1. تعريف البيئة
1.3. التعريف القانوني للبيئة
ظهر الاهتمام القانوني بحماية البيئة على المستوى الدولي والوطني ، باعتبارها قيمة اجتماعية جديدة حري بالحفاظ عليها وحمايتها من كل فعل يسبب إضرارا بها
وعليه سوف يتم التعرض لتعريف البيئة من النواحي القانونية التالية :
أ/تعريف البيئة في ظل التقنينات الدولية : ساهمت العديد من المؤتمرات والتنظيمات الدولية في تعريف البيئة ، ومن أهم هذه التعاريف ما يلي :
- مؤتمر استوكهولم : ظهر استعمال مصطلح البيئة لأول في مؤتمر الأمم المتحدة لتنمية الموارد البشرية المنعقد في استوكهولم بالسويد بين 5- 16 جوان 1972 ، بدلا من مصطلح الوسط البشريLe milieu humain ، حيث أعطى للبيئة مفهوما واسعا بأنها مجموعة النظم الطبيعية والاجتماعية والثقافية التي يعيش فيها الإنسان والكائنات الأخرى ، والتي يستمدون منها زادهم ويؤدون فيا نشاطهم ، فالبيئة وفقا لهذا الاتجاه تدل على أنها تمثل المخزون الديناميكي للمصادر الطبيعية والاجتماعية ، المتوفرة في أي وقت من أجل تلبية احتياجات الإنسان .
هذا ويعتبر مؤتمر استوكهولم أول مؤتمر من نوعه يتعلق بإعلان مفهوم البيئة الإنسانية بأسلوب علمي، وبخطة علمية مع إفراد جزء ليس بالقليل من المبادئ التي أسفر عنها المؤتمر للعمل على مواجهة ظاهرة التلوث البحري[1].
- برنامج الأمم المتحدة للبيئة : عرف البيئة بأنها مجموع الموارد الطبيعية والاجتماعية المتاحة في وقت معين من أجل إتباع الحاجات الإنسانية ، وتعبر البيئة في مفهومها أنها نظام قائم بذاته ، وليست مجالا خاصا ذو حدود دقيقة ، ولذلك جرت العادة أن يقال أن كل دراسة متعلقة بالبيئة هي دراسة متداخلة التخصصات[2] .
ب/ تعريف البيئة في الأنظمة القانونية المقارنة: عرفت البيئة من خلال العديد من التشريعات الوطنية الداخلية، سنتطرق لأهمها على النحو التالي :
- تعريف البيئة في التشريع الجزائري : عرفت البيئة بموجب المادة 4 من القانون رقم 03-10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة[3] بأنها : "البيئة : تتكون من الموارد الطبيعية اللاحيوية والحيوية كالهواء والجو والماء والأرض وباطن الأرض والنبات والحيوان ، بما في ذلك التراث الوراثي ، وأشكال التفاعل بين هذه الموارد، وكذا الأماكن والمناظر والمعالم الطبيعية ".
علما و أن موضوع البيئة إجمالا ، حظي بعناية المؤسس الدستوري الجزائري نظرا لأهمية البيئة في حياة الأفراد وهناء معيشتهم ، وكذا تطورهم ودوام استمراريتهم. فقد أقر بحق المواطن في بيئة سليمة خالية من الأضرار[4] ، وأسند للدولة مهمة الحفاظ على البيئة والعناية بعناصرها المختلفة ، كما ألزم القانون بتحديد واجبات الأشخاص ودورهم في حماية البيئة. وهذا من خلال نص المادة 68 من الدستور
والمستخلص من هذا التعريف أن المشرع الجزائري ركز على المفهوم الواسع للبيئة ، والذي يعني شمولها الكلي من الوسط الطبيعي الذي يشمل العناصر الطبيعية ، من ماء وهواء وتربة وبحار ، والآثار والمواقع والسياحة ، والتراث الفني والمعماري ، والمنشآت الصناعية وغيرها[5].
- تعريف البيئة في التشريع الفرنسي : تبنى المشرع الفرنسي مفهوما واسعا لمصطلح البيئة في القانون الصادر في 10جويلية 1976 بشأن حماية الطبيعة ، وحسبه البيئة مصطلح يعبر عن ثلاثة عناصر (الطبيعة، الموارد الطبيعية ، الأماكن والمواقع الطبيعية السياحية ) [6].
- تعريف البيئة في التشريع المصري : عرفت البيئة في التشريع المصري بموجب المادة الأولى من قانون البيئة المصري القانون رقم 4 لعام 1994 بأنها : " المحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية ، وما يحويه من مواد وما يحيط بها من هواء وماء وتربة ، وما يقيمه الإنسان من منشآت". وهذا التعريف جاء متفقا مع التعريفات الفقهية الحديثة التي توسعت في مفهوم البيئة المحمية بالقانون [7].
ج/ تعريف البيئة لدى الفقه القانوني : لم يتفق الفقه القانوني بصدد إيراد مفهوم محدد للبيئة ، وذلك يرجع أساسا إلى صعوبة وضع مفهوم قانوني للبيئة بسبب غلبة الصبغة القانونية التي تدفع رجل القانون إلى التحديد والدقة في اختيار الألفاظ ، أملا في الوصول إلى تعريف يكون شاملا لما يندرج تحته ، ومانعا من دخول غيره فيه[8].
وعليه أكد الأستاذ Lanversin بأن مصطلح البيئة غامض ومبهم ، ونطاقه غير واضح وغير محدد بصورة دقيقة ، فهي تطابق فكرة واضحة في مضمونها إلا أنها غير محددة تماما فيما يحيط بها.
عرفها الدكتور أحمد عبد الكريم سلامة بأن : " البيئة هي مجموع العوامل الطبيعية والحيوية والعوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، التي تتجاوز في توازن ، وتؤثر على الإنسان والكائنات الأخرى بطريق مباشر أو غير مباشر"[9].
[1] علي عدنان الفيل ، المنهجية التشريعية في حماية البيئة ( دراسة مقارنة ) ، الأردن ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، 2012 ، ص 49 .
[2] د/ أحمد لحكل ، المرجع السابق ، ص 28 .
[3] القانون رقم 03-10 المؤرخ في 19 جويلية 2003 يتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ، ج ر 43 . والذي بموجب المادة 113 منه تم إلغاء أحكام القانون رقم 83-03 المؤرخ في 5 فيفري 1983 والمتعلق بحماية البيئة .
[4] لمزيد من التفصيل حول الحق في البيئة راجع :
- د/ عبد الناصر زياد هياجنة ، المرجع السابق ، ص 102 وما بعدها .
[5] د/ أحمد لحكل ، نفس المرجع ، ص 31 .
[6] د/ عارف صالح مخلف ، المرجع السابق ، ص 36 وما بعدها .
[7] د / ماجد راغب الحلو ، قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 2002 ، ص 39 .
وكذا د/ أحمد لحكل ، المرجع السابق ، ص 32 .
[8] د/ إسماعيل نجم الدين زنكنه ، المرجع السابق ، ص 36.
[9] نقلا عن : د/ إسماعيل نجم الدين زنكنه ، المرجع السابق ، ص 39.