3. المؤسسات التعليمية التي لقنت المعرفة:

3.1. الكُتاب:

حيث كان الصبية ذكورا وإناثا يدرسون القرآن ويحفظونه في هذه الكتاتيب، حيث يُدفعون من طرف آبائهم لتحصيل العلم. ولم يكن سن دخول الأطفال لهذه الكتاتيب محددا، وإنما كان سن انخراط الصبي في هذه المدارس متروك لولي أمره. وكانت هذه الكتاب تبنى قرب الأسواق والمساجد أو بمحاذاتها مخافة سرقة الصبيان أو ضياعهم. ولقد انتشرت هذه الكتاتيب في العديد من مناطق الدولة الرستمية فكانت في وارجلان وتاهرت وسوف وبلد أريغ، وغيرها.

 يفيدنا في هذا ابن خلدون: بـأن أهل افريقية يركزون على تعليم القرآن دون غيره من العلوم ولا يخلطون معه غيره من العلوم، أما الأندلس فيخلطون معه غيره من العلوم. وقد أعجبته طريقة افريقية، لأنّ الطفل في تلك المرحلى الأولى أن يهتم بحفظ القران ومدارسته، ثم في مرحلة لاحقة يهتم بدراسة العلوم الأخرى. ومن الأسباب التي دعت إلى فصل الكتاب عن المساجد: لأن الأطفال في ذلك السن أي قبل بلوغ سن الرشد، ومن ثم يتطلب الطهارة التامة، والسبب الثاني أنّ هذه الكتاتيب مخصصة لتدريس العلوم الدينية البحتة، في حين تدرس في المساجد مختلف العلوم.

ويُذكر في هذا في الصدد أنّ أطفال الرستميين كانوا يدرسون في هذه الكتاتيب أولويات القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ اللغة العربية، حيث يعلمهم المدرس الحروف الهجائية وأشكالها وكيفية ضبطها، كما يعلمهم السور الصغار من القرآن. كما كان الأطفال الصغار يتعلمون عقائد السنن حيث يشرحها لهم المعلمون بطريقة بسيطة، ويعلمونهم أركان الدين، ويأمرون من بلغ سن السابعة بالصلاة بعد تعليمهم الوضوء والاقامة وكيفية الصلاة وأركانها وشروطها. كما يعلمونهم مكارم الأخلاق ومحاسنها كالصدق والأمانة وبر الوالدين وحسن الجوار. بالإضافة إلى تعليمهم وشرح لهم سيرة شيوخ الاباضية وعلمائها الأوائل ومناقبهم ليفهموا تاريخ سلفهم ويقتدوا بهم ويطلعون على التاريخ الرستمي مثل جابر بن زيد الأزدي وأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، وعبد الله بن إباض،  ومرداس بن أدية.