2. دعوى التعويض الإدارية بسبب الأضرار البيئية
2.1. شروط دعوى التعويض في مجال الأضرار البيئية
تختص المحاكم الإدارية بنظر دعاوى التعويض الإدارية أيا كانت الجهة الإدارية طرفا فيها، وعليه فأيا كانت الإدارة البيئية إجمالا سواء كانت مركزية أو محلية، فإن مطالبتها بجبر الأضرار البيئية يكون أمام هذه المحاكم ، وتقبل الدعوى أمامها بتوافر مجموعة من الشروط محددة بموجب قانون الإجراءات المدنية والإدارية ، والتي وجب توافرها في دعوى الحال إلا قوبلت بالرفض ، غير أن دعوى التعويض في مجال البيئة وجبر الأضرار البيئية تتطلب نوعا من الخصوصية يفرضها خطر الضرر البيئي أو التلوث وما يمكن أن يترتب عليه من خطر، تطال هذه الخصوصية شروط الدعوى .
وعليه نتعرض لأهم شروط دعوى التعويض الإدارية، والتي لها علاقة بتعويض الأضرار البيئية تحديدا وهي المصلحة والصفة ، وهذا على النحو التالي :
أ / المصلحة : تعني المصلحة اصطلاحا في القانون المنفعة والفائدة التي يحققها المدعي من عملية التجائه إلى القضاء المختص للمطالبة بالحقوق والتعويض عن الأضرار التي أصابته ، ويتحقق شرط المصلحة لرفع وقبول دعوى التعويض الإدارية ، عندما يكون الشخص في مركز قانوني شخصي وذاتي مكتسب ، ومعلوم في النظام القانوني السائد ومقررة له الحماية القانونية والقضائية بصورة مسبقة . ويقع مس و إعتداء عليه بفعل أعمال إدارية قانونية أو مادية ضارة ، فتتكون بمجرد وقوع واقعة الإضرار بالمركز القانوني الذاتي مصلحة شخصية ومباشرة وحالة لهذا الشخص صاحب المركز القانوني الذاتي [1].
وعلى ذلك يتطلب إعمال المصلحة في دعوى التعويض الإدارية شروط أن تكون المصلحة قانونية أو مشروعة ، وأن تكون المصلحة شخصية ومباشرة ، وشرط أن تكون المصلحة حالة وقائمة[2] .
غير أن إعمال هذه الشروط المتعلقة بالمصلحة في مجال دعوى التعويض الإدارية عن الأضرار البيئية من الصعوبة بمكان ، ذلك أن إثبات خاصية الشخصية والمباشرة بالنسبة للمصلحة المضرورة أمر محل شك ، فبالإضافة إلى العقبات المتعلقة بمعرفة الحالة الفنية والعلمية للمصالح المضرورة ، فهناك عدم كفاية للإمكانيات المتاحة بالنسبة لبعض صور التلوث الكامن . كذلك فإن المصالح التي يضر بها التلوث هي في الغالب مصالح عامة ، وبمعنى آخر فإن الأشخاص الذين يلحق بهم الضرر غير محددين بشكل قاطع ، بالإضافة إلى أن الضرر قد يلحق بالبيئة في حد ذاتها . كما أن آثار التلوث لا تنتج في الغالب إلا بعد مضي مدة زمنية طويلة تصعب من عملية الإثبات، خصوصا في المجال النووي و معنى ذلك أن الآثار الضارة ليست حالة[3].
ب/ الصفة ( أهلية الإدعاء ) : إن حضور الأطراف أمام القضاء كقاعدة عامة لا يكون مقبولا إلا إذا توافرت لديهم الأهلية التي حددها القانون لممارسة حق التقاضي ، وهذه الأهلية يجب توافرها سواء كان المدعي شخص طبيعي أو شخص معنوي من أشخاص القانون الخاص ، وغيابها يرتب عدم قبول الدعوى .
كما أن شرط الصفة في دعوى التعويض الإدارية يعني وجوب رفع دعوى التعويض من صاحب المركز القانوني الذاتي ، أو بواسطة نائبه أو وكيله القانوني ، هذا بالنسبة للأفراد المدعين والمدعى عليهم ، وكذا بالنسبة للسلطات الإدارية المختصة والتي تملك الصفة القانونية للتقاضي باسم ولحساب الإدارة العامة بممثلين يمتلكون هذه الصفة بموجب القانون[4] .
وبشكل عام ، فإن الشخص يصبح له صفة في الدعوى متى كانت له مصلحة شخصية ومباشرة ، وحيث أن الدعوى في مجال البيئة تهدف إلى إصلاح الضرر البيئي وفي الوقت ذاته إلى تعويض المضرورين ، فالسؤال الذي يثور هو ضرورة معرفة متى وتحت أي شروط يستطيع أي شخص أن يتمتع بصفة الإدعاء في المنازعات البيئية ؟ ، خاصة وأن الأضرار البيئية لا يكون لها تأثير حال على الأشخاص ، كما أنها واسعة الانتشار تلحق الضرر بالعديد من الأشخاص والممتلكات ، بالإضافة إلى الضرر الذي يلحق بالبيئة ذاتها .
وبناء عليه ومن أجل صون حقوق المتضررين من مختلف الأضرار البيئية و حماية للبيئة وعناصرها من الضرر والخطر ، اهتدت التشريعات المقارنة إلى منح صفة التقاضي وإقرارها لجمعيات حماية البيئة والدفاع عن عناصرها ، وهذا في مختلف أنواع الدعاوى القضائية ، وفي هذا الصدد يحق للجمعيات الناشطة في مجال البيئة اللجوء إلى القضاء الإداري من أجل المطالبة بإصلاح الضرر وطلب التعويض اللازم للحفاظ على البيئة من التلوث ، وهذا في حالة الأضرار التي تصيب البيئة في حد ذاتها ، أو الأشخاص[5] .
وعلى ذلك نص المشرع الجزائري على هذا المنح بموجب المادة 36 من القانون رقم 03-10 التي تفيد بأنه : " دون الإخلال بالأحكام القانونية السارية المفعول ، يمكن للجمعيات المنصوص عليها في المادة 35 أعلاه ، رفع دعوى أمام الجهات القضائية المختصة عن كل مساس بالبيئة ، حتى في الحالات التي لا تعني الأشخاص المنتسبين لها بانتظام " .
[1] د/ عمار عوابدي ، النظرية العامة للمنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري ، الجزء الثاني: "نظرية الدعوى الإدارية" ، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية ، الطبعة الثانية، 2003 ، ص 624 .
[2] د/ عمار عوابدي ، المرجع السابق ص 625 وما بعدها .
[3] د/ سعيد السيد قنديل ، المرجع السابق ، ص 63 .
[5] ولأكثر تفصيل في موضوع منح الجمعيات هذه الصفة راجع كلا من :
د/ أحمد لكحل ، المرجع السابق ، ص 151 وما بعدها .
د/ سعيد السيد قنديل ، المرجع السابق ، ص 65 وما بعدها .
وناس يحي ، المرجع السابق ، ص 133 وما بعدها .
- Raphael Romi Op.cit , pp 127 .
- Jean-François Neuray , op.cit , pp 594.