إجراءات التأديب
تعّد الإجراءات ركنا جوهريا من أركان القرار الإداري عامّة والتأديبي خاصّة، إذ تتوقّف مشروعيته على سلامته من كل عيب، وهي عبارة على جميع الخطوات المنظّمة قانونا والواجبة الإتباع من قبل كل من الإدارة العمومية لتوقيع العقوبة و الموظّف العمومي المعني للدفاع عن نفسه، وعن التهم أو الأفعال المنسوبة إليه، قبل التحقيق أو بعده أو حتى بعد صدور القرار التأديبي ضدّه، وقد منح المشرّع الجزائري صلاحية اتخاذ الإجراءات التأديبية حصريا لسلطة التعيين، وكان ذلك بنص قانوني صريح تضمّنته المادة 162 من الأمر 06/03 والتي جاء فيها "تتخذ الإجراءات التأديبية السلطة التي لها صلاحيات التعيين"، مميزا في ذلك بين الإجراءات التأديبية الواجب إتباعها لتوقيع العقوبات التأديبية من الدرجتين الأولى والثانية (المبحث الأوّل)، وبين الإجراءات التأديبية الواجب إتباعها لتوقيع العقوبات التأديبية من الدرجتين الثالثة والرابعة (المبحث الثاني)، إضافة لاتخاذها لبعض الإجراءات التأديبية في حالات أخرى (المبحث الثالث)،يتّم تناولهما بشيء من التفصيل فيما يلي.
1. المبحث الأوّل: الإجراءات التأديبية الخاصّة بعقوبات الدرجتين الأولى والثانية
1.1. المطلب الأوّل: السلطة المختصة بالتأديب
لقد حدّد المشرّع الجزائري الهيئة الإدارية المختصّة حصريا في اتخاذ الإجراءات التأديبية للعقوبات من الدرجتين الأولى والثانية، وهي الهيئة التي لها صلاحيات التعيين، واختصاصها هذا كأثر مستمد من طبيعة العلاقة التي تجمع بين الموظّف العمومي والهيئة الإدارية المستخدمة والمتمثّلة في العلاقة التنظيمية القانونية، والتي تمكّنه من التمتّع بجميع الحقوق المرتبطة بالمنصب الوظيفي وبالمقابل يتحمّل الالتزامات التي من أجلّها عيّن، ويخضع في ممارسة هذه الالتزامات لسلطة إدارية سلمية تجمعه بها رابطة قانونية تلقائية لا تحتاج لنص قانوني يقرّها هي السلطة الرئاسية، التي تخوّل الرئيس الإداري ممارسة جميع مظاهرها، من بينها سلطة التأديب، وقد يمارسها الرئيس الإداري الذي يملك صلاحيات التعيين وقد يمارسها الرئيس الإداري المباشر بناء على تفويض، وهذا ما يفسّر إصدار العقوبات من الدرجة الأولى كالتنبيه مثلا من طرف مدير المؤسّسة التربية مع العلم أنّ من يملك سلطة التعيين هو مدير التربية.