الحركة الفكرية في الدولة الرستمية

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: الحركة الفكرية
Livre: الحركة الفكرية في الدولة الرستمية
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Tuesday 23 July 2024, 05:23

1. الدولة الرستمية:

حكمت 136 سنة من 160 إلى 296 للهجرة، سقطت على يد الفاطميين. تمتد جغرافيتها من جبل نفوسة شرقا مرورا بجربة وبلاد الجريد ووادي سوف ووادي ريغ والأوراس فتاهرت إلى غاية تلمسان. مع ابعاد المجال الأغلبي الذي كان ممتدا إلى ميلة وبلاد الزاب وطبنة شرقا. ذات مذهب اباضي.

        حكمها ثمانية أئمة: أولهم: عبد الرحمن بن رستم 160-171ه. عبد الوهاب بن عبد الرحمن 171-211 للهجرة. أفلح بن عبد الوهاب 211-240 للهجرة. أبو بكر بن أفلح 240-241ه. أبو اليقظان بن أفلح 241-281ه. أبو حاتم يوسف بن محمد 281-294ه. يقظان بن أبي اليقظان 294-296ه.

2. موقع الدولة الرستمية في الحراك الفكري والثقافي والعوامل التي ساعدت على ذلك الحراك:

        ولعل ذلك الانتعاش الثقافي الذي بلغته الدولة الرستمية يتجلى من خلال النهضة الفكرية التي شهدتها حاضرة تاهرت الرستمية. فقد حملت هذه الدولة كما قال أحد المؤرخين مشعل عظيما للحضارة والعلم في شمال افريقيا، فكانت تاهرت تلي القيروان في ذلك، وقال بعضهم أنها تنافس قرطبة الأندلسية، وقيل هي عراق المغرب.

        ومن بين العوامل التي ساعدت على ذلك الحراك الثقافي ونموه في عهد هذه الدولة، نذكر:

2.1. مكانة الأئمة العلمية:

كان حكام هذه الدولة من أهل العلم فكانوا فقهاء، ولهم مؤلفات ربما مفقودة فقيل أن لعبد الرحمن ديوان خطب نفيس، وله رسائل متعدد وأجوبة في فنون العلم بعضها موجود وبعضها مفقود. فعبد الرحمن بن رستم كان يحمل كما يراه بحاز شخصية الداعية القوي التي تستطيع أن تستقطب حولها المؤيدين بسرعة. وقيل أن لعبد الوهاب بن رستم مؤلف عنوانه مسائل نفوسة، وله فتاوى مشهورة في كتب الفقه الاباضي. وكان أفلح بن عبد الوهاب عالما بالفلك والحساب والتنجيم، كما كان أديبا وشاعرا.

- تشجيع الحكام لأهل العلم وحرصهم على دعم التعليم وأهل العلم

2.2. التسامح والتعايش الذي امتازت به الحياة في الحاضرة تاهرت:

فتاهرت خلال القرن الثالث الهجري (09م) تميزت رغم التعدد المذهبي السائد بها بالتسامح والتعايش مع كل الأطياف والأديان، مما رشحها لأن تكون المدينة الأكثر استقطابا للوافدين إليها، حتى سميت بعراق المغرب. حيث سمح هذا التفتح باندماج اجتماعي كبير في محيط المدينة، كان له انعكاسه الايجابي البارز على الحياة الاقتصادية، ذلك أنّ الأخيرة استفادت من الخبرات التي حملتها الأيادي أجنبية التي حلت بها من مدن ومناطق مجاورة وغير مجاورة ، فنشط بذلك جانب الحياة الحرفية والمهنية في المدينة.

2.3. الحركة العمرانية والاقتصادية التي شهدتها تاهرت:

 إن شهرة تاهرت باعتبارها مركزا تجاريا نشطا طوال القرن التاسع للميلاد لا تقل عن شهرة المدن المغربية الأخرى، فقد أصبحت نقطة ذات شأن في دائرة التبادل التجاري بين بلاد السودان والمغرب والمشرق وسواحل البحر الأبيض المتوسط. ما إن ستكمل الإباضيون وضع الأساس لبناء المدينة العاصمة سنة 160ه حتى أخذت المدينة في التوسع العمراني وملاح التطور والازدهار الحضاري تنمو وتكبر؛ فبعدما فرغوا من بناء المسجد الجامع، أخذوا في إنشاء المدينة وعمارتها، فجعلوها ديارا وقصورا. وأخذ جمهور التيهرتيين في البناء، وتحولت مع الوقت مدينة عاصمة حاضرة مستقطبة، ولعل أبرز عامل ساعد على هذا التحول هو مقومات الاستقطاب التي تنطوي عليها. وهو ما يؤكده ابن الصغير المالكي حين يقول: " واتسعوا في البلد وتفسحوا وأتتهم الوفود والرفاق من كل الأمصار وأقاصي الأقطار"، وقد ساهم في هذا التدفق سياسة الإمام الأول عبد الرحمان بن رستم، التي كان لها دور كبير في هذا التعمير من خلال أن دولته كانت دولة إباضية، تستظل بها جميع القبائل المعتنقة لهذا المذهب من المغربين الأدنى و الأوسط، إضافة إلى غيرها من المذاهب الداخلة ضمن حدودها، فلإحسانه وعدم تطرفه انتقل إلى تيهرت "أهل الأموال والتجار من  مصر وإفريقيا والمغرب لخوفهم على أموالهم من أئمة الجور، ومن هناك دخلتها الفرق"  كما يعبر عن ذلك الشماخي.

 وهذا ما يبرر أيضا انتقال وفد البصرة إليه و إتيانه بالأموال أو المساعدة الأولى لدولته، ، فهذه المساعدة لم ترد إليه إلا بعدما طار صيت عدله و إنصافه مشارق الأرض ومغاربها وأصبحت بذلك العاصمة الرستمية كما يقول شارل أندري جوليان: "محط رحال رجال الخوارج الذين كانوا يأتون إليها من العراق حاملين معهم الأموال متحمسين إلى التشبع بروح المذهب الخارجي المنتصر وكثير هم الذين يحجمون عن الرجوع إلى المشرق فكانت بذلك سياسته الرشيدة و المتسامحة الأساس الأول لشهرة المدينة و نزوح الناس إليها.

  ومن هنا تحولت تيهرت إلى مقصد لكل خائف وغير آمن على أمواله وتجارته، ومكان لكل رافض وخاضع لسلطة لا تستجيب لطموحاته، فكانت تيهرت مستقرا لهؤلاء فسكنها مسلمون ومسيحيون ويهود، وسكنها من أصحاب المذاهب: سنيون و شيعة  صفرية ومعتزلة وجموع الإباضين، وبالفعل فقد كانت تيهرت بهذه الصورة وبهذا الشكل عاصمة ليس فقط للإباضين والخوارج، بل كانت عاصمة ومنطقة جذب لكل الخارجين عن الدولة العباسية، لما عُرف عن ابن رستم من عدل وحسن السيرة بين رعيته، فأصبح عمران تيهرت وعدل أئمتها حديث الرفاق تنقله الأفاق فأمها الناس من كل ناحية، وقول ابن الصغير يعطي لنا وصفا أدق حيث قال: " ليس أحد ينزل بهم من الغرباء إلا استوطن معهم و ابتنى بين أظهرهم، لما عرف من رخاء البلد وحسن سيرة إمامه وعدله في رعيته وأمانه على نفسه وماله، حتى لا ترى دارا إلا قيل هذا لفلان كوفي وهذا لفلان بصري، وهذا لفلان القروي، وهذا مسجد القرويين و رحبتهم وهذا مسجد البصريين  وهذا مسجد الكوفيين.

    وهذا يبين بصورة واضحة مدى الاستقطاب الكبير الذي شهدته المدينة، حيث أصبحت في مدة قصيرة تحوي أجناسا مختلفة من بربر، خاصة من قبيلة هوارة  ولواتة ومطماطة و زواغة، وكذلك أفرادا من المجموعتين المتنافستين صنهاجة وزناتة ومعظمهم من الخوارج، كانوا يمثلون في تاهرت سكان المدينة، إضافة إلى المهاجرين المشرقيين الذين كانت لهم مكانة هامة سواء من ناحية عدد الأفراد أو الدور الاقتصادي لكثير منهم، ضف إلى ذلك العنصر العربي ومعظمهم جاءوا من إفريقيا، وكانوا من الجند الذين انفصلوا من الأمراء الأغالبة، ناهيك عن الجنس الفارسي  الذي وجد هو الأخر مستقرا له في هذه المدينة

2.4. وجود الفقهاء:

أسهم الفقهاء والعلماء الذين استقطبتهم مدينة تاهرت أو أنجبتهم في تفعيل حركية النشاط الفكري بالمدينة والدولة الرستمية. ومن العلماء السنيين المالكيين ابراهيم بن عبد الرحمن التونسي، وقاسم بن عبد الرحمن، وزكريا بن بكر، وكذلك وابن الصغير المالكي. فيلاحظ من خلال دراسة تاريخ المدينة التاهرتية وجود العديد من العلماء و الفقهاء و حتى المؤرخين بها ، واستقرراهم بها ليس من الإباضية فحسب بل من مذاهب آخرى فضلت المكوث بتاهرت و إكمال دورها العلمي بها ، منهم "ابن الصغير" مؤرخ الدولة الرستمية الذي عاصر آخر أيان الرستميين وذكر أنه رأى الإمام اليقظان بن الأفلح ، وعموما لا نملك معلومات كثيرة عليه باستثناء بعض الإشارات والاستنتاجات التي أوردها في كتابه حول شخصيته مثلا قوله " ولحقت أنا بعض أيامه " وهذا مايعبر عن معاصرته للجزء الأخير للدولة ، فالظاهر حسبنا ذكر الأستاذ "إبراهيم بحاز" أنه جاء غريبا إلي تيهرت واستوطنها، أما مذهبه العقائدي فمن خلال الكتاب يمكن لنا أن نستنتج أنه كان شيعيا، إضافة إلى إشاراته إلى خطب على بن أبي طالب في العديد من المواقع في مؤلفه، اما مايخص مؤلف فقد ألفه سنة 290ه حسبما يرى ذلك مترجم الكتاب "موتيلانسكي" وأن "ابن الصغير في مؤلف إعتمد على الواية الشفوية بشكل أكبر في الكتاب وكذلك المشاهدة التي بدأت قبل فترة أبي اليقظان، وهذا ما يعطي للكتاب على صغر حجمه أهمية كبيرة في تاريخ الأئمة الرستميين وتاريخ مدينة تاهرت.  

2.5. المناظرات:

        ساهمت المناظرات التي كانت بين الفقهاء وأهل العلم من بين مختلف المذاهب المنتشرة بتاهرت في نمو الحركة الفكرية وانعاشها. كما يقال أن المناظرات بين المذاهب كانت تجري على نهر مينا أو مينة بتاهرت وهو ما يكشف تسامح المذهب الاباضي مع المذاهب المنتشرة في تاهرت، حيث عاش أصحاب هذه المذاهب في عهد بني رستم دون اضطهاد. فابن الصغير وهو مالكي كان يناظر الاباضية في بعض الأحكام الفقهية، ويناظر المعتزلة الذين هم أقرب إلى الاباضية في بعض العقائد.

        وكانت هذه المناظرات كما أورده ابن الصغير تتسم باللطف والأدب.

2.6. توثيق العلاقات مع المغرب والأندلس والمشرق:

        وثق بنو رستم علاقاتهم الثقافية مع المغرب كالقيروان وفاس ومع الأندلس كقرطبة، مع المشرق كبغداد والبصرةومصر.

3. المؤسسات التعليمية التي لقنت المعرفة:

        بذل الرستميون جهدا كبيرا في انعاش الحياة الفكرية عن طريق بناء المؤسسات التعليمية وتوفير المادة العلمية لها واقامة المراكز التعليمية كالكتاتيب، وهو ما يتجلى على ضوء العرض الموالي:

 

3.1. الكُتاب:

حيث كان الصبية ذكورا وإناثا يدرسون القرآن ويحفظونه في هذه الكتاتيب، حيث يُدفعون من طرف آبائهم لتحصيل العلم. ولم يكن سن دخول الأطفال لهذه الكتاتيب محددا، وإنما كان سن انخراط الصبي في هذه المدارس متروك لولي أمره. وكانت هذه الكتاب تبنى قرب الأسواق والمساجد أو بمحاذاتها مخافة سرقة الصبيان أو ضياعهم. ولقد انتشرت هذه الكتاتيب في العديد من مناطق الدولة الرستمية فكانت في وارجلان وتاهرت وسوف وبلد أريغ، وغيرها.

 يفيدنا في هذا ابن خلدون: بـأن أهل افريقية يركزون على تعليم القرآن دون غيره من العلوم ولا يخلطون معه غيره من العلوم، أما الأندلس فيخلطون معه غيره من العلوم. وقد أعجبته طريقة افريقية، لأنّ الطفل في تلك المرحلى الأولى أن يهتم بحفظ القران ومدارسته، ثم في مرحلة لاحقة يهتم بدراسة العلوم الأخرى. ومن الأسباب التي دعت إلى فصل الكتاب عن المساجد: لأن الأطفال في ذلك السن أي قبل بلوغ سن الرشد، ومن ثم يتطلب الطهارة التامة، والسبب الثاني أنّ هذه الكتاتيب مخصصة لتدريس العلوم الدينية البحتة، في حين تدرس في المساجد مختلف العلوم.

ويُذكر في هذا في الصدد أنّ أطفال الرستميين كانوا يدرسون في هذه الكتاتيب أولويات القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ اللغة العربية، حيث يعلمهم المدرس الحروف الهجائية وأشكالها وكيفية ضبطها، كما يعلمهم السور الصغار من القرآن. كما كان الأطفال الصغار يتعلمون عقائد السنن حيث يشرحها لهم المعلمون بطريقة بسيطة، ويعلمونهم أركان الدين، ويأمرون من بلغ سن السابعة بالصلاة بعد تعليمهم الوضوء والاقامة وكيفية الصلاة وأركانها وشروطها. كما يعلمونهم مكارم الأخلاق ومحاسنها كالصدق والأمانة وبر الوالدين وحسن الجوار. بالإضافة إلى تعليمهم وشرح لهم سيرة شيوخ الاباضية وعلمائها الأوائل ومناقبهم ليفهموا تاريخ سلفهم ويقتدوا بهم ويطلعون على التاريخ الرستمي مثل جابر بن زيد الأزدي وأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، وعبد الله بن إباض،  ومرداس بن أدية.

3.2. المساجد:

يتم فيها كذلك التعليم، وتمثل المرحلة الثانية من التعليم بالنسبة للأطفال بعد الكتاتيب. والتعليم فيها أوسع وأشمل بالنسبة لطلبة العلم، حيث تعقد فيها حلقات العلم ومجالسه، في موضوعات علمية متنوعة على يد شيوخ وأساتذة أكفاء. فكانوا يدرسون القرآن الكريم، وممن اشتهر بتدريسه في عهد بني رستم: هود بن محكم الهواري بجامع تاهرت، وكذلك العالم: لواب بن سلام الذي كان يعلمهم قراءة القرآن وتجويده وتفسيره. كما يدرسون الحديث النبوي الشريف، ومن أشهر المدرسين : المحدث أبو عبيدة الأعرج. وكذلك تدريس اللغة العربية والنحو والأدب والشعر، كما يدرسون المذهب الاباضي. وكان يسمح للنساء بحضور الحلقات التي تقام بالمساجد حيث أقيمت لهن مقصورات خاصة بهن يجلسن فيها لاستماع الدروس.

3.3. التعليم في المنازل:

لم يقتصر التعليم على ما يلقن في المساجد والكتاتيب، بل كان يلقن أيضا في المنازل، ومن المنازل التي كان يدرس بها: منزل أبي ذر أبان بن وسيم كانت النساء تقصده للدراسة والتعلم فضلا عن الرجال والطلبة، وكان ابن الصغير يدرس كتابا في الحديث  عند أبي عبيدة الأعرج، أحد علماء تاهرت كان يقصده في منزله.

3.4. المدارس:

        أدت المدارس دورا هاما في تعليم وتثقيف الرستميين والنهوض بالحركة العلمية والدينية بمدن وقرى الدولة الرستمية، وقد أسست مستقلة عن المسجد وكانت حلقاتها مفتوحة لجميع الراغبين في طلب العلم والتفقه في الدين، وكان يلحق بها جناح خاص بالغرباء وعابري السبيل، ومكتبة أو خزانة تتضمن الكتب الهامة  كدعامات مساعدة على نشر العلم.

3.5. المكتبات: مكتبة المعصومة،

تشير المصادر الإباضية إلى وجود مكتبة بتيهرت غنية بأمّهات الكتب المتنوعة تبلغ عشرات الآلاف من الكتب النادرة، من الكتب الرياضية والصنائع، و الآثار المذهـبية، و الكتب الأدبيـة و الفنية، و غيرها من الكتب العلمية. وكان الأئمة يسهرون على شراء الكتب وإعمار المكتبات، فتشير النصوص الاباضية إلى أن عبد الوهاب بعث بألف دينار لإخوانه بالبصرة لشراء الكتب والاتيان بها إلى بلاد المغرب، فنسخوا له 40 حمل بعير من الكتب وبعثوا بها إليه، فغذى بها مكتبة المعصومة، حتى قيل أنها حوت حوالي 300 ألف مجلد.

4. أهم العلوم العقلية والنقلية التي اهتموا بها:

اهتموا في مجال العلوم النقلية بعلوم التفسير، وكذلك بدراسة الفقه الاباضي باعتباره فقها جديدا يختلف عن فقه المالكية والتأليف في مجاله. وخصوصا بتاهرت و بجبل نفوسة أين يذهب الفقهاء وطلبة العلم للتكوين وتعلم الفقه الاباضي خاصة في مدينة شروس بجبل نفوسة، وكذلك بمدينة جادو، وقرية اجناون، وجزيرة جربة، ووارجلان. ومن أشهر علماء نفوسة: الشيخ مهدي النفوسي، ومحمد بن يانس، وأبو الحسن الأبدلاني، وعمروس بن فتح، وغيرهم. ومن فقهاء الاباضية: عيسى بن فرناس النفوسي، أبو الربيع سليمان، ابن الصغير الهواري، مسعود الأندلسي، أبو قدامة يزيد بن فندين اليفرني الذي قاد حركة المخالفة والانشقاق عن الاباضية وعرفت حركته بالنكارية التي انشقت عن الاباضية سنة 171ه/787م فأصبحت هناك وهبية ونكارية، كما انشق عن الاباضية ابن نصر النفوسي وعرفت بحركة النفاثية. ومن الفقهاء كذلك أبو الموفق سعدوس بن عطية بن صالح الكتامي، ومصعب بن سدمان. وبرز في وارجلان الشيخ يعقوب بن يوسف بن سهلول السدراتي عاش ق3ه/9م.

        أما في مجال العلوم العقلية، فقد اهتموا بعلم الكلام الذي غذته المناظرات التي كانت تجرى بين أهل العلم منو مختلف المذاهب. وهو علم يعتمد على الرد بالحجة على الحجة وينتصر صاحب الحجة القوية، كما يحتاج علم الكلام إلى المنطق. ظهرت العديد من الفرق الكلامية، كالجهمية والمعتزلة، والأشعرية. كما اهتموا بعلم النحو والأدب العربي بما في ذلك النثر والشعر، وكذلك الطب والحساب والفلك والتنجيم.

        ومن الذين اهتموا بالنحو أبو عبيدة الأعرج، وكان عالما بالفقه والوثائق والنحو واللغة، ابراهيم المهري أبو عبد الله عبد الملك المهر. ومن شعراء تاهرت: بكر بن حماد التاهرتي توفي سنة 296للهجرة، وسعيد بن واشكل التاهرتي. وفي التاريخ ابن الصغير المالكي.

 

5. من أهم المصادر والمراجع:

 1. المصادر:

-  ابن الصغير المالكي، الذي عاش في القرن 3ه/9م، كتابه: أخبار الأئمة الرستميين. يعتبر هذا المصنف أقدم وثيقة وصلت عن تاريخ الإباضية بتيهرت، و خدم هذا الكتاب بحثنا فيما تعلّق بتاريخ هذه المدينة.

 - أبو زكريا يحيى ابن أبي بكر: سير الأئمة وأخبارهم

- الشماخ: كتاب السير

- الدرجيني: طبقات المشايخ،أبو العباس أحمد بن سعيد، توفى في منتصف القرن 07هـ/13م، صاحب المصنف الموسوم بطبقات المشايخ بالمغرب، ويظهر أنّه اعتمد في مصنّفه هذا على تاريخ أبي زكريا يحي بن أبي بكر (ت471 هـ/ 1078م)، و هذا المصنف غني بالأخبار عن تاريخ الإباضية بداية من نشأتها، و كذا ثوراتها، و عرض سير شيوخها، إضافة إلى تعرّضه إلى النكبات الّتي عرفها الإباضية في ظلّ دولة بني رستم، و ما حلّ بعاصمتهم تيهرت بعد دخولها من طرف الجيش الشيعي بقيادة أبي عبد الله، و هنا تكمن استفادتي من هذا المصدر من خلال رصده لأحداث الإباضية في تيهرت و بعد سقوطها و مصير المدينة و مكتبتها المعصومة.

2. أهم المراجع:

- ابراهيم بحاز: الدولة الرستمية دراسة في الأوضاع الإقتصادية والفكرية. وكذلك: ثورات الخوارج بالمغرب الاسلامي

- جودة عبد الكريم يوسف: العلاقات الخارجية للدولة الرستمية. وكذلك:

جودت، عبد الكريم يوسف: الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية في المغرب الأوسط خلال القرنين الثالث و الرابع الهجريين (09 -10م)، (د.ط)، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر.

- محمد عيسى الحريري: الدولة الرستمية بالمغرب الإسلامي (حضارتها و علاقتها الخارجية بالمغرب و الأندلس 160-296هـ)، ط3، دار القلم للنشر و التوزيع، الكويت، 1408هـ-1987م.

- الباروني، أبو الربيع سليمان: مختصر تاريخ الإباضية، (د.ط)، مكتبة الاستقامة، 1357هـ- 1938م.

- الباروني، سليمان باشا: الأزهار الرياضية في أئمة و ملوك الإباضية، ج2، تح، أحمد كروم، و آخرون، دار البعث، الجزائر، 2002.

- حجازي، عبد الرحمن عثمان: تطور الفكر التربوي الإباضي في الشمال الإفريقي، ط1، المكتبة العصرية للطباعة و النشر، بيروت، لبنان، 1421هـ-2007م.

- خليفات، عوض: نشأة الحركة الإباضية، ط1، المطابع الذهبية، مسقط، سلطنة عُمان، 1423هـ-2002م.

- الحاج بكير، يوسف بن سعيد: تاريخ بني ميزاب، (د.ط)، الطباعة الشعبية للجيش، الجزائر، 2007.

- النوري، حمو عيسى: دور الميزابيين في تاريخ الجزائر قديما و حديثا، مج1، (د.ط)، دار البعث، قسنطينة.

- فاطمة بن الهواري: مقال بعنوان: اسهام حكام بني رستم في أسلمة وتعريب مجتمع المغرب الاسلامي.

- بلعربي، خالد، (2014)، (المؤسسات التعليمية بالمغرب الأوسط خلال العهد الرستمي (160-296ه/777-909م)، المجلة الجزائرية للبحوث والدراسات التاريخية المتوسطية، مختبر الحوض الغربي للمتوسط، جامعة الجزائر، الملد: 1، العدد: 1.