1. استخدامات نظرية العلاقات الدولية
- استخدامات نظرية العلاقات الدولية:
استخدمت كلمة (نظرية Theory) في حقل العلاقات الدولية بطرق مختلفة ومتنوعة. فهي تطبق على مقترحات وحجج على مختلف مستويات التجريد، إلا أنه لم يكن هناك إجماع حول استخدام موحد يعكس فهم أفضل لهذه الكلمة. إلا أن هناك إجماع حول الطرائق التي تم فيها استخدام هذه الكلمة، والتي تحددت بثلاث اتجاهات بارزة:[1]
- الاتجاه الأول: أن أغلب الباحثين يعتبرون النظرية مجرد تفسير لحدث أو نمط من السلوك في العالم الحقيقي. وهذا ما يعرف بالنظرية التجريبية، إذ تقوم هذه الأخيرة باستحضار سلوك معين أو ظاهرة في العلاقات الدولية وتقوم بالتجريب عليها حتى تستخلص وتشرح القوانين التي تحكم هذا السلوك.
- الاتجاه الثاني: يرتكز هذا الاتجاه في استخدامه لكلمة النظرية في حقل العلاقات الدولية بوضع معايير أخلاقية تستخدم للحكم على السلوك الدولي، وهذا ما يسمى والاتجاه المعياري أو النظرية المعيارية. فهي بقدر ما تسعى إلى إضفاء المعايير الأخلاقية في تفسير سلوك الدول بقدر ما تسعى إلى إعادة صياغة وبلورة نظام عالمي يحتكم للمعايير الأخلاقية. ومن هذا المنطلق فهي تختلف عن الاتجاه الأول التي يقتصر فقط على محاولة محاكاة الواقع العالمي وفهمه قصد استخراج القوانين التي تحكمه دون التغيير فيه.
- الاتجاه الثالث: يستخدم هذا الاتجاه مصطلح النظرية بطريقة تأسيسية. على عكس النظرية التجريبية والنظرية المعيارية، ويستند هذا الاتجاه في توظيف كلمة النظرية باستخدام تعبيرات أخرى، مثل النموذج، نظرة عالمية أو إطار تحليلي.
من خلال هذه الثلاث اتجاهات، يتضح أن هناك استخدامات متعددة للنظرية في العلاقات الدولية. فهناك من يعتبر أن النظرية في العلاقات الدولية تصف الواقع كما هو عليه في الواقع، وهناك من يعتبر أن تعمل على تغيير الواقع من خلال إضفاء المعايير القيمية في العلاقات الدولية حتى تكون أكثر سلما وأمننا. أما التصور الثالث يحاول حصر النظرية في العلاقات الدولية من خلال اختزالها من واقعها الحقيقي وتصورها في نماذج تحليلية تسهل فهمها وتفسيرها وتبسيطها. فالنظرية ليست مجرد نموذج شكلي واسع الإطار يضم في حناياه الفرضيات والافتراضات، بل هي بالأحرى نوع من وسائل التبسيط التي تتيح لنا أن نحدد الحقائق ذات العلاقة والحقائق التي لا تمت للموضوع بصلة.[2]
وعليه فإن نظرية العلاقات الدولية ليست رهينة حاضرها وماضيها فحسب، وإنما تتنبأ للمستقبل أيضا. فهي نظرية بعدية تدرس الظاهرة الدولية في تعقباتها وتنقلاتها الزمكانية في سياق زمني متناسق ومترابط، من خلال تأديتها لوظائفها المتمثلة في: الوصف، التفسير والتنبؤ. فمهمة نظرية العلاقات الدولية لا تكمن في وصف وتفسير العالم فقط، وإنما تبحث عن كيفية تغييره كذلك.[3]
إن الدراسة العلمية للعلاقات الدولية تنطوي على دراسة الظواهر الدولية بشكل موضوعي وشامل وإلقاء الضوء على الأسباب والعوامل المحددة لتطويرها والعمل على تطوير نظرية منها. إنها تعنى بإيجاد انتظام أو ثوابت أو قوانين بالمعنى الذي ذهب إليه مونتسكيو، أي إيجاد روابط ضرورية تشتق من طبيعة الأشياء.[4]