مضمون المحاضرة
يقصد بهيئات الضبط الإداري البيئي الهيئات والأجهزة والأشخاص المكلفة بتحقيق المهام والمسؤوليات المتعلقة بحماية وصيانة النظام العام البيئي بعناصرة التقليدية والحديثة، ونظرا لما تنطوي عليه هذه العملية من أهمية كبيرة نظرًا لمساسها مباشرة بحقوق وحريات الأفراد ونشاطاتهم، سنتناول هذه الهيئات مركزية على هيئات الضبط الإداري في الجزائر مع الإشارة إليها في العراق ومصر ففي العراق مثلا:
نجد وزارة البيئة حديثة التشكيل حيث لم يعرفها إلاّ بعد 9/04/2003 حيث كان قبل هذا التاريخ دائرة حماية وتحسين البيئة، والتي كانت ترتبط بوزارة الصحة حيث أن قانون حماية تحسن البيئة رقم (27) لسنة 2009، قد أسند مهمة الحفاظ على البيئة والحد من الحاق الاضرار فيها ومعالجتها إلى جهتين هما مجلس الحماية وتحسين البيئة ومجالس حماية وتحسين البيئة في المحافظات[1] هذا وأن الهدف من هذا القانون هو إزالة الضرر الذي مس البيئة والذي يطرأ عليها، والحفاظ على الصحة العامة والمواد الطبيعية والتنوع الإحيائي والتراث الثقافي والطبيعي، بالتعاون مع الجهات المختصة بما يتضمن التنمية المستدامة وتحقيق التعاون الدولي والإقليمي في هذا المجال[2]، هذا وعندما نقول السلطات المعنية بحماية البيئة، لا يعني ذلك وزارة البيئة فقط وإنما يشمل ذلك جهات أخرى مختصة بحماية البيئة كوزارة الداخلية من خلال استتاب الأمن الذي يعد عنصرًا في النظام البيئي، ووزارة الصحة. من خلال المحافظة على الصحة ووزارة التربية والتعليم العالي من خلال تنمية المناهج العلمية في مختلف أطوار الدراسة علم البيئة والتربية البيئية ووزارة الصناعة من خلال دورها في الحد من التلوث الصناعي للمخلفات الصناعية الصلبة والسائلة والغازية، ووضع الطرق الكفيلة لمعالجات النفايات أو إعادة استخدامها والعمل على التقليل منها، إضافة إلى دور الوزارات الأخرى في مجال تحسن وحماية البيئة.
أما عن هيئات الضبط الإداري في مصر، فقد أنشأ جهاز شؤون البيئة بموجب المادة الثانية من قانون البيئة المصري رقم (04) لعام (1994)، الذي يتبع رئاسة مجلس الوزراء والوزير المختص بشؤون البيئة ويعين رئيسه بقرار من رئيس الجمهورية[3]، ويرأس مجلس إدارته وزير البيئة، حيث يختص هذا الجهاز برسم السياسة العامة لحماية البيئة ووضع شؤون البيئة والخطط اللازمة لتنفيذها وإعداد مشروعات القوانين والقرارات المتعلقة بتحقيق أهداف الجهاز ووضع المعايير والإشتراطات الواجبة على أصحاب المشروعات والمنشآت قبل الإنشاء وال....... التشغيل والمتابعة الميدانية لتنفيذ هذه المعايير والاشتراطات[4].
وفي أنشء جهاز مركزي منذ عام 1969 مرتبط بمجلس الوزراء كان دوره تفسيقيا بين وزارات الدولة لحماية البيئة، ثم فيما بعد، وفي عام 1971 انتقلت مهام هذا الجهاز إلى وزارة البيئة يعد استحداثها[5].
[1] رشا عبد الرزاق هاشم، هيئات الضبط الإداري ودورها في حماية البيئة، كلية القانون، الجامعة المستنصرية، ص280.
[2] المادة الأولى من قانون حماية وتحسين البيئة رقم (27)، لعام 2008.
[3] رشا عبد الرزاق هاشم، المرجع السابق، ص281.
[4] المادة 05 من قانون حماية البيئة المصري رقم 04 لسنة 1994، المرجع السابق.
[5] Odon Vallet, L’administration de l’environnement, Berger Levraut, 1975, P.51. ar egalement M.Prieur, droit de l’environnement, 3° « dition DALLOZ 1996, pp 154-155.
1. هيئات الضبط الإداري البيئي المركزية في الجزائر
قبل التطرق إلى الهيئات المركزية الكفيلة بمهمة الضبط البيئي في الجزائر، لابد أن نشير إلى أن الإدارة المركزية تتضح أهميتها إلى جانب عمومية العناصر الطبيعية للبيئة من خلال الأبعاد الدولية، حيث يتعين أن يكون من بين أساسيات التخطيط للسياسة العامة للدولة الداخلية والخارجية معايير بيئة تقوم عليها منعا لتحقيق المسؤولية الدولية عن الأخطاء أو الممارسات الوطنية التي تتم داخل إقليم الدولة، كما يفترض أيضا أن تبنى العلاقات الخارجية بما يمنع حصول أضرار للبيئة الوطنية، كما ان الطابع المتشعب للظاهرة البيئية، يجعلها محل اقتسام بين الوزارات المختلفة، مما لا يمكن اعتبار أي تدخل لحماية البيئة ناجحًا إلاّ بالتنسيق بين مختلف الوزارات[1] ويصعب هذا التنسيق لوجود عائقين.
العائق الأول: يتعلق بطبيعة مهمة حماية البيئة التي كانت تتخذ عادة صورة الوظيفة التقليدية، مما قد يجعل الوزارة المعنية نفسها تنظر إلى حماية البيئة بأنها مهمة غير جوهرية، إلى جانب مهمة التنسيق بين الوزارات[2].
العائق الثاني: أن عملية التنسيق نفسها التي يفترض أن تقوم بها الوزارة المعنية، لابد أن تتمتع بنوع من السمو على باقي الوزارات حتى تتمكن من فرض برنامج حماية موحد.
ويضيق جانب من الفقه سببا آخر لعدم فاعلية الإدارة المركزية للبيئة، هو مواجهة وزارة البيئة الكثير من المشاكل منها ما يتعلق بالتنبؤ والتصور ووضع المخططات على المستوى المركزي، ومنها ما يتعلق بصعوبة تنفيذ هذه التوجيهات، فقد تجد الوزارة في ارتباط مركزي وثيق بالكثير من القطاعات الوزارية الأخرى وبمصالح خارجية تابعة لوزارات متعددة[3].
بالنسبة للجزائر: فقد عرف قطاع البيئة تشكيلات متعددة أخذت تارة هيكلاً ملحقا بدوائر وزارية، وتارة أخرى هيكلا تقنيا وعمليا، لذلك يمكن القول أن هذا القطاع لم يعرف الاستقرار القطاعي، وذلك منذ نشأت أول هيئة تتكفل بالبيئة عام 1974 إلى أن تم استحداث أول هيكل حكومي عام 1996 يتمثل في كتابة الدولة المكلفة بالبيئة[4].
[1] سنوسي ختيش، الإدارة البيئية بين النظرية والتطبيق، معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية الجزائر، 1997، ص360.
[2] أحمد صقر عاشور، الإدارة العامة (مدخل بيئي مقارن)، دار النهضة العربية بيروت، الطبعة الأولى، 1979، ص ص 49-57.
[3] Française Bullaudot, les mutations administratives de l’environnement (asperts de l’application du plan national pour l’environnement), p. 335.
[4] سايح تركية، حماية البيئة في ظل التشريع الجزائري، مكتبة الوفاء القانونية، الطبعة الأولى، 2014، ص50.