1. طرق وضع الدستور
1.2. الطرق غير الديمقراطية
نظرا للدور التشاركي الذي يلعبه الشعب من خلال هذه الطرق في وضع الدستور، فإن الفقه الدستوري يعتبرها طرقا ديمقراطية، وهي تتمثل في كل من: أسلوب الجمعية التأسيسية، وأسلوب الاستفتاء الدستوري (التأسيسي)
أولا: أسلوب الجمعية التأسيسية
في هذا الأسلوب يقوم الشعب بانتخاب مجموعة من الأشخاص ليكونوا هيئة تأسيسية تعرف عادة بالجمعية أو المجلس التأسيسي مهمتها وضع الدستور بمفردها، وذلك من خلال إعداده وإقرارها له ومصادقتها عليه بصفة نهائية؛ أي يكون واجب النفاذ دون الحاجة إلى إجراء آخر أو موافقة الحاكم عليه. وهذا الأسلوب ديمقراطي سواء من حيث الإعداد أو من حيث الإقرار والمصادقة، وهذا على الرغم من عدم تدخل الشعب بصفة مباشرة في عملية المصادقة. ومن بين الدساتير التي وضعت عن طريق الجمعية التأسيسية، دستور الولايات المتحدة الأمريكية الاتحادي لسنة 1787، والدساتير الفرنسية لسنوات 1791، 1848، و1875، والدستور السوري لسنة 1950، والدستور التونسي لسنة 1959.
وتجدر الإشارة إلى أن صلاحيات الجمعيات التأسيسية قد تكون محصورة في وضع الدستور فقط كما كان عليه الحال في الو.م.أ، وقد تكون لها بالإضافة إلى تأسيس الدستور صلاحيات أخرى، كانتخاب رئيس الجمهورية، أو تعيين الحكومة، والقيام بالتشريع ومراقبة الحكومة، ويحدث هذا عادة بنية ربح الوقت وتجنب تنظيم عدة عمليات انتخابية في آن واحد أو في وقت متقارب مما قد يثقل كاهل الخزينة العمومية ويرهق مؤسسات الدولة، وقد وقع ذلك في فرنسا أين أضفيت الصفة التأسيسية على البرلمان بالنسبة لدساتير: 1848، 1875، 1945، و1946. وبالنسبة للجزائر فإنها لم تطبق ذلك إلا مرة واحدة منذ استقلالها، وهذا بموجب القانون المؤرخ في 02/09/1962 الذي حدد للمجلس الوطني التأسيسي ثلاث مهام رئيسية، وهي: وضع دستور للبلاد، تعيين حكومة مؤقتة، والتشريع باسم الشعب الجزائري.
ثانيا: أسلوب الاستفتاء الدستوري
في هذا الأسلوب لا يمكن اعتبار الدستور ساري النفاذ، وبالتالي قابلا للتطبيق، إلا إذا وافق عليه الشعب؛ ذلك لأن للشعب وحده سلطة إقرار النص النهائي لوثيقة الدستور الذي يكون قد تكفلت بإعداده والمصادقة عليه مبدئيا:
1. جمعية أو مجلس تأسيسي، وقد وقع العمل بهذا الأسلوب عند وضع الدستور الفرنسي لسنة 1946، والدستور الجزائري لسنة 1963.
2. لجنة حكومية أو لجنة برلمانية أو لجنة من الخبراء التي يتم تعيينها من قبل رئيس الدولة، وقد أتبع هذا الأسلوب في وضع عدة دساتير، من بينها: الدستور الفرنسي لسنة 1958، والدساتير الجزائرية لسنوات 1976، 1989، و1996.
3. مجموعة محددة من الناخبين، ويحدث هذا بالنسبة للدول التي تتبنى ما يسمى بالاقتراح الشعبي كسويسرا مثلا أين اقترحت طائفة من الشعب تعديل الدستور بشكل كلي.
وللإشارة، فإن دور الشعب يقتصر في هذا الأسلوب على الموافقة على كامل النص المعروض عليه أو رفضه دون إمكانية مناقشته أو التعديل فيه أو المشاركة في صياغته. هذا وتبقى أفضل طريقة لوضع الدستور هي تلك التي تجمع بين أسلوب الجمعية التأسيسية في مرحلة الإعداد خاصة ما إذا توافرت في أعضائها الكفاءة والخبرة، وكانوا يتمتعون بالاستقلال في أداء مهمتهم، وأسلوب الاستفتاء الدستوري في مرحلة الإقرار الذي وحتى يحقق الغاية المرجوة منه يستحسن أن يكون في إطار نظام سياسي قائم على وجود فعلي لتعددية سياسية وإعلامية قادرة على توعية الشعب وتنويره بمدى ضرورة المصادقة أو عدم المصادقة على مشروع الدستور المعروض عليه