مفهوم جمهور وسائل الإعلام وتطوره التاريخي
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | دراسات الجمهور - أ . أم لرقاب |
Livre: | مفهوم جمهور وسائل الإعلام وتطوره التاريخي |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Sunday 9 March 2025, 23:21 |
Description
ستجد هنا محتوى محاضرة: مفهوم جمهور وسائل الإعلام وتطوره التاريخي
1. أولا: مفهوم جمهور وسائل الإعلام
أولا: مفهوم جمهور وسائل الإعلام
يعتبر الجمهور العنصر الرابع في سلسلة عملية الإعلام المترابطة والمتداخلة، وقد حظي هذا الأخير باهتمام الباحثين في الإعلام والاتصال، على اعتبار أن الغاية من الرسائل الإعلامية هي وصولها إلى الجمهور المستهدف ثم تأثيرها عليه.
نلاحظ بأن الجمهور المستهدف من عملية الاتصال الجماهيري، تحدده أربع سمات أو خصائص رئيسية وهي:
1-ضخامة الحجم: ونقصد بها كثرة العدد وانتشاره وتشتته وتباعده بالشكل الذي لا يمكن معه تحقيق الاتصال المباشر مع القائم بالاتصال.
2-عدم معرفة القائم بالاتصال لهذا الجمهور: ومعنى هذا أن القائم بالاتصال يجهل سمات هذا الجمهور ولا يعرف خصائصه.
3-التباين: والمقصود بهذا هو تباين أفراد الجمهور في السمات والخصائص، حيث يضم طبقات وفئات مختلفة في التحصيل الثقافي والاقتصادي والمهني، وحتى المنزلة أو المكانة الاجتماعية.
4-غياب التواصل الاجتماعي: والمقصود بهذا غياب التواصل بين أفراد الجمهور، لأنهم منعزلون عن بعضهم ولا يملكون القدرة على التوحد أو الدخول في تنظيمات اجتماعية متماسكة.
1-مفهوم الجمهور لغة:
جاء في لسان العرب لابن منظور أنها كلمة مأخوذة من كلمة الجمهرة، وهو عدد من الناس، ويقال جمهور الناس أي جلهم، وجماهير القوم أي أشرافهم.
2-مفهوم الجمهور اصطلاحا:
هناك اختلاف وتباين في تحديد مفهوم الجمهور عند العديد من الباحثين، فكل يعرفه من وجهة نظره أو من وجهة المدرسة التي ينتمي إليها أو وفق الحقبة الزمنية التي وضع فيها التعريف، ومنه سنورد أهم التعاريف الاصطلاحية حول الجمهور والأكثر تداولا:
*تعرفه جيهان أحمد رشتي على أنه: مجموعة كبيرة من الناس تضم مختلف الطبقات الاجتماعية.
*وعرفه الباحثان ملفير ديفلر milver وروكتيش roktech على أنه: مجموعة كبيرة من الأفراد تنقسم إلى طبقات متميزة، تختلف في المدركات والعادات والاهتمامات.
*يقصد به كذلك: جماعة من الناس تتميز بصفات خاصة لم يرتبط أفرادها بروابط معينة وهذه الجماعة تقع في محيط نشاط المنشأة أو التنظيم أو المؤسسة الإعلامية تؤثر وتتأثر بهذا المحيط.
*يعرفه علي قسايسية على أنه: اشتراك مجموعة من الناس في التعرض للرسائل التي تقدمها وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، وفي مختلف مراحل تطورها.
كما أن مصطلح الجمهور، يستعمل للدلالة على الجمهور كظاهرة سوسيولوجية ارتبط ظهورها وتطورها بانتشار استعمال وسائل الإعلام في المجتمعات الحديثة وما بعد الحداثة.
*كما عرفت الباحثة سعاد جبر سعيد الجمهور: انطلاقا من التعريف الاصطلاحي لمفردة mass التي يقابلها في العربية كلمة جمهرة أو حشد وهي مستمدة من الكلمة الإغريقية maza وتعني وجبة الشعير، وقد استخدمت للتعبير عن الكمية الكبيرة غير القابلة للعد، وكذلك للدلالة على العدد الكبير من الأفراد حشدا كان أو جمهرة.
*المفاهيم المشابهة لمفهوم الجمهور
-الجماعة: تتميز بأن أعضائها يعرفون بعضهم بعضا، وهم واعون بعضويتهم المشتركة في الجماعة ويتقاسمون نفس القيم، لهم بنية معرفية لعلاقاتهم وهي مستمرة في الزمن، ويعملون من خلالها على تحقيق أهداف مشتركة ومخططة سلفا.
-الحشد: وهو أوسع من الجماعة، وهو ظاهرة ذات وجود مكاني وزماني محدد وقصير، فهو تجمع لعدد كبير من الأفراد الذين يتعرضون في نفس الزمن والمكان لبعض المتغيرات النفسية والتي توجههم اتجاه معين، ويتميز الحشد بزيادة درجة الانفعال وسيطرة الغرائز والدوافع الكامنة.
-الجمهور العام: هو أكبر حجما من التجمعات الأخرى، أعضاؤه أكثر تبعثرا، ومتباعدون في المكان وأحيانا في الزمن ولكنه ذو ديمومة أطول، يتشكل حول قضية مشتركة في الحياة العامة، هدفه الرئيسي تكوين اهتمام أو رأي عام حول قضية أو مجموعة من القضايا للوصول إلى تغيير معين.
2. ثانيا: خلفيات دراسة جمهور وسائل الإعلام
تتضمن خلفيات دراسة جمهور وسائل الإعلام، مراحل تشكل الجمهور وعوامل تطوره، وهي كالتالي ذكرها:
1-مراحل تشكل مفهوم الجمهور:
مر تشكيل مفهوم الجمهور بمراحل تاريخية متعددة، لكن مفهوم الجمهور خضع في تشكله لمرحلتين تاريخيتين أساسيتين هما:
1-1-المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل ظهور وسائل الإعلام: كانت فكرة الجمهور في أصلها تعني هؤلاء الذين يقبلون على عرض درامي أو أي استعراض عام يستقطب عددا من الناس، وكان هذا الجمهور يتصف بعدة مميزات إذ أن جميع أفراده معروفين بذواتهم ومحددين في الزمان والمكان، ذلك أنهم سكان المدينة أو القرية، وكان تجمعهم إما للعبادة أو المسرح أو الملعب أو السوق، وكان الانضمام إلى هذا الجمهور بحكم العادة ووفقا للمراتب والمراكز الاجتماعية، وتشرف عليه سلطة دينية أو إدارية، حيث كان يجلس سيد القبيلة في الأول، ثم بعده حاشيته ثم النبلاء، حتى تصل إلى عامة الناس، وهذا ما أضفى على الجمهور طابع مؤسسة تفرض سلوكيات جماعية معينة على أفرادها.
1-2-المرحلة الثانية: مرحلة ظهور وسائل الإعلام الجماهيرية: قسمت هذه المرحلة إلى أربعة مراحل مهمة ساهمت في إضافة عناصر جوهرية وإدخال تعديلات شكلية على عدة خصائص في الجمهور، وهي التالي ذكرها:
*المرحلة الأولى: تعتبر أهم مرحلة انعكست على تشكيل مفهوم الجمهور، وتجلى ذلك في اختراع الطباعة على يد الألماني يوحنا غوتنبرغ، وهو ما أدى إلى ظهور جمهور القراء بفضل التمكن من إصدار النشريات والمطبوعات في صورة الصحف وتوزيعها على نطاق واسع، وقد ساعد هذا التطور على تكوين مفهوم أولي عن الجمهور وهو ما يعرف بالجمهور العام (والمقصود به عدد غير محدود من أناس يوجدون ضمن السكان ويختلفون عن عامة الناس تبعا لاهتماماتهم ومستوى ترتيبهم وتنظيماتهم الدينية أو السياسية أو الفكرية).
*المرحلة الثانية: التطور التاريخي الثاني في مفهوم الجمهور هو الإفرازات الاجتماعية والثورة الصناعية التي أعطت دفعا قويا للطباعة مما ساهم في تنمية سوق الصحافة خاصة الصحافة الشعبية، في هذه المرحلة بدأت الصحافة تأخذ طابعها الجماهيري الذي لازال يلازم وسائل الإعلام والاتصال ليومنا هذا.
*المرحلة الثالثة: وقد اقترنت هذه المرحلة بظهور وسائل الإعلام الحديثة في صورة الإذاعة والتلفزيون، حيث أصبح الجمهور غير محدد، وذلك بحكم أن البث الإذاعي والتلفزي باعد بين أفراد الجمهور من جهة، ومن جهة أخرى بين القائم بالاتصال أو المرسل، وهو ما أدى إلى ظهور شكلين جديدين من أشكال الجمهور وهما جمهور المستمعين وجمهور المشاهدين اللذين لم تعد الأمية والحواجز الطبيعية تحولان دون تعرضهم للرسائل الإعلامية كما كان الشأن بالنسبة للصحافة المكتوبة.
*المرحلة الرابعة: وتجلت هذه المرحلة من خلال اعتناق النظريات الديمقراطية السياسية التي تنادي بحرية وسائل الإعلام، وقد انعكست مبادئ وفرضيات هاته النظريات على مهام ووظائف وسائل الإعلام، فلم يعد الجمهور مجرد قراء للصحف ومستمعي إذاعات ومشاهدي تلفزيون، وإنما في نفس الوقت أصبح هناك جمهور الناخبين، المستهلكين للسلع والخدمات...
واستمر التطور في تشكل مفهوم الجمهور بفعل تطور تكنولوجيات الاتصال، حيث ظهرت هنا تسميات ومصطلحات جديدة أطلقت على جمهور وسائل الإعلام في صورة (جمهور الواب، جمهور على الخط، الجمهور المشبك...).
3. ثالثا: عوامل تطور دراسات الجمهور
هناك مجموعة من العوامل ذات الطابع السياسي الاقتصادي والعلمي توافرت وتداخلت لتشكل في النهاية بأسبابها ووسائلها وأهدافها مرتكزات دراسات جمهور وسائل الإعلام الحديثة والتقليدية، فعمليات وتأثيرات وسائل الإعلام يجب أن تفسر على ضوء الجمهور النشط الذي ينتقي ما يتعرض له من محتويات، وعليه يمكن تلخيص هذه العوامل فيما يلي:
أ-الدعاية: تعتبر الدعاية من أهم العوامل المنشطة لدراسات الجمهور، مثل جمهور الحملات الانتخابية، التي تعد من أجل استمالة الرأي العام بفرض قضايا وأفكار معينة عليه بأساليب دقيقة وعالية خلال إعداد الحملات الانتخابية، وذلك بواسطة استفتاء الرأي العام ونشاطات العلاقات العامة الرامية إلى تحسين صورة الشخص أو المؤسسة أو النظام لدى الجمهور.
ب-الإشهار: يعتبر الإشهار والإعلانات التجارية المحرك البارز في إعطاء دفع قوي لدراسات الجمهور سواء تعلق الأمر بالمعلنين أو الناشرين أو موزعي الرسائل الإشهارية على الجمهور، حيث أصبح بالإمكان دراسة الجمهور المتعرض للرسائل الإشهارية والحملات التسويقية من القنوات الفضائية ومواقع شبكة الويب.
ج-الرأي العام: كان ظهور دراسات الرأي العام كلازمة للأنظمة الديمقراطية ثم تلتها دراسات الجمهور مع انتشار وسائل الإعلام كمظهر من مظاهر ممارسة الديمقراطية، وخلال النصف الثاني من القرن 20 أصبحت الدراسات الإعلامية صناعة قائمة بحد ذاتها متخصصة في قياس الرأي العام.
د-الاحتياجات العلمية: برزت الحاجة إلى دراسة جمهور وسائل الإعلام دراسة معمقة لأهداف علمية أكاديمية في النصف الثاني من القرن 20، بعد التقدم الهائل في الدراسات الإعلامية المتعلقة بنظام مصادر الرسائل الإعلامية ومضامينها ووسائل الإعلام والآثار التي قد تحدثها في سلوكيات الجمهور.
وكانت البداية الفعلية للاهتمام العلمي بجمهور وسائل الإعلام مع ظهور فكرة الوظيفة التعليمية لوسائل الإعلام، خاصة وأن جمهور وسائل الإعلام لم يعد الجمهور الذي يتعرض بكثرة لوسائل الإعلام فقط، بل أضيف إليه الجمهور الذي يتعرض بقلة لوسائل الإعلام، فهذا الأخير أيضا مستهدف من العملية الإعلامية والاتصالية.