1. التغطية التأمينية عن الأضرار البيئية

1.1. اكتتاب عقد تأمين عن الأضرار البيئية

تعد المسؤولية الملائمة في المسائل المتعلقة بالبيئة مسؤولية موضوعية ، تهدف إلى تعيين شخص مسؤول عن تعويض المضرورين من آثار التلوث وكذلك إصلاح الوسط البيئي المضرور ، ولكن تبني مثل هذه المسؤولية دون ضمان أن يكون لدى المسؤول الكفاءة المالية لتحمل النتائج التي قد تترتب على أفعاله ، يكون ضمان نظري بحت دون تحقيق أية حماية فعلية للمضرورين ، وبناء على ذلك يمكن القول بأنه لا توجد اليوم مسؤولية فعالة دون وجود نص بالتأمين منها .

        وعلى ذلك يقدم نظام التأمين الإجباري بعض المزايا أهمها :

- يضمن للمضرور تعويضه وحمايته من خطر إعسار المسؤول عن الضرر.

- يسهل هذا النظام دور القاضي في الحكم بإلزام المسؤول بتعويض المضرور ، وكذلك قبول تحديد مقدار هذا التعويض نظرا لوجود شخص ميسور في ذمته المالية.

- إجبارية هذا التأمين تضمن فعاليته ، ذلك أن التأمين إذا كان اختياريا فإن الغالبية من الشركات ستفضل توفير مبالغ التأمين وبذلك تتملص من المسؤولية عن الأضرار البيئية التي تحدثها.

- التأمين الإجباري يحقق العدالة بين المضرورين ، فمن غير المقبول أن يكون هناك مضرورين من أضرار مماثلة ويعاملون معاملة مختلفة ، لذا فإن تبني نظام التأمين الإجباري هو الذي يحقق العدالة بين المسؤولين والمضرورين[1].

        وبالرغم من هذه المزايا الهامة لنظام التأمين الإجباري عن الأضرار البيئية ، إلا أن معظم التشريعات تنص على أن أنظمة التأمين تبقى اختيارية .

أ/ شروط عقد التأمين عن الأضرار البيئية :  وفي هذا المجال يرى البروفسور Gilles Martin أن نظام التأمين حتى يكتسي فعالية كافية لإصلاح الأضرار البيئية لابد من توافر بعض الشروط :

- أن يكون التأمين آليا حيث كلما وصل ضرر التلوث إلى نسبة معينة ، أو تجاوز الحدود الجغرافية أصبح إلزاميا وجود هذا التأمين .

- يجب أن يكون التأمين عاما ، مع العلم أن هذا الشرط لا يمكن انطباقه في مجال الأضرار البيئية ، فلا يمكن تصور تأمين موحد للمسؤولية ، ما دام أن مصادر الضرر مفتوحة ومتعددة .

- يجب أن يكون له تأثير ايجابي ، وهذا لتغطية متكاملة مع ضرورة الاستناد إلى آليات أخرى كمبدأ الملوث الدافع [2].

ب/ تحديد موقف المشرع الجزائري من تأمين المسؤولية عن الأضرار البيئية : تعرض المشرع الجزائري إلى نظام التأمين بصفة عامة كنظام تعاقدي في القواعد العامة في القانون المدني ، ونظم أحكام التأمين من خلال نصوص خاصة آخرها الأمر 95-07 المعدل والمتمم بموجب القانون رقم 06-04 المتعلق بالتأمينات .

والمتتبع لمجموع هذه الأحكام يلاحظ أنها لم تنظم صراحة التأمين من المسؤولية عن الأضرار البيئية ، حيث لم يشر المشرع ضمن أحكام تلك المواد لهذا النوع من التأمين ، بالرغم من أن الجزائر تعاني من أضرار بيئية جمة معظمها ناتج عن التلوث . ومع ذلك نجد بعض النصوص المتفرقة ضمن هذا القانون التي نصت على بعض الأنواع من التأمينات ذات العلاقة بالأضرار التي تمس بالبيئة ، منها تلك التي تنص على إلزام كل صياد اكتتاب تأمين لضمان العواقب المالية عن المسؤولية المدنية ، التي قد يتعرض لها من جراء الأضرار الجسمانية التي يلحقها بالغير أثناء أو بمناسبة الصيد أو إبادة الحيوانات الضارة وفقا للتشريع المعمول به [3].

ووجبت الإشارة في هذا الصدد أنه وبالاستناد إلى الأحكام المنظمة للحادث القابل للتأمين بمفهوم القواعد العامة للتأمين ، لا يمكن أن يشمل التأمين عن الأضرار البيئية إلا الحوادث الفجائية التي تصيب المنشآت المؤمنة ،وما عداها من الأضرار فلا يمكن أن يشمله عقد التأمين .

نتيجة :وإذا كان عقد التأمين وفق الشروط العامة لا يغطي إلا الحوادث الفجائية ولا يشمل التأمين على النشاط الاعتيادي الذي يشكل خطر التلوث الدائم ، فإنه عديم الجدوى في تحقيق الهدف الرئيسي من التأمين عن الأضرار البيئية ، لأن المصدر الثابت للتلوث هو النشاط الاعتيادي وليس الحادث الفجائي [4].



[1]  د/ سعيد السيد قنديل ، المرجع السابق ، ص 98 وما بعدها.

[2]  نقلا عن حميدة جميلة ، المرجع السابق ، ص 408 .

[3]  رحموني محمد ، المرجع السابق ، ص 110  .

 ولمزيد من الأمثلة في الموضوع ، راجع حميدة جميلة ، المرجع السابق ، ص 402 وما بعدها .

[4]  وناس يحيى ، المرجع السابق ، ص 291 .