2. التعددية المنهجية وأسبابها
يهدف البحث الاجتماعي من العهد الإغريقي حتى وقتنا الحالي إلى محاولة الوصول إلى المعرفة اليقينية بشأن الظاهرة الاجتماعية المدروسة.
و لا تتميز البحوث الاجتماعية و منها القانونية بأحادية المنهج و إنما بالتعددية المنهجية و هذا يدخل في إطار التكامل المنهجي و يمكن أن يرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل نذكر منها:
- كون الظاهرة الإنسانية و الاجتماعية تشكل جزء من الباحث في حد ذاته و هو جزء لا يتجزأ منها و ليس مستقلا عنها مثلما هو الحال في مجال العلوم التطبيقية و الطبيعية
- إن كل منهم هو وليد عصر معين و نتاج مفكر معين،و هذا معناه أن المنهج المعمول به في العهد اليوناني لم يعمل به العهد الروماني و هكذا
-علاقة العلوم القانونية بغيرها من العلوم الاجتماعية يؤدي بالضرورة إلى استخدام مناهج أخرى،فمثلا للقانون علاقة كبيرة بعلم التاريخ فتستخدم بذلك العلوم القانونية في بحوثها المنهج التاريخي،و كذلك نظرا للعلاقة الوطيدة بين العلوم القانونية و العلوم الاقتصادية تستخدم المنهج الإحصائي...
و في هذا المجال يقول"أرسطو" في كتابه
"إن بعض العلوم لا يقبل إلا لغة الرياضية،و البعض الآخر لا يريد إلا أمثلة،و البعض يريد الاستشهاد بالشعر،و البعض يحتم في كل بحث برهانا محكما،بينما غيره يعتبر هذه الأحكام إسرافا...ولكن يجب أن يبدي بتعريف مقتضيات كل نوع من العلوم فلا وجوب لدقة الرياضية في كل موضوع و إنما فقط في الكلام عن المجردات،و لذلك فالمنهج الرياضي لا يصلح للعلم الطبيعي لأن الطبيعة تحتوي المادة".
-تعدد الظاهرة القانونية في حد ذاتها،و هذا يحتم عدم إمكانية استخدام منهج وحيد في دراستها،و في هذه الحالة يستخدم الباحث في مجال العلوم القانونية مزيج من مجموعة من المناهج في إطار التكامل المنهجي و كمثال على ذلك:
لدراسة ظاهرة الانتخابات يتوجب على الباحث أن يعتمد على المنهج الاستقرائي بالنسبة للمترشحين للعملية الانتخابية،و المنهج التاريخي لمعرفة نتائج العملية الانتخابية السابقة،و نعتمد على المنهج المقارن للمقارنة بين ماضي العملية الانتخابية و حاضرها كما نعتمد على المنهج الإحصائي عند قيامنا بقياس اتجاهات الرأي العام و كذا نسبة المشاركة على العملية الانتخابية و نسبة الأصوات المقبولة و الملفات.
وفي الحالة نكون أمام تعددية منهجية في بحث قانوني، و هذا في إطار التكامل المنهجي.