1. الدولة الحمادية:

1.1. الصراع الحمادي الزيري وتأسيس الدولة الحمادية:

تعود البدايات الأولى لهذا الصراع إلى عهد باديس بن المنصور، و الّذي عهد إلى حماد بمحاربة أعمامه الّذين خالفوه، كما أوكـل إليه مهمة استئصال شأفة زناتة، وفي المقابل أقطعه أشير، وكل ما يفتـح من مناطق المغرب الأوسـط، فعمد حمـاد إلى ما أوكل إليـه من مهام، وانتصر على إخوانه، وعلى زناتة، كما قام ببناء القلعة سنة 398هـ/07-1008م، بل وسعى أيضا إلى التوسّع في بلاد المغرب. وهكذا ونتيجة لما حقّقه حماد، خاف باديس على دولته، و لعبت الوشاية دورها في إفساد ذات البـين، فرأى باديس سنة 403 هـ/1012م، أن يختبر ولاء حماد، إذ طلب منه التنازل لابنه المعز، عن تيجس، وقصر الإفريقي، وقسنطينة، غير أنّ حماد خالف دعوة باديس فدخل الطرفان في صراع و حروب، بعدما زحف إليه باديس بجيشه، و بعد سلسلة من الهزائم الّتي لحقت بحماد، التجأ إلى القلعة للاحتماء بها، و شدّد باديس حصارها، حتىّ وفاته على ذلك سنة 406هـ/1015م، و لم يكن ذلك ليضع حدّا لذلك الصراع، الّذي تجدّد في عهد المعز، أين تمكّن مـن هزيمة حماد، فسارع هذا الأخير إلى طـلب الصلح، و أجابه المعز إلى ذلك، و توّج هذا الصلح، بإقطاع المعز لحماد كل من عمل المسيلة، طبنة، الزاب، أشير، و تيهرت، و ذلك سنة 408هـ/1018م، و وضع حدّا للصراع بين أبناء العمومة و لو إلى حين.

وبذلك أصبح استقلال المغرب الأوسط أمرا واقعا، تحت حكم حماد، و الّذي سيتوارث أبناؤه حكم هذه البلاد لفترة تزيد عن القرن من الزمن، عرفت البلاد خلالها، تجدّد الصراع مع أبناء العمومة من بني زيري، و تواصل الصراع التقليدي مع قبيلة زناتة، و غيرها من الأحداث التاريخية الهامة و الّتي كان لها تأثير على الجانب الحضاري لبلاد المغرب، المتمثّل في المدن على وجه الخصوص، سواء سلبا أو إيجابا.