2. تطبيقات الإرادة المنفردة كمصدر للالتزام ( الوعد بجائزة)

2.1. شروط الوعد بجائزة

لم يخص المشرع الجزائري الوعد بجائزة بتعريف خاص، بل اكتفى بتحديد الشروط الواجب توفرها في الإرادة المنفردة لتعتبر وعدا بجائزة.

    نص قانوني: المادة 123مكرر1 من ق. م. ج.: " من وعد الجمهور بجائزة يعطيها عن عمل معين يلزم بإعطائها لمن قام بالعمل، ولو قام به دون نظر إلى الوعد بالجائزة أو دون علم بها. و إذا لم يعين الواعد أجلا لإنجاز العمل، جاز له الرجوع في وعده بإعلان الجمهور، على ألا يؤثر ذلك في حق من أتم العمل قبل الرجوع في الوعد. يمارس حق المطالبة بالجائزة في أجل ستة(6) أشهر من تاريخ إعلان العدول للجمهور " . 

نستنتج من هذا النص أنه ليكون التصرف وعدا بجائزة لابد من الشروط التالية: 

     1. أن توجد إرادة باتة تتجه إلى الالتزام: لقيام الوعد بجائزة يجب أن تصدر عن الواعد إرادة نهائية لا مجال للتردد أو الرجوع فيها تهدف إلى ترتيب الالتزام بشكل نهائي و يس فقط مجرد الدعوة إلى التعاقد. ذلك أن مصدر الالتزام في هذه الحالة مصدر إرادي هو الإرادة المنفردة الباتة هي الإرادة التي ينشأ عنها الالتزام ،ويجب أن ترد هذه الإرادة بناء على أهلية قانونية و تراض سليم من عيوب الإرادة وأن ترد على محل مستوف لشروطه من حيث الإمكان والتعيين و امشروعية، وأن يتوافر سبب مشروع.

      2. أن يوجه الوعد إلى الجمهور: يجب أن تتوجه الإرادة المنفردة إلى أشخاص غير معنيين بذواتهم، أي إلى الجمهور ويقصد منه العامة من الأشخاص، لأنها إذا وجهت إلى شخص معين فلا تكون وعدا بالمفهوم القانوني السليم للوعد بجائزة بل تصبح إيجابا لا بد أن يقترن به قبول وإلا سقط. وفي هذا الفرض نكون في نطاق العقد وليس الإرادة المنفردة. وبالتالي فإن التعبير عن الإرادة هنا يكون بأن يتم توجيهه للجمهور وليس إلى شخص معين، ويقصد بالجمهور ذلك العدد غير المحدد من الناس، الذين يتم إعلامهم بأية وسيلة من شأنها أن تحقق علمهم بالوعد.

    مثال: ومثال ذلك الإعلان عبر الجرائد اليومية عن جائزة نقدية لمن يجد طفلا ضائعا، الإعلان عبر الرسائل النصية القصيرة أو عبر اللوحات الإشهارية عن جائزة نقدية أو عينية للمشترك المليون في شركة اتصالات.

     3. أن يقوم بالعمل واحد من الجمهور الموجه إليه الوعد بالجائزة: يلتزم الواعد بإعطاء الجائزة لمن يقوم بالعمل المعين في الوعد، ذلك أن سبب الوعد هو القيام بعمل معين. ويشترط في العمل أن يكون معينا، وممكنا غير مستحيل، ومشروعا. كما أنه لا يكفي لاستحقاق الجائزة مجرد التواجد في مركز معين دون القيام بأي عمل، بمعنى آخر أن الوعد بجائزة لا ينطبق على من تتوافر فيه صفة معينة، دون أن يقوم بأي عمل.

    مثال: ومثاله التواجد في مركز معين، كأن يولد طفل في تاريخ محدد، أن يصاب شخص في معركة حربية،أن يصاب الشخص بمرض معين، أو أن يبلغ سنا محددا.

    في هذه الحالالت لا يمكن تطبيق الوعد بجائزة؛ ذلك أن الأشخاص هنا لم يقوموا بأي عمل، بل توافرت فيهم صفات جعلتهم في مراكز قانونية خاصة. لهذا فإن ما يقدم لهم من أشياء مادية أو معنوية يكون بموجب عقد هبة يتطلب رضاهم، فنكون بصدد عقد بإرادتين، وليس بصدد وعد بجائزة بناء على إرادة واحدة.

    ملاحظة: انفرد التقنين المدني الإيطالي لسنة 1989 باعتباره لتواجد الشخص في مركز معين من قبيل الوعد بجائزة الموجه للجمهور متى تم الإعلان العام عن هذه المراكز القانونية. فقد اعتبر بأن " من يوجه للجمهور وعدا بجائزة لمن يوجد في مركز معين أو يقوم بعمل معين يلتزم بذلك الوعد متى صار علنيا". (11)

    4. أن يتضمن الوعد إعطاء جائزة معينة: يجب على الواعد أن يلتزم بأن يقدم جائزة ذات قيمة معينة. ويستوي  أن تكون الجائزة ذات قيمة مادية بأن تكون في صورة نقدية ( مبلغ من النقود) أو في صورة عينية ( هاتف، سيارة، منزل، أثاث، رحلة...). أو أن تكون ذات قيمة معنوية بأن تكون في صورة تكريم، أو كاس، أو وسام...