية أو من الناحية الشكلية لأنها كما رأينا لسد نقص تشريعي أو لتوضيح كيفية تطبيقه، ذلك أنها مرتبة أدلى منه، فيجب عليها أن تحترم مبدأ المشروعية[9]، ....... أنه: لى هذه اللوائح أن تنفيذ بنصوص الدستور وإلاّ تخالفها، ويجب ألا تخالف المبادئ العامة للقانون حماية للبيئة والتشريعات الأخرى ذات العلاقة.

وفي حالة عدم وجود نصوص قانونية، فإن القضاء الإداري في ..... ومصر، حرص على وضع ضوابط تعمل بموجبها هيئات الضبط الإداري من إصدار لوائح الضبط لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم[10].

ب‌-           يجب أن تصدر اللائحة في صورة قواعد عامة ومجريدة........ لها عن قرارات الضبط الفردية الصادرة حالة فردية خاصة، ....... أنها تخاطب الأشخاص بمذاتهم لا بذواتهم[11].

ت‌-           يجب أن تعمل هذه اللوائح على تحقيق المساواة بين الأفراد عند تطبيق لائحة الضبط عليهم أي مساواتهم في أوامرها ونواهيها، خاصة إذا علمان أن الضرر الذي ينتج عن المساس بأحد عناصر البيئة يعم المجتمع بأسره، فيجب أن يتساوى الأفراد عند الإلتزام بالحماية.

ث‌-           يجب على هيئات الضبط الإداري اختيار أنظمة الضبط المجدية في توفى الخطر، وأقلها مشقة حتى لا تتجاوز سلطتها في ذلك، وأن تكون أنظمة الضبط الصادرة لحماية البيئة مناسبة للخطر البيئة المراد توفيه وإلا تزيد عن الحد المطلوب لذلك هذا يؤدي إلى تنفيذ حرية الأفراد، فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي بأن (هيئات الضبط لا تملك تحديد عدد الحيوانات التي يأويها أصحابها في مساكنهم، لأن هناك وسائل أخرى للوقاية مما يسببه ..... من إزعاج) [12].



[1] نواف كنعان، القانون الإداري، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2006، ص291.

[2] ماجد راغب الحلو، المرجع السابق، ص112.                  

[3] عبد الرؤوف هاشم بسيوني، نظرية الضبط الإداري في الفكر النظم الوضعية المعاصرة والشريعة الإسلامية، الطبعة الأولى، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2007، ص122.

[4] P. D. Ismacel Sasah AL.Bedary, Harora à Haidar Ibraheim AL-Shddad the lagal Manners to protent the environment from pollution in Iraqui lauw, (a conparaluve sludy).

 مجلة المحقق المجلس للعلوم القانونية والسياسية، العدد الثاني، السنة السادسة، ص65.

[5] أنظر حكم مجلس الدولة الفرنسي في (20/2/1987) أشار إليه موسى مصطفى شحاتة، الجزاءات الإدارية في مواجهة المنشآت المصنفة الضارة بالبيئة ورقابة القضاء الإداري في فرنسا عليها، مجلس الحقوق للبحوث والدراسات القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة الإسكندرية، 2004، ص24.

[6] P. D. Ismaeel Sasah.

[7] Ibid.

[8] دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية 1996، المرجع السابق.

[9] زينب عباس محسن، الضبط الإداري البيئي في العراقمجلة رسالة الحقوق العدد الثالث، السنة الخامسة، كلية الإدارة والاقتصاد، جامعة القادسية، 2013، ص 152.

[10] سيد محمد صناحى العازمي، الحماية الإدارية للبيئة، دار المهصة العربية، القاهرة، 2009، ص469.

[11] P. D. Ismaeel Sasah, op.cit, p67.

[12] P. D. Ismaeel Sasah, op.cit, p68.