2. ثانيا: خلفيات دراسة جمهور وسائل الإعلام

    تتضمن خلفيات دراسة جمهور وسائل الإعلام، مراحل تشكل الجمهور وعوامل تطوره، وهي كالتالي ذكرها:

1-مراحل تشكل مفهوم الجمهور:

     مر تشكيل مفهوم الجمهور بمراحل تاريخية متعددة، لكن مفهوم الجمهور خضع في تشكله لمرحلتين تاريخيتين أساسيتين هما:

1-1-المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل ظهور وسائل الإعلام: كانت فكرة الجمهور في أصلها تعني هؤلاء الذين يقبلون على عرض درامي أو أي استعراض عام يستقطب عددا من الناس، وكان هذا الجمهور يتصف بعدة مميزات إذ أن جميع أفراده معروفين بذواتهم ومحددين في الزمان والمكان، ذلك أنهم سكان المدينة أو القرية، وكان تجمعهم إما للعبادة أو المسرح أو الملعب أو السوق، وكان الانضمام إلى هذا الجمهور بحكم العادة ووفقا للمراتب والمراكز الاجتماعية، وتشرف عليه سلطة دينية أو إدارية، حيث كان يجلس سيد القبيلة في الأول، ثم بعده حاشيته ثم النبلاء، حتى تصل إلى عامة الناس، وهذا ما أضفى على الجمهور طابع مؤسسة تفرض سلوكيات جماعية معينة على أفرادها.

1-2-المرحلة الثانية: مرحلة ظهور وسائل الإعلام الجماهيرية: قسمت هذه المرحلة إلى أربعة مراحل مهمة ساهمت في إضافة عناصر جوهرية وإدخال تعديلات شكلية على عدة خصائص في الجمهور، وهي التالي ذكرها:

*المرحلة الأولى: تعتبر أهم مرحلة انعكست على تشكيل مفهوم الجمهور، وتجلى ذلك في اختراع الطباعة على يد الألماني يوحنا غوتنبرغ، وهو ما أدى إلى ظهور جمهور القراء بفضل التمكن من إصدار النشريات والمطبوعات في صورة الصحف وتوزيعها على نطاق واسع، وقد ساعد هذا التطور على تكوين مفهوم أولي عن الجمهور وهو ما يعرف بالجمهور العام (والمقصود به عدد غير محدود من أناس يوجدون ضمن السكان ويختلفون عن عامة الناس تبعا لاهتماماتهم ومستوى ترتيبهم وتنظيماتهم الدينية أو السياسية أو الفكرية).

*المرحلة الثانية: التطور التاريخي الثاني في مفهوم الجمهور هو الإفرازات الاجتماعية والثورة الصناعية التي أعطت دفعا قويا للطباعة مما ساهم في تنمية سوق الصحافة خاصة الصحافة الشعبية، في هذه المرحلة بدأت الصحافة تأخذ طابعها الجماهيري الذي لازال يلازم وسائل الإعلام والاتصال ليومنا هذا.

*المرحلة الثالثة: وقد اقترنت هذه المرحلة بظهور وسائل الإعلام الحديثة في صورة الإذاعة والتلفزيون، حيث أصبح الجمهور غير محدد، وذلك بحكم أن البث الإذاعي والتلفزي باعد بين أفراد الجمهور من جهة، ومن جهة أخرى بين القائم بالاتصال أو المرسل، وهو ما أدى إلى ظهور شكلين جديدين من أشكال الجمهور وهما جمهور المستمعين وجمهور المشاهدين اللذين لم تعد الأمية والحواجز الطبيعية تحولان دون تعرضهم للرسائل الإعلامية كما كان الشأن بالنسبة للصحافة المكتوبة.

*المرحلة الرابعة: وتجلت هذه المرحلة من خلال اعتناق النظريات الديمقراطية السياسية التي تنادي بحرية وسائل الإعلام، وقد انعكست مبادئ وفرضيات هاته النظريات على مهام ووظائف وسائل الإعلام، فلم يعد الجمهور مجرد قراء للصحف ومستمعي إذاعات ومشاهدي تلفزيون، وإنما في نفس الوقت أصبح هناك جمهور الناخبين، المستهلكين للسلع والخدمات...

     واستمر التطور في تشكل مفهوم الجمهور بفعل تطور تكنولوجيات الاتصال، حيث ظهرت هنا تسميات ومصطلحات جديدة أطلقت على جمهور وسائل الإعلام في صورة (جمهور الواب، جمهور على الخط، الجمهور المشبك...).